كان ظهور الدعوة الإسلامية حدثاً عظيمًا، وتحولاً بارزًا وضخما في تاريخ الإنسانية، حيث بعث الله رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل، وبعد أن كان الناس في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، وبعد أن أسِنَت الحياة وفسدت بما ضلَّ الناس طريق الله رب العالمين، وصراطَه المستقيم.

ولقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم برسالته من رب العالمين، وقد أُمِر بإعلانها وتبليغها، فلم يسعْه إلا القيام بما أمره به ربه: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الحجر: 94]، ﴿ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67]، فقام البشير النذير صلى الله عليه وسلم يدعو بدين الله، فطرق مسامعَ البشرية صوتُ هذا الداعي الجديد، وأقبل الناس ينظرون ما الأمر، فكان منهم من شرح الله صدره للإسلام، فكان على نور من ربه، ومنهم من أعرض واستكبر ونأى بجانبه، وولى وأدبر، واتبع هواه، وحارب دعوة الله، فصار للدعوة مناوئون، كما كان لها ممالئون، فأنصارها يدعون إليها ويذودون عنها، وأعداؤها يحاربونها ويصدون الناس عن طريقها.

ومنذ ذلك الحين أهَلَّ على الخَطابة زمان جديد، كان إيذاناً بارتقائها وعلوِّ شأنها، فقد اعتمدت الدعوة الجديدة على الخَطابة في نشرها، والدفاع عن مبادئها ضد خصومها، وكذلك صنع المناوئون لها، ثم إن الإسلام بالإضافة إلى اعتماده على الخَطابة في نشر الدعوة، قد جعلها ضمن الشعائر التعبدية، ففرض خطبة كل يوم جمعة، لا تصح الصلاة بدونها، كما أن هناك الخطبَ المشروعة في الحج، وفي الاستسقاء، وفي الخسوف والكسوف، وفي الزواج، والجهاد وغيرها، كما أن الشريعة الإسلامية تحث دائما على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإسداء النصح للآخرين.

ولقد ارتقت الخَطابة في ظل الدعوة الإسلامية، وبلغت الغاية في الكمال مظهرًا وجوهرًا، أو أداءً ومضمونًا، وكان من أكبر عوامل ارتقائها وسموها؛ استمدادها من القرآن الكريم، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتأثّر الخطباء ببلاغة وفصاحة القرآن والحديث النبوي الشريف.

وقد ذكر ابن خلدون أن كلام العرب الذين أدركوا الإسلام قد فاق كلام الجاهليين، في الشعر، وفي النثر بأنواعه من خطابة وكتابة ومحاورة ونحوها، وأن ذلك كله قد أتى أعلى طبقة في البلاغة وأذواقها من منظوم الجاهليين ومنثورهم، ثم قال:

والطبع السليم والذوق الصحيح شاهدان بذلك للناقد البصير بالبلاغة، والسبب في ذلك أن هؤلاء الذين أدركوا الإسلام سمعوا الطبقة العالية من الكلام في القرآن والحديث، اللذيْنِ عجز البشر عن الإتيان بمثليْهما، لكونها ولجت في قلوبهم ونشأت على أساليبها نفوسهم، فنهضت طباعهم وارتقت ملكاتهم في البلاغة على ملكات من قبلهم من أهل الجاهلية، ممن لم يسمع هذه الطبقة ولا نشأ عليها، فكان كلامهم في نَظْمهم ونثرهم أحسنَ ديباجة وأصفى رونقا من أولئك، وأرصف مبنى وأعدل تثقيفا بما استفادوه من الكلام العالي الطبقة، وتأمّلْ ذلك يشهدْ لك به ذوقك إن كنت من أهل الذوق والتبصّر بالبلاغة .

وكثير من أغراض الخَطابة التي كانت قبل الإسلام؛ بقيت أيضاً بعد الإسلام، مثل الزواج والصلح، والحث على القتال، والأغراض السياسية، والقضاء وغيرها، وبقيت أيضاً كثير من عادات الخطباء العرب قبل الإسلام، واستمرت إلى ما بعده، مثل اعتماد الخطيب على العصا، وإلقاء الخطبة من مكان مرتفع، أو فوق الراحلة، وقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته في حجة الوداع، ومِثل لفّ العمامة، والإشارة أثناء الإلقاء، وغير ذلك.

ثم إن الخطبة في الإسلام اكتسبت مزايا وخلالًا طيبة لم تكن فيها من قبل، حيث صارت تفتتح بحمد الله والصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم، والتشهد بالشهادتين، والاستشهاد بآي من القرآن الكريم، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم، والالتزام في مضمونها بأدب الإسلام وشريعته، مما يعني إهمال بعض الأغراض التي كانت موجودة من قبل، والترفع بالخَطابة عنها، مثل التنافر والتفاخر بالأحساب والأنساب الجاهلية، ونحو ذلك مما كان سائدًا قبل الإسلام.

الجاحظ وقد ذكر أن خطباء السلف الطيب وأهل البيان من التابعين لهم بإحسان مازالوا يسمون الخطبة التي لم تبتدأ بالتحميد، وتستفتح بالتمجيد " البتراء " ويسمون التي لم تُوشَّح بالقرآن وتُزيَّن بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: " الشوهاء ".

وخطب أعرابي فلما أعجله بعضُ الأمر عن التصدير بالتحميد والاستفتاح بالتمجيد، قال: " أما بعد بغير ملالةٍ لذكر الله ولا إيثارِ غيرِه عليه، فإنا نقول كذا، ونسأل كذا "، فرارًا من أن تكون خطبته بتراء أو شوهاء .

وقال كذلك: وكانوا يستحسنون أن يكون في الخطب يوم الحفل، وفي الكلام يومَ الجُمع آيٌ من القرآن، فإن ذلك مما يورث الكلام البهاء والوقار، والرقة، وسلس الموقع.

قال الهيثم بن عدي: قال عمران بن حطان: إن أول خطبة خطْبتُها عند زياد أو عند ابن زياد - فأعجب بها الناس، وشهدها عمي وأبي، ثم إني مررت ببعض المجالس، فسمعت رجلا يقول لبعضهم: هذا الفتى أخطب العرب لو كان في خطبته شيء من القرآن .

وكانت خطب ذلك العصر مثل خطب ما سبقه؛ منها الطوال ومنها القصار، كما يتبين هذا من استقرائها، وإن كان الغالب هو النوع القصير وما فوقه.

ولقد اشتهر في ذلك العصر كوكبة من الخطباء الأفذاذ، على رأسهم خاتم النبيين، وإمام المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي آتاه الله جوامع الكلم، وكان له صلى الله عليه وسلم خطيب هو   ثابت ابن قيس بن شماس ، وكان جهير الصوت خطيباً بليغاً.

ثم كان من خطباء ذلك العصر المبارك الفصحاء؛ الخلفاء الأربعة، وكثيرون من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين.

جمع وإعداد 
الباحث في القرآن والسنة 
علي بن نايف الشحود

الفهرس العام 

الغيبة    2
الجوال    8
القرآن الميسر    14
القرآن يا أمة القرآن    16
المآتم والمساجد    21
المدرس والفتور    24
المساجد والنساء    26
المسلم وبيته    33
المشتاقون لدخول الجنة    42
المعجبون إلى أين    47
المغبونون    49
المفاصلة بين الإيمان والكفر    53
المكتبات في المساجد    55
الممنوعات في المساجد    57
المنابر والمنائر    61
المناسك وصفة الحج    64
الهجر فوق ثلاث    77
الهجرة النبوية فوائد وفرائد    87
الوصية قبل الموت    90
اليدُ العلْياَ خيرٌ مِنْ اليدِ السُّفْلَى    92
اليهود والعهود    99
انحراف المسجد عن القبلة    104
بدع المساجد    106
بدع يوم عرفة    109
بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج    112
بدعة صلاة الرغائب    123
بناء المجتمع المدني    131
بناء المساجد بالدوائر والعمارات الشاهقة    138
بناء المسجد في الطريق    141
تأملات في خطاب القرآن    144
تحية المسجد    148
تخطي الرقاب    150
تسلية المصاب    155
تسمية المسجد    162
تسوية الصفوف    164
تشنيف الآذان بأسرار الأذان    166
تعنت اليهود    173
تقديم الأكمل    178
تنظيف المسجد    181
توجيهات عامة حول طرق تدريس القرآن الكريم    184
تَوْسِعَةُ الْمَسْجِدِ    188
جعل المسجد معلماً للتاريخ ومرتاداً للسياحة    191
جَوَامعُ الخَيْرِ    193
حر الصيف من فيح جهنم    204
حصار النبي صلى الله عليه وسلم في شعب بني طالب دروس وعبر    210
حظوظ النفس    218
حرمة المسلم    220
حق الجار على جاره    223
حكم أذان الفاسق    225
حكم وضع النغمات الموسيقية بالجوال    231
حُكم الزواج..    231
خصائص المجتمع الإسلامي    238
خصال البر والتقوى    243
خطبة رفع العتب    253
خطبة عن الأحداث    255
خطر الاختلاف في القرآن    259
خطورة التقليد    267
خلق الحياء وأثره في حياة المسلم !!    273
خيركم لنسائهم    278
دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في المرحلة المكية    285
دفن الميت في المسجد    299
دلائل النبوة    301
دور الأسرة    308
رحلة للآباء    311
رسالة إلى السائح المسلم    312
زخرفة المسجد    314
زكاة الزروع والثمار    320
زكاة النقدين    328
زيارة مريض    333
سؤال مهم؟    336
سترة المصلي    343
سجود السهو    348
سلامة القلب    353
سورة الفاتحة    360
شاب طائع    369
شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة    375
صرخة قبل الانتحار خطورة الاختلاط    377
صفات المتقين "وقفة مع أوائل سورة البقرة"    383
صفات المنافقين    393
صفة الجنة    400
صلاة التراويح    424
صلاة الجماعة في القطار والطائرة والسيارة    429
صلاة الجماعة    431
صلاة الخوف    438
صلاة العيد في المسجد    447
صلاة العيد للرجال والنساء    452
صلاة العيدين    455
صلة الأرحام    462
صيام الست من شهر شوال    468
ضبط النفس عند الغضب    471
ضوابط في إلقاء الكلمات السريعة أو القصيرة المعروفة بـ ( الخاطرة)    475
طرق المراجعة    500
طيب المساجد وزينة الصلاة    502
عاشوراء أحكام وبدع    508
عتبة بن ربيعة يتأثر بالقرآن، ولكن..!    514
عتيرة رجب    519
عدة الشهور    525
عشر نصائح لتفادي الخلافات بين العاملين في الحلقات    530
عقد النكاح وإعلانه في المسجد    535
علامات حسن الخاتمة    537
علو الإمام أو المأمومين    545
غلاء المهور    555
فرض الكفاية    560
فضائل يوم عرفة    565
فضل الجهاد في سبيل الله عز وجل    574
فوائد المرض    586
فوائد المرض    590
فوائد من أحاديث الدجال    601
قراءة في التاريخ الإسلامي    608
قضاء الوتر    611
كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه!    615
كتب مفيدة عن المساجد    622
كسب القلوب    624
كن عابداً    629
كن في الدنيا كأنك غريب    636
كيف لمسلم يرى ما يحدث لإخوانه في فلسطين والعراق ولبنان!    638
كيفية الأذان ومعاني كلماته    640
لأذان والإقامة لصلاة العيدين ولغير المفروضة    643
لا يازائر الحرمين    647
ليلة القدر فضائلها وعلاماتها    656
ما لا يجوز فعله في المسجد    659
ما ميز الله به الجنسين عن بعضهما    670
مبادئ عامة لعملية الإشراف    673
متى تفسد صلاة الإمام دون المأموم؟    675
مخاطر الترف    679
مسائل في المسح على الخفين    684
مساجد الضرار    685
مشاكل الطلبة    688
مشروعية الوقف على المساجد    690
مالَه حكم المسجد    692
مفارقة الإمام    696
مفهوم التشبه بالكفار    698
مقاصد السفر    706
مقتل سلَّام بن أبي الحقيق    714
من أمثال القرآن    720
من بدع الأذان زيادة حي على خير العمل    725
من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم الإيمانية    733
من حِكَم الحج وأسراره    739
من سَمّعَ سَمّعَ اللهُ بِهِ    744
منكرات العيد    754
مواقيت الحج    756
ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    764
مَا ملأَ آدمِيٌّ وِعَاءً شَرّاً مِنْ بَطنِه    771
نواقض الإيمان العملية    782
نية الإمام الإمامة    794
نَشأَة المُجتَمع المُسْلِم وَخَصَائِصُه    796
هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان    803
هم الآخرة    810
هل من جديد في العيد    815
هل يُؤَمِّن الإمام؟    824
واجب المسلم تجاه السنة النبوية    826
وبدأ الصراع داخل إدارة بوش!!    831
وحدة الأديان    839
وظائف المشرف على الحلقات القرآنية    854
وقفات دعوية في العطلة الصيفية    858
ولا تقربوا الزنا    879
وماذا عن التكفيريين الشيعة؟ (1)    882
ونطق الرويبضة    890
وهديناه النجدين:    893
بين ضلالات البشر والهدى الرباني    893
يا تارك الصلاة انتبه!    901
يا غافلاً !    904
يوسف بين الدعوة والفتنة    908
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ    915

موسوعة الخطب المنبرية (1)
موسوعة الخطب المنبرية للشاملة

رياض الصالحين في الخطب المنبرية pdf

موسوعة الخطب والدروس pdf

كتاب خطب منبرية pdf

تحميل اكبر موسوعة خطب مكتوبة

تحميل الخطب المنبرية المكتوبة للشيخ محمد حسان

اجمل الخطب المنبرية المكتوبة

كتاب خطب الجمعة مكتوبة