❞ كتاب الشامل في القراءات المتواترة ❝  ⏤ محمد حبش

❞ كتاب الشامل في القراءات المتواترة ❝ ⏤ محمد حبش

القراءة هي عند القراء أن يقرأ القرآن سواء كانت القراءة تلاوة بأن يقرأ متتابعا أو أداء بأن يأخذ من المشايخ ويقرأ. وقسّم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فهو رواية، وإن كان لمن بعده فنازلا فطريق أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.

وقراءات القرآن أو علم القراءات في الاصطلاح هو مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل؛ أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي ﷺ والمقرئ هو العالم بالقراءات، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي ﷺ.

والقراءات العشر هي عشر قراءات لقراءة القرآن أقرها العلماء في بحثهم لتحديد القراءات المتواترة، فاستقر الاعتماد العلمي، بعد زيادة ثلاث قراءات أخرى، أضيفت إلى القراءات السبع، على يد الإمام ابن الجزري، فأصبح مجموع المتواتر من القراءات عشر قراءات، وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاء الأئمة أبو جعفر المدني ويعقوب الحضرمي البصري وخلف بن هشام البغدادي

تاريخها:

نزل القرآن على سبعة أحرف، والأحرف ليست في الكتابة فقط بل في النطق والمعنى والتشكيل وعلامات الوقف والإيجاز، ونظرا لاختلاف لكنات ولهجات العرب الذين أنزل عليهم القرآن، وقد جمع الصحابي وأمير المؤمنين عثمان بن عفان القرآن على تشكيل واحد، وهناك سبع قراءات ثابتة وثلاث قراءات مكملة للسبع فيكتمل عقد العشر قراءات، وكل هذه القراءات ونطقها وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناقلها الصحابة ثم التابعون فالتابعين وهكذا.

يذكر القرآن أنه نزل بلسان العرب: {نَزَلَ بهِ الْرُّوحُ الْأمِيْنُ * عَلَى قَلْبكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرينْ * بلِسَانٍ عَرَبيٍّ مَبيْنٌ} وبين العرب اتفاق كبير في كثير من الكلمات واختلاف ضئيل في بعض الظواهر اللفظية التي تتميز بها كل قبيلة عن الأخرى، وحول ذلك قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ فاقرؤوا كما عُلّمتم." فكان كل صحابي يعلّم كما تعلّم وفي عصر تابع التابعين ظهر رجال تفرّغوا للقراءة ولنقلها وضبطها وجلسوا بعد ذلك للتعليم، فاشتُهرت القراءة التي كانوا يَقرؤون ويُقرئون بها الناس، فصارت تلك الكيفية تُنسب إلى هؤلاء القراء، لأنهم لزموها وليس لأنهم اخترعوها، فهم نقلوها نقلاً محضاً وليس لهم فيها أدنى تغيير أو زيادة.

وكما حصل مع الفقهاء في العصور الأولى حيث كان عددهم كبير جدًا في البداية برز منهم أئمة أربعة فقط، بعد أن تَهَيّأ لهم تلاميذ لزموهم ونقلوا مذاهبهم الفقهية، فبقيت مذاهبهم وانتشرت واندثرت باقي المذاهب، وكذلك حصل مع القرّاء حيث ظهر وبرز منهم عشرة من أئمة القراءة.

انتشارها:

أغلب هذه القراءات يعرفها أهل القراءات وعلماؤها الذين تلقوها وعددهم كافٍ للتواتر في العالم الإسلامي. لكن العامّة من المسلمين المنتشرين في أغلب دول العالم الإسلامي وعددهم يقدر بالملايين يقرؤون برواية الكوفية برواية الكوفي حفص عن عاصم وفي بلاد المغرب العربي يقرؤون بقراءة الإمام نافع وهو إمام أهل المدينة سواء رواية قالون أو رواية ورش". وفي السودان وفي حضرموت يقرؤون بالرواية التي رواها الدوري عن أبي عمرو.

سبب الاقتصار على القراءات السبع:

وقال مكي بن أبي طالب: كان الناس على رأس المئتين (200هـ) بالبصرة على قراءة أبي عمرو ويعقوب، بالكوفة على قراءة حمزة وعاصم، بالشام على قراءة ابن عامر، بمكة على قراءة ابن كثير، بالمدينة على قراءة نافع. واستمروا على ذلك. فلما كان على رأس الثلاثمئة (300هـ)، أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب. قال: والسبب في الاقتصار على السبعة –مع أن في أئمة القراء من هو أجل منهم قدراً، ومثلهم أكثر من عددهم– أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيراً جداً. فلما تقاصرت الهمم، اقتصروا مما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به. فنظروا إلى من اشتهر بالثقة والأمانة، وطول العمر في ملازمة القراءة، والاتفاق على الأخذ عنه، فأفردوا من كل مصر إماما واحداً. ولم يتركوا مع ذلك ما نقل مما كان عليه الأئمة غير هؤلاء من القراءات ولا القراءة به، كقراءة يعقوب وعاصم الجحدري وأبي جعفر وشيبة وغيرهم... انظر فتح الباري (9|31).

أي القراءات أصح وأصوب؟

وهنا قد يتساءل المرء، أي القراءات أصح وأصوب؟ وهذا السؤال خطأ. ولعل الأصح قولاً: أيهن الأقوى تواتراً؟ فأقواهن تواتراً هي قراءة نافع المدني، ثم تليها قراءة ابن عامر الشامي وقراءة ابن كثير المكي. وهناك قراءات فيها خلاف، أعني أن بعض الناس ذمها وبخاصة قراءة حمزة وما تفرع عنها. وأما ما زعمه البعض من أن انتشار رواية حفص عن عاصم هذه الأيام دليل على أنها أصح، فليس في هذا القول إثارة من علم. ولو كان صادقاً، لكانت انتشرت قبل العثمانيين بعصور طويلة. لكن الحقيقة معروفة.

فرواية حفص عن عاصم كانت رواية نادرة لم تنتشر ولا حتى بالكوفة، وإنما أخذ أهلها رواية عاصم عن أبي بكر. ثم لما ضنّ بها أبو بكر، اضطروا للأخذ بقراءة حمزة والكسائي رغم كراهيتهم لها، وما التفتوا لرواية حفص. ثم لو نظرنا في العالم الإسلامي لوجدنا أنه خلال مدة من الزمن سادت قراءتا أبي عمرو ونافع على العالم الإسلامي. ولم يكن لرواية حفص عن عاصم ذكر. ثم مع قدوم الدولة العثمانية اعتُمِدت رواية حفص.

هذا الكتاب يقوم بتعريف شامل بالقراءات والمتواترة وأهم القراء وأهم أصولهم، وتضمن الكتاب تفصيلاً في أحكا القراؤات المتواترة أداء وفرشا، كما تضمن قائمة هائمة بعنوان متواتر التنزيل وهو يشتمل على 1183 كلمة اختلف القراء في متنها وهي كلها من باب المتواتر الذي يتعبد ببه وتستنبط منه الأحكام الشرعية.
محمد حبش - المؤلف باحث في التنوير الإسلامي وحوار الأديان، ويعتبر نفسه امتداداً لمدرسة الشيخ محمد عبده، وصيحات الأفغاني ومحمد إقبال ومالك بن نبي وجودت سعيد. يتبنى الدكتور محمد حبش مشروع التجديد الديني إذ تبنّى عدداً من قضايا التجديد الديني أهمها: رفض احتكار الخلاص، وتجديد فقه المرأة في الإسلام وإحياء مصادر الشريعة الغائبة مما يعني منح دور أكبر في التشريع للعقل على حساب النص.

نشأ الدكتور حبش في مدرسة عمه الشيخ أحمد كفتارو، وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ محمد سكر حيث حصل على درجة الإقراء بالقراءات المتواترة منه ومن الفتوى السورية.

كان واعظاً وخطيباً وإماماً إذ عقد عدة مؤتمرات إسلامية لتعزيز خطاب التنوير الإسلامي، ثم مؤسساً ومديراً لمعاهد القرآن الكريم في سوريا، فهو مؤسس ومستشار لمركز الدراسات الإسلامية، ومارس التأليف والشعر والكتابة، وحصل على درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، بإشراف الدكتور العلامة وهبة الزحيلي.

انخرط في العمل السياسي وانتخب مرتين نائباً في مجلس الشعب السوري عن المستقلين، كما انتخب خمس مرات عضواً في هيئة رئاسة المجلس، كما انتخب مرتين رئيساً لجمعية علماء الشريعة.

تبنى في البرلمان عدداً من القضايا التشريعية والقانونية ومنها قانون الجنسية للمرأة السورية، وقانون الحضانة، وقانون تحسين رواتب الموظفين الدينيين، كما نجح في منع ظاهرة الإعلان عن الفحشاء في سوريا.

تم اختياره عضواً في اتحاد الكتاب العرب، وعضو شرف في هيئة المخترعين السوريين، وعضو شرف في اتحاد الصحفيين، وعضو مجلس الأمناء في جامعة الجزيرة، ونائب رئيس المنتدى العالمي للوسطية، وعضو مجلس الأمناء في الجامعة الإسلامية بإسلام آباد، ونائباً لرئيس الجمعية السورية الفلسطينية لحق العودة، وعضوا مؤسساً في شبكة الديمقراطيين العرب.

انتقل منذ 2012 إلى الإمارات وعمل بالتدريس الجامعي في جامعة أبو ظبي أستاذاً للفقه الإسلامي في كلية القانون، وكلية الآداب والعلوم.
ونشير إلى أن الكتب التي أصدرها الدكتور حبش بلغت 62 كتاباً، في قضايا الفكر الإسلامي والمسائل الوطنية، وكذلك بلغت المقالات التي كتبها أكثر من 1000 مقال نُشِرت في نحو ثلاثين صحيفة عربية، وله مقال فصلي بالإنكليزية ينشره له برنامج السانديكيت الدولي في 220 صحيفة عالمية.
حصل على جوائز دولية عدة ومنها جوائز المسابقة الدولية للقرآن الكريم في السعودية وليبيا وإيران، وجائزة رائد في علوم القرآن في الكويت خلال مؤتمر القرآن الكريم حضارة الأمة بالإضافة إلى حصوله على رتبة سفير السلام في منظمة السلام العالمي، وغيرها كثير...

❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الشامل في القراءات المتواترة ❝ ❞ الدبلوماسية بدل الحرب ❝ ❞ الإسلام والدبلوماسية ❝ ❞ رسالة الجهاد من الغزو والفتح إلى الجيش الوطني ❝ ❞ المرأة بين الشريعة والحياة ❝ ❞ النبي الديمقراطي ❝ ❞ روائع شعر الحكمة ❝ ❞ العقوبات الجسدية وكرامة الانسان ❝ ❞ المسلمون وعلوم الحضارة ❝ الناشرين : ❞ جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ❝ ❞ مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الكلم الطيب ❝ ❱
من كتب التجويد والقراءات المصحف الشريف - قراءاته ونسخه - مكتبة كتب إسلامية.


اقتباسات من كتاب الشامل في القراءات المتواترة

نبذة عن الكتاب:
الشامل في القراءات المتواترة

2001م - 1446هـ
القراءة هي عند القراء أن يقرأ القرآن سواء كانت القراءة تلاوة بأن يقرأ متتابعا أو أداء بأن يأخذ من المشايخ ويقرأ. وقسّم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فهو رواية، وإن كان لمن بعده فنازلا فطريق أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.

وقراءات القرآن أو علم القراءات في الاصطلاح هو مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل؛ أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي ﷺ والمقرئ هو العالم بالقراءات، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي ﷺ.

والقراءات العشر هي عشر قراءات لقراءة القرآن أقرها العلماء في بحثهم لتحديد القراءات المتواترة، فاستقر الاعتماد العلمي، بعد زيادة ثلاث قراءات أخرى، أضيفت إلى القراءات السبع، على يد الإمام ابن الجزري، فأصبح مجموع المتواتر من القراءات عشر قراءات، وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاء الأئمة أبو جعفر المدني ويعقوب الحضرمي البصري وخلف بن هشام البغدادي

تاريخها:

نزل القرآن على سبعة أحرف، والأحرف ليست في الكتابة فقط بل في النطق والمعنى والتشكيل وعلامات الوقف والإيجاز، ونظرا لاختلاف لكنات ولهجات العرب الذين أنزل عليهم القرآن، وقد جمع الصحابي وأمير المؤمنين عثمان بن عفان القرآن على تشكيل واحد، وهناك سبع قراءات ثابتة وثلاث قراءات مكملة للسبع فيكتمل عقد العشر قراءات، وكل هذه القراءات ونطقها وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناقلها الصحابة ثم التابعون فالتابعين وهكذا.

يذكر القرآن أنه نزل بلسان العرب: {نَزَلَ بهِ الْرُّوحُ الْأمِيْنُ * عَلَى قَلْبكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرينْ * بلِسَانٍ عَرَبيٍّ مَبيْنٌ} وبين العرب اتفاق كبير في كثير من الكلمات واختلاف ضئيل في بعض الظواهر اللفظية التي تتميز بها كل قبيلة عن الأخرى، وحول ذلك قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ فاقرؤوا كما عُلّمتم." فكان كل صحابي يعلّم كما تعلّم وفي عصر تابع التابعين ظهر رجال تفرّغوا للقراءة ولنقلها وضبطها وجلسوا بعد ذلك للتعليم، فاشتُهرت القراءة التي كانوا يَقرؤون ويُقرئون بها الناس، فصارت تلك الكيفية تُنسب إلى هؤلاء القراء، لأنهم لزموها وليس لأنهم اخترعوها، فهم نقلوها نقلاً محضاً وليس لهم فيها أدنى تغيير أو زيادة.

وكما حصل مع الفقهاء في العصور الأولى حيث كان عددهم كبير جدًا في البداية برز منهم أئمة أربعة فقط، بعد أن تَهَيّأ لهم تلاميذ لزموهم ونقلوا مذاهبهم الفقهية، فبقيت مذاهبهم وانتشرت واندثرت باقي المذاهب، وكذلك حصل مع القرّاء حيث ظهر وبرز منهم عشرة من أئمة القراءة.

انتشارها:

أغلب هذه القراءات يعرفها أهل القراءات وعلماؤها الذين تلقوها وعددهم كافٍ للتواتر في العالم الإسلامي. لكن العامّة من المسلمين المنتشرين في أغلب دول العالم الإسلامي وعددهم يقدر بالملايين يقرؤون برواية الكوفية برواية الكوفي حفص عن عاصم وفي بلاد المغرب العربي يقرؤون بقراءة الإمام نافع وهو إمام أهل المدينة سواء رواية قالون أو رواية ورش". وفي السودان وفي حضرموت يقرؤون بالرواية التي رواها الدوري عن أبي عمرو.

سبب الاقتصار على القراءات السبع:

وقال مكي بن أبي طالب: كان الناس على رأس المئتين (200هـ) بالبصرة على قراءة أبي عمرو ويعقوب، بالكوفة على قراءة حمزة وعاصم، بالشام على قراءة ابن عامر، بمكة على قراءة ابن كثير، بالمدينة على قراءة نافع. واستمروا على ذلك. فلما كان على رأس الثلاثمئة (300هـ)، أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب. قال: والسبب في الاقتصار على السبعة –مع أن في أئمة القراء من هو أجل منهم قدراً، ومثلهم أكثر من عددهم– أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيراً جداً. فلما تقاصرت الهمم، اقتصروا مما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به. فنظروا إلى من اشتهر بالثقة والأمانة، وطول العمر في ملازمة القراءة، والاتفاق على الأخذ عنه، فأفردوا من كل مصر إماما واحداً. ولم يتركوا مع ذلك ما نقل مما كان عليه الأئمة غير هؤلاء من القراءات ولا القراءة به، كقراءة يعقوب وعاصم الجحدري وأبي جعفر وشيبة وغيرهم... انظر فتح الباري (9|31).

أي القراءات أصح وأصوب؟

وهنا قد يتساءل المرء، أي القراءات أصح وأصوب؟ وهذا السؤال خطأ. ولعل الأصح قولاً: أيهن الأقوى تواتراً؟ فأقواهن تواتراً هي قراءة نافع المدني، ثم تليها قراءة ابن عامر الشامي وقراءة ابن كثير المكي. وهناك قراءات فيها خلاف، أعني أن بعض الناس ذمها وبخاصة قراءة حمزة وما تفرع عنها. وأما ما زعمه البعض من أن انتشار رواية حفص عن عاصم هذه الأيام دليل على أنها أصح، فليس في هذا القول إثارة من علم. ولو كان صادقاً، لكانت انتشرت قبل العثمانيين بعصور طويلة. لكن الحقيقة معروفة.

فرواية حفص عن عاصم كانت رواية نادرة لم تنتشر ولا حتى بالكوفة، وإنما أخذ أهلها رواية عاصم عن أبي بكر. ثم لما ضنّ بها أبو بكر، اضطروا للأخذ بقراءة حمزة والكسائي رغم كراهيتهم لها، وما التفتوا لرواية حفص. ثم لو نظرنا في العالم الإسلامي لوجدنا أنه خلال مدة من الزمن سادت قراءتا أبي عمرو ونافع على العالم الإسلامي. ولم يكن لرواية حفص عن عاصم ذكر. ثم مع قدوم الدولة العثمانية اعتُمِدت رواية حفص.

هذا الكتاب يقوم بتعريف شامل بالقراءات والمتواترة وأهم القراء وأهم أصولهم، وتضمن الكتاب تفصيلاً في أحكا القراؤات المتواترة أداء وفرشا، كما تضمن قائمة هائمة بعنوان متواتر التنزيل وهو يشتمل على 1183 كلمة اختلف القراء في متنها وهي كلها من باب المتواتر الذي يتعبد ببه وتستنبط منه الأحكام الشرعية.

.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

القراءة هي عند القراء أن يقرأ القرآن سواء كانت القراءة تلاوة بأن يقرأ متتابعا أو أداء بأن يأخذ من المشايخ ويقرأ. وقسّم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فهو رواية، وإن كان لمن بعده فنازلا فطريق أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.

وقراءات القرآن أو علم القراءات في الاصطلاح هو مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل؛ أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي ﷺ والمقرئ هو العالم بالقراءات، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي ﷺ.

والقراءات العشر هي عشر قراءات لقراءة القرآن أقرها العلماء في بحثهم لتحديد القراءات المتواترة، فاستقر الاعتماد العلمي، بعد زيادة ثلاث قراءات أخرى، أضيفت إلى القراءات السبع، على يد الإمام ابن الجزري، فأصبح مجموع المتواتر من القراءات عشر قراءات، وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاء الأئمة أبو جعفر المدني ويعقوب الحضرمي البصري وخلف بن هشام البغدادي

تاريخها:

نزل القرآن على سبعة أحرف، والأحرف ليست في الكتابة فقط بل في النطق والمعنى والتشكيل وعلامات الوقف والإيجاز، ونظرا لاختلاف لكنات ولهجات العرب الذين أنزل عليهم القرآن، وقد جمع الصحابي وأمير المؤمنين عثمان بن عفان القرآن على تشكيل واحد، وهناك سبع قراءات ثابتة وثلاث قراءات مكملة للسبع فيكتمل عقد العشر قراءات، وكل هذه القراءات ونطقها وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناقلها الصحابة ثم التابعون فالتابعين وهكذا.

يذكر القرآن أنه نزل بلسان العرب: {نَزَلَ بهِ الْرُّوحُ الْأمِيْنُ * عَلَى قَلْبكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرينْ * بلِسَانٍ عَرَبيٍّ مَبيْنٌ} وبين العرب اتفاق كبير في كثير من الكلمات واختلاف ضئيل في بعض الظواهر اللفظية التي تتميز بها كل قبيلة عن الأخرى، وحول ذلك قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ فاقرؤوا كما عُلّمتم." فكان كل صحابي يعلّم كما تعلّم وفي عصر تابع التابعين ظهر رجال تفرّغوا للقراءة ولنقلها وضبطها وجلسوا بعد ذلك للتعليم، فاشتُهرت القراءة التي كانوا يَقرؤون ويُقرئون بها الناس، فصارت تلك الكيفية تُنسب إلى هؤلاء القراء، لأنهم لزموها وليس لأنهم اخترعوها، فهم نقلوها نقلاً محضاً وليس لهم فيها أدنى تغيير أو زيادة.

وكما حصل مع الفقهاء في العصور الأولى حيث كان عددهم كبير جدًا في البداية برز منهم أئمة أربعة فقط، بعد أن تَهَيّأ لهم تلاميذ لزموهم ونقلوا مذاهبهم الفقهية، فبقيت مذاهبهم وانتشرت واندثرت باقي المذاهب، وكذلك حصل مع القرّاء حيث ظهر وبرز منهم عشرة من أئمة القراءة.

انتشارها:

أغلب هذه القراءات يعرفها أهل القراءات وعلماؤها الذين تلقوها وعددهم كافٍ للتواتر في العالم الإسلامي. لكن العامّة من المسلمين المنتشرين في أغلب دول العالم الإسلامي وعددهم يقدر بالملايين يقرؤون برواية الكوفية برواية الكوفي حفص عن عاصم وفي بلاد المغرب العربي يقرؤون بقراءة الإمام نافع وهو إمام أهل المدينة سواء رواية قالون أو رواية ورش". وفي السودان وفي حضرموت يقرؤون بالرواية التي رواها الدوري عن أبي عمرو.

سبب الاقتصار على القراءات السبع:

وقال مكي بن أبي طالب: كان الناس على رأس المئتين (200هـ) بالبصرة على قراءة أبي عمرو ويعقوب، بالكوفة على قراءة حمزة وعاصم، بالشام على قراءة ابن عامر، بمكة على قراءة ابن كثير، بالمدينة على قراءة نافع. واستمروا على ذلك. فلما كان على رأس الثلاثمئة (300هـ)، أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب. قال: والسبب في الاقتصار على السبعة –مع أن في أئمة القراء من هو أجل منهم قدراً، ومثلهم أكثر من عددهم– أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيراً جداً. فلما تقاصرت الهمم، اقتصروا مما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به. فنظروا إلى من اشتهر بالثقة والأمانة، وطول العمر في ملازمة القراءة، والاتفاق على الأخذ عنه، فأفردوا من كل مصر إماما واحداً. ولم يتركوا مع ذلك ما نقل مما كان عليه الأئمة غير هؤلاء من القراءات ولا القراءة به، كقراءة يعقوب وعاصم الجحدري وأبي جعفر وشيبة وغيرهم... انظر فتح الباري (9|31).

أي القراءات أصح وأصوب؟

وهنا قد يتساءل المرء، أي القراءات أصح وأصوب؟ وهذا السؤال خطأ. ولعل الأصح قولاً: أيهن الأقوى تواتراً؟ فأقواهن تواتراً هي قراءة نافع المدني، ثم تليها قراءة ابن عامر الشامي وقراءة ابن كثير المكي. وهناك قراءات فيها خلاف، أعني أن بعض الناس ذمها وبخاصة قراءة حمزة وما تفرع عنها. وأما ما زعمه البعض من أن انتشار رواية حفص عن عاصم هذه الأيام دليل على أنها أصح، فليس في هذا القول إثارة من علم. ولو كان صادقاً، لكانت انتشرت قبل العثمانيين بعصور طويلة. لكن الحقيقة معروفة.

فرواية حفص عن عاصم كانت رواية نادرة لم تنتشر ولا حتى بالكوفة، وإنما أخذ أهلها رواية عاصم عن أبي بكر. ثم لما ضنّ بها أبو بكر، اضطروا للأخذ بقراءة حمزة والكسائي رغم كراهيتهم لها، وما التفتوا لرواية حفص. ثم لو نظرنا في العالم الإسلامي لوجدنا أنه خلال مدة من الزمن سادت قراءتا أبي عمرو ونافع على العالم الإسلامي. ولم يكن لرواية حفص عن عاصم ذكر. ثم مع قدوم الدولة العثمانية اعتُمِدت رواية حفص.

تعريف شامل بالقراءات والمتواترة وأهم القراء وأهم أصولهم، وتضمن الكتاب تفصيلاً في أحكا القراؤات المتواترة أداء وفرشا، كما تضمن قائمة هائمة بعنوان متواتر التنزيل وهو يشتمل على 1183 كلمة اختلف القراء في متنها وهي كلها من باب المتواتر الذي يتعبد ببه وتستنبط منه الأحكام الشرعية.



سنة النشر : 2001م / 1422هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 3.6 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة الشامل في القراءات المتواترة

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل الشامل في القراءات المتواترة
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
محمد حبش - Muhammad Habash

كتب محمد حبش المؤلف باحث في التنوير الإسلامي وحوار الأديان، ويعتبر نفسه امتداداً لمدرسة الشيخ محمد عبده، وصيحات الأفغاني ومحمد إقبال ومالك بن نبي وجودت سعيد. يتبنى الدكتور محمد حبش مشروع التجديد الديني إذ تبنّى عدداً من قضايا التجديد الديني أهمها: رفض احتكار الخلاص، وتجديد فقه المرأة في الإسلام وإحياء مصادر الشريعة الغائبة مما يعني منح دور أكبر في التشريع للعقل على حساب النص. نشأ الدكتور حبش في مدرسة عمه الشيخ أحمد كفتارو، وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ محمد سكر حيث حصل على درجة الإقراء بالقراءات المتواترة منه ومن الفتوى السورية. كان واعظاً وخطيباً وإماماً إذ عقد عدة مؤتمرات إسلامية لتعزيز خطاب التنوير الإسلامي، ثم مؤسساً ومديراً لمعاهد القرآن الكريم في سوريا، فهو مؤسس ومستشار لمركز الدراسات الإسلامية، ومارس التأليف والشعر والكتابة، وحصل على درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، بإشراف الدكتور العلامة وهبة الزحيلي. انخرط في العمل السياسي وانتخب مرتين نائباً في مجلس الشعب السوري عن المستقلين، كما انتخب خمس مرات عضواً في هيئة رئاسة المجلس، كما انتخب مرتين رئيساً لجمعية علماء الشريعة. تبنى في البرلمان عدداً من القضايا التشريعية والقانونية ومنها قانون الجنسية للمرأة السورية، وقانون الحضانة، وقانون تحسين رواتب الموظفين الدينيين، كما نجح في منع ظاهرة الإعلان عن الفحشاء في سوريا. تم اختياره عضواً في اتحاد الكتاب العرب، وعضو شرف في هيئة المخترعين السوريين، وعضو شرف في اتحاد الصحفيين، وعضو مجلس الأمناء في جامعة الجزيرة، ونائب رئيس المنتدى العالمي للوسطية، وعضو مجلس الأمناء في الجامعة الإسلامية بإسلام آباد، ونائباً لرئيس الجمعية السورية الفلسطينية لحق العودة، وعضوا مؤسساً في شبكة الديمقراطيين العرب. انتقل منذ 2012 إلى الإمارات وعمل بالتدريس الجامعي في جامعة أبو ظبي أستاذاً للفقه الإسلامي في كلية القانون، وكلية الآداب والعلوم. ونشير إلى أن الكتب التي أصدرها الدكتور حبش بلغت 62 كتاباً، في قضايا الفكر الإسلامي والمسائل الوطنية، وكذلك بلغت المقالات التي كتبها أكثر من 1000 مقال نُشِرت في نحو ثلاثين صحيفة عربية، وله مقال فصلي بالإنكليزية ينشره له برنامج السانديكيت الدولي في 220 صحيفة عالمية. حصل على جوائز دولية عدة ومنها جوائز المسابقة الدولية للقرآن الكريم في السعودية وليبيا وإيران، وجائزة رائد في علوم القرآن في الكويت خلال مؤتمر القرآن الكريم حضارة الأمة بالإضافة إلى حصوله على رتبة سفير السلام في منظمة السلام العالمي، وغيرها كثير... ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الشامل في القراءات المتواترة ❝ ❞ الدبلوماسية بدل الحرب ❝ ❞ الإسلام والدبلوماسية ❝ ❞ رسالة الجهاد من الغزو والفتح إلى الجيش الوطني ❝ ❞ المرأة بين الشريعة والحياة ❝ ❞ النبي الديمقراطي ❝ ❞ روائع شعر الحكمة ❝ ❞ العقوبات الجسدية وكرامة الانسان ❝ ❞ المسلمون وعلوم الحضارة ❝ الناشرين : ❞ جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ❝ ❞ مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الكلم الطيب ❝ ❱. المزيد..

كتب محمد حبش
الناشر:
دار الكلم الطيب
كتب دار الكلم الطيب ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ مدارك التنزيل وحقائق التأويل (تفسير النسفي) (ط الكلم الطيب) ❝ ❞ الشامل في القراءات المتواترة ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ محمد حبش ❝ ❞ عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي أبو البركات ❝ ❱.المزيد.. كتب دار الكلم الطيب