❞ 📚 أهم كتب في اصطلاحات نحوية . ❝
الأهم والأكثر تحميلًا .. في كتب اصطلاحات نحوية . مجانا . جميع الكتب المتعلقة بـ اصطلاحات نحوية . .
النحو ـ في فهم المحققين من النحاة ـ هو : نظام تأليف الجملة.
والجملة : مركب إسنادي من كلمتين ، أو أكثر ، يؤدي الربط بينهما إلى أن يكون لكل منهما (وظيفة) نحوية خاصة.
والوظيفة النحوية : هي ما تؤديه إحدى الكلمتين بالنسبة إلى الاخرى من كونها (فعلا) لها ، أو (فاعلا) ، أو (مفعولا) ، أو (حالا) ، أو (تمييزا) ، أو (مستنثنى) ، أو (نعتا) ، أو (بدلا) ، أو (مضافا) ، أو (مضافا إليه) إلى آخر ما تؤديه الكلمات المرتبطة ببعضها ، أو الكلمات الرابطة بينها ، من (معاني النحو) التي فصلها النحاة إلى أبواب النحو المعروفة.
وقد صنف النحاة السابقون هذه الكلمات ـ سواء منها ما كان رابطا أو مرتبطا ـ إلى ثلاثة أصناف سميت عندهم (أقسام الكلم) هي : الاسم ، والفعل ، والحرف. ولم يخرج أحد منهم على هذا التقسيم غير ما يروى عن أبي جعفر أحمد بن صابر من أنه زاد قسما رابعا سماه (الخالفة) وهو إسم الفعل (1) وقد ادعى بعض المحدثين أن الذي أطلق مصطلح الخالفة على اسم الفعل هو الفراء (2).
أما الدارسون المحدثون فقد جلب انتباههم أن بعض الكلمات لا يمكن أن
____________
(1) الاشباه والنظائر النحوية 3|2 ؛ وحاشية الصبان 1|2.
(2) اللغة العربية ، معناها ومبناها : 89 .
(1/2)
ينطبق عليها تعريف القدماء لهذه الاقسام ، فجرت محاولات لاعادة النظر في تصنيفها تصنيفا حديثا أكثر ضبطا وشمولا ، فكان أن قسمها أكثرهم تقسيما رباعيا يمتاز بجعل الاسماء المبهمة كالضمائر ، والموصول ، والاشارة ، وما يجري مجراها قسما مستقلا أطلق عليه بعضهم اسم (الضمير) (3) ، وبعضهم إسم (الكناية) (4) كما سيأتي.
وهناك محاولة اخرى لتقسيم الكلمة سبعة أقسام بإضافة (الصفة ، والخالفة ، والظرف) إلى هذه الاقسام الاربعة كما فعل الدكتور تمام حسان (5) ، وسيأتي عرض وجهة نظر الدارسين المحدثين ، والاسس التي قام عليها تقسيمهم للكلمات ، مع مناقشة ما يستحق المناقشة منها ، بعد استيفاء القول في وجهة نظر السابقين من النحاة في التقسيم الثلاثي وعرض مايبدو لي من تقسيم رأيت أنه أجدر من غيره.
أساس التقسيم الثلاثي عند النحاة
وكان النحاة السابقون يرجعون في تقسيمهم الثلاثي إلى أساسين مختلفين تبنى كل واحد منهما فريق من النحاة :
أ ـ الوجهة التأليفية الاسنادية
فقد تبنى جماعة منهم وجهة نظر تنبني على تأليف الجملة وإسنادها أي أنهم جعلوا أساس التقسيم قائما على طبيعة تركيب الجملة ، وصلاحية كل كلمة في هذا التركيب ، فما كان من الكلمات صالحا لان يقع في الجملة مسندا ومسندا إليه فهو ( الاسم) مثل : زيد وقائم ، وما كان صالحا لان يقع مسندا فقط فهو (الفعل) مثل : قام ويقوم ، وما كان غير صالح لان يقع مسندا ولا مسندا إليه فهو (الحرف) مثل : من وعن.
يقول ابن معط (ـ 628 هـ) : « إن المنطوق به إما أن يدل على معنى يصح الاخبار عنه وبه وهو الاسم ، وإما أن يصح الاخبار به لاعنه ، وهو الفعل ، وإما ألا يصح الاخبار عنه ولا به ، وهو الحرف » (6).
____________
(3) من أسرار اللغة : 29.
(4) في النحو العربي ، قواعد وتطبيق : 46.
(5) اللغة العربية ، معناها ومبناها : 86.
(6) الاشباه والنظائر النحوية 2|3 ؛ وأسرار العربية : 4 .
(1/3)
ومن الطبيعي أن يكون هذا التوجيه مردودا عند بعض النحاة ، لانه ـ كما يقولون ـ قائم على قسمة غير حاصرة ، إذ يمكن افتراض قسم رابع هو : (أن يخبرعنه لا به) وسواء وجد هذا القسم أم لم يوجد ، فإن مجرد احتماله مخل بانحصار القسمة (7).
الوجهة المعنوية الدلالية
وهناك جماعة من النحاة تبنوا في تقسيمهم الثلاثي وجهة نظر مبنية على دلالة الكلمة على معناها ، بغض النظر عن صلاحيتها للاسناد ، أي أن أساس التمايز بين أقسام الكلمة هو افتراقها في (دلالة) كل كلمة على المعاني التي وضعت بإزائها ، فالكلمة : إما أن تدل على معنى مستقل في نفسه ، أي أن معناها يدرك من لفظها سواء ربطت بعنصر لفظي آخر أم لم تربط ، أو تدل على معنى غير مستقل ، والثاني (الحرف) ؛ لان معناه لا يظهر إلا إذا ربط بكلمة اخرى.
أما القسم المستقل فهو : إما أن يقترن معناه بأحد الازمنةالثلاثة فهو (الفعل) أو لا يقترن فهو (الاسم).
وقد تبنى أكثر النحاة هذا الاساس في التقسيم (8) لذلك جاءت تعريفاتهم للاقسام مبنية عليه :
فالاسم : (كلمة دلت على معنى في نفسها من غير اقتران بزمان محصل) (9).
والفعل : (كلمة دلت على معنى في نفسها مقترن بأحد الازمنة الثلاثه) ، وقد أضاف الرضي إلى التعريف قيد : (من حيث الوزن) ليشير إلى أن (الحدث) معنى يدل عليه الفعل بمادته ، و (الزمن) معنى يدل عليه الفعل بصيغته (10).
____________
(7) انظر رأي ابن إياز وابن هشام في الاشباه والنظائر 2|3 مع ملاحظة أن (القسمة) باب من أبواب المنطق ، ويشترط المناطقة للقسمة أن تكون (حاصرة) أي جامعة لجميع ما يمكن أن يدخل من الاقسام ، لا يشذ منها شيء ، فإذا فرض أن يكون هناك قسم لم يدخل كانت القسمة (غير حاصرة) ، وهذه القسمة نوعان : عقلية واستقرائية. فالعقلية هي التي يمنع العقل أن يكون لها قسم آخر ، ولا يمكن ذلك إلا إذا كانت القسمة دائرة بين النفي والاثبات ، كما لو قسمنا الحيوان إلى : (إنسان وغير إنسان) فإن غير الانسان يدخل فيه كل ما يفرض من الحيوانات الاخرى ـ وسيأتي أن النحاة حاولوا هذه القسمة الحاصرة في تقسيمهم للكلمة ـ ، والاستقرائية هي التي لا يمنع العقل من فرض قسم آخر ، ولكن التقسيم وقع علىالاقسام المعلومة بالاستقراء والتتبع. (انظر المنطق للمظفر 1|123 ـ 126).
(8) انظر الرضي على الكافية 1|7 ؛ وابن هشام في شرح شذور الذهب 1|22 ؛ والاشموني 1|21.
