❞ كتاب الموافقات / جـ1 (ط. دار ابن عفان) ❝  ⏤ أبو اسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي

❞ كتاب الموافقات / جـ1 (ط. دار ابن عفان) ❝ ⏤ أبو اسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي

مضت حركة الاجتهاد في الدين؛ قوية سديدة، مطردة نامية، خصبة الإنتاج، ميمونة الولائد؛ من منتصف القرن الثاني، حيث بدأ استقرار المذاهب بوضع الأصول، وتمييز العام منها الجامع بين المذاهب المختلفة، والخاص الذي ينفرد به مذهب عن مذهب آخر، وتتابع تولد المذاهب إلى منتصف القرن الرابع، فكلما قطع واحد منها دور التأصيل على يد مؤسسه ومتخذ أصوله؛ دخل في دور التفريع، وهو دور الاجتهاد المقيد؛ فتلاحقت المذاهب على دور التفريع إلى استهلال القرن الخامس، وهنالك تمحض الفقه لعمل جديد هو عمل التطبيق بتحقيق الصور وضبط المحامل؛ فكان اجتهاد جديد هو الاجتهاد في المسائل، ثم دخل الفقه في أوائل القرن السادس دون الترجيح، وهو دور اجتهاد نظري، يعتمد درس الأقوال وتمحيصها والاختيار فيها بالترجيح والتشهير، حتى انتهى ذلك الاختيار إلى عمل تصفية، برز في دور التقنين، بتأليف مختصرات محررة على طريقة الاكتفاء بأقوال تثبت، هي الراجحة المشهورة، وأقوال تلغى هي التي ضعفها النظر في الدور الماضي باعتبار أسانيدها أو باعتبار مداركها أو باعتبار قلة وفائها بالمصلحة التي تستدعيها مقتضيات الأحوال.

وبذلك وقف سير الفقه عند تلك المختصرات، وأقبل الفقهاء يجمعون دراساتهم حول المختصرات، مقتصرين في تخريج المسائل عليها في حال أن صورا من الوقائع الحادثة التي لم تشتمل تلك المختصرات على نصوص أحكامها كانت تتعاقب ملحة في طلب الأجوبة التي تحل مشاكلها، والأحكام التي تقرر وجهة السير فيها.

فكان ذلك ملفتا أنظار الفقهاء إلى ضيق النطاق الالتزامي الذي ضربوه على أنفسهم باقتصار على المختصرات، وحاديا بهم إلى الرجوع إلى المجال الأوسع: مجال الأقوال العديدة، والآراء المتباينة داخل كل مذهب، ذلك المجال الذي لم يزل يستفحل به الهجران منذ القرن السادس.

وبتلك الرجعة التي خرج بها الفقه عن نطاق الالتزام؛ وجد الفقهاء أنفسهم في وضع حرج دقيق، من حيث إن المجتمع الإسلامي بما شاع فيه من الضعف والانحلال قد أخذ ينزلق خارج نطاق الحدود والأخلاق الشرعية؛ حتى أصبحت صور الحياة الفردية والاجتماعية مختلفة في نسب متفاوتة عن المُثُل العليا التي رسمتها أحكام الدين الإسلامي.

ومن حيث إن الفقيه الذي يضطلع بواجبه في تقويم الحياة الفردية والاجتماعية على مبادئ الدين وتعاليمه يكون بين أمرين:

إما أن يحاول حمل الناس على الطريقة الملتزمة والأحكام التي تعاقبت الأجيال منذ قرنين وأكثر على احترامها بحرمة الدين والانكسار من الخروج عنها مخالفة وعصيانا؛ فيكون في حملهم على ذلك من أعنات المكلفين، وتحجير الواسع، والتزام ما لا يلزم ما لا يرضاه لنفسه وللناس الفقيه الموفق.

وإما أن يجر الفقيه عامة الناس وراءه إلى المجال الأوسع الذي يصبو إليه؛ حيث الاختلاف، والأنظار، وأعمال المناسبات والضرورات؛ فيكون قد جرأهم على ما كانوا مشفقين منه، مستعظمين لأمره، غير مستهترين فيه؛ من مخالفة الأحكام التي عرفوها ودانوا بها، وبذلك ينفتح للأهواء باب يلج منه كل إنسان إلى اختيار ما يوافق ميله، وينسجم مع حالته؛ فيصبح الدين أمرا نسبيا إضافيا، يختلف عند كل شخص أو جماعة عما هو عليه عند شخص آخر أو جماعة آخرين؛ حتى تختل الشريعة وتنحل عراها.

لا سيما وقد ألف الناس أمورا شائعة بينهم لم يزالوا يألفونها والعلماء ينكرونها، وهي التي يشنع العلماء على الناس أخذهم بها, باعتبار كونها من البدع على النحو الذي أورده أبو بكر الطرطوشي، فإذا فتح باب الاختيار والخروج عن الأحكام الفقهية المألوفة، والحكم على بعض الأشياء بالحسن والمشروعية، مع أن السلف لم يحسنوها ولم يقروا مشروعيتها؛ فإنهم لا يلبثون أن يجروا البدع ذلك المجرى، ويتأولوا لها أوجها تئول بها إلى الحسن والمشروعية؛ فكيف يستطاع بعد ذلك تغيير المنكر ومقاومة البدعة؟!

تلك هي دقة الموقف الحرج الذي وقفه الفقهاء في القرن الثامن، وذلك هو سر البطولة الفكرية التي تمثلت في أول متحرك للخروج بالفقه وأهله من ذلك الموقف الحرج الدقيق، وهو: الإمام أبو إسحاق الشاطبي.


هذا الكتاب من تأليف إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي أبو إسحاق، وهو من أبرز وأشهر المؤلفات وأكثرها رواجًا بين طلاب العلم، لما أوضحه المؤلف من مقاصد الكتاب والسنة والحكم والمصالح الكلية الكامنة تحت آحاد الأدلة ومفدرات التشريع والتعريف بأسرار التكاليف في الشريعة.

وقد قسم المؤلف كتابه إلى خمسة أقسام هامة؛ وهي: المقدمات العلمية المحتاج إليها في التمهيد، والأحكام وما يتعلق بها من حيث تصورها والحكم بها أو عليها، والمقاصد الشرعية في الشريعة وما يتعلق بها من الأحكام، وحصر الأدلة الشرعية، وأحكام الاجتهاد والتقلي

كتاب الموافقات في بيان مقاصد الكتاب والسنة والحكم والمصالح الكلية الكامنة تحت آحاد الأدلة ومفردات التشريع والتعريف بأسرار التكاليف في الشريعة ألفه الحافظ إبراهيم بن موسى الشاطبي (ت: 790 هـ 1388)

وقد اختار إبراهيم بن موسى الشاطبي للكتاب اسما غير اسم الموافقات وهو التعريف بأسرار التكليف إلا أنه عدل عنه إلى الموافقات وكان ذلك بسبب رؤيا لأحد مشايخه حين قال الشيخ للإمام الشاطبي رأيتك البارحة في النوم وفي يدك كتاب ألفته فسألتك عنه فأخبرتني أنه الموافقات وسألتك عن معنى هذه التسمية الظريفة فأخبرتني أنك وفقت به بين مذهبي ابن القاسم وأبي حنيفة .

وقد أودع إبراهيم بن موسى الشاطبي في مؤلفه كثيرا من الأسرار التكليفية المتعلقة بالشريعة وقد حصر كتابه في خمسة أقسام:

المقدمات العلمية المحتاج إليها في تمهيد المقصود .
في الأحكام وما يتعلق بها من حيث تصورها والحكم بها أو عليها .
في المقاصد الشرعية في الشريعة وما يتعلق بها من الأحكام .
في حصر الأدلة الشرعية وبيان ما ينضاف إلى ذلك فيها على الجملة .
في أحكام الاجتهاد والتقليد والمتصفين بكل واحد منهما وما يتعلق بذلك من التعارض والترجيح والسؤال والجواب .
أبو اسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي - أبو اسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي، من علماء الأندلس، وشهد له العلماء بمآثره العديدة.


❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الموافقات / جـ1 (ط. دار ابن عفان) ❝ ❞ المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية (ت: العثيمين) ❝ ❞ الموافقات في أصول الشريعة (ط. العلمية) ❝ ❞ الاعتصام (نسخة إلكترونية) ❝ ❞ الموافقات في أصول الشريعة (نسخة مصورة) ❝ ❞ الإفادات والإنشاءات ❝ ❞ عنوان التعريف بأسرار التكليف: الموافقات (مخطوط نادر) ❝ ❞ الإفادات والإنشادات (نسخة مصورة) ❝ ❞ الإعتصام / ج1 (ت: الهلالي) ❝ الناشرين : ❞ دار الكتب العلمية بلبنان ❝ ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ جامعة أم القرى ❝ ❞ مكتبة ابن الجزري ❝ ❞ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - السعودية ❝ ❞ دار ابن عفان ❝ ❞ المكتبه التجاريه للنشر ❝ ❱
من كتب أصول الفقه وقواعده الفقه الإسلامي - مكتبة كتب إسلامية.


اقتباسات من كتاب الموافقات / جـ1 (ط. دار ابن عفان)

نبذة عن الكتاب:
الموافقات / جـ1 (ط. دار ابن عفان)

2014م - 1446هـ
مضت حركة الاجتهاد في الدين؛ قوية سديدة، مطردة نامية، خصبة الإنتاج، ميمونة الولائد؛ من منتصف القرن الثاني، حيث بدأ استقرار المذاهب بوضع الأصول، وتمييز العام منها الجامع بين المذاهب المختلفة، والخاص الذي ينفرد به مذهب عن مذهب آخر، وتتابع تولد المذاهب إلى منتصف القرن الرابع، فكلما قطع واحد منها دور التأصيل على يد مؤسسه ومتخذ أصوله؛ دخل في دور التفريع، وهو دور الاجتهاد المقيد؛ فتلاحقت المذاهب على دور التفريع إلى استهلال القرن الخامس، وهنالك تمحض الفقه لعمل جديد هو عمل التطبيق بتحقيق الصور وضبط المحامل؛ فكان اجتهاد جديد هو الاجتهاد في المسائل، ثم دخل الفقه في أوائل القرن السادس دون الترجيح، وهو دور اجتهاد نظري، يعتمد درس الأقوال وتمحيصها والاختيار فيها بالترجيح والتشهير، حتى انتهى ذلك الاختيار إلى عمل تصفية، برز في دور التقنين، بتأليف مختصرات محررة على طريقة الاكتفاء بأقوال تثبت، هي الراجحة المشهورة، وأقوال تلغى هي التي ضعفها النظر في الدور الماضي باعتبار أسانيدها أو باعتبار مداركها أو باعتبار قلة وفائها بالمصلحة التي تستدعيها مقتضيات الأحوال.

وبذلك وقف سير الفقه عند تلك المختصرات، وأقبل الفقهاء يجمعون دراساتهم حول المختصرات، مقتصرين في تخريج المسائل عليها في حال أن صورا من الوقائع الحادثة التي لم تشتمل تلك المختصرات على نصوص أحكامها كانت تتعاقب ملحة في طلب الأجوبة التي تحل مشاكلها، والأحكام التي تقرر وجهة السير فيها.

فكان ذلك ملفتا أنظار الفقهاء إلى ضيق النطاق الالتزامي الذي ضربوه على أنفسهم باقتصار على المختصرات، وحاديا بهم إلى الرجوع إلى المجال الأوسع: مجال الأقوال العديدة، والآراء المتباينة داخل كل مذهب، ذلك المجال الذي لم يزل يستفحل به الهجران منذ القرن السادس.

وبتلك الرجعة التي خرج بها الفقه عن نطاق الالتزام؛ وجد الفقهاء أنفسهم في وضع حرج دقيق، من حيث إن المجتمع الإسلامي بما شاع فيه من الضعف والانحلال قد أخذ ينزلق خارج نطاق الحدود والأخلاق الشرعية؛ حتى أصبحت صور الحياة الفردية والاجتماعية مختلفة في نسب متفاوتة عن المُثُل العليا التي رسمتها أحكام الدين الإسلامي.

