❞ كتاب فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن