❞ 📚 كتب تاريخ السودان . ❝
حصريًا للـ تاريخ السودان . . جميع الكتب المتعلقة بـ تاريخ السودان . . يقع السودان في شرق شمال أفريقيا مع اتصاله بالبحر الأحمر واحتلاله شطرا كبيرا من نهر النيل حيث إنه البلد الثاني لبلدان حوض النيل وكونه يربط بين أوروبا ومنطقة البحر المتوسط وأواسط أفريقيا جعله في ملتقى الطرق الأفريقية، وعلى اتصال دائم بجاراته. فنشأت علاقات تجارية وثقافية وسياسية بين مصر والبلاد السودانية منذ الأزل، وكان قدماء المصريين يسمونه تانحسو أي "أرض الأرواح "أو "أرض الله "عندما بهرتهم خيراته.
سكن الجنس النوبي قديما السودان في العصور الحجرية (8000 ق م - 3200 ق م). واتخذ أول خطواته نحو الحضارة. فقاموا بصناعة الفخار واستعمال المواقد والنار للطبخ. كان العرب يطلقون علي المنطقة الواقعة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا الممتدة من المحيط الأطلنطي غربا إلي البحر الأحمر والمحيط الهندي شرقا.
وفي عهدي الدولة الوسطى بمصر والدولة الحديثة ضم أحمس جزء في جنوب مصر أطلق عليه فيما بعد كوش. وأصبحت اللغة المصرية القديمة هي اللغة الرسمية. ولا سيما بعدما طرد أحمس مؤسس الأسرة الثامنة عشر للهكسوس من مصر. ووصل تحتمس الثالث حتى الشلال الرابع. وكان ملوك الدولة الحديثة يعينون نوابا عنهم لإدارة المنطقة. وظهرت اللغة الكوشية أثناء مملكة كوش، وكانت لغة التفاهم بين الكوشيين قبل ظهور الكتابة المروية نسبة لمدينة مروي التي تقع على الضفة الشرقية للنيل شمال قرية البجراوية الحالية. وكانت عاصمة للسودان ما بين القرن السادس ق م. والقرن الرابع الميلادي. عندما ازدهرت تجارة الصمغ والعاج والبخور والذهب بين الجزيرة العربية وبين موانئ السودان والحبشة. وكانت للسودان علاقات مع ليبيا والحبشة منذ القدم. وفي الآثار السودانية كانت مملكة مروي على صلة بالحضارة الهندية في العصور القديمة. وكان الإغريق يسمون البلاد الواقعة جنوب مصر "أثيوبيا وقال هوميروس عنها أن الآلهة يجتمعون في السودان في عيدهم السنوي.
آثار السودان
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: آثار السودان
السودان من أقدم البلاد التي سكنها البشر بحسب الحفريات التي وجدت في بعض أجزائه مؤخرا. وبالرغم من أنه بلد قديم أيضا في اكتشاف الكتابة –فقد كتب بالهيروغليفية المصرية في أزمان سحيقة بل هنالك رأي يقول أن الهيروغليفية نفسها بدأت فيه ثم اتجهت شمالا- كما كانت اللغة المروية أول لغة صوتية في إفريقيا (ذلك أن الهيروغليفية لغة معنى بترميز المعاني لا أصوات الكلمات كما هي اللغات الأبجدية المختلفة) إلا أن السودان أصابه انقطاع حضاري فيما يتعلق بالتدوين جعل الكتابات عن تاريخه في الغالب مأخوذة عن المؤرخين الإغريق من جهة والعرب المسلمين من جهة أخرى. تلك الكتابات لا تغطي كافة حلقات السودان التاريخية، ولا تشمل كافة بقاع السودان الحالية.