ومن حيث إن الفقيه الذي يضطلع بواجبه في تقويم الحياة الفردية والاجتماعية على مبادئ الدين وتعاليمه يكون بين أمرين:

إما أن يحاول حمل الناس على الطريقة الملتزمة والأحكام التي تعاقبت الأجيال منذ قرنين وأكثر على احترامها بحرمة الدين والانكسار من الخروج عنها مخالفة وعصيانا؛ فيكون في حملهم على ذلك من أعنات المكلفين، وتحجير الواسع، والتزام ما لا يلزم ما لا يرضاه لنفسه وللناس الفقيه الموفق.

وإما أن يجر الفقيه عامة الناس وراءه إلى المجال الأوسع الذي يصبو إليه؛ حيث الاختلاف، والأنظار، وأعمال المناسبات والضرورات؛ فيكون قد جرأهم على ما كانوا مشفقين منه، مستعظمين لأمره، غير مستهترين فيه؛ من مخالفة الأحكام التي عرفوها ودانوا بها، وبذلك ينفتح للأهواء باب يلج منه كل إنسان إلى اختيار ما يوافق ميله، وينسجم مع حالته؛ فيصبح الدين أمرا نسبيا إضافيا، يختلف عند كل شخص أو جماعة عما هو عليه عند شخص آخر أو جماعة آخرين؛ حتى تختل الشريعة وتنحل عراها.

لا سيما وقد ألف الناس أمورا شائعة بينهم لم يزالوا يألفونها والعلماء ينكرونها، وهي التي يشنع العلماء على الناس أخذهم بها, باعتبار كونها من البدع على النحو الذي أورده أبو بكر الطرطوشي، فإذا فتح باب الاختيار والخروج عن الأحكام الفقهية المألوفة، والحكم على بعض الأشياء بالحسن والمشروعية، مع أن السلف لم يحسنوها ولم يقروا مشروعيتها؛ فإنهم لا يلبثون أن يجروا البدع ذلك المجرى، ويتأولوا لها أوجها تئول بها إلى الحسن والمشروعية؛ فكيف يستطاع بعد ذلك تغيير المنكر ومقاومة البدعة؟!

تلك هي دقة الموقف الحرج الذي وقفه الفقهاء في القرن الثامن، وذلك هو سر البطولة الفكرية التي تمثلت في أول متحرك للخروج بالفقه وأهله من ذلك الموقف الحرج الدقيق، وهو: الإمام أبو إسحاق الشاطبي.


هذا الكتاب من تأليف إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي أبو إسحاق، وهو من أبرز وأشهر المؤلفات وأكثرها رواجًا بين طلاب العلم، لما أوضحه المؤلف من مقاصد الكتاب والسنة والحكم والمصالح الكلية الكامنة تحت آحاد الأدلة ومفدرات التشريع والتعريف بأسرار التكاليف في الشريعة.

وقد قسم المؤلف كتابه إلى خمسة أقسام هامة؛ وهي: المقدمات العلمية المحتاج إليها في التمهيد، والأحكام وما يتعلق بها من حيث تصورها والحكم بها أو عليها، والمقاصد الشرعية في الشريعة وما يتعلق بها من الأحكام، وحصر الأدلة الشرعية، وأحكام الاجتهاد والتقلي

كتاب الموافقات في بيان مقاصد الكتاب والسنة والحكم والمصالح الكلية الكامنة تحت آحاد الأدلة ومفردات التشريع والتعريف بأسرار التكاليف في الشريعة ألفه الحافظ إبراهيم بن موسى الشاطبي (ت: 790 هـ 1388)

وقد اختار إبراهيم بن موسى الشاطبي للكتاب اسما غير اسم الموافقات وهو التعريف بأسرار التكليف إلا أنه عدل عنه إلى الموافقات وكان ذلك بسبب رؤيا لأحد مشايخه حين قال الشيخ للإمام الشاطبي رأيتك البارحة في النوم وفي يدك كتاب ألفته فسألتك عنه فأخبرتني أنه الموافقات وسألتك عن معنى هذه التسمية الظريفة فأخبرتني أنك وفقت به بين مذهبي ابن القاسم وأبي حنيفة .

وقد أودع إبراهيم بن موسى الشاطبي في مؤلفه كثيرا من الأسرار التكليفية المتعلقة بالشريعة وقد حصر كتابه في خمسة أقسام:

المقدمات العلمية المحتاج إليها في تمهيد المقصود .
في الأحكام وما يتعلق بها من حيث تصورها والحكم بها أو عليها .
في المقاصد الشرعية في الشريعة وما يتعلق بها من الأحكام .
في حصر الأدلة الشرعية وبيان ما ينضاف إلى ذلك فيها على الجملة .
في أحكام الاجتهاد والتقليد والمتصفين بكل واحد منهما وما يتعلق بذلك من التعارض والترجيح والسؤال والجواب .

.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

 مضت حركة الاجتهاد في الدين؛ قوية سديدة، مطردة نامية، خصبة الإنتاج، ميمونة الولائد؛ من منتصف القرن الثاني، حيث بدأ استقرار المذاهب بوضع الأصول، وتمييز العام منها الجامع بين المذاهب المختلفة، والخاص الذي ينفرد به مذهب عن مذهب آخر، وتتابع تولد المذاهب إلى منتصف القرن الرابع، فكلما قطع واحد منها دور التأصيل على يد مؤسسه ومتخذ أصوله؛ دخل في دور التفريع، وهو دور الاجتهاد المقيد؛ فتلاحقت المذاهب على دور التفريع إلى استهلال القرن الخامس، وهنالك تمحض الفقه لعمل جديد هو عمل التطبيق بتحقيق الصور وضبط المحامل؛ فكان اجتهاد جديد هو الاجتهاد في المسائل، ثم دخل الفقه في أوائل القرن السادس دون الترجيح، وهو دور اجتهاد نظري، يعتمد درس الأقوال وتمحيصها والاختيار فيها بالترجيح والتشهير، حتى انتهى ذلك الاختيار إلى عمل تصفية، برز في دور التقنين، بتأليف مختصرات محررة على طريقة الاكتفاء بأقوال تثبت، هي الراجحة المشهورة، وأقوال تلغى هي التي ضعفها النظر في الدور الماضي باعتبار أسانيدها أو باعتبار مداركها أو باعتبار قلة وفائها بالمصلحة التي تستدعيها مقتضيات الأحوال.

وبذلك وقف سير الفقه عند تلك المختصرات، وأقبل الفقهاء يجمعون دراساتهم حول المختصرات، مقتصرين في تخريج المسائل عليها في حال أن صورا من الوقائع الحادثة التي لم تشتمل تلك المختصرات على نصوص أحكامها كانت تتعاقب ملحة في طلب الأجوبة التي تحل مشاكلها، والأحكام التي تقرر وجهة السير فيها.

فكان ذلك ملفتا أنظار الفقهاء إلى ضيق النطاق الالتزامي الذي ضربوه على أنفسهم باقتصار على المختصرات، وحاديا بهم إلى الرجوع إلى المجال الأوسع: مجال الأقوال العديدة، والآراء المتباينة داخل كل مذهب، ذلك المجال الذي لم يزل يستفحل به الهجران منذ القرن السادس.

وبتلك الرجعة التي خرج بها الفقه عن نطاق الالتزام؛ وجد الفقهاء أنفسهم في وضع حرج دقيق، من حيث إن المجتمع الإسلامي بما شاع فيه من الضعف والانحلال قد أخذ ينزلق خارج نطاق الحدود والأخلاق الشرعية؛ حتى أصبحت صور الحياة الفردية والاجتماعية مختلفة في نسب متفاوتة عن المُثُل العليا التي رسمتها أحكام الدين الإسلامي.

ومن حيث إن الفقيه الذي يضطلع بواجبه في تقويم الحياة الفردية والاجتماعية على مبادئ الدين وتعاليمه يكون بين أمرين:

إما أن يحاول حمل الناس على الطريقة الملتزمة والأحكام التي تعاقبت الأجيال منذ قرنين وأكثر على احترامها بحرمة الدين والانكسار من الخروج عنها مخالفة وعصيانا؛ فيكون في حملهم على ذلك من أعنات المكلفين، وتحجير الواسع، والتزام ما لا يلزم ما لا يرضاه لنفسه وللناس الفقيه الموفق.

وإما أن يجر الفقيه عامة الناس وراءه إلى المجال الأوسع الذي يصبو إليه؛ حيث الاختلاف، والأنظار، وأعمال المناسبات والضرورات؛ فيكون قد جرأهم على ما كانوا مشفقين منه، مستعظمين لأمره، غير مستهترين فيه؛ من مخالفة الأحكام التي عرفوها ودانوا بها، وبذلك ينفتح للأهواء باب يلج منه كل إنسان إلى اختيار ما يوافق ميله، وينسجم مع حالته؛ فيصبح الدين أمرا نسبيا إضافيا، يختلف عند كل شخص أو جماعة عما هو عليه عند شخص آخر أو جماعة آخرين؛ حتى تختل الشريعة وتنحل عراها.

لا سيما وقد ألف الناس أمورا شائعة بينهم لم يزالوا يألفونها والعلماء ينكرونها، وهي التي يشنع العلماء على الناس أخذهم بها, باعتبار كونها من البدع على النحو الذي أورده أبو بكر الطرطوشي، فإذا فتح باب الاختيار والخروج عن الأحكام الفقهية المألوفة، والحكم على بعض الأشياء بالحسن والمشروعية، مع أن السلف لم يحسنوها ولم يقروا مشروعيتها؛ فإنهم لا يلبثون أن يجروا البدع ذلك المجرى، ويتأولوا لها أوجها تئول بها إلى الحسن والمشروعية؛ فكيف يستطاع بعد ذلك تغيير المنكر ومقاومة البدعة؟!

تلك هي دقة الموقف الحرج الذي وقفه الفقهاء في القرن الثامن، وذلك هو سر البطولة الفكرية التي تمثلت في أول متحرك للخروج بالفقه وأهله من ذلك الموقف الحرج الدقيق، وهو: الإمام أبو إسحاق الشاطبي.


هذا الكتاب من تأليف إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي أبو إسحاق، وهو من أبرز وأشهر المؤلفات وأكثرها رواجًا بين طلاب العلم، لما أوضحه المؤلف من مقاصد الكتاب والسنة والحكم والمصالح الكلية الكامنة تحت آحاد الأدلة ومفدرات التشريع والتعريف بأسرار التكاليف في الشريعة.

وقد قسم المؤلف كتابه إلى خمسة أقسام هامة؛ وهي: المقدمات العلمية المحتاج إليها في التمهيد، والأحكام وما يتعلق بها من حيث تصورها والحكم بها أو عليها، والمقاصد الشرعية في الشريعة وما يتعلق بها من الأحكام، وحصر الأدلة الشرعية، وأحكام الاجتهاد والتقلي 

كتاب الموافقات في بيان مقاصد الكتاب والسنة والحكم والمصالح الكلية الكامنة تحت آحاد الأدلة ومفردات التشريع والتعريف بأسرار التكاليف في الشريعة ألفه الحافظ إبراهيم بن موسى الشاطبي (ت: 790 هـ 1388)

 وقد اختار إبراهيم بن موسى الشاطبي للكتاب اسما غير اسم الموافقات وهو التعريف بأسرار التكليف إلا أنه عدل عنه إلى الموافقات وكان ذلك بسبب رؤيا لأحد مشايخه حين قال الشيخ للإمام الشاطبي رأيتك البارحة في النوم وفي يدك كتاب ألفته فسألتك عنه فأخبرتني أنه الموافقات وسألتك عن معنى هذه التسمية الظريفة فأخبرتني أنك وفقت به بين مذهبي ابن القاسم وأبي حنيفة .

وقد أودع إبراهيم بن موسى الشاطبي في مؤلفه كثيرا من الأسرار التكليفية المتعلقة بالشريعة وقد حصر كتابه في خمسة أقسام:

    المقدمات العلمية المحتاج إليها في تمهيد المقصود .
    في الأحكام وما يتعلق بها من حيث تصورها والحكم بها أو عليها .
    في المقاصد الشرعية في الشريعة وما يتعلق بها من الأحكام .
    في حصر الأدلة الشرعية وبيان ما ينضاف إلى ذلك فيها على الجملة .
    في أحكام الاجتهاد والتقليد والمتصفين بكل واحد منهما وما يتعلق بذلك من التعارض والترجيح والسؤال والجواب .

