هولاكو الأمير السفاح
2012م - 1446هـ
مقدمة المؤلف :
هو الكتاب الثاني لي عن إمبراطوريات المغول , أختص به دولة التتار , التي أسسها جنكيز خان . ولكن لكي نتكلم عن التتار , لابد في البداية أن نتكلم عن الدول الإسلامية المجاورة لتلك البقعة , التي انبثت منه هذه الفئة من البشر التي علت في الأرض , فهاجت وماجت , واكتسحت أمامها القوي والضعيف من بلاد العلم الإسلامي وغيره . حتى وصلت آسيا الصغرى , وحاربت بايازيد الأول أحد أهم ملوك العثمانيين فأسرته واحتلت بلاده . ولو أرادوا لأخذوا أوربا بأثرها , ولغيروا تاريخ وخريطة العالم بأثره . فبينما كانت الدولة الإسلامية في أشد أوقات تشرذمها , واقتتال أهلها مع بعضهم البعض , طمعا في الحكم , وغفلة عن الدين , ظهر أمر تلك الشعوب المغولية . فانتشرت وتطورت وأرعدت وسادت في زمن قياسي . ليس بالقصير , ولكنه بالنسبة لم تحقق من سيطرتها وتملكها لتلك المساحات الشاسعة من العالم , وما وقع من تخريب ودمار , يعد في عمر الزمان قصير . وكما تخالفت الأسباب لظهورهم . فقد جاء نفاذ أمرهم وذهاب أسطورتهم على يد مملوك من مصر . أخلص النية هو ورجاله لله , فكانوا سببا في عتق العالم من هذا التوسونامي البشري المخرب . لقد توقف زحف المغول , وذهب الروع عن العالم بتوفيق الله لهذه الفئة الصادقة , التي تكاتفت من أجل الذب عن دينها وعرضها وأهلها . فكسروا تلك الشوكة الحادة التي كسحت أمامها الأخضر واليابس . وما راعت حرمة ولا دين . وما تركت صغيرا ولا كبيرا .ولا رجل ولا امرأة ولا طفل . لقد وصفها الكتاب والمؤرخون بكل نقيصة , وهي أهلا لذلك . وكان الزمان يسمح بذلك , وكانت الظروف كلها مواتية لأفعالهم ففعلوه ولم يتوانوا . لقد كانت الهجمة التتارية على العالم الإسلامي خاصة . ابتلاء من الله على تفرقهم وشرذمتهم وقتل بعضهم بعضا . وسعي كل واحد من الأمراء لاستفراغ ما في إناء أخيه . ولو بسفك دمه , فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا . وقذف في قلوبه الرعب , فكان الواحد منهم يسلم نفسه ويستسلم دون مقاومة . أو طمعا في رشوة قائد هؤلاء الغزاة . الذين لم يكن لهم بقاء على من استسلم أو قاوم . لقد أتوا على الصغير قبل الكبير . وعلى النساء قبل الرجال . وهدموا البيوت وقطعوا الأشجار والزروع . لقد أرادوها بقدر الله خرابا وعبرة , والحكمة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد . . المزيد..