❞ كتاب حياة الرافعي ❝  ⏤ محمد سعيد العريان

❞ كتاب حياة الرافعي ❝ ⏤ محمد سعيد العريان

مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي العمري (1298 هـ- 1356 هـ الموافق 1 يناير 1880 - 10 مايو 1937 م) ولد في بيت جده لأمه في قرية بهتيم بمحافظة القليوبية في أول وعاش حياته في طنطا. ينتمي إلى مدرسة المحافظين وهي مدرسة شعرية تابعة للشعر الكلاسيكي لقب بمعجزة الأدب العربي.

تولى والده منصب القضاء الشرعي في كثير من أقاليم مصر، وكان آخر عمل له هو رئاسة محكمة طنطا الشرعية. أما والدة الرافعي فكانت سورية الأصل كأبيه وكان أبوها الشيخ الطوخي تاجر تسير قوافله بالتجارة بين مصر والشام، وأصله من حلب، وكانت إقامته في بهتيم من قرى محافظة القليوبية.

نشأته
ولد مصطفى صادق الرافعي في يناير سنة 1880 أرادت أمه أن تكون ولادته في بيت أبيها في قرية بهتيم. يعود نسبه إلى الخليفة عمر بن الخطاب. دخل الرافعي المدرسة الابتدائية في دمنهور حيث كان والده قاضيا بها، وحصل على الشهادة الابتدائية بتفوق ثم أصيب بمرض يقال أنه التيفود أقعده عدة شهور في سريره وخرج من هذا المرض مصابًا في أذنيه، واشتد به المرض حتى فقد سمعه نهائيا في الثلاثين من عمره. لم يحصل الرافعي في تعليمه النظامي على أكثر من الشهادة الابتدائية، مثله مثل العقاد في تعليمه، فكلاهما لم يحصل على شهادة غير الشهادة الابتدائية. كذلك كان الرافعي صاحب عاهة دائمة هي فقدان السمع، ومع ذلك فقد كان الرافعي من أصحاب الإرادة الحازمة القوية فلم يعبأ بالعقبات، وإنما اشتد عزمه وأخذ نفسه بالجد والاجتهاد، وتعلم على يد والده وكان أكثر عمل عائلته في القضاء.

وظيفته
كان كاتباً ومقدراً مالياً لرسوم القضايا والعقود في محكمة طلخا.

حياته
لم يستمر الرافعي طويلا في ميدان الشعر، فقد انصرف عنه إلى الكتابة النثرية لأنه وجدها أطوع. وأمام ظاهرة انصرافه عن الشعر، يتبين أنه كان على حق في هذا الموقف؛ فعلى الرغم مما أنجزه في هذا الميدان الأدبي من نجاح، ورغم أنه استطاع أن يلفت الأنظار، إلا أنه في الواقع لم يكن يستطيع أن يتجاوز المكانة التي وصل إليها الشعراء الكبار في عصره، وخاصة أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، فقد عبر هذان الشاعران عن مشاعر الناس وهمومهم في هذا الجيل.

ولعل الرافعي هو من أطلق أول صرخة اعتراض على الشعر العربي التقليدي في أدبنا، فقد كان يقول: "إن في الشعر العربي قيودًا لا تتيح له أن ينظم بالشعر كل ما يريد أن يعبر به عن نفسه" وهذه القيود هي الوزن والقافية. كانت وقفة الرافعي ضد قيود الشعر التقليدية أخطر وأول وقفة عرفها الأدب العربي في تاريخه الطويل، وأهمية هذه الوقفة أنها كانت في حوالي سنة 1910 وقبل ظهور معظم الدعوات الأدبية الأخرى التي دعت إلى تحرير الشعر العربي جزئيًا أو كليًا من الوزن والقافية.

الميدان الأول الذي انتقل إليه الرافعي، الذي كان مقيدًا بالوزن والقافية، هو ميدان النثر الشعري الحر في التعبير عن عواطفه العتيقة التي كانت تملأ قلبه ولا يتعداها إلى تصرفات تخرج به عن حدود الالتزام الأخلاقي والديني كما كان يتصوره. أما الميدان الثاني الذي خرج إليه الرافعي فهو ميدان الدراسات الأدبية وأهمها كان كتابه عن تاريخ آداب العرب، وهو كتاب بالغ القيمة، ولعله كان أول كتاب في موضوعه يظهر في العصر الحديث، لأنه ظهر في أوائل القرن العشرين وبالتحديد في سنة 1911. ثم كتب الرافعي بعد ذلك كتابه المشهور تحت راية القرآن وفيه يتحدث عن إعجاز القرآن. ويرد على آراء الدكتور طه حسين في كتابه المعروف باسم في الشعر الجاهلي.

يأتي الميدان الأخير، الذي تجلت فيه عبقرية الرافعي ووصل فيه إلى مكانته العالية في الأدب العربي المعاصر والقديم، وهو مجال المقال، والذي أخلص له الرافعي في الجزء الأخير من حياته وأبدع فيه إبداعاً عجيباً، وهذه المقالات جمعها الرافعي فكانت كتابه وحي القلم.

مؤلفاته
ديوان الرافعي: (ثلاثة أجزاء) صدرت طبعته الأولى بين سنتي 1903و 1906. وقدم لكل جزء منها بمقدمة في معاني الشعر تدل على مذهبه ونهجه، وهي مذيلة بشرح يُنسب إلى أخيه محمد كامل الرافعي وإنما هي من إنشاء الرافعي.
ديوان النظرات: (شعر) صدرت طبعته الأولى عام 1908 م.
ملكة الإنشاء: كتاب مدرسي يحتوي على نماذج أدبية من إنشائه، أعدّ أكثر موضوعاته وتهيأ لإصداره في سنة 1907، ونشر منه بعض النماذج في ديوان النظرات، ثم صرفته شؤون ما عن تنفيذ فكرته فأغفله، وقد ضاعت أصوله فلم يبق إلا النماذج المنشورة منه في ديوان النظرات.
تاريخ آداب العرب: (ثلاثة أجزاء) صدرت طبعته الأولى في جزأين عام 1329 هـ، 1911 م. وصدر الجزء الثالث بعد وفاته بتحقيق محمد سعيد العريان وذلك عام 1359 هـ الموافق لعام 1940 م. يراه أكثر الأدباء كتاب الرافعي الذي لا يعرفونه إلا به.
إعجاز القرآن والبلاغة النبوية: (وهو الجزء الثاني من كتابه تاريخ آداب العرب)، وقد صدرت طبعته الأولى باسم إعجاز القرآن والبلاغة النبوية عام 1928 م.
حديث القمر: أول ما أصدر الرافعي في أدب الإنشاء، وهو أسلوب رمزي في الحب تغلب عليه الصنعة، أنشأه بعد رحلته إلى لبنان في سنة 1912 حيث التقى لأول مرة بالآنسة الأديبة ماري يني فكان بينهما ما كان.
المساكين: سطور في بعض المعاني الإنسانية ألهمه إياها بعض ما كان في مصر من أثر الحرب العامة، صدرت طبعته الأولى عام 1917 م.
نشيد سعد باشا زغلول: كتيّب صغير عن نشيده (اسلمي يا مصر) الذي أهداه إلى سعد زغلول في سنة 1923، طبع في المكتبة السلفية بالقاهرة؛ وأكثر ما في الكتاب من المقالات هو من إنشاء الرافعي أو إملائه.
النشيد الوطني المصري: (إلى العلا....) ضبط ألحانه الموسيقية الموسيقار منصور عوض.
رسائل الأحزان: كتاب أنشأه في سنة 1924 يتحدث فيه عن شيء مما كان بينه وبين فلانة، على شكل رسائل يزعم أنه من صديق يبثّه ذات صدره.
السحاب الأحمر: هو الجزء الثاني من قصة حب فلانة، أو الطور الثاني من أطواره بعد القطيعة، صدر بعد رسائل الأحزان بأشهر.
تحت راية القرآن: مقالات الأدب العربي في الجامعة، والرد على كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين. صدر في سنة 1926.
على السفود: وهو رد على عباس محمود العقاد، نشرته مجلة العصور في عهد منشئها الأول الأستاذ إسماعيل مظهر، ولم تذكر اسم مؤلفه ورمزت إليه بكلمة: إمام من أئمة الأدب العربي.
أوراق الورد: الجزء الأخير من قصة حبه، يقوم على رسائل في فلسفة الجمال والحب أنشأها ليصور حالاً من حاله فيما كان بينه وبين فلانة، ومما كان بينه وبين صديقته الأولى صاحبة حديث القمر.
رسالة الحج: أنشأه في صيف سنة 1935، استجابة لرأي صديقه حافظ عامر وإليه نسب!
وحي القلم، (ثلاثة أجزاء) وهو مجموعة فصول ومقالات وقصص كتب المؤلف أكثره لمجلة الرسالة القاهرية بين عامي 1934- 1937 م. طبع منه جزان في حياته، ثم أعيد طبعه مع الجزء الثالث أكثر من مرة بعد موته. وفيها:

اليمامتان
الطفولتان
في الربيع الأزرق
رسائل الرافعي، وهي مجموعة رسائل خاصة كان يبعث بها إلى محمود أبي رية، وقد اشتملت على كثير من آرائه في الأدب والسياسة ورجالهما.
السمو الروحي الأعظم والجمال الفني في البلاغة النبوية: وهو بحث نفيس أنشأه الرافعي جابة لدعوة جمعية الهداية الإسلامية بالعراق ؛ لتنشره في ذكرى المولد النبوي سنة 1352 هـ.وهو منشور بتحقيق خلف، وقد قال في مقدمة تحقيقه عن هذا البحث : ((هو خليق بأن يصل ليد كل عربي قارئ، ومَقْمَنَةٌ لأن يُتلى على كل أمي عابئ)).

موعظة الشباب (مسرحية)
رواية حسام الدين الأندلسي (مسرحية) طبعت بمطبعة الواعظ بمصر سنة 1322هـ 1905م، ولم تذكر في كُتب مَن كَتب عن الرافعي، ولا حتى عند العريان.

ألّف الرافعي النشيد الوطني التونسي بعد إضافة بيتين للشاعر أبو القاسم الشابي, وهو النشيد المعروف بحماة الحمى ومطلع القصيدة:

حماة الحمى يا حماة الحمىهلموا هلموا لمجد الزمــن
لقد صرخت في عروقنا الدمانموت نموت ويحيا الوطن

وفاته
في يوم الإثنين العاشر من مايو لعام 1937 استيقظ الرافعي لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء، ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار وجدوه قد أسلم الروح، وحُمل جثمانه ودفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا. توفي مصطفى صادق الرافعي عن عمر يناهز 57 عاماً.

كتب ودراسات عنه
مصطفى صادق الرافعي رائد الرمزية العربية المطلّة على السوريالية، مصطفى علي الجوزو، دار الأندلس، بيروت 1985.
الآراء حوله
جاء في مقال للأستاذ وائل حافظ خلف نشرته مجلة المجتمع الكويتية في ذكرى وفاة الرافعي (5/5/2012)، بعنوان: (الرافعي.. نابغة الأدب وحجة العربي):

كتب إلى الرافعي الإمامُ محمد عبده: «ولدنا الأديب الفاضل مصطفى أفندي صادق الرافعي، زاده الله أدباً.. لله ما أثمر أدبك، ولله ما ضَمِن لي قلبُكَ، لا أقارضك ثناء بثناء؛ فليس ذلك شأن الآباء مع الأبناء، ولكني أَعُدك من خُلَّص الأولياء، وأُقدم صفك على صف الأقرباء.. وأسأل اللهَ أن يجعل للحق من لسانك سيفاً يمحق الباطل، وأن يُقيمَك في الأواخر مقامَ حَسَّانٍ في الأوائل، والسلام».

وقال الزعيم مصطفى كامل : «سيأتي يوم إذا ذُكر فيه الرافعيُّ قال الناس : هو الحكمة العالية مصوغة في أجمل قالب من البيان».

وقال واصفاً إياه السيدُ محمد رشيد رضا منشئُ مجلة «المنار»: «الأديب الأروع، والشاعر الناثر المبدع، صاحب الذوقِ الرقيق، والفهمِ الدقيق، الغواص على جواهر المعاني، الضارب على أوتار مثالثها والمثاني».

وقال عنه الأديبُ عباس محمود العقاد بعد وفاة الرافعي بثلاث سنين: «إن للرافعي أسلوباً جزلاً، وإن له من بلاغة الإنشاء ما يسلكه في الطبقة الأولى من كُتَّاب العربية المنشئين».

وقد قال قبلُ (قبل أن تدور رحى الحرب بينهما ببضع عشرة سنة): «إنه ليتفق لهذا الكاتب من أساليب البيان ما لا يتفق مثلُه لكاتب من كتاب العربية في صدر أيامها».

وخَطَّ شكيب أرسلان كلمةً رائعة. عنونها بـ«ما وراء الأكمة»، صدرها بقوله عن الرافعي: «حضرة الأستاذ العبقري، نابغة الأدبِ، وحجة العربِ».

وقال عنه المُحَدِّث أحمد محمد شاكر: «إمام الكُتَّاب في هذا العصرِ، وحجة العربِ».


أبدع الكاتب محمد سعيد العريان في هذا الكتاب وأظهر قدرة باهرة في التقصي والتتبع لحياة الرافعي، والذي بالطبع جاء نتاج مجهوده الجبار، ويذكر أن محمد سعيد العريان كان من المقربين جدًا إلى الرافعي، حيث كان يقرأ عليه الرافعي الكثير من مقالاته،

فالكاتب هنا يتحدث عن صديقه وشيخه ورفيقه مصطفى صادق الرافعي، ولذلك تفرد هذا الكتاب بقدرة كبيرة على وصف حياة الرافعي وشخصيته، ففض لنا الكتاب عن مكنون واحد من أبرز وأعظم أدباء العربية وواحد من أشد المنافحين عنها، كما أظهر محمد سعيد العريان أسلوبه الرائع وأظهر من البلاغة والفصاحة ما اكتمل به جمال هذا الكتاب، من حيث الأسلوب والمضمون.

فهذا الكتاب أوضح لنا جانبًا كبيرًا من سيرة مصطفى صادق الرافعي؛ نشأته، وحياته، ومعاركه الأدبية، وطرقه في التفكير، والمحيط الثقافي الذي ينتمي إليه، والظروف التي عاشها، وعن إبداعه الذي لا خلاف عليه حتى من خصومه في معاركه الأدبية.
محمد سعيد العريان - أحدُ كِبارِ كتَّابِ مِصْر. لم يكُنْ مجردَ كاتب، بل كانَ أيضًا تربويًّا مفكِّرًا، وثَوْريًّا حملَ على كاهلِه مَصلحةَ الوَطَن. اشتُهِرَ برِواياتِه التاريخيَّة، وبإبداعِه القصصيِّ والفنيِّ للأَطْفال؛ حيثُ إنه أوَّلُ مَن أصدَرَ مجلةَ «السندباد» التي كانتْ تُعَدُّ نوعًا أدبيًّا فريدًا في عصْرِه. عملَ على تطويرِ التعليمِ خلالَ عمَلِه بوزارةِ التربيةِ والتعليم؛ فكانَ أوَّلَ مَن صمَّمَ وأنشأَ المَكتبةَ المَدْرسيةَ في «مِصْر».

وُلِدَ «محمد سعيد أحمد العريان» في ديسمبر عامَ ١٩٠٥م في بلدةِ محلة حسن بالمحلةِ الكُبْرى، والِدُه الشيخُ «أحمد» الذي كانَ قد قارَبَ التسعينَ منَ العُمْرِ حينَها، وسمَّاه «محمد سعيد» لولادتِه صَبيحةَ عيدِ الفِطْر. اتصلَ نسَبُه بالشيخِ العريانِ الكبيرِ «حامِي الحَجِيج» كما تصنِّفُه المَنظوماتُ الصُّوفية، وكانَ والِدُه من خُطباءِ الثَّورةِ العُرابيةِ وشُعرائِها.

تَلقَّى «محمد» في بيتِه العلمَ والدِّينَ معَ الثَّوْريةِ وحُبِّ الوطَن، فشارَكَ في ثورةِ ١٩١٩م وبدأَ اضطهادُه مبكرًا؛ إذ حرصَ أساتذتُه على رُسوبِه في امتحانِ الشَّهادةِ الابتدائية، ولمَّا اجتاحَتْ نفْسَه مَرارةُ تأخُّرِه عن رُفقائِه انصرَفَ عنِ المَدْرسةِ وانكبَّ على الكُتبِ يَدرسُها في البيت، إلَّا أنَّه اعتُقِلَ قبلَ امتحانِ الثانويةِ بخمسةِ أسابيعَ لاستمرارِه في نشاطِه الثَّوْري، وبالرغمِ من ذلكَ استطاعَ الحصولَ على شَهادتِه في العامِ نفْسِه، والْتَحقَ بكليةِ دارِ العلومِ ليتخرَّجَ فيها متفوِّقًا عن زُملائِه عامَ ١٩٣٠م. رفَضَ السفرَ إلى البعثةِ الفهميَّةِ التي رُشِّحَ لها لنيْلِ الدكتوراه ﺑ «لندن» بِناءً على طلبِ والدتِه كي لا يترُكَها وَحِيدة.

أحبَّ «محمد» قريبةً له هي «توحيدة عبد الله الدماطي» وتقدَّمَ لخِطْبتِها عقِبَ تخرُّجِه، إلَّا أنها حُجِبتْ عنه بسببِ تقاليدِ المجتمعِ المصريِّ آنَذاك، التي حرَّمتْ على الأختِ الصُّغْرى الزواجَ قبلَ الكُبْرى، فلم تتمَّ الزِّيجةُ إلَّا بعدَ ثَمانِ سَنوات. إلَّا أنَّ القَدرَ لم يُمهِلْه ليَنعمَ بقُرْبِها كثيرًا؛ فلم يعِشْ معَها سوى أربعِ سَنواتٍ تُوفِّيتْ بعدَها أثناءَ ولادةِ طِفلِهما الثالثِ ١٩٤٢م. كانَ لحُزْنِه على فِراقِها الأثرُ الأكبرُ على كِتاباتِه، حتى إنَّه عقَدَ العزْمَ على تَجميعِ ما كتَبَه عنها من مَقالاتٍ وما كانَ بينَهُما من رَسائلَ في كتابٍ يُدْعى «تحت الرَّماد»، إلَّا أنَّه تُوفِّيَ قبل أن يُنشَر، وقبلَ أن يَخلعَ رابطةَ عُنقِه السَّوداءَ التي داوَمَ على ارتدائِها منذُ وَفاتِها وحتى وَفاتِه.

تعرَّفَ في شَبابِه على «مصطفى صادق الرافعي»، وكانَ الرافعي أصمَّ، فكانَ العريان صديقَه وتلميذَه. أُطلِقَ عليه «كاتِبُ وحْيِ الرافعي»، ونتجَ عن هذا اللقاءِ أثرٌ عميقٌ في حياةِ كلٍّ منهما وفي أَعْمالِهما، فلقد كانَ الرافعي من قبلِ هذهِ الصداقةِ في عُزْلةٍ اجتماعيةٍ عن عامَّةِ القرَّاء؛ فأصبَحَ من بعدِها يكتبُ أدبًا أكثرَ اتصالًا بحالِ الوطنِ والحياة.

تُوفِّيَ في يونيو ١٩٦٤م تارِكًا للأدبِ العربيِّ مَسيرةً أدبيةً حافلةً لم تَقتصِرْ على الرِّوايةِ والقِصةِ القَصِيرة، بل توسَّعتْ لتَشملَ السياسةَ والتربيةَ وأدبَ الأطفالِ والمَقالَ وتَحقيقَ التراثِ والمُحاضراتِ القيِّمةَ المَنشورةَ في الداخلِ والخارِج. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ حياة الرافعي ❝ ❞ حياة الرافعي ❝ ❞ على باب زويلة ❝ ❞ قطر الندى ❝ ❞ نماذج إنسانية في السرد العربي القديم لـ د سيف محمد سعيد المحروقي ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة ❝ ❞ أبوظبي للثقافة والتراث ❝ ❱
من التراجم والأعلام - مكتبة كتب إسلامية.


اقتباسات من كتاب حياة الرافعي

نبذة عن الكتاب:
حياة الرافعي

1955م - 1446هـ
مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي العمري (1298 هـ- 1356 هـ الموافق 1 يناير 1880 - 10 مايو 1937 م) ولد في بيت جده لأمه في قرية بهتيم بمحافظة القليوبية في أول وعاش حياته في طنطا. ينتمي إلى مدرسة المحافظين وهي مدرسة شعرية تابعة للشعر الكلاسيكي لقب بمعجزة الأدب العربي.