الموافقات (ت: مشهور) من أصول الفقه وقواعده                                                                                                                الموافقات تحقيق أيت سعيد pdf
الموافقات للشاطبي تحقيق دراز pdf
نبذة عن كتاب الموافقات للشاطبي
الموافقات للشاطبي الشاملة الحديثة
الموافقات للشاطبي الجزء الثالث
شرح كتاب الموافقات للشاطبي pdf
الشاطبي
تلخيص كتاب الموافقات للشاطبي



سنة النشر : 2014م / 1435هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 9.6 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة الموافقات / جـ1 (ط. دار ابن عفان)

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل الموافقات / جـ1 (ط. دار ابن عفان)
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
أبو اسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي - Abu Ishaq Ibrahim bin Musa Al Shatby

كتب أبو اسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي أبو اسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي، من علماء الأندلس، وشهد له العلماء بمآثره العديدة. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الموافقات / جـ1 (ط. دار ابن عفان) ❝ ❞ المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية (ت: العثيمين) ❝ ❞ الموافقات في أصول الشريعة (ط. العلمية) ❝ ❞ الاعتصام (نسخة إلكترونية) ❝ ❞ الموافقات في أصول الشريعة (نسخة مصورة) ❝ ❞ الإفادات والإنشاءات ❝ ❞ عنوان التعريف بأسرار التكليف: الموافقات (مخطوط نادر) ❝ ❞ الإفادات والإنشادات (نسخة مصورة) ❝ ❞ الإعتصام / ج1 (ت: الهلالي) ❝ الناشرين : ❞ دار الكتب العلمية بلبنان ❝ ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ جامعة أم القرى ❝ ❞ مكتبة ابن الجزري ❝ ❞ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - السعودية ❝ ❞ دار ابن عفان ❝ ❞ المكتبه التجاريه للنشر ❝ ❱. المزيد..

كتب أبو اسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي
الناشر:
دار ابن عفان
كتب دار ابن عفان ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ النوادر الذهبية ❝ ❞ الموافقات / جـ1 (ط. دار ابن عفان) ❝ ❞ مباحث المفاضلة في العقيدة ❝ ❞ فقه الأدعية والأذكار ❝ ❞ فتاوى القفال ❝ ❞ معجم شيوخ الطبري الذين روى عنهم في كتبه المسندة المطبوعة ❝ ❞ هداية الرواة إلى تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة المجلد الأول( الإيمان، الصلاة ) ❝ ❞ دروس عقدية مستفادة من الحج ❝ ❞ القواعد الفقهية المستخرجة من أعلام الموقعين ❝ ❞ الأمراض والكفارات والطب والرقيات ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ محمد ناصر الدين الألباني ❝ ❞ شمس الدين الذهبي ❝ ❞ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر ❝ ❞ محمد بن علي الشوكاني ❝ ❞ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر ❝ ❞ ابن تيمية عبد الرحمن بن ناصر السعدي ❝ ❞ الاستاذ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر ❝ ❞ أبو اسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي ❝ ❞ خالد بن عثمان بن علي السبت. ❝ ❞ محمد ناصر الدين الألباني ❝ ❞ يوسف بن محمد الغفيص ❝ ❞ محمد بن عبد الواحد ضياء الدين المقدسي أبو عبد الله ❝ ❞ محمد شومان الرملي ❝ ❞ محمد شمس الدين شومان بن أحمد الرملي ❝ ❞ أكرم بن محمد زيادة الفالوجي ❝ ❞ عبد الله بن أحمد بن عبد الله القفال المروزي أبو بكر ❝ ❞ عبد الصمد بن عساكر أبو اليمن ❝ ❞ علي بن سعيد بن علي الغامدي ❝ ❞ أحمد بن إبراهيم بن أبو العينين أبو عبد الله ❝ ❞ محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الشظيفي ❝ ❱.المزيد.. كتب دار ابن عفان