سفر من الأسفار الدينية اليهودية. يرد ترتيبه في النصوص العبرية
المعروفة باسم التناخ في القسم الثالث، المعروف باسم المكتوبات، وسيطا بين سفري"
نشيد الأناشيد وإيخا"، والتي تشكل مع سفري "قوهلت واستير" مجموعة من الأسفار
تعرف باسم الات الخمس(1 .(بينما يرد في الترجمة اليونانية والترجمة اللاتينية للأسفار
اليهودية عقب سفر القضاة(2 .(
وهو سفر يرتله اليهود كلما حل عليهم عيد الأسابيع عندهم. وينسبه حكماء
تلمودهم إلى النبي صمويل(3 .(إلا أن الكثيرين من علماء الأدب العبري القديم يرفضون
هذه النسبة.

وتتمثل أهمية هذا السفر في الناحيتين الأدبية والتشريعية. أما عن الجانب التشريعي،
فيقدم السفر جانبا مهما من جوانب الحياة الاجتماعية اليهودية التي كانت تعتمد في
تعاملاا على العرف، أو ما يمكن تسميته بقانون العادة، في مقابل أحكام التوراة. فيقدم
السفر لنا صورة للمجتمع اليهودي خلال جيل بوعز، وتصرفات بني إسرائيل الشعبية،
التي كانت سائدة في بيت لحم خلال زمن القصة، إزاء بعض القضايا المهمة في العقيدة
اليهودية، كقضايا الفكاك والمبادلة والزواج من امرأة المتوفى، وهي تصرفات لا تتفق ما
يرد في التوراة من أوامر حولها(4 .(
فالتوراة تفرض على اليهودي، إذا اضطر أخاه أن يبيع حقله لضائقة أن يفك حقل
أخيه، دون أن يكون لذلك علاقة ما بقضية الزواج من امرأة المتوفى التي اصطلح اليهود
على تسميتها بزواج اليبوم(5 .(كما تفرض على اليهودي، إذا مات أخوه دون أن يترك
ذرية، أن يتزوج من أرملته كي يقيم لأخيه اسما في إسرائيل، دون أن يكون لذلك علاقة
ما بفريضة الفكاك(6 .(بينما ينتهج بوعز، في قصة روث، جا مغايرا تماما لما يرد في
التوراة. فهو يشترط على الولي الأول أن يتزوج من روث كي يقيم اسم زوجها الميت
على ميراثه إذا أراد أن يفك حقله لنفسه(7 .(
ولا تتشابه طقوس تنفيذ فريضة اليبوم في سفر روث مع ما يرد في سفر التثنية حول
ذلك. ففي سفر التثنية يرد اليبوم فرضا واجبا على الأخ تجاه أخيه المتوفى، بينما يرد في
سفر روث شاملا كل اقارب المتوفى، يقوم بتنفيذه كل منهم، حسب درجة قرابته.
واليبوم في سفر التثنية فريضة ملزمة الغرض منها إقامة اسم للميت، لكنها ترد في سفر
روث عرضا وصدفة دونما ارتباط بشريعة أو فريضة. فناعومي عندما أرادت أن تزوج
روث من بوعز، لم تفعل ذلك بغرض إقامة اسم للميت ل كانت تبتغي راحة

كنتها(3/1 .(ولم توفق روث على الزواج من بوعز طاعة لحكم توراتي بل تفضلا
وإحسانا وولاء لحماا(8 .(
وزواج اليبوم في قصة روث ليس واجبا على الولي بل هو حق له ينفذه عن طريق
خلع النعل(3/12-13 ،4/3 .(والولي هو الذي يقوم بخلع نعله وليس الأرملة كما
أمرت التوراة بذلك(9 .(
وربما يرجع سبب ذلك، كما يرى البعض، إلى أن عادة اليبوم المتبعة في سفر روث
سابقة على قانون اليبوم المتقيد بأخي المتوفى الوارد في سفر التثنية الذي يقترب من
القوانين المتبعة والأعراف السائدة في الشرق الأدنى القديم قبل ذلك أو أنه عودة إليها،
فيرد في القانون الآشوري أن الفتاة عقب زواجها تصبح عضوا كاملا وفاعلا في أسرة
زوجها، تشارك في كافة مظاهر الحياة فيها، فإذا مات زوجها كان عليها أن تتزوج من
أحد أخوته، فان لم يكن له أخ تزوجت من أحد أقاربه(10 .(
كما يشتمل السفر على بعض الأخبار حول عادة بني إسرائيل في تنفيذ إجراءات
الفكاك. فيشير مؤلفه إلى ما اعتاد عليه بني إسرائيل قديما في تنفيذ ذلك بخلع النعل
وتسليمه من الطرف الأول إلى الطرف الثاني(11 ،(لكننا نفهم مما يرد في سفر ارميا أن
تنفيذ الفكاك في عصر ارميا كان يتم عن طريق دفع المال وكتابة الصكوك وإشهاد
الشهود(12 .(
أما أهمية السفر من الناحية الأدبية فتتمثل في تقديمه نوعا من الأنواع الأدبية التي تسود
أكثر من نصف أسفار المقرا، ألا وهو القصة. فهو يروي لنا قصة أسرة يهودية هجرت
مدينتها، بيت لحم، بعد أن هاجمها القحط وسادت فيها ااعة. وانتقلت إلى بلاد
أخرى، هي أرض مؤاب، بحثا عن حياة أفضل. وهناك يموت الأب. ويتزوج ابناه من

فتاتين مؤابيتين. ولم تدم عيشتهما معهما طويلا. فيموت الولدان دون أن يتركا ذرية
تخلفهما. وتبقى أمهما وحيدة بعد فراق زوجها وولديها. فتفكر في العودة إلى موطنها
بعد أن تحسن الحال فيه. فتطلب من كنتيها العودة إلى أهليهما، فتوافق واحدة وترفض
الأخرى، وتصمم على مرافقتها والذهاب معها إلى مدينتها. ليس هذا وحسب بل
والدخول في دينها. وهناك في بيت لحم تحمل الأرملة الشابة عبء كفالة حماا العجوز.
فتخرج إلى حقول بيت لحم تلتقط ما تساقط خلف حصاديها. ويسوقها قدرها إلى حقل
احد أقارب زوجها، فيعجبه نشاطها واجتهادها، فيحسن إليها بعد أن علم بما فعلته من
اجل حماا. ثم تجتهد الحماة في أن تزوج كنتها من هذا القريب الغني، وتعرض الأمر
عليها فتوافق، وتذهب إليه في جنح الظلام وهو نائم في جرنه، وترقد تحت قدميه، فإذا
ما التلفت وشعر ا، عرضت عليه الزواج منها، خاصة وان له حق الولاية عليها. فيقع
عرضها في قلبه موقعا حسنا ويوعدها بتنفيذ طلبها. لكنه يخبرها بان لها وليا أقرب إليها
منه، وأن الحق يقتضي أن يخبره عله يتزوجها، إلا أن الولي الآخر يرفض الزواج منها
خوفا من بني بلدته بسبب أجنبيتها، فينتقل الحق إلى قريبها المبتغى ويتزوجها. ويكون
ثمرة زواجهما ولدا صار من نسله فيما بعد ملك على بني إسرائيل.
وسوف يهتم هذا البحث بدراسة كيف استطاع كاتب القصة أن يصوغ قصته. وقد
اعتمدنا المنهج البنيوي سبيلا لهذه الدراسة. ومن المعروف أن هذا المنهج يهتم بالوسائل
البنائية التي يعتمدها المؤلف في بناء قصته. لذا قسمنا دراستنا أقساما ثلاثة هي:
1 -لغة القصة. وقد تناولنا فيه أسلوب المؤلف في بناء قصته، وكيف استطاع أن يوظف
لغته في سرد أحداث قصته ورسم شخوصها.

2 -أحداث القصة وشخوصها وبيئتها، وهي تمثل في مجموعها المستوى الثاني من
مستويات بناء القصة. وفيه عرضنا لأحداث القصة وحبكتها ونوعها. وعرجنا منها إلى
دراسة شخصيات القصة وكيفية رسمها، وانتهينا بدراسة بيئة القصة وما تشتمل عليه من
عادات وطريقة المؤلف في تشكيل زمن القصة ومكاا، وطريقته في توظيف هذه العناصر
لخدمة بناء أحداث قصته وحبكتها.
3 -الغرض من القصة، وتناولنا فيه آراء من سبقونا وحاولنا أن نشارك فيه برأينا اعتمادا
على المعطيات الأدبية التي استخلصناها من عناصر القسمين السابقين.

 
كتاب pdf تأليف المفكر والباحث الكبير يتناول خلال الكتاب دراسة موضوعية ومنهج بحثى واقعى عن طريق سرد عدة مقالات فى فصول الكتاب المختلفة بأسلوب سلس ولغة واضحة يبحث من خلالها فى نقد وتحليل قصة روث من خلال شرح بنائها الفنى، ، الكتاب مميز بوضوح لغته وسلاسة أسلوبه.
إليك كتاب pdf تأليف ، نتمنى لك قراءة ممتعة.