(9) نقله ابن يعيش عن السيرافي 1|22.
(10) انظرالرضي 1|5 ، 11.
(1/4)
والحرف : (ما دل على معنى في غيره ، نحو من وإلى وثم) (11) وهم يقصدون : أن (التعريف) أو (التنكير) ليس هو معنىتحمله كلمة (أل) أو (التنوين) وإنما هو معنى تحمله كلمة (رجل) عندما تسبقها (أل) أو يلحقها التنوين.
و(الابتداء) أو (الانتهاء) ليس معنى تحمله كلمتا (من) و (إلى) وإنما يحلمه المجرور بهما ـ البصرة أو الكوفة في مثال : (سرت من البصرة إلى الكوفة) ، وهكذا.
نقد الاساس النحوي للتقسيم .
أ ـ ونقدنا للاساس الاول أن النحاة السابقين لم يقبلوه ، لعدم قيامه ـ كما قالوا ـ على (القسمة الحاصرة) فمن الواضح أن الفروض أربعة ، أي أن الكلمة ـ عندهم ـ إما أن تكون مسندا فقط ، أو مسندا إليه فقط ، أو تكون مسندا ومسندا إليه ، أولا مسندا ولا مسندا إليه ، والاول : الفعل ، والثاني : ضمير الرفع المتصل ، والثالث : الاسم ، والرابع : الحرف.
ومع وجود هذا الفرض الرابع ، والتمثيل له بضمائر الرفع المتصلة ، فكيف يصح جعلها من قسم الاسم ، وليس قسما رابعا.
ب ـ أما عن وجهة النظر الاخرى ، أي بناء تقسيم الكلمة على أساس دلالتها على المعنى بنفسها أو بغيرها ، فإن الملاحظ عليه : أنهم يعنون بذلك أن تكون الكلمة مستقلة بإدراك المعنى من لفظها أو غير مستقلة ، المستقلة هي التي يدرك السامع معناها الذي وضعت له ، سواء كانت مرتبطة بكلمة اخرى أو غيرمرتبطة ، فكلمات : (رجل ، فرس ، قيام ، قعود) يفهم السامع معناها عند النطق بها منفردة مثل : (رجل) أو مؤلفة مثل : (جاءني رجل). أما الكلمات غير المستقلة مثل : من ، وأل ، وهل فهي التي لا يفهم عند النطق بها معنى (الابتداء ، أو التعريف ، أو الاستفهام) إلا ضمن كلمة اخرى ، أو جملة تامة ، فكلمة (رجل) هي التي تكون (معرفة) عندما تدخل عليها (أل) ، وجملة : (قام محمد) هي التي تكون (مستفهما عنها) عندما تدخل عليها (هل).
والملاحظ أنهم خصوا غير المستقل بالحرف فقط ، وأشركوا الاسم والفعل
____________
(11) الزجاجي في الايضاح : 54.
(1/5)
في المعاني المستقلة ، ثم فرقوا بينهما بالاقتران بالزمن ، وعدم الاقتران به.
ولنا على ذلك الملاحظات الاتية في الجهتين معا :
1 ـ عدم الاستقلال بالمعنى
فمن جهة تخصيصهم الكلمات غيرالمستقلة بالحرف فقط ، لا يوجد له وجه معقول ، فهناك كلمات كثيرة أدخلوها في قسم الاسماء ، كالضمائر ، والاشارة ، والموصول ، وأسماء الاستفهام ، وأسماء الشرط ، وغيرها ليست لها تلك المعاني المستقلة ، لان معناها لا يفهم إلا ضمن كلمة اخرى ، أو جملة ، ولنقارن بين كلمة (أل) التي يفترض أنها حرف ، وكلمة (الذي) التي يفترض أنها اسم ، فسنجد أن معناهما سواء من ناحية عدم الاستقلال بإدراكه من اللفظ المنفرد ، فجملة : (الذي جاءني بالامس زيد) لو اقتطعنا منها كلمة (الذي) فما المعنى الذي تدل عليه منفردة ؟! ولو قلنا : (هذا) ـ وحدها ـ لبقي المعنى غامضا حتى نأتي بالمشار إليه لفظا مثل : (هذا الرجل خير من أخيه) أو حسا كالاشارة الخارجية ، وحينئذ يغني معنى (الذي) بصلتها ( جاءني) ، ولا يبقى لـ (هذا) معنى غير معنى (الرجل) المشار إليه لفظا أو حسا.
وقد تنبه النحاة أنفسهم إلى ذلك فعللوا سر بناء هذا النوع من الكلمات بكونها مفتقرة إلى الغير في معناها ، كالحرف ، وسموا ذلك بـ (الشبه المعنوي) :
كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا والمعنوي في متى وفي هنا
وإذا كان الامر كذلك فما نصنع بالاسماء المبهمة هذه ؟! أنعتبرها حروفا ، لان تعريف النحاة للحرف : (ما دل على معنى في غيره) شامل لها ؟! أم نظل نصنفها في قسم الاسماء ، مع أن تعريفهم الاسم بأنه : ( مادل على معنى في نفسه) لا ينطبق عليها ؟! فالغلط واقع لا محالة إما في التقسيم أو في التعريف.
2 ـ فكرة الزمن واقترانها بالفعل
أما عن فكرة الزمن وجعلها هي المائزة بين الاسم والفعل مع دلالتها على المعنى المستقل ، فملاحظتنا عليه :
أ ـ إن فكرة الزمن ودلالة الصيغة الفعلية عليها فكرة غير ناضجة في أذهان النحاة السابقين وقد أنكر ذلك أكثر الباحثين المحدثين سواء في اصول الفقه (12) أم في
____________
(12) انظر : البحث النحوي عند الاصوليين : 150 وما بعدها.
(1/6)
فقه اللغة (13).
ونستطيع تقريب ذلك بأن (الزمان الماضي) مثلا لا يفهم من لفظ (قام) وحدها ، لامن مادتها ، ولا من صيغتها ، وإنما يفهم من سياق الجملة و(مقامها) فإن وقع الفعل في سياق الاخبار عن شيء دل على الزمن الماضي مثل (قام محمد) وإن وقع في سياق آخر غير الاخبار ، كسياق الشرط مثلا ، دل على الزمن المستقبل مثل : (إن قام محمد قمت) مع أن لفظ (قام) واحد في السياقين ، فلو كان الزمان زمان الصيغة لما اختلف من سياق إلى سياق.
كذلك فإن صيغة (يفعل) ـ يقوم مثلا ـ لا تدل على الزمان الحاضر والمستقبل إلا بسياق الجملة وقرائن أحوالها ، ففي سياق الخبرتدل على (الحال) وفي سياق التسويف والنفي بـ (لن) تدل على الاستقبال ( سوف يقوم) أو (لن يقوم) ، وفي سياق النفي بـ (لم) أو لما تدل على الماضي البعيد أو القريب (لم يقم... ولما يقم) وهكذا.
وهذا إن دل على شيء فعلى أن الزمان نحوي لا صرفي ، أي أنه يفهم من سياق الجملة وأسلوب تأليفها ، لامن صيغة (فعل. يَفْعَل).
ب ـ إن الزمان النحوي هذا ، لايقتصر على الجمل الفعلية وصيغ الافعال ، بل قد يفهم من الجمل الاسمية وصيغ الاسماء كالمصدر واسم الفاعل ، فأنت تقول مثلا : (أنا ضارب اخيك) فنفهم من سياق الخبر أن الزمان ماض ، وتقول : (أنا ضارب أخاك) ونفهم من سياق (التهديد) أن الزمان مستقبل.
ونخلص من ذلك كله إلى أنه إذا كنانفهم (الزمن المعين) من وقوع الفعل (قتل) أو الاسم (قاتل) في سياق معين دل ذلك أن الاقتران بالزمن ليس هو المائز بين الاسم والفعل ، لانه ليس زمانهما بل زمان الجملة.
