📘 قراءة كتاب الزمن في الديون وأحكامه الفقهية الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان أونلاين
فإن من أهم ما يحتاج إليه الإنسان في حياته اليومية تبادل المنافع مع غيره، وقد يترتب على هذا التبادل ترتب ديون في الذمة، وهذا واقع في حياة الناس من قديم الزمان لكنه في وقتنا الحاضر أصبح أكثر وقوعاً وبروزاً، فكثير من الناس اليوم لا يخلو من أن يكون دائناً أو مديناً، بل وجد في وقتنا الحاضر مؤسسات قائمة أصلاً على التعامل بالديون، وكثير من البنوك والمؤسسات المالية والشركات لا يخلو كثير من تعاملاتها من ديون..، وهذا التوسع في التعامل بالديون أفرز مسائل جديدة هي بحاجة إلى بيان وإيضاح للحكم الشرعي فيها من قبل فقهاء الشريعة، وقد أحببت أن أسهم بالكتابة في جانب من الجوانب المتعلقة بالديون وهو: الزمن في الديون وأحكامه الفقهية .. ويمكن أن ألخص أسباب اختيار هذا الموضوع في الآتي:
أهمية الموضوع وارتباطه بواقع الناس المعاصر، خاصة مع ما يرى من توسع في الاستدانة وما يترتب على ذلك من أحكام، وقد يؤدي الإخلال بها إلى الوقوع في ربا الديون الذي كان شائعاً في الجاهلية، وعادت إليه كثير من البنوك والمؤسسات المالية بصور شتى وقوالب متنوعة.
دقة مسائل هذا الموضوع، ولذا فهي تحتاج إلى فهم عميق لمقاصد الشريعة عموماً ومقاصدها في مسائل الربا وأبوابه على وجه الخصوص ، فأحببت إبراز هذه المسائل الدقيقة وتجلية الفروق بين المختلف منها وإيضاح الممنوع والمباح منها.
ظهور مسائل جديدة مرتبطة بالزمن في الديون لم تكن بارزة من قبل، كمسألة التعويض عن ضرر المماطلة التي تمارسها بعض البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية على نطاق واسع..، وهي من المسائل الكبيرة التي اختلفت فيها أنظار العلماء المعاصرين بين التأييد والمنع.
اتجاه كثير من البنوك والشركات في الوقت الحاضر إلى تزكية تعاملاتها بلزوم أحكام الشريعة والبعد عن التعاملات المحرمة وحيث إن كثيراً من تعاملات تلك البنوك والشركات مرتبط بالديون، أحببت أن أبرز في هذا البحث جانباً مهماً من الديون وهو الزمن فيها، وما يرتبط به من مسائل وأحكام.
وقد رسمت لهذا البحث منهجاً وخطة أسير عليها، وفيما يأتي عرض لأبرز معالم منهج البحث وخطته.
منهج البحث:
تصوير المسألة التي تحتاج إلى إيضاح تصويراً دقيقاً قبل بيان حكمها ليتضح المراد بها.
عرض الآراء في المسائل حسب الاتجاهات الفقهية، ونسبة كل رأي إلى من قال به من أصحاب المذاهب، ومن الهيئات العلمية والمجامع الفقهية في الوقت الحاضر.
عرض أدلة الأقوال، مع بيان وجه الدلالة إذا احتاج الأمر إلى ذلك.
إيراد المناقشة على الأدلة أو الاستدلال بها. ولو كانت تلك المناقشة للقول الذي ظهر رجحانه، وما أنقله من غيري أصدره بعبارة (وقد اعترض) وفي الإجابة بعبارة (وقد أجيب) وما لم أنقله من غيري أصدره بعبارة (ويمكن الاعتراض) وفي الإجابة بعبارة (ويمكن الجواب).
بيان ما توصلت إلى رجحانه من الآراء مع بيان سبب الترجيح.
ذكر أرقام الآيات وأسماء السور الواردة فيها.
تخريج الأحاديث من مصادرها فإن كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما فأكتفي بالعزو إليه، وإلا خرجته من كتب السنن والمسانيد والآثار مبيناً آراء المحدثين في درجته.
ختم البحث بخاتمة تتضمن ملخصاً للموضوع وأهم ما تتضمن من نتائج.
تذييل البحث بفهرس للمصادر والمراجع المستفاد منها في كتابة البحث.
خطة البحث:
يشتمل هذا البحث على تمهيد وخمسة مباحث وخاتمة أما التمهيد ففي تعريف الزمن والدين والألفاظ ذات الصلة.
وأما المباحث فهي على النحو التالي:
المبحث الأول: الزيادة المرتبطة بالزمن في الدين والفرق بينها وبين الزيادة في البيع المؤجل.
المبحث الثاني: التعويض عن ضرر المماطلة.
المبحث الثالث: المصالحة عن الدين المؤجل ببعضه حالاً.
المبحث الرابع: اشتراط حلول بقية الأقساط عن التأخر في أدائها.
المبحث الخامس: أثر وفاة الدين على حلول الدين.
الخاتمة: وتتضمن أهم نتائج البحث
وبعد: فموضوع هذا البحث كبير ومهم جداً، ولا أزعم أنني قد استقصيتُ جميع جوانبه لكن حسبي أني أبرزت أهم جوانبه، ولعل ما كتبت يكون نواة لبحوث ورسائل علمية خاصة أن بعض مباحثه تصلح لأن تكون وحدها عنواناً لرسالة علمية .. وأسأل الله تعالى أن يبارك في الجهود ويسدد الخطى ويرزقنا التوفيق. والسداد. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه،،
تمهيد في تعريف الزمن والديّن:
1- تعريف الزمن:
الزمن والزمان: اسم لقليل الوقت وكثيرة، ويجمع على: أزمُن وأزمان وأزمنة ( ) قال ابن الأثير ( ) ـ رحمه الله ـ: «الزمان يقع على جميع الدهر وبعضه» أهـ وفي الحديث الصحيح يقول النبي : «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب».( )( )
تعريف الدين:
الدين في اللغة: قال الفيومي في المصباح( ): «الدين لغة هو: القرض وثمن المبيع» أهـ. وقد اعترض على هذا التعريف بأنه غير جامع لأن القرض من أسباب الدين، وثمن المبيع صورة من صور الديون( ) ولهذا فإن صاحب القاموس وكثير من أهل اللغة ذهبوا إلى أن الديّن في اللغة يطلق على: كل ما ليس حاضراً( ).
وهو بهذا الإطلاق أعم من المعنى الشرعي للدين كما سيظهر ذلك من المقارنة بين المعنيين اللغوي والشرعي ويجمع الدّين على ديون وأدْيُن تقول: دِنتُ الرجل وأدنته إذا أعطيته الدين إلى أجل.
والدائن يطلق على آخذ الدين وعلى المعطى له، والأكثر استعماله في الثاني، والمدين والمدان والمديون: مَنْ هو كثير الدين، والمديون لغة بني تميم والحجازيون لا يقولون: مديوناً وإنما يقولون مديناً( ).
الدين شرعاً:
يطلق الدين في الشرع على معنيين: معنى عام ومعنى خاص.
1- المعنى العام للدين:
يطلق الدين بالمعنى العام على كلّ ما ثبت في الذمة من حقوق الله تعالى أو حقوق الآدميين.
وبهذا المعنى يمكن تقسيم الدين إلى قسمين: دين الله ودين الآدمي( )، ومن أمثلة دين الله: الحج والكفارة والنذر والزكاة، ومن ذلك ما جاء في الصحيحين ( ) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله إنّ أمي ماتت وعليها صوم شهر أ فأقضيه عنها؟ قال : (نعم فدين الله أحق أن يقضى).
ومن أمثلة دين الآدمي ما جاء في الصحيحين ( ) عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي أُتي بميت ليصلي عليه فقال أعليه دين؟ قالوا: نعم ديناران فقال: (صلوا على صاحبكم) فقال أبو قتادة الأنصاري: هما عليّ يا رسول الله فصلى عليه رسول الله .
2- المعنى الخاص للدين:
يطلق الدين بالمعنى الخاص على كلّ مالٍ حكمي يثبت في الذمة بعقد استقراض أو استهلاك أو غيرهما( ).
والدين بهذا المعنى أخص من المعنى الأول، إذ هو خاص بالمال الذي يثبت في الذمة من حقوق الآدميين. وهذا المعنى للدين هو المراد في هذا البحث
نوع الكتاب : doc.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات doc
يمكن تحميلة من هنا 'http://www.microsoftstore.com/store/msmea/ar_EG/pdp/Office-365-Personal/productID.299498600'