أصل التسمية
تمثال لوجه الملك ترهاقا على جسد أسد، وهو واحد من أشهر الملوك الكوشيين وخامس ملوك الأسرة الخامسة والعشرين التي حكمت مصر، يوجد التمثال حاليا بالمتحف البريطاني
الملك طهراقا في معبد جبل البركل، السودان
من تانهسو إلى إثيوبيا
كان قدماء المصريين يطلقون اسم تانهسو على المنطقة التي تقع جنوب مصر ويعنون بهذا اللفظ بلاد السود، في حين ورد الاسم إثيوبيا في كتاب الإلياذة مرتين، وفي الأوديسا ثلاث مرات للدلالة على المنطقة ذاتها، وهو اسم مركب من لفظين باللغة الإغريقية وهما ايثو (aitho) بمعنى المحروق، وأوبسيس (opsis) أي الوجه وبذلك يصبح اللفظ إثيوبيا Aethiopia (باللغة الإغريقية Αἰθιοπία) مرادفا لبلاد الوجوه المحروقة أو البشرة البنية أو السوداء اللون.
كذلك ورد اللفظ إثيوبيا في كثير من تراجم الكتاب المقدس (العهد القديم) بالمعنى ذاته وللدلالة على المنطقة جنوب مصر، وتحدثت الترجمة اليونانية للكتاب المقدس (العهد الجديد) عمّا وصفته بخادم إثيوبي للملكة النوبية الكنداكة، لكن النصوص العبرية في التوراة ذكرت اسم بلاد كوش مرات عديدة (37 مرة) للإشارة إلى بلاد النوبة، جنوب مصر، حيث نقرأ:
«من أشور ومن مصر ومن فتروس ومن كوش ومن عيلام وشنعار ومن حماة ومن جزائر البحر (أشعياء 11: 12)»
وعرف كوش بأنه هو ابن حام ابن نوح، وقد أطلق الأباطرة الأحباش على بلادهم اسم أثيوبيا بدلا عن الحبشة تماشيا مع الملك الحبشي إيزانا الذي احتل مروي عاصمة مملكة إثيوبيا -الواقعة في شمال السودان حاليا - والذي أطلق على نفسه ملك ملوك أثيوبيا.
وجاء في موسوعة حضارة العالم إن المؤرخ اليوناني الشهير هوميروس قد ذكر بأن الألهة كانوا يجتمعون في السودان في عيدهم السنوي، كما ذكر عاصمتها مروي، ووفقا لديودورس فإن السودانيين هم من أوائل الخلق علي وجه البسيطة، وأنهم أول من عبد الآلهة وقدم لها الـقرابين، وأنهم من علم الكتابة للمصريين. وفي العهد المروي كانت العلاقات ودية بين البطالسة والسودانيين، لاسيما في عهد بطليموس الثاني. كما كانت العلاقـة وثيقة بين كوش واليونان.
السودان
كان قدماء المؤرخين العرب قد ترجموا اللفظ الاغريقي إثيوبيا إلى بلاد السودان ، وتحت اسم السودان جمع قدماء المؤرخين العرب جميع الشعوب القاطنة جنوب الصحراء الكبرى مثل تكرور وغانة وصنهاجة وغيرهم.
يقول اليعقوبي في كتابه (تاريخ اليعقوبي)عن ممالك الحبشة والسودان، إن أبناء نوح تفرقوا من أرض بابل وقصدوا المغرب، فجازوا من عبر الفرات إلى مسقط الشمس، وانقسم أولاد كوش بن حام، وهم الحبشة والسودان، عند عبورهم نيل مصر إلى فرقتين، فرقة منهم قصدت البين بين المشرق والمغرب، وهم النوبة، والبجة، والحبشة، والزنج، والأخرى قصدت الغرب، وهم زغاوه، والحسن، والقاقو، والمرويون، ومرندة، والكوكو، وغانه. وواضح إن سودان اليعقوبي يشمل منطقة الساحل في أفريقيا.
جاء في مقدمة ابن خلدون بأن كلمة (السودان) كلمة مرادفة للزنوج.
وقد أعتمدت الإدارة الاستعمارية البريطانية رسميا اسم السودان المصري الإنجليزي في اتفاقية الحكم الثنائي في عام 1899 والتي وقعها اللورد كرومر ممثلا لـبريطانيا العظمى وبطرس غالي وزير خارجية مصر آنذاك. وكان الملك فاروق ملك مصر السابق يلقب بملك مصر والسودان.