يقول الدكتور إبراهيم أنيس ـ وهو يرد على النحاة ربطهم لصيغة الفعل بالزمن ـ : « وقد جعلوا ارتباط الفعل بالزمن عنصرا أساسيا ، به يتميز الفعل من الاسم ، وعز عليهم أن يروا فكرة الزمن تتحقق في المصدر كما تتحقق في الفعل ، فجادلوا في هذا
____________
(13) من أسرار اللغة : 165.
(1/7)
جدالا عقيما لا يخلو من التعسف والمغالطة... وفي الحق أن المصدر يرتبط بالزمن في صوره ما ، لا تقل وضوحا عن ارتباط الفعل به ، أو لا تزيد غموضا عن ذلك الغموض الذي نلحظه في محاولة الربط بين الفعل والزمن » (14).
محاولات جديدة في التقسيم
من هذه المؤاخذات ، وأمثالها ، كان لابد للبحث النحوي الجديد أن يعيد النظر في تقسيم الكلمة ، على اسس أكثر ضبطا وتمييزا بين الاقسام. وأمامي الان محاولتان :
أ ـ التقسيم الرباعي
وقد ذهب إليه جماعة من الباحثين المحدثين أبرزهم الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه « من أسرار اللغة » (15) والدكتور مهدي المخزومي في كتابه « في النحو العربي : قواعد وتطبيق » (16) وقد جلب انتباه أصحاب هذه المحاولة ـ كما قلت ـ مسألة المبهمات من الضمائر والموصول والاشارة وأمثالها مما لا يمكن دخوله في أحد الاقسام الثلاثة : الاسم ، والفعل والحرف لعدم انطباق تعريفات هذه الاقسام عليها ، ولكن الفرق بين محاولتي الباحثين :
1 ـ في التسمية ، فقد أطلق الدكتور أنيس وجماعته على هذا القسم اسم (الضمير) وجعل القسم شاملا للضمائر ، وأسماء الاشارة ، والموصولات ، والعدد.أما الدكتور المخزومي فقد أطلق عليه اسم (الكناية) وأدخل فيه :الضمائر ، والاشارة ، والموصولات ، وأسماء الاستفهام ، وأسماء الشرط.
2 ـ في التأسيس ، فالمخزومي لم يذكر أساسا ينبني عليه تقسيم الكلمة إلى هذه الاقسام الاربعة ، في حين ذكر الدكتور أنيس أن تقسيمهم إلى هذه الاربعة قائم على اسس ثلاثة : (1 ـ المعنى ، 2 ـ الصيغة ، 3 ـ وظيفة اللفظ في الكلام) ورأى أن الاكتفاء بأساس واحد من هذه الاسس لا يكفي ، « لان مراعاة المعنى وحده قد يجعلنا نعد بعض الاوصاف مثل : قاتل وسامع ومذيع أسماء وأفعالا في وقت واحد... ومراعاة
____________
(14) نفس المصدر : 171.
(15) من أسرار اللغة : 279 وما بعدها.
(16) ص 46 ، وانظر « الاحرفية » ليوسف السودا : ص 71.
(1/8)
الصيغة وحدها قد يلبس الامر علينا حين نفرق بين الافعال وبين تلك الاسماء والاوصاف التي وردت في اللغة على وزن الفعل مثل : أحمد ، ويثرب ويزيد ، وأخضر إلى آخره ، بل حتى وظيفة الكلمة في الاستعمال لا تكفي وحدها للتفرقة بين الاسم والفعل ، فقد نجد اسما مستعملا في كلام ما استعمال المسند مثل : (النخيل نبات) ففي هذه الجملة استعملت (نبات) مسندا ، أي كما تستعمل الافعال والاوصاف . فإذا روعيت تلك الاسس الثلاثة معا أمكن إلى حد كبير التمييز بين أجزاء الكلام » (17).
ب ـ التقسيم السباعي
وقد عقد الدكتور تمام حسان في كتابه « اللغة العربية معناها ومبناها » فصلا لاقسام الكلم تحدث فيه عن سبعة أقسام هي : الاسم ، والصفة ، والفعل ، والضمير ، والخالفة ، والظرف ، والاداة .
وجعل هذا التقسيم قائما على أساسي المبنى والمعنى ، فأساس المبنى يضم فوارق صورية هي : (الاعراب ، والرتبة ، والصيغة ، والجدول ، والالصاق والتصام والرسم الاملائي) وأساس المعنى يضم فوارق معنوية هي : (التسمية ، والحدث ، والزمن ، والتعليق ، والمعنى الجملي).
وقد أطال المؤلف في شرح ذلك مطبقا لها على الاقسام السبعة في محاولة لتبرير هذا التقسيم السباعي ، ولا يسعني تلخيص أساس التقسيم عنده ، والتعليق عليه ، لما فيه من تطويل وتعقيد وتداخل بين الاقسام ، حتى أنه ذكر للاسم ـ مثلا ـ تسع خصائص تشاركه بقية الاقسام في سبعة منها ، وما أدري إذا كانت هذا السبعة لا (تفصل) الاسم عن غيره من الاقسام فما فائدة ذكرها ؟ ومع ذلك فإني سأُشير إلى مواضع الاختلاف معه بعد عرض وجهة نظري في أساس التقسيم.
الاساس المقترح للتمييز بين أقسام الكلم
في أثناء دراستي « للبحث النحوي عند الأُصولييّن » (18) وجدت لهم اسسا
____________
(17) من اسراراللغة : 281.
(18) رسالة دكتوراه من جامعة بغداد ، منشورات وزارة الثقافة والاعلام في بغداد 1980.
(1/9)
للتمييز بين دوال المعنى النسبي ودوال المعنى الاصلي ، ـ تشبه ـ إلى حد بعيد ما بحثه اللغويون المحدثون من (دوال النسبة ودوال الماهية) (19) ومن مقارنة ذلك بالاسس التي تعرض لهاالنحاة في تقسيم الكلمة وجدت أن أفضل أنواع التقسيم أن تكون الاقسام خمسة : الاسم ، والفعل ، والصفة ، والحرف ، والكناية. وأن الاسس التي يقوم عليها هذا التقسيم هي أربعة اسس متقابلة :
1 ـ (الدلالة) فاللفظ إما أن يدل على معنى مستقل بالادراك... أو غير مستقل.
2 ـ (الوظيفة) والمقصود بها المعنىالنحوي الذي تؤديه الكلمة ضمن الجملة ، فهي إما أن تكون عنصرا رابطا ـ أي دالة نسبة ـ أو عنصرا مرتبطا ـ أي دالة ماهية ـ.
3 ـ (الصيغة) والمقصود بها الصيغ الاشتقاقية المندمجة بمادة الكلمة فهي إما أن تدل على معنى بسيط مستقل بالادراك ، أو على معنى مركب من المستقل وغير المستقل.
4 ـ (التركيب) والمراد به أن المعنى المركب من معنى المادة ومعنى الصيغة إما أن يكون تركيبه تحليليا أو إسناديا.
وعلى ضوء هذه الاسس مجتمعة تتصنف الكلمات ، ولا يضاح ما قد يبدو غامضا منها نستعرض ذلك فيما يأتي :
إن الاسس التي يقوم عليها التقسيم ينبغي أن ترتبط بدلالة الكلمة على كل من المعنى المعجمي والمعنى النحوي ، ذلك لان النحوإذا كان هو (نظام تأليف الجملة) فإن مفردات الجمل تتحمل معاني المعجم الاصلية بالاضافة إلى معاني النحو الناشئة من التأليف والربط بينها التي سميناها بالمعاني (الوظيفية). وإذا أردنا نميز ـ نحويا ـ بين مفردات الجملة من ناحية (الدلالة) فلا بد من مراعاة معناها الاصلي مرتبطا بوظيفتها النحوية.
ولا يضاح ذلك نأخذ جملة مثل : (نجح طلابنا الذين امتحنوا إلا خالدا) لنقوم بتحليل دلالة مفرداتها ، وعلى ضوء هذا التحليل نضع اسس تصنيفها. ونلاحظ أنما نسميه (كلمة) من هذه المفردات ثمانية هي : (نجح ، طلاب ، نا ، الذين ، امتحن ، واو (الجماعة) ، إلا ، خالد) وبعض هذه الكلمات تتحمل معنى لغويا بالاضافة إلى وظيفة
____________
(19) انظر اللغة لفندريس ترجمة الدواخلي والقصاص : 105 ـ 112 .
(1/10)
نحوية هي : (الفعلية) و (الفاعلية) و (الاضافة) و (النعت) و (الاستثناء) وبعضها لا يتحمل معنى غير معنى الوظيفة النحوية ، فتكون الفوارق بين كلمات هذه الجملة كالاتي :
1 ـ إن الجملة تضم عناصر لفظية ذات (معنى لغوي محدد مستقل بالادراك) أي يفهم من اللفظ سواء وصل بعنصر لفظي آخر أم لم يوصل ، وهي : مادة نجح وامتحن ، أي (النجاح) و (الامتحان) وكلمة (طلاب) وكلمة (خالد) ، وكل من هذه المعاني الاربعة يصلح أن يكون طرفا (مرتبطا) بغيره من أطراف الجملة.
2 ـ إن الجملة تضم عناصر لفظية لا يمكن للسامع أن يدرك معناها إلا إذا وصلت بعنصر لفظي آخر ، تلك هي : صيغتا(فعل) و (افتعل) الممتزجتين بمادة النجاح والامتحان ، وكلمات : (نا) و (واو الجماعة) و (الذين) و (إلا) ، وهذه العناصر الستة ثلاثة منها تدل على (معنى نسبي رابط) وثلاثة تدل على (معنى غير نسبي وغير رابط).
أما دوال النسبة فهي صيغة (فعل) التي ربطت النجاح بالطلاب ، ونسبته إليهم على وجه يكون النجاح (فعلا) صادرا عنهم وهم فاعلي هذا الفعل ، وكذلك صيغة (افتعل).
وأما الاداة (إلا) فهي التي ربطت بين عنصرين من عناصر الجملة ـ المستثنى والمستثنى منه ـ أي ربطت (خالد) بـ (الطلاب) على وجه يكون خالد مستثنى من الحكم بنجاحهم.
وأما الثلاثة الاخرى فهي : الموصول ـ الذين ـ والضمير ـ نا والواو ـ فالموصول والضمير لايدلان على (المعنى النسبي الرابط) ، بل يدلان على (معنى منتسب مرتبط بغيره) فيحتاجان حينئذ إلى (رابط) يربطهما بالغير ، ولذلك احتجنا إلى (النسبة التقييدية) ـ أي التقييد بالاضافة والتقييد بالنعت ـ فهذه النسبة هي التي ربطت (نا) المضاف إليه بالمضاف ، وربطت النعت (الذين) بالمنعوت (طلابنا) ، كما احتجنا إلى صيغة (افتعل) لتربط الامتحان بواو الجماعة ، على وجه يكون الامتحان فعلا والواو فاعلا.
ولكن السؤال الان هو : كيف صح لهذه العناصر الثلاثة التي هي
(1/11)
كالادوات ، من ناحية عدم استقلالها بالمعنى ، أن تتحمل (وظيفة) غير وظيفة الاداة ، فتصبح فاعلا ، ومفعولا ، ومبتدأ ونعتا ، ومضافا إليه ، وأمثال ذلك مما لا يمكن للادوات أن تتحمله ؟!
