📘 قراءة كتاب القانون الجنائى الدستورى : الشرعية الدستورية فى قانون العقوبات الشرعية الدستورية فى قانون الاجراءات الجنائية أونلاين
1-تتوقف الحماية الدستورية على التوازن بين كل من القيم الدستورية للحقوق والحريات ، والقيم الدستورية للمصلحة العامة ، على نحو يضمن عدم التفريط فى أى من هذه القيم المختلفة . وعلى المشرع مسئولية تنظيم ممارسة الضمانات الدستورية من خلال شكل التوازن الذى يجريه بين مختلف الحقوق والحريات وبين المصلحة العامة ، وذلك تحت رقابة القضاء الدستورى .
ويعد التشريع الجنائى من أهم المجالات التى يبدو فيها بعض الاختلاف بين مختلف الحقوق والحريات من جهة وبينها وبين المصلحة العامة من جهة أخرى . فهذا التشريع يتحمل مسئولية تحقيق التوازن الذى يوقف هذا الصراع ويكفل حماية كل من الحقوق والحريات والمصلحة العامة بقدر متناسب . ويلتزم المشرع فى سبيل كفالة هذه الحماية باحترام الضمانات التى ينص عليها الدستور .
فقانون العقوبات من خلال التجريم والعقاب يحمى كلا من حقوق المجنى عليه والمصلحة العامة بحكم الضرورة الاجتماعية التى تتطلب هذه الحماية ، ويفرض الجزاء الجنائى المناسب الذى يتسم بالمعقولية ، ولا ينافى الحدود المنطقية التى ينبغى أن تكون إطارا له . وكل ذلك يتم من خلال معايير ينص عليها الدستور تتمثل فى ضمانات يتعين على المشرع العقابى الالتزام بها.
وقانون الإجراءات الجنائية بما يضعه من قواعد تهدف إلى تحديد الإجراءات التى يتم بواسطتها استعمال حق الدولة فى العقاب يحمى حقوق كل من المتهم والمجنى عليه ويكفل حماية المصلحة العامة . ونظراً إلى أن الإجراءات الجنائية من شأنها أن تمس بعض الحقوق والحريات فإنه يتعين كفالتها بحكم أن الأصل فى المتهم البراءة ، وبناء على أن القاضى هو الحارس الطبيعى للحريات ، وذلك فى إطار محاكمة منصفة . وكل ذلك يتم من خلال معايير ينص عليها الدستور تتمثل فى ضمانات يتعين على المشرع الإجراءات الجنائى الالتزام بها .
ونهدف من هذا المؤلف إلى إلقاء الضوء على المبادئ الدستورية التى يخضع لها القانون الجنائى بفرعية ( قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية ) ، وهو أمر لم ينل عناية كبيرة من الفقه المصرى ، وإن كان قد حظى باهتمام المحكمة الدستورية العليا فى مصر التى قدمت حصلية فائقة من المبادئ الدستورية فى هذا الشأن .
وهناك علاقة وثيقة بين القانون الدستورى والقانون الجنائى ، لأن المبادئ الدستورية تسهم فى تحديد مضمون القانون الجنائى ذاته بحيث يتوقف تحديد الجرائم على تطوير المبادئ الدستورية أكثر من اعتماده على تطور القيم والمصالح الاجتماعية .
كما أنه طالما كان الدستور هو القانون الأساسى فإنه يحمل فى طياته تحديد القيم الأساسية للمجتمع ، والحقوق والحريات مما يوجب على القانون الجنائى أن يكفل من خلال الأدوات التى ينظمها ( العقوبات والإجراءات الجنائية ) حماية هذه القيم ضمان حماية الحقوق والحريات على نحو يتفق مع المبادئ التى يكفلها الدستور ، فلا يجوز أن يقوم قانون العقوبات بتحريم سلوك لا يلحق ضررا بالمجتمع أو يهدده بالخطر ، أو ينص على عقوبات مبالغ فيها ، فمراعاة الضرورة والتناسب فى التجريم والعقاب أمس يحتمه الدستور كما لا يجوز أن يقوم قانون الإجراءات الجنائية بتنظيم إجراءات تمس الحريات بغير كفالة ضماناتها .
ومع ذلك فقد لوحظ أن فقه القانون الجنائى بفرعية ( العقوبات والإجراءات ) قد مر بمرحلتين : الأولى يحكمها الفن القانونى لمواجهة الضرر الذى أحدثه الجانى ، وقد ارتكز على مفهوم الجريمة من الناحية المادية . والثانية تحكمها نتائج علم الإجرام ، وقد ارتكزت على مفهوم شخصية المجرم . وفى ضوء ذلك ، فقد ارتكزت الدراسات الى تناولت مفاهيمه ، وعالجت موضوعاته فى ضوء نظريات مختلفة ترتد إما إلى نظرة مادية بحتة ترتكز على السلوك الإجرامى ذات النشاط الخارجى وتنطلق من نظرة تجريدية يحكمها الفن القانونى المجرد ، أو تنبعث من نظرة نفسية أو اجتماعية ترتكز على السلوك الإجرامى ذات النشاط الخارجى وتنطلق من نظرة نفسية أو اجتماعية ترتكز على شخص المجرم . وقد أدت هذه النظرة الأخيرة إلى إضعاف الطابع القانونى للقانون الجنائى بالمقارنة مع غيره من فروع القانون ، مما أثر فى مدى الاهتمام بتدريسه فى فرنسا
وأيا كانت المرحلة التى يعيشها القانون الجنائى ، فلا يجوز أن يغيب عن البال أن هذا القانون جزء من النظام القانونى ، وتتحدد أحكامه فى ضوء طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة ، فالفرد هو إما المجنى عليه أو المتهم ، والدولة هى صاحبة الحق فى العقاب وهى صاحبة السلطة الإجرائية .
وتحدد المبادئ والقواعد الدستورية طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة والتى تحكم مضمون قواعد القانون الجنائى ، لكى تجعلها أكثر انضباطا مع الإرادة العامة للشعبالمتمثلةفى الدستور وتأكيد حماية الحقوق والحريات والمصلحة العامة من خلال إحداث توازن فيما بينها ، وهذا التوازن يتحقق من خلال معيار التناسب “ proportionnalite” الذى يحقق علاقة منطقية بين الوسائل والغايات.
ولا يتناقض الالتزام الدستورى للقانون الجنائى مع تطويره وفق مبادئ علم الإجرام ، طالما أن التجريم والعقاب الذى يقرره قانون العقوبات تحكمه موجبات الضرورة والتناسب بالمفهوم الدستورى لتحقيق التوازن بين الحقوق والحريات والمصلحة العامة ، وطالما حافظ قانون الإجراءات الجنائية على الضمانات الدستورية للحقوق والحريات فى توازن بينها وبين المصلحة العامة . وكل ذلك يأتى إيذانا بمرحلة جديدة لفقه القانون الجنائى ، يعطى فيها الصدارة للمبادئ الدستورية التى تحكم القانون الجنائى ، لكى تضبط قواعده التى تتأثر بطبيعة العلاقة بين الفرد والدولة فى ضوء النظام الدستورى ، سواء تلك التى ترتك على مفهوم الجريمة أو تلك التى تقوم على مفهوم المجرم ، لكى تأتى محققة للتوازن بين الحقوق والحريات والمصلحة العامة . ونستهدف من هذه الدراسة تأصيل العلاقة بين الفرد والدولة حتى نربط دراسة القانون الجنائى بالشرعية الدستورية ، تأكيدا لوحدة النظام القانونى الذى يحكمه الدستور . ومن خلال هذا الارتباط الضوء على جوانب جديدة فى هذا القانون تربطه بسائر فروع القانون ، فلا يكون هائما بعيدا عنها أو منفلتا منعزلا عن ضوابطها ، بل مرتبطا معها بحكم علاقته معها داخل النظام القانونى الذى يقف الدستور على قمته . وفى هذا الإطار لا يكون كل من قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية أداة للقهر أو للتحكم ، وإنما أداة لحماية الحقوق والحريات بالإضافة إلى تحقيق المصلحة العامة
وبهذا الارتباط يتأكد الوضع المهم الذى يحتله القانون الجنائى فى النظام القانونى وفى نظرية القانون ، وهو ما جهله البعض حين تخيلوا أن دراسة هذا القانون يعنى مجرد دراسة أفكار لو مبروزو
ومن ناحية أخرى ، فإن الدستور ، إذ يحمى الحقوق والحريات ، يأتى المشرع بعده ليوفر الضمانات الكافية لهذه الحماية ، ويرسم للقاضى دوره لتأمين هذه الحماية والمحافظة عليها .
القانون الجنائي الدستوري احمد فتحي سرور
القانون الجنائى الدستورى pdf
القانون الجنائي الدستوري
القانون الجنائي الدستوري doc
القانون الجنائي الدستوري تحميل
قانون الجنائي الدستوري
القانون الجنائي الدستوري
القانون الجنائي الدستوري pdf
القانون الدستوري الجزائري
تعريف القانون الجنائي الدستوري
علاقة القانون الدستوري والقانون الجنائي
سنة النشر : 2002م / 1423هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'