باستقلال البلاد في أول يناير / كانون الثاني 1956 أصبح اسمها جمهورية السودان (وبالإنجليزية Republic of the Sudan) أضيفت اداة التعريف باللغة الإنجليزية (the) إلى النص الإنجليزي لتمييز الاسم الرسمي للبلاد عن السودان الجغرافي الذي يشمل منطقة الساحل الأفريقي لا سيما تلك المنطقة التي كانت تعرف ابان حقبة الاستعمار الغربي لأفريقيا بـالسودان الفرنسي، الذي شمل كلا من تشاد والنيجر ومالي، وكانت هذه الأخيرة تعرف باسم الجمهورية السودانية في عام 1959 ولكنها غيرت اسمها في عام 1960 إلى اسم مالي تيمنا بـ إمبراطورية مالي التي تأسست في القرن الثامن الميلادي واستمرت حتى سنة 1078 م حين احتلها المغاربة الموحدين.
وبعد انفصال جنوب السودان في استفتاء عام أجري في عام 2011 تنفيذا لـ اتفاقية السلام الشامل التي وقعت في بلدة نيفاشا بكينيا بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان عام 2005، حافظ الجنوبيون على اسم السودان واطلقوا على دولتهم الوليدة اسم جمهورية جنوب السودان.
التاريخ القديم
السودان في التاريخ القديم
تمثال الفرعون النوبي تنوت أماني اخر ملوك الأسرة الخامسة والعشرين
المعبد الروماني في منطقة النقعة
نقش في أحد جدران المعابد النوبية
يبدأ التاريخ الموثق عن السودان من حوالي 50 قرنا أي خمسة آلاف سنة، ومصادر هذا التاريخ:
النقوش النوبية في بعض جهات السودان.
الهياكل العظمية في المقابر النوبية.
الصناعات الحديدية والنحاسية المتطورة.
وكان من أهم ملوك النوبة في عهد استقلاله الملك بيى(بعانخي) الذي حكم مملكة النوبة سنة 751 ق م..
ازدهرت العلاقة بين السودان واليونان في تلك الحقبة حتى حاول اليونان التغلغل في الأراضي السودانية في إطار توسعهم في الحكم، إلا أن السودانيين حافظوا على استقلالهم السياسي.
حضارة المجموعتين الأولى والثانية
تمثال الملك النوبي سنكامانسكن
ولا يعرف شيء عن السودان علي وجه التحقيق ما بين عامي 3800 ق م. و3100 ق. م. ولكن توجد قبور في أماكن مختلفة ببلاد النوبة تمثل ثقافة لا تعرف من قبل ويرجع تاريخها عام 3100 ق م، ويطلق عليها "حضارة المجموعة الأولي "، ومن بين آثارها التي وجدت في هذه القبور الأواني الفخارية والأدوات النحاسية.
وهناك كانت حضارة أخرى تعرف "بحضارة المجموعة الثانية"تلت ثقافة المجموعة الأولي.
وفي الفترة ما بين 2240 ق م - 2150 ق م ظهرت في بلاد النوبة حضارة تعرف بثقافة عصر "المجموعة الحضارية الثالثة".
السودان قبل التاريخ
وأظهرت الحفريات الأثرية آثارا سودانية منذ حوالي عام 3100 ق. م. إلي 2000 ق م. اتخذ إنسان السودان أول خطوة معروفة نحو الحضارة في أفريقيا بصناعة الفخار واستعماله. وكان هؤلاء السكان، وهم سكان الخرطوم القديمة يعيشون في مجتمع متطور مقسم إلى حرف ومهن كما يظهر من آثارهم.
التفاعل مع شبه الجزيرة العربية
وكان بين السودان وشبه الجزيرة العربية والشواطئ العربية والإفريقيـة صلات قديمة عبر البحر الأحمر. حيث ازدهرت تجارة الصمغ والعاج والبخور والذهب بين السودان والحبشة من ناحية وبين موانئ الجزيرة العربية من ناحية أخرى. ومنذ 2000 سنة ق م. احتلت إمبراطورية الحبشة بلاد اليمن كما حدثت هجرات عربية من شبة الجزيرة العربية إلى أرض النوبة في شمال السودان.
المجموعة الحضارية الثالثة
بعد نهاية مملكة مروي قامت ثلاثة ممالك نوبية. فكانت في الشمال مملكة النوباطيين التي تمتد من الشلال الأول إلي الشلال الثالث وعاصمتها "فرس". ويليها جنوبـا مملكة المغرة التي تنتهي حدودها الجنوبية عند "الأبواب"التي تقع بالقرب من كبوشية جنوب مروي القديمة، وهذه المملكة عاصمتها "دنقلا العجوز "، ثم مملكة علوة وعاصمتها سوبا وتقع بالقرب من الخرطوم. وإتحدت مملكتا النوباطيين والمغرة فيما بين عامي 650- 710 م وصارتا مملكة واحدة. وصلت النوبة قوة مجدها في القرن العاشر الميلادي وكان ملك النوبة المدافع الأول عن بطريرك الكنيسة المرقسية بالإسكندرية. ولما انهزم "كودنيس "آخر ملك علي مملكة دنقلا "عام 1323 م، انتهت الدولة المسيحية. وبعد ذلك اعتنق السودانيون الإسلام. فتاريخ الفترة التي تمتد من القرن الثامن قبل الميلاد إلي القرن الرابع الميلادي، نجده في الكتابات التي تركها السودانيون علي جدران معابدهم بالشمال وفي الأهرامات كأهرامات جبل البركل ونوري التي بناها ملوك نبتة ومروي، والأثار علي ضفتى النيل ما بين وادى حلفا وسنار وفي منطقة بوهين وفرس وعبد القادرو نبتة ومروي القديمة وفركة وجنوب وادى حلفا والكوة وبكرمة بمنطقة دنقلة، وفي منطقة جبل البركل ومروي. والأهرام الملكية في البجراوية والحصون التي شيدت في السودان في عصر إمبراطورية مروي وفي قرية الشهيناب علي الضفة الغربية من النيل وسوبـا بالقرب من الخرطوم، ودير الغزالة بالقرب من مدينة مروي الحديثة. وفي وادى حلفا بعمارة غرب، وسيسي "مدينتان محصنتان وفيهما معابد بنيت من الحجر الرملى ". وبجانب الأثار هناك، توجد عدة كتابات لكتاب رومان وإغريق إلا أن معظمها يعتمد علي الإشارة والتلميح كما أنها لا تعدو أن تكون أوهاما.
دخول الإسلام السودان
وفي القرن العاشر الميلادي كان السودان منقسما إلى:
1. مملكة الداجو في دارفور وكانت عاصمتها جبل مرة ثم أم كردوس فكلوا.
2. مملكة المقرة في الشمال وكانت دنقلا عاصمة لها.
3. مملكة علوة على النيل الأزرق وعاصمتها سوبا.
4. مملكة البجة في شرق السودان ومقر ملكها في هجر.
رسم لأحد ملوك سنار
أشار آركل إلى أنه في منتصف القرن الرابع الميلادي انقسمت مملكة الداجو إلى عدة ممالك غرب النيل. ويعتقد أن الداجو جاءوا من مروي بعد سقوطها على يد عيزانا ملك مملكة أكسوم الحبشية فاستطاع ملوك مروي الهروب جنوب غرب نهر النيل وأنشأوا مملكة في دارفور. وكانت عاصمة المملكة الأولى في جبل قدير حيث توفي ملك الداجو قدير ودفن تحت الجبل وأطلق اسمه عليه في كردفان ثم نقلها السلطان أحمد الداج إلى جبل مرة ثم تحولت في عهد السلطان عبد الله بحر إلى أم كردوس. ولما جاء عهد السلطان الطاغية عمر كسيفورو حول العاصمة إلى جبل كلوا. وهناك حدثت القصة المشهورة التي أدت إلى ركوبه التيتل ففر به إلى أن سقط رأسه في دار سلا حيث أنشأ الداجو سلطنة هناك (الآن تتبع لجمهورية تشاد). وبقي بطن من الداجو تحت إدارة سلطان يدعى أحمد تنجر وهو شقيق السلطان عمر كسيفورو حاكما على دارفور وغير العاصمة إلى مدينة أوري في الشمال.
في عهد الظاهر بيبرس تم إرسال حملة للقضاء على مملكة المقرة المسيحية سنة 1276 م. وهزم الملك داود، وكانت تلك الحملة من الحملات القوية حتى انهم استطاعوا أن يحولوا الكنائس إلى مساجد. فاستمر التدفق الإسلامي جنوبا حتى جاوروا مملكة علوة التي كانت تدين بالمسيحية أيضا، فتحالف العرب بقيادة عبد الله جماع مع الفونج وهاجموا علوة وكان أول هجوم لهم من بوابة علوة من اربجي حيث تعد اربجي الميناء الرئيسي لعلوة علي النيل الأزرق كما هي حامية رئيسة لعلوة علي النيل الأزرق وبعد معركة أربجي 1504 وانتصار الفونج دخلوا سوبا وخربوها خرابا مشهورا حتى أطلق المثل "خراب سوبا". بانتصار الفونج وحلفائهم العرب في 1504 م بدأت أول سلطنة عربية إسلامية في السودان وكان سلطانها هو قائد الفونج في معاركهم "عمارة دونقس"وكان قائد العرب "عبد الله جماع"وزيرا له، وتم الاتفاق أن يكون السلاطين من الفونج والوزراء من العرب. دخل الدين الإسلامي إلى السودان في الشمال والشرق والغرب والوسط والقليل من المناطق الجنوبية، وانتشرت مع الإسلام اللغة العربية التي بدأت تسود البلاد وتختلط بالسودانيين حتى تكونت اللهجة السودانية الحديثة.
بعد فترة طويلة من المجد والعظمة ضعفت السلطنة الزرقاء (سلطنة الفونج) بسبب المعارك مع مملكة الفور على مناطق كردفان سنة 1748 التي أجهدت المملكتين عسكريا واقتصاديا.
الفتح التركي 1820
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: التركية السابقة
لوحة لمحمد علي باشا، بريشة السير دايڤيد ولكي.
بعد أن حكم محمد علي باشا مصر أراد أن يكون له جيشا قويا بسبب الأطماع الأوروبية الهادفة إلى الاستيلاء على بلاده، وخاصة بعد الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت الذي استمر من 1798 ولم ينته إلا بالصلح الذي عقده الفرنسيون مع الإنجليز سنة 1802 ثم حاولت إنجلترا غزو مصر في 1807 فيما عرف بحملة فريزر لكن المقاومة الشعبية في رشيد صدت غزوهم. فعمل الباشا جاهدا على أن يوسع رقعة حكمه شرقا إلى الحجاز، غربا إلى ليبيا وجنوبا إلى السودان ليضم هذه البلدان تحت إمبراطوريته حتى انه شمل في تهديده الإمبراطورية العثمانية نفسها. بدأ بأراضي الحجاز فهاجمها في السنوات ما بين 1811
1818م وانتصر على السعوديين وبعدها اتجه غربا فأمن حدوده الغربية حتى واحة سيوة سنة 1820.
لم يبق له سوى تأمين الحدود الجنوبية، إن حملاته ضد [الحجاز] شغلته عن ذلك سابقا حتى أرسل وفدا يحمل في ظاهره الصداقة والمودة إلى سلطان الفونج في 1813 وكانت مهمة الوفد استقصاء الحقائق حول الوضع السياسي، الاجتماعي، الاقتصادي والحربي. وقد حمل الوفد هدايا إلى السلطان تقدر قيمتها بـ 4 ألف ريال (كانت العملة السائدة في السودان في ذلك الوقت الريال النمساوي أو الإسباني أو المكسيكي) فرد السلطان الهدية بما يتناسب ورغبات الباشا ولكن أهم ما حمله الوفد في طريق عودته كانت التقارير التي تفيد ضعف السلطنة خاصة والسودانيين عامة بالإضافة إلى خلو السودان من الأسلحة النارية. رغم ذلك تأخر الغزو بعد ذلك عدة سنوات لأن الوهابيين لم تنكسر شوكتهم بعد.
أراد محمد علي أن يكون جيشه حديثا ومجهزا بأحدث الأسلحة وبنظام وتدريب حديثين، لكنه علم أن جنوده لن يقبلوا هذا النظام بسبب عدم اهتمامهم وبسبب عدم رغبتهم في إطاعة الأوامر. فقرر أن يستجلب الجنود من السودان وكان هذا من الأسباب التي دفعته إلى الاستيلاء على السودان. كان السوداني بقامته العسكرية وشجاعته المعهودة من احسن الجنود. اشتهر السودان منذ القدم بأن أراضيه غنية ب الذهب وكان محمد علي في حاجة إليه لإنفاقه على بلاده عسكريا وصناعيا وحتى زراعيا.
خلال القرن الثامن عشر كانت الحبشة تشكل تهديدا للمصريين والسودانيين بتحويلها لمجرى النيل وخاصة بعد الأنباء التي أشاعت أن الإنجليز وأوروبا عامة مساندة لفكرة التحويل. أراد محمد علي أن يأمن هذا الأمر أيضا باستيلائه على السودان، بالإضافة إلى ما في ذلك من زيادة للرقعة الزراعية لأراضيه. أراد محمد علي من السودانيين أن يكونوا على مودة مع الوالي لكن الأمر لم يكن كذلك إذ أن المماليك الذين هربوا من مكائده اتخذوا من شمال السودان موطنا لهم بالقرب من مملكة الشايقية، حيث أنشؤوا مملكة لهم كانت بمثابة طعنة في ظهر محمد علي، لذلك قرر أن يقضي عليهم خوفا من أن تزيد سلطتهم ويسيطروا على السودان فيشكلوا خطرا على حكمه. كان محمد علي يرمي إلى استغلال تجارة السودان واحتكار حاصلاتها وتسويقها في السوق العالمية عن طريق مصر. من أهم صادرات السودان آن ذاك: العاج، الأبنوس، ريش النعام والجلود هذا بالإضافة للذهب الذي طالما اعتقد المصريون وجوده في السودان بكميات مهولة، كما أن السودان كان سوقا جيدا للصادرات المصرية. وإذا حصرنا هذه الأسباب نجدها:
تأمين البلاد ضد الغزو الأوروبي باستجلاب الجنود من السودان. وبزيادة رقعة وعدد سكان بلاده.
الحصول على التمويل لدعم القطاعات المختلفة في مصر باستغلال الذهب والتجارة والحاصلات السودانية.
تامين مجرى النيل المصدر الوحيد لري الأراضي المصرية وزيادة المساحة الزراعية.
وجود المماليك في السودان.
بعد عودة الوفد المصري التركي الذي أرسله محمد علي باشا ما لبث أن قدم إلى مصر الشيخ بشير ود عقيد من قرية أم الطيور قرب عطبرة في 1816 وطلب من محمد علي أن يعينه على خصمه ملك الجعليين الذي أقصاه من مشيخته، اعتقد الشيخ أن الباشا سيساعده فأبقاه الباشا واكرم وفادته حتى أعد العدة لفتح السودان وأرسله مع الجيش سنة 1820، ثم عينه شيخا على شندي في آخر الأمر بعد نزوح المك نمر إلى الحبشة. وأرسل أيضا جيشا آخر إلى سلطنة الفور ليستولي على كردفان ودارفور.
(الحملة الأولى) الزحف إلى سنار يوليو 1820
تولى قيادة الجيش الأول إسماعيل بن محمد علي باشا وضم الجيش 4500 من الجنود فيهم الأتراك والأرناؤوط والمغاربة (لوحظ عدم وجود أي مصري بين الجنود، إذ كان الجيش من المرتزقة الذين تعود الأتراك أن يجندوهم) وتسلحوا بالبنادق و24 مدفعا. وعلى سبيل المثال عدد الجنود لا يتناسب مع عدد المراكب والجمال، لكننا نسرد الأرقام تماما كما وردت في المرجع). وجد حكام شمال السودان أنفسهم ضعافا أمام الحملة نظرا لتفرقهم إلى ممالك صغيرة، فسلموا الأمر إلى إسماعيل باشا. أما المماليك فهرب جزء منهم إلى الجعليين وسلم البعض الآخر نفسه إلى إسماعيل.