والجواب : أن ( نا) في (طلابنا) ليست هي المضاف إليه حقيقة ، بل هي (كناية) عن المضاف إليه ، فكان الاصل : (نجح طلاب المتكلمين) وجعلنا (نا) كناية عنهم ، و (الواو) ليس هو فاعل (امتحن) حقيقة ، بل كناية عن الفاعل الحقيقي الذي هو (الطلاب). و (الذين) ليس هو النعت حقيقة ، بل كناية عن النعت ، لان النعت الحقيقي هو (الممتحنون) وجعلنا (الذين) كناية عنهم ، وهكذا. فكل من الضمير والموصول يصلح لان نكنى به عن كل ما هو اسم أو صفة ، فهو من حيث هذه السعة في مدلوله صار غير مستقل المعنى ، واحتاج ، في فهم معناه ، إلى ما يوصل به أو يعود عليه ، ومن حيث تعبيره عن الاسم والصفة أمكن أن يأخذ ما لهما من وضيفة نحوية.
ومن أجل هذا التحليل يحق لنا أن نعتبر المبهمات ـ الضمائر والموصولات وما يشبهها ـ قسما مستقلا عن الاسماء والحروف ، لان الذي يخرجها من (الاسم) كونها غير مستقلة المعنى كالاسماء ، والذي يخرجها من (الحرف) كونها غير رابطة كالحروف ، ولا مانع من تسميتها بـ (الكنايات) تبعا لباحث نحوي أصيل هو الدكتور المخزومي الذي جعل الضمائر ، والاشارة ، والموصولات ، وأسماء الشرط. والاستفهام كلها في قسم مستقل سماه (الكناية) (20) ، ويساعد ما اختاره لها من تسمية أن الكوفيين قديما كانوا يسمون الضمائر بالكنايات ، وبعض البصريين يقول إنها نوع من المكنيات (21) كما ان ابن حزم جعل بعض فصول كتابه الاصولي بعنوان « الكناية بالضمير » (22) كذلك جعل الرضي بابا للكنايات عد منها أسماء الاستفهام وأسماء الشرط (23).
ونستطيع نحن أن نضيف إليها بعض ما يكنى به عن الزمان والمكان مما يسميه النحاة (ظرفا) مثل (حيث ، وإذ ، وإذا ، وأين ، ومتى) وما يشبهها مما سيأتي
____________
(20) في النحو العربي قواعد وتطبيق : 46.
(21) ابن يعيش 3 |84.
(22) الاحكام في اصول الاحكام لابن حزم 1|412.
(23) شرح الرضي للكافية 2|93 .
(1/12)
الحديث عنه.
3 ـ إننا لو عدنا إلى الجملة السابقة لوجدنا فيها فرقا كبيرا بين (نجح) أو (امتحن) وبين غيرهما من كلمات الجملة ، وهذا الفرق : أن (نجح) تدل على معنى مركب من : معنى المادة ومعنى الصيغة ، فمعنى المادة معنى مستقل غير نسبي هو (النجاح) ومعنى الصيغة معنى نسبي غير مستقل هو : (ربط النجاح بالفاعل) ، وهذه الملاحظة تجرنا إلى تحليل كل المفردات المشابهة لها في الوضع اللغوي ، أي المؤلفة من مادة وصيغة وهي ما تسمى بـ (المشتقات) ، فنجد أن صيغ المشتقات جميعا ترتبط بعنصر واحد هو (المادة) أي الاصول الثلاثة المرتبة الدالة على (حدث) من الاحداث ، ولنفرض أنها (ض رب) ثم يختلف كل مشتق منها عن صاحبه بمعنى (الصيغة) التي امتزجت بالمادة فكونت معها كلمة واحدة مثل : (ضَرْب ، وضَرَب ، وضارب ، ومضروب ، وضرّاب ، ومَضرب ، ومِضرب) وأمثالها.
ولكن الملاحظ أن هذه الكلمات يدل بعضها ـ بمادته وصيغته ـ على معنى (بسيط) مستقل بالادراك هو : إما (الحدث) فقط ، وإما (الذات) فقط ، وبعضها يدل على معنى (مركب) من معنىا�..
مناقشات واقتراحات حول صفحة اصطلاحات نحوية .: