لن أخفي سراً أنني كنت لا أقرأ ولا أعترف بكل ما يتعلق بما يعرف بالتنمية البشرية .. و أتعامل مع هؤلاء الذين يظنون أنهم يملكون مفاتح كل شئ وحلول جميع المشكلات على أنهم مجموعة من المساكين الذين يستحقون الشفقة أو مجموعة من النصابين البارعين ربما!
لذلك فإنني لا أدري تحديداً ما السبب الذي حملني على قراءة هذا الكتاب تحديداً؟! .. ربما عنوانه "تخلص من عقلك" .. إلتقيت بهذا العنوان وأنا أتصفح الكتب فأعتقدت أنه رسالة موجهه لي أنا بالذات .. فقد أرهقني عقلني مؤخرا وكانت الفترة الأخيرة من حياتي فترة سيطر عليها القلق والتوتر والتفكير الطويل المتسم بالسلبية والإحباط في معظم الأحيان - ولا داع لذكر أسباب هذه الحالة هنا ربما موقع فيس بوك مكاناً أفضل لذلك. بدأت قراءة الكتاب وما لبثت حتى أنهيته.

وجدت أنه ليس بالضرورة أن جميع ما يتعلق بالتنمية البشرية هو مرادف للنصب والتغرير بعقول الناس .. فالكاتب يطلب منك في هذا الكتاب لا أن تتخلص من عقلك -الملئ بالمعتقدات الخاطئة- وأن تستبدل به عقله ، بل أن تستبدل به عقلاً جديداً يخصك أيضاً ولكنه محملاً برؤى مختلفه للعديد من الأمور

منها: الإعتقاد الراسخ بالوعي العربي بوجود الأبطال الخارقين القادرين على صنع المعجزات وإستبدلها بفكرة العمل الجماعي والمشاركة لتحقيق ما تريدة بنفسك
في الفصل الثاني تناول الكاتب الفكرة التي قتلت بحثا ونقاشا مؤخرا ولكنها مازالت -للاسف- في حاجه إلي مزيد من الترسيخ قي نفوسنا وخاصة بعد الثورة وما تلاها من تعدديات فكرية لا حصر لها صعب معها التلاقي وتقبل الأخر! ربما سيكون من الجيد جدا أن يقرأ هذه الفصل الساسه العرب وكذا العديد من المثقفين -أو من يحسبون أنفسهم كذلك !
حاول الكاتب بعد ذلك أن يضرب بعرض الحائط الأفكار النمطية للعديد من القضايا مثل قضايا الإيمان بالجن والعفاريت وتعامل المجتمع مع الرجل الغني على أنه حتماً فاسد و أن الماضي افضل بالتأكيد من الحاضر فهو الزمن الجميل أو أن الغرب هو الأفضل وهو المالك للحلول المثلى لكل شئ
كما تطرق الكاتب في أحد الفصول - الفصل السابع- لقضية فلسفية قدمها بشكل مبسط -ولا ضير في ذلك أبدا- وهي قضية حرية الانسان وما اذا كان حرا ام مجبرا وعلاقة القدر بحرية الاختيار .. ثم تناول في الفصل التالي ما يتعلق بحب الوطن وتعريف الوطن نفسه (أثر فيّ هذا الفصل بشدة) ربما نحتاج جميعا بعد كل المتغيرات الضخمة التي طرأت في حياتنا أن نعيد القراة في مفهوم الوطنية لدنيا
من أفضل الأشياء الموجودة في الكتاب على الأطلاق هي مجموعة الأسئله التي طرحها الكاتب على القراء في الفصل الخامس .. أعتقد أن هذه الأسئله ساعتني بشكل كبير كي أضع قدماً نحو تصور أفضل لما يجب أن تكون عليه أهدافي وأولوياتي (أدعوكم لتجربة الإجابة عن هذه الأسئلة)ه
كانت خاتمة الكتاب "مسك" كما يقال .. فقد أنهى الكاتب كتابه بدفعتي أمل وثقة كنت أحتاجهما بشدة
شريف عرفه شاب مطلع على مستجدات العصر وليس كمن يبدون ككائنات فضائية تتحدث عن سكان كوكب الأرض السعيد! لذا فإنني أعتقد أن هذا الكتاب لن يكون أخر كتاب أقرأه له.