تولى والده منصب القضاء الشرعي في كثير من أقاليم مصر، وكان آخر عمل له هو رئاسة محكمة طنطا الشرعية. أما والدة الرافعي فكانت سورية الأصل كأبيه وكان أبوها الشيخ الطوخي تاجر تسير قوافله بالتجارة بين مصر والشام، وأصله من حلب، وكانت إقامته في بهتيم من قرى محافظة القليوبية.

نشأته
ولد مصطفى صادق الرافعي في يناير سنة 1880 أرادت أمه أن تكون ولادته في بيت أبيها في قرية بهتيم. يعود نسبه إلى الخليفة عمر بن الخطاب. دخل الرافعي المدرسة الابتدائية في دمنهور حيث كان والده قاضيا بها، وحصل على الشهادة الابتدائية بتفوق ثم أصيب بمرض يقال أنه التيفود أقعده عدة شهور في سريره وخرج من هذا المرض مصابًا في أذنيه، واشتد به المرض حتى فقد سمعه نهائيا في الثلاثين من عمره. لم يحصل الرافعي في تعليمه النظامي على أكثر من الشهادة الابتدائية، مثله مثل العقاد في تعليمه، فكلاهما لم يحصل على شهادة غير الشهادة الابتدائية. كذلك كان الرافعي صاحب عاهة دائمة هي فقدان السمع، ومع ذلك فقد كان الرافعي من أصحاب الإرادة الحازمة القوية فلم يعبأ بالعقبات، وإنما اشتد عزمه وأخذ نفسه بالجد والاجتهاد، وتعلم على يد والده وكان أكثر عمل عائلته في القضاء.

وظيفته
كان كاتباً ومقدراً مالياً لرسوم القضايا والعقود في محكمة طلخا.

حياته
لم يستمر الرافعي طويلا في ميدان الشعر، فقد انصرف عنه إلى الكتابة النثرية لأنه وجدها أطوع. وأمام ظاهرة انصرافه عن الشعر، يتبين أنه كان على حق في هذا الموقف؛ فعلى الرغم مما أنجزه في هذا الميدان الأدبي من نجاح، ورغم أنه استطاع أن يلفت الأنظار، إلا أنه في الواقع لم يكن يستطيع أن يتجاوز المكانة التي وصل إليها الشعراء الكبار في عصره، وخاصة أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، فقد عبر هذان الشاعران عن مشاعر الناس وهمومهم في هذا الجيل.

ولعل الرافعي هو من أطلق أول صرخة اعتراض على الشعر العربي التقليدي في أدبنا، فقد كان يقول: "إن في الشعر العربي قيودًا لا تتيح له أن ينظم بالشعر كل ما يريد أن يعبر به عن نفسه" وهذه القيود هي الوزن والقافية. كانت وقفة الرافعي ضد قيود الشعر التقليدية أخطر وأول وقفة عرفها الأدب العربي في تاريخه الطويل، وأهمية هذه الوقفة أنها كانت في حوالي سنة 1910 وقبل ظهور معظم الدعوات الأدبية الأخرى التي دعت إلى تحرير الشعر العربي جزئيًا أو كليًا من الوزن والقافية.

الميدان الأول الذي انتقل إليه الرافعي، الذي كان مقيدًا بالوزن والقافية، هو ميدان النثر الشعري الحر في التعبير عن عواطفه العتيقة التي كانت تملأ قلبه ولا يتعداها إلى تصرفات تخرج به عن حدود الالتزام الأخلاقي والديني كما كان يتصوره. أما الميدان الثاني الذي خرج إليه الرافعي فهو ميدان الدراسات الأدبية وأهمها كان كتابه عن تاريخ آداب العرب، وهو كتاب بالغ القيمة، ولعله كان أول كتاب في موضوعه يظهر في العصر الحديث، لأنه ظهر في أوائل القرن العشرين وبالتحديد في سنة 1911. ثم كتب الرافعي بعد ذلك كتابه المشهور تحت راية القرآن وفيه يتحدث عن إعجاز القرآن. ويرد على آراء الدكتور طه حسين في كتابه المعروف باسم في الشعر الجاهلي.

يأتي الميدان الأخير، الذي تجلت فيه عبقرية الرافعي ووصل فيه إلى مكانته العالية في الأدب العربي المعاصر والقديم، وهو مجال المقال، والذي أخلص له الرافعي في الجزء الأخير من حياته وأبدع فيه إبداعاً عجيباً، وهذه المقالات جمعها الرافعي فكانت كتابه وحي القلم.

مؤلفاته
ديوان الرافعي: (ثلاثة أجزاء) صدرت طبعته الأولى بين سنتي 1903و 1906. وقدم لكل جزء منها بمقدمة في معاني الشعر تدل على مذهبه ونهجه، وهي مذيلة بشرح يُنسب إلى أخيه محمد كامل الرافعي وإنما هي من إنشاء الرافعي.
ديوان النظرات: (شعر) صدرت طبعته الأولى عام 1908 م.
ملكة الإنشاء: كتاب مدرسي يحتوي على نماذج أدبية من إنشائه، أعدّ أكثر موضوعاته وتهيأ لإصداره في سنة 1907، ونشر منه بعض النماذج في ديوان النظرات، ثم صرفته شؤون ما عن تنفيذ فكرته فأغفله، وقد ضاعت أصوله فلم يبق إلا النماذج المنشورة منه في ديوان النظرات.
تاريخ آداب العرب: (ثلاثة أجزاء) صدرت طبعته الأولى في جزأين عام 1329 هـ، 1911 م. وصدر الجزء الثالث بعد وفاته بتحقيق محمد سعيد العريان وذلك عام 1359 هـ الموافق لعام 1940 م. يراه أكثر الأدباء كتاب الرافعي الذي لا يعرفونه إلا به.
إعجاز القرآن والبلاغة النبوية: (وهو الجزء الثاني من كتابه تاريخ آداب العرب)، وقد صدرت طبعته الأولى باسم إعجاز القرآن والبلاغة النبوية عام 1928 م.
حديث القمر: أول ما أصدر الرافعي في أدب الإنشاء، وهو أسلوب رمزي في الحب تغلب عليه الصنعة، أنشأه بعد رحلته إلى لبنان في سنة 1912 حيث التقى لأول مرة بالآنسة الأديبة ماري يني فكان بينهما ما كان.
المساكين: سطور في بعض المعاني الإنسانية ألهمه إياها بعض ما كان في مصر من أثر الحرب العامة، صدرت طبعته الأولى عام 1917 م.
نشيد سعد باشا زغلول: كتيّب صغير عن نشيده (اسلمي يا مصر) الذي أهداه إلى سعد زغلول في سنة 1923، طبع في المكتبة السلفية بالقاهرة؛ وأكثر ما في الكتاب من المقالات هو من إنشاء الرافعي أو إملائه.
النشيد الوطني المصري: (إلى العلا....) ضبط ألحانه الموسيقية الموسيقار منصور عوض.
رسائل الأحزان: كتاب أنشأه في سنة 1924 يتحدث فيه عن شيء مما كان بينه وبين فلانة، على شكل رسائل يزعم أنه من صديق يبثّه ذات صدره.
السحاب الأحمر: هو الجزء الثاني من قصة حب فلانة، أو الطور الثاني من أطواره بعد القطيعة، صدر بعد رسائل الأحزان بأشهر.
تحت راية القرآن: مقالات الأدب العربي في الجامعة، والرد على كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين. صدر في سنة 1926.
على السفود: وهو رد على عباس محمود العقاد، نشرته مجلة العصور في عهد منشئها الأول الأستاذ إسماعيل مظهر، ولم تذكر اسم مؤلفه ورمزت إليه بكلمة: إمام من أئمة الأدب العربي.
أوراق الورد: الجزء الأخير من قصة حبه، يقوم على رسائل في فلسفة الجمال والحب أنشأها ليصور حالاً من حاله فيما كان بينه وبين فلانة، ومما كان بينه وبين صديقته الأولى صاحبة حديث القمر.
رسالة الحج: أنشأه في صيف سنة 1935، استجابة لرأي صديقه حافظ عامر وإليه نسب!
وحي القلم، (ثلاثة أجزاء) وهو مجموعة فصول ومقالات وقصص كتب المؤلف أكثره لمجلة الرسالة القاهرية بين عامي 1934- 1937 م. طبع منه جزان في حياته، ثم أعيد طبعه مع الجزء الثالث أكثر من مرة بعد موته. وفيها:

اليمامتان
الطفولتان
في الربيع الأزرق
رسائل الرافعي، وهي مجموعة رسائل خاصة كان يبعث بها إلى محمود أبي رية، وقد اشتملت على كثير من آرائه في الأدب والسياسة ورجالهما.
السمو الروحي الأعظم والجمال الفني في البلاغة النبوية: وهو بحث نفيس أنشأه الرافعي جابة لدعوة جمعية الهداية الإسلامية بالعراق ؛ لتنشره في ذكرى المولد النبوي سنة 1352 هـ.وهو منشور بتحقيق خلف، وقد قال في مقدمة تحقيقه عن هذا البحث : ((هو خليق بأن يصل ليد كل عربي قارئ، ومَقْمَنَةٌ لأن يُتلى على كل أمي عابئ)).

موعظة الشباب (مسرحية)
رواية حسام الدين الأندلسي (مسرحية) طبعت بمطبعة الواعظ بمصر سنة 1322هـ 1905م، ولم تذكر في كُتب مَن كَتب عن الرافعي، ولا حتى عند العريان.

ألّف الرافعي النشيد الوطني التونسي بعد إضافة بيتين للشاعر أبو القاسم الشابي, وهو النشيد المعروف بحماة الحمى ومطلع القصيدة:

حماة الحمى يا حماة الحمىهلموا هلموا لمجد الزمــن
لقد صرخت في عروقنا الدمانموت نموت ويحيا الوطن

وفاته
في يوم الإثنين العاشر من مايو لعام 1937 استيقظ الرافعي لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء، ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار وجدوه قد أسلم الروح، وحُمل جثمانه ودفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا. توفي مصطفى صادق الرافعي عن عمر يناهز 57 عاماً.

كتب ودراسات عنه
مصطفى صادق الرافعي رائد الرمزية العربية المطلّة على السوريالية، مصطفى علي الجوزو، دار الأندلس، بيروت 1985.
الآراء حوله
جاء في مقال للأستاذ وائل حافظ خلف نشرته مجلة المجتمع الكويتية في ذكرى وفاة الرافعي (5/5/2012)، بعنوان: (الرافعي.. نابغة الأدب وحجة العربي):

كتب إلى الرافعي الإمامُ محمد عبده: «ولدنا الأديب الفاضل مصطفى أفندي صادق الرافعي، زاده الله أدباً.. لله ما أثمر أدبك، ولله ما ضَمِن لي قلبُكَ، لا أقارضك ثناء بثناء؛ فليس ذلك شأن الآباء مع الأبناء، ولكني أَعُدك من خُلَّص الأولياء، وأُقدم صفك على صف الأقرباء.. وأسأل اللهَ أن يجعل للحق من لسانك سيفاً يمحق الباطل، وأن يُقيمَك في الأواخر مقامَ حَسَّانٍ في الأوائل، والسلام».

وقال الزعيم مصطفى كامل : «سيأتي يوم إذا ذُكر فيه الرافعيُّ قال الناس : هو الحكمة العالية مصوغة في أجمل قالب من البيان».

وقال واصفاً إياه السيدُ محمد رشيد رضا منشئُ مجلة «المنار»: «الأديب الأروع، والشاعر الناثر المبدع، صاحب الذوقِ الرقيق، والفهمِ الدقيق، الغواص على جواهر المعاني، الضارب على أوتار مثالثها والمثاني».

وقال عنه الأديبُ عباس محمود العقاد بعد وفاة الرافعي بثلاث سنين: «إن للرافعي أسلوباً جزلاً، وإن له من بلاغة الإنشاء ما يسلكه في الطبقة الأولى من كُتَّاب العربية المنشئين».

وقد قال قبلُ (قبل أن تدور رحى الحرب بينهما ببضع عشرة سنة): «إنه ليتفق لهذا الكاتب من أساليب البيان ما لا يتفق مثلُه لكاتب من كتاب العربية في صدر أيامها».

وخَطَّ شكيب أرسلان كلمةً رائعة. عنونها بـ«ما وراء الأكمة»، صدرها بقوله عن الرافعي: «حضرة الأستاذ العبقري، نابغة الأدبِ، وحجة العربِ».

وقال عنه المُحَدِّث أحمد محمد شاكر: «إمام الكُتَّاب في هذا العصرِ، وحجة العربِ».


أبدع الكاتب محمد سعيد العريان في هذا الكتاب وأظهر قدرة باهرة في التقصي والتتبع لحياة الرافعي، والذي بالطبع جاء نتاج مجهوده الجبار، ويذكر أن محمد سعيد العريان كان من المقربين جدًا إلى الرافعي، حيث كان يقرأ عليه الرافعي الكثير من مقالاته،

فالكاتب هنا يتحدث عن صديقه وشيخه ورفيقه مصطفى صادق الرافعي، ولذلك تفرد هذا الكتاب بقدرة كبيرة على وصف حياة الرافعي وشخصيته، ففض لنا الكتاب عن مكنون واحد من أبرز وأعظم أدباء العربية وواحد من أشد المنافحين عنها، كما أظهر محمد سعيد العريان أسلوبه الرائع وأظهر من البلاغة والفصاحة ما اكتمل به جمال هذا الكتاب، من حيث الأسلوب والمضمون.

فهذا الكتاب أوضح لنا جانبًا كبيرًا من سيرة مصطفى صادق الرافعي؛ نشأته، وحياته، ومعاركه الأدبية، وطرقه في التفكير، والمحيط الثقافي الذي ينتمي إليه، والظروف التي عاشها، وعن إبداعه الذي لا خلاف عليه حتى من خصومه في معاركه الأدبية. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي العمري (1298 هـ- 1356 هـ الموافق 1 يناير 1880 - 10 مايو 1937 م) ولد في بيت جده لأمه في قرية بهتيم بمحافظة القليوبية في أول وعاش حياته في طنطا. ينتمي إلى مدرسة المحافظين وهي مدرسة شعرية تابعة للشعر الكلاسيكي لقب بمعجزة الأدب العربي.

تولى والده منصب القضاء الشرعي في كثير من أقاليم مصر، وكان آخر عمل له هو رئاسة محكمة طنطا الشرعية. أما والدة الرافعي فكانت سورية الأصل كأبيه وكان أبوها الشيخ الطوخي تاجر تسير قوافله بالتجارة بين مصر والشام، وأصله من حلب، وكانت إقامته في بهتيم من قرى محافظة القليوبية.

نشأته
ولد مصطفى صادق الرافعي في يناير سنة 1880 أرادت أمه أن تكون ولادته في بيت أبيها في قرية بهتيم. يعود نسبه إلى الخليفة عمر بن الخطاب. دخل الرافعي المدرسة الابتدائية في دمنهور حيث كان والده قاضيا بها، وحصل على الشهادة الابتدائية بتفوق ثم أصيب بمرض يقال أنه التيفود أقعده عدة شهور في سريره وخرج من هذا المرض مصابًا في أذنيه، واشتد به المرض حتى فقد سمعه نهائيا في الثلاثين من عمره. لم يحصل الرافعي في تعليمه النظامي على أكثر من الشهادة الابتدائية، مثله مثل العقاد في تعليمه، فكلاهما لم يحصل على شهادة غير الشهادة الابتدائية. كذلك كان الرافعي صاحب عاهة دائمة هي فقدان السمع، ومع ذلك فقد كان الرافعي من أصحاب الإرادة الحازمة القوية فلم يعبأ بالعقبات، وإنما اشتد عزمه وأخذ نفسه بالجد والاجتهاد، وتعلم على يد والده وكان أكثر عمل عائلته في القضاء.

وظيفته
كان كاتباً ومقدراً مالياً لرسوم القضايا والعقود في محكمة طلخا.

حياته
لم يستمر الرافعي طويلا في ميدان الشعر، فقد انصرف عنه إلى الكتابة النثرية لأنه وجدها أطوع. وأمام ظاهرة انصرافه عن الشعر، يتبين أنه كان على حق في هذا الموقف؛ فعلى الرغم مما أنجزه في هذا الميدان الأدبي من نجاح، ورغم أنه استطاع أن يلفت الأنظار، إلا أنه في الواقع لم يكن يستطيع أن يتجاوز المكانة التي وصل إليها الشعراء الكبار في عصره، وخاصة أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، فقد عبر هذان الشاعران عن مشاعر الناس وهمومهم في هذا الجيل.

ولعل الرافعي هو من أطلق أول صرخة اعتراض على الشعر العربي التقليدي في أدبنا، فقد كان يقول: "إن في الشعر العربي قيودًا لا تتيح له أن ينظم بالشعر كل ما يريد أن يعبر به عن نفسه" وهذه القيود هي الوزن والقافية. كانت وقفة الرافعي ضد قيود الشعر التقليدية أخطر وأول وقفة عرفها الأدب العربي في تاريخه الطويل، وأهمية هذه الوقفة أنها كانت في حوالي سنة 1910 وقبل ظهور معظم الدعوات الأدبية الأخرى التي دعت إلى تحرير الشعر العربي جزئيًا أو كليًا من الوزن والقافية.

الميدان الأول الذي انتقل إليه الرافعي، الذي كان مقيدًا بالوزن والقافية، هو ميدان النثر الشعري الحر في التعبير عن عواطفه العتيقة التي كانت تملأ قلبه ولا يتعداها إلى تصرفات تخرج به عن حدود الالتزام الأخلاقي والديني كما كان يتصوره. أما الميدان الثاني الذي خرج إليه الرافعي فهو ميدان الدراسات الأدبية وأهمها كان كتابه عن تاريخ آداب العرب، وهو كتاب بالغ القيمة، ولعله كان أول كتاب في موضوعه يظهر في العصر الحديث، لأنه ظهر في أوائل القرن العشرين وبالتحديد في سنة 1911. ثم كتب الرافعي بعد ذلك كتابه المشهور تحت راية القرآن وفيه يتحدث عن إعجاز القرآن. ويرد على آراء الدكتور طه حسين في كتابه المعروف باسم في الشعر الجاهلي.

يأتي الميدان الأخير، الذي تجلت فيه عبقرية الرافعي ووصل فيه إلى مكانته العالية في الأدب العربي المعاصر والقديم، وهو مجال المقال، والذي أخلص له الرافعي في الجزء الأخير من حياته وأبدع فيه إبداعاً عجيباً، وهذه المقالات جمعها الرافعي فكانت كتابه وحي القلم.

مؤلفاته
ديوان الرافعي: (ثلاثة أجزاء) صدرت طبعته الأولى بين سنتي 1903و 1906. وقدم لكل جزء منها بمقدمة في معاني الشعر تدل على مذهبه ونهجه، وهي مذيلة بشرح يُنسب إلى أخيه محمد كامل الرافعي وإنما هي من إنشاء الرافعي.
ديوان النظرات: (شعر) صدرت طبعته الأولى عام 1908 م.
ملكة الإنشاء: كتاب مدرسي يحتوي على نماذج أدبية من إنشائه، أعدّ أكثر موضوعاته وتهيأ لإصداره في سنة 1907، ونشر منه بعض النماذج في ديوان النظرات، ثم صرفته شؤون ما عن تنفيذ فكرته فأغفله، وقد ضاعت أصوله فلم يبق إلا النماذج المنشورة منه في ديوان النظرات.
تاريخ آداب العرب: (ثلاثة أجزاء) صدرت طبعته الأولى في جزأين عام 1329 هـ، 1911 م. وصدر الجزء الثالث بعد وفاته بتحقيق محمد سعيد العريان وذلك عام 1359 هـ الموافق لعام 1940 م. يراه أكثر الأدباء كتاب الرافعي الذي لا يعرفونه إلا به.
إعجاز القرآن والبلاغة النبوية: (وهو الجزء الثاني من كتابه تاريخ آداب العرب)، وقد صدرت طبعته الأولى باسم إعجاز القرآن والبلاغة النبوية عام 1928 م.
حديث القمر: أول ما أصدر الرافعي في أدب الإنشاء، وهو أسلوب رمزي في الحب تغلب عليه الصنعة، أنشأه بعد رحلته إلى لبنان في سنة 1912 حيث التقى لأول مرة بالآنسة الأديبة ماري يني فكان بينهما ما كان.
المساكين: سطور في بعض المعاني الإنسانية ألهمه إياها بعض ما كان في مصر من أثر الحرب العامة، صدرت طبعته الأولى عام 1917 م.
نشيد سعد باشا زغلول: كتيّب صغير عن نشيده (اسلمي يا مصر) الذي أهداه إلى سعد زغلول في سنة 1923، طبع في المكتبة السلفية بالقاهرة؛ وأكثر ما في الكتاب من المقالات هو من إنشاء الرافعي أو إملائه.
النشيد الوطني المصري: (إلى العلا....) ضبط ألحانه الموسيقية الموسيقار منصور عوض.
رسائل الأحزان: كتاب أنشأه في سنة 1924 يتحدث فيه عن شيء مما كان بينه وبين فلانة، على شكل رسائل يزعم أنه من صديق يبثّه ذات صدره.
السحاب الأحمر: هو الجزء الثاني من قصة حب فلانة، أو الطور الثاني من أطواره بعد القطيعة، صدر بعد رسائل الأحزان بأشهر.
تحت راية القرآن: مقالات الأدب العربي في الجامعة، والرد على كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين. صدر في سنة 1926.
على السفود: وهو رد على عباس محمود العقاد، نشرته مجلة العصور في عهد منشئها الأول الأستاذ إسماعيل مظهر، ولم تذكر اسم مؤلفه ورمزت إليه بكلمة: إمام من أئمة الأدب العربي.
أوراق الورد: الجزء الأخير من قصة حبه، يقوم على رسائل في فلسفة الجمال والحب أنشأها ليصور حالاً من حاله فيما كان بينه وبين فلانة، ومما كان بينه وبين صديقته الأولى صاحبة حديث القمر.
رسالة الحج: أنشأه في صيف سنة 1935، استجابة لرأي صديقه حافظ عامر وإليه نسب!
وحي القلم، (ثلاثة أجزاء) وهو مجموعة فصول ومقالات وقصص كتب المؤلف أكثره لمجلة الرسالة القاهرية بين عامي 1934- 1937 م. طبع منه جزان في حياته، ثم أعيد طبعه مع الجزء الثالث أكثر من مرة بعد موته. وفيها:

اليمامتان
الطفولتان
في الربيع الأزرق
رسائل الرافعي، وهي مجموعة رسائل خاصة كان يبعث بها إلى محمود أبي رية، وقد اشتملت على كثير من آرائه في الأدب والسياسة ورجالهما.
السمو الروحي الأعظم والجمال الفني في البلاغة النبوية: وهو بحث نفيس أنشأه الرافعي جابة لدعوة جمعية الهداية الإسلامية بالعراق ؛ لتنشره في ذكرى المولد النبوي سنة 1352 هـ.وهو منشور بتحقيق خلف، وقد قال في مقدمة تحقيقه عن هذا البحث : ((هو خليق بأن يصل ليد كل عربي قارئ، ومَقْمَنَةٌ لأن يُتلى على كل أمي عابئ)).

موعظة الشباب (مسرحية) 
رواية حسام الدين الأندلسي (مسرحية) طبعت بمطبعة الواعظ بمصر سنة 1322هـ 1905م، ولم تذكر في كُتب مَن كَتب عن الرافعي، ولا حتى عند العريان.

ألّف الرافعي النشيد الوطني التونسي بعد إضافة بيتين للشاعر أبو القاسم الشابي, وهو النشيد المعروف بحماة الحمى ومطلع القصيدة:

حماة الحمى يا حماة الحمى        هلموا هلموا لمجد الزمــن
لقد صرخت في عروقنا الدما        نموت نموت ويحيا الوطن

وفاته
في يوم الإثنين العاشر من مايو لعام 1937 استيقظ الرافعي لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء، ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار وجدوه قد أسلم الروح، وحُمل جثمانه ودفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا. توفي مصطفى صادق الرافعي عن عمر يناهز 57 عاماً.

كتب ودراسات عنه
مصطفى صادق الرافعي رائد الرمزية العربية المطلّة على السوريالية، مصطفى علي الجوزو، دار الأندلس، بيروت 1985.
الآراء حوله
جاء في مقال للأستاذ وائل حافظ خلف نشرته مجلة المجتمع الكويتية في ذكرى وفاة الرافعي (5/5/2012)، بعنوان: (الرافعي.. نابغة الأدب وحجة العربي):

كتب إلى الرافعي الإمامُ محمد عبده: «ولدنا الأديب الفاضل مصطفى أفندي صادق الرافعي، زاده الله أدباً.. لله ما أثمر أدبك، ولله ما ضَمِن لي قلبُكَ، لا أقارضك ثناء بثناء؛ فليس ذلك شأن الآباء مع الأبناء، ولكني أَعُدك من خُلَّص الأولياء، وأُقدم صفك على صف الأقرباء.. وأسأل اللهَ أن يجعل للحق من لسانك سيفاً يمحق الباطل، وأن يُقيمَك في الأواخر مقامَ حَسَّانٍ في الأوائل، والسلام».

وقال الزعيم مصطفى كامل : «سيأتي يوم إذا ذُكر فيه الرافعيُّ قال الناس : هو الحكمة العالية مصوغة في أجمل قالب من البيان».

وقال واصفاً إياه السيدُ محمد رشيد رضا منشئُ مجلة «المنار»: «الأديب الأروع، والشاعر الناثر المبدع، صاحب الذوقِ الرقيق، والفهمِ الدقيق، الغواص على جواهر المعاني، الضارب على أوتار مثالثها والمثاني».

وقال عنه الأديبُ عباس محمود العقاد بعد وفاة الرافعي بثلاث سنين: «إن للرافعي أسلوباً جزلاً، وإن له من بلاغة الإنشاء ما يسلكه في الطبقة الأولى من كُتَّاب العربية المنشئين».

وقد قال قبلُ (قبل أن تدور رحى الحرب بينهما ببضع عشرة سنة): «إنه ليتفق لهذا الكاتب من أساليب البيان ما لا يتفق مثلُه لكاتب من كتاب العربية في صدر أيامها».

وخَطَّ شكيب أرسلان كلمةً رائعة. عنونها بـ«ما وراء الأكمة»، صدرها بقوله عن الرافعي: «حضرة الأستاذ العبقري، نابغة الأدبِ، وحجة العربِ».

وقال عنه المُحَدِّث أحمد محمد شاكر: «إمام الكُتَّاب في هذا العصرِ، وحجة العربِ».


أبدع الكاتب محمد سعيد العريان في هذا الكتاب وأظهر قدرة باهرة في التقصي والتتبع لحياة الرافعي، والذي بالطبع جاء نتاج مجهوده الجبار، ويذكر أن محمد سعيد العريان كان من المقربين جدًا إلى الرافعي، حيث كان يقرأ عليه الرافعي الكثير من مقالاته، 

فالكاتب هنا يتحدث عن صديقه وشيخه ورفيقه مصطفى صادق الرافعي، ولذلك تفرد هذا الكتاب بقدرة كبيرة على وصف حياة الرافعي وشخصيته، ففض لنا الكتاب عن مكنون واحد من أبرز وأعظم أدباء العربية وواحد من أشد المنافحين عنها، كما أظهر محمد سعيد العريان أسلوبه الرائع وأظهر من البلاغة والفصاحة ما اكتمل به جمال هذا الكتاب، من حيث الأسلوب والمضمون.

فهذا الكتاب أوضح لنا جانبًا كبيرًا من سيرة مصطفى صادق الرافعي؛ نشأته، وحياته، ومعاركه الأدبية، وطرقه في التفكير، والمحيط الثقافي الذي ينتمي إليه، والظروف التي عاشها، وعن إبداعه الذي لا خلاف عليه حتى من خصومه في معاركه الأدبية.

فاتحة الكتاب : محمود محمد شاكر 

تمهيد 

صورته 
نسبه ومولده ، علمه وثقافته ، 

شعراء عصره 

من الشعر إلي الكتابة 

ملكة الإنشاء 

إنشاء الجامعة المصرية 

تاريخ آداب العربي 

إعجاز القرآن 

حديث القمر 

شيخوخة الآدب 

في سنوات الحرب 

كتاب المساكين 

أغاني الشعب 

النشيد القومي 

علي السفود

وحي الأربعين 

قترة جمام 

أديب صغير 
البلاغة النبوية 

كيف كان يكتب ؟

عمله في الرسالة 

مقالات من وحي القلم 

الاعلام 

الصحف والمجلات 



سنة النشر : 1955م / 1374هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 11 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة حياة الرافعي

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل حياة الرافعي
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
محمد سعيد العريان - Mohammed Saeed Al Erian

كتب محمد سعيد العريان أحدُ كِبارِ كتَّابِ مِصْر. لم يكُنْ مجردَ كاتب، بل كانَ أيضًا تربويًّا مفكِّرًا، وثَوْريًّا حملَ على كاهلِه مَصلحةَ الوَطَن. اشتُهِرَ برِواياتِه التاريخيَّة، وبإبداعِه القصصيِّ والفنيِّ للأَطْفال؛ حيثُ إنه أوَّلُ مَن أصدَرَ مجلةَ «السندباد» التي كانتْ تُعَدُّ نوعًا أدبيًّا فريدًا في عصْرِه. عملَ على تطويرِ التعليمِ خلالَ عمَلِه بوزارةِ التربيةِ والتعليم؛ فكانَ أوَّلَ مَن صمَّمَ وأنشأَ المَكتبةَ المَدْرسيةَ في «مِصْر». وُلِدَ «محمد سعيد أحمد العريان» في ديسمبر عامَ ١٩٠٥م في بلدةِ محلة حسن بالمحلةِ الكُبْرى، والِدُه الشيخُ «أحمد» الذي كانَ قد قارَبَ التسعينَ منَ العُمْرِ حينَها، وسمَّاه «محمد سعيد» لولادتِه صَبيحةَ عيدِ الفِطْر. اتصلَ نسَبُه بالشيخِ العريانِ الكبيرِ «حامِي الحَجِيج» كما تصنِّفُه المَنظوماتُ الصُّوفية، وكانَ والِدُه من خُطباءِ الثَّورةِ العُرابيةِ وشُعرائِها. تَلقَّى «محمد» في بيتِه العلمَ والدِّينَ معَ الثَّوْريةِ وحُبِّ الوطَن، فشارَكَ في ثورةِ ١٩١٩م وبدأَ اضطهادُه مبكرًا؛ إذ حرصَ أساتذتُه على رُسوبِه في امتحانِ الشَّهادةِ الابتدائية، ولمَّا اجتاحَتْ نفْسَه مَرارةُ تأخُّرِه عن رُفقائِه انصرَفَ عنِ المَدْرسةِ وانكبَّ على الكُتبِ يَدرسُها في البيت، إلَّا أنَّه اعتُقِلَ قبلَ امتحانِ الثانويةِ بخمسةِ أسابيعَ لاستمرارِه في نشاطِه الثَّوْري، وبالرغمِ من ذلكَ استطاعَ الحصولَ على شَهادتِه في العامِ نفْسِه، والْتَحقَ بكليةِ دارِ العلومِ ليتخرَّجَ فيها متفوِّقًا عن زُملائِه عامَ ١٩٣٠م. رفَضَ السفرَ إلى البعثةِ الفهميَّةِ التي رُشِّحَ لها لنيْلِ الدكتوراه ﺑ «لندن» بِناءً على طلبِ والدتِه كي لا يترُكَها وَحِيدة. أحبَّ «محمد» قريبةً له هي «توحيدة عبد الله الدماطي» وتقدَّمَ لخِطْبتِها عقِبَ تخرُّجِه، إلَّا أنها حُجِبتْ عنه بسببِ تقاليدِ المجتمعِ المصريِّ آنَذاك، التي حرَّمتْ على الأختِ الصُّغْرى الزواجَ قبلَ الكُبْرى، فلم تتمَّ الزِّيجةُ إلَّا بعدَ ثَمانِ سَنوات. إلَّا أنَّ القَدرَ لم يُمهِلْه ليَنعمَ بقُرْبِها كثيرًا؛ فلم يعِشْ معَها سوى أربعِ سَنواتٍ تُوفِّيتْ بعدَها أثناءَ ولادةِ طِفلِهما الثالثِ ١٩٤٢م. كانَ لحُزْنِه على فِراقِها الأثرُ الأكبرُ على كِتاباتِه، حتى إنَّه عقَدَ العزْمَ على تَجميعِ ما كتَبَه عنها من مَقالاتٍ وما كانَ بينَهُما من رَسائلَ في كتابٍ يُدْعى «تحت الرَّماد»، إلَّا أنَّه تُوفِّيَ قبل أن يُنشَر، وقبلَ أن يَخلعَ رابطةَ عُنقِه السَّوداءَ التي داوَمَ على ارتدائِها منذُ وَفاتِها وحتى وَفاتِه. تعرَّفَ في شَبابِه على «مصطفى صادق الرافعي»، وكانَ الرافعي أصمَّ، فكانَ العريان صديقَه وتلميذَه. أُطلِقَ عليه «كاتِبُ وحْيِ الرافعي»، ونتجَ عن هذا اللقاءِ أثرٌ عميقٌ في حياةِ كلٍّ منهما وفي أَعْمالِهما، فلقد كانَ الرافعي من قبلِ هذهِ الصداقةِ في عُزْلةٍ اجتماعيةٍ عن عامَّةِ القرَّاء؛ فأصبَحَ من بعدِها يكتبُ أدبًا أكثرَ اتصالًا بحالِ الوطنِ والحياة. تُوفِّيَ في يونيو ١٩٦٤م تارِكًا للأدبِ العربيِّ مَسيرةً أدبيةً حافلةً لم تَقتصِرْ على الرِّوايةِ والقِصةِ القَصِيرة، بل توسَّعتْ لتَشملَ السياسةَ والتربيةَ وأدبَ الأطفالِ والمَقالَ وتَحقيقَ التراثِ والمُحاضراتِ القيِّمةَ المَنشورةَ في الداخلِ والخارِج.❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ حياة الرافعي ❝ ❞ حياة الرافعي ❝ ❞ على باب زويلة ❝ ❞ قطر الندى ❝ ❞ نماذج إنسانية في السرد العربي القديم لـ د سيف محمد سعيد المحروقي ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة ❝ ❞ أبوظبي للثقافة والتراث ❝ ❱. المزيد..

كتب محمد سعيد العريان