❞ كتاب آباء يعذبون أبناءهم ❝ ⏤ خالد بن مصطفى سالم أبو صالح
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد...
يحسب كثيرٌ من الآباء أن حقوق أبنائه عليه لا تتجاوز توفير الطعام، والشراب، والكسوة، وتسجيلهم في المدارس، والذهاب بهم إلى الطبيب عندما يشتكون! وما إلى ذلك من الحقوق المعروفة.
ويغفل هؤلاء عن أمور هي أعظم من تسمين البدن بالطعام والشراب... إنها تربية الوجدان والضمائر، وتزكية الأنفس والأرواح، وإصلاح القلوب والخواطر.
كيف ننشئ جيلاً صالحًا يتحمل مسؤولية نفسه، ومجتمعه، وأمته...
كيف ننشئ جيلاً يطرب للفضيلة والعفة، ويشمئز من الرذيلة والفساد.
كيف ننشئ جيلاً يتحرق ألمًا عندما يرى أمته في منظومة الدول المتخلفة، ويتحرق شوقًا على مجد قد أضعناه!
إن تقصير الآباء في تربية أبنائهم يولد جيلاً مشوهًا مقطوع الصلة بماضيه، لا يعرف أن له تاريخًا مجيدًا صنع البطولات، وأقام الحضارة، وبرز في كافة علوم الكون والحياة.
ومع هذه الصفة المقطوعة بالماضي نجده يصدم بحاضر أسود متخلف، ليس فيه ما يدعو إلى الأمل في التقدم والارتقاء ومواكبة العصر، فأي جيل هذا الذي يراد له أن ينشأ بين جهلين؟!
إن فساد الأبناء نابع من فساد الآباء، أو من فساد أساليبهم في التربية. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: «فوصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ﴾ [الإسراء: 31]
فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة.
وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كبارًا؛ كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: يا أبت! أنت عققتني صغيرًا، فعققتك كبيرًا، وأضعتني صغيرًا، فأضعتك شيخًا».
وقال أيضًا: «وكم من والد أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة، بإهماله، وترك تأديبه وإعانته على شهوته، ويزعم أنه يكرمه، وقد أهانه، وأنه يرحمه، وقد ظلمه وحرمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء».
إن هذا الفساد الذي تحدث عنه ابن القيم ناشئ عن سوء التربية، وإهمال طرقها المفيدة، فكيف إذا تسبب الآباء في تدمير أبنائهم؟!
كيف يكون الحال إذا كان الوالد فاسدًا يتعاطى المسكرات أو المخدرات في البيت أمام أبنائه!
كيف إذا كان محتالاً أو خائنًا أو مرتشيًا؟
كيف إذا كان تاركًا لدينه لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا؟
كيف إذا كانت الأم فاسدة الأخلاق، لئيمة الطباع، بعيدة عن الحياء والعفاف والحشمة؟
إننا كما نطالب الأبناء ببر آبائهم، نطالب الآباء أيضًا ببر أبنائهم، وتحمل مسؤولياتهم في تربيتهم وتنشئتهم، وأن يكونوا قدوة لهم في الصلاح، ومثالاً أعلى في الصبر، والجدية، والنجاح، فبذلك تُصنع الأجيال المؤمنة القادرة على حمل راية الإصلاح، وقيادة الأمة نحو غدٍ مشرق، ومستقبل باهر.
ولبيان أثر الآباء في فساد الأبناء وانحرافهم انتقينا هذه المجموعة من القصص الواقية في ظلم الآباء لأبنائهم، وإهمالهم لهم، وعاقبة ذلك على الأبناء والآباء والأمة بأسرها. والله المستعان وهو حسبنا الله ونعم الوكيل.
يظنُّ الكثيرُ من الآباء أن حقوقَ أبنائِهم عليهم هو إطعامهم وكسوتهم وإعطاؤهم المال الكثير، وتسجيلهم في المدارس، والذهاب بهم إلى الطبيب عندما يشتكون، ويغفلُون عن أمورٍ هي أعظمُ من تسمين البدن بالطعام والشراب، إنها: تربية الوجدان والضمائر، وتزكية الأنفُس والأرواح، وإصلاح القلوب والخواطر.
وهذه الرسالة تحتوي على العديد من القصص الواقعية عن سوء تربية الآباء لأبنائهم، وإغفالهم الرعاية والعناية بهم، وهي صرخةٌ في أسماع وقلوبِ هؤلاء الآباء لينتبِهوا قبل فوات الأوان.
خالد بن مصطفى سالم أبو صالح - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ بعد الضيق يأتي الفرج ❝ ❞ خطوات على درب الفلاح ❝ ❞ حصاد الفضائيات ❝ ❞ خدعوها بقولهم حسناء ❝ ❞ وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ❝ ❞ على الباغي تدور الدوائر ❝ ❞ وأخيراً عرفت طريق الهداية ❝ ❞ آباء يعذبون أبناءهم ❝ ❞ 99 hadiths du Prophète Muhammad تسع وتسعون حديثاً من أحاديث النبي ❝ الناشرين : ❞ دار الإسلام للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الوطن للطباعة والنشر والعلاقات العامة ❝ ❞ مدار الوطن للنشر ❝ ❞ مكتب الدعوة بالربوة ❝ ❞ دار الوطن ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.