معركة كورتي نوفمبر 1821
لم يقابل جيش إسماعيل أية عقبة حتى وصل ديار الشايقية الذين اعتزوا بسطوتهم على جيرانهم وثورتهم على الفونج. آثر الشوايقة الخضوع للحكم على أن لا يتدخل الباشا في شؤونهم لكن إسماعيل وضع شروطا كان أهمها هو تسليمهم الخيل والسلاح (الأبيض) وأن يفلحوا الأرض فلم يقبلوا بذلك وعزموا على القتال. بدأ النصر يلوح للشوايقة حتى انهم قطعوا أذاني عدوهم بقيادة الملك صبير حاكم غرب الشايقية
اجتياح سنار
سار الجيش متجها نحو سنار عاصمة مملكة الفونج فأرسل إسماعيل إلى الوزير محمد ود عدلان الذين كان ممسكا بزمام الحكم بدلا من السلطان بادي السادس. وطلب إسماعيل باشا الولاء للخليفة العثماني فكتب له ود عدلان رسالته المشهورة: لا يغرنك انتصارك على الجعليين والشايقية، فنحن هنا الملوك وهم الرعية. أما علمت بأن سنار محروسة محمية، بصوارم قواطع هندية، وجياد جرد أدهمية، ورجال صابرين على القتال بكرة وعشية. كان ظاهرا أن ود عدلان لم يكن يعيش واقع عصره إذ أن جواسيسه أخبروه أن الجيش قوامه 186 ألف محارب (نلاحظ أن الجيش المتحرك من مصر كان 4500 جندي) حتى انه أخذ يطلب العون من الأولياء والصالحين بدلا من تجنيد الجند من القبائل ومحالفة القبائل الأخرى ليستعد لمقابلة الجيش، أو لعلّه تكتيك حربي من جانب ود عدلان يدخل في نطاق الحرب النفسية بين الجانبين. على أية حال تم اغتيال ود عدلان بسبب مشاكله مع أبناء عمومته قبل أن يصل إلى اتفاق مع الفور بشأن توحيد الكلمة لمحاربة الغازي. بدأ الأرباب دفع الله الوزير الجديد للسلطنة بالمفاوضات في ود مدني مع إسماعيل ونقل إليه رغبة السلطنة في الخضوع بعد أن أدرك أنه لا فائدة ترجى من المقاومة. لما اقترب إسماعيل من سنار خرج إليه بادي السادس (الذي كان شابا في الخامسة والعشرين) مبايعا وتنازل عن سلطانه لخليفة المسلمين في 13 يونيو 1821. هكذا انتهت سلطنة الفونج التي عاشت في ربوع السودان من عام 1504 – 1821م، بدخول الجيش في اليوم التالي دخول الغزاة المنتصرين وهم يقصفون البر ومن خلفهم سار السلطان السابق بعد أن عينه إسماعيل شيخا على سنار ليجمع الضرائب ويسلمها للإدارة التركية المصرية.
الحملة الثانية - حملة كردفان ودارفور
أرسل محمد علي جيشا آخر بقيادة صهره محمد بك الدفتردار لضم غرب السودان إلى أملاك مصر. ولقد أمد الكبابيش وهي القبيلة التي تقطن بين مصر والمناطق الغربية للسودان والتي كانت تحمل البضائع من وإلى مصر من تلك المناطق أمدت جيش الدفتردار بما احتاج إليه من جمال لنقل العتاد إلى غرب السودان وكانوا خير دليل لتحديد أماكن الآبار ومناطق المعسكرات. سار جيش الدفتردار عقب انطلاق الجيش الأول وقبل أن يصل إلى الأبيض عاصمة الفور أرسل إلى سلطانها محمد الفضل ينصحه بالتسليم فرد ود الفضل: أما علمت أن عندنا العباد والزهاد، والأقطاب والأولياء الصالحين من ظهرت لهم الكرامات في وقتنا هذا وهم بيننا يدفعون شر ناركم، فتصير رمادا، ويرجع إلى أهله والله يكفي شر الظالمين. لكن الدفتردار تقدم إلى كردفان دون أن يعترضه أي معترض ف�..
مناقشات واقتراحات حول صفحة تاريخ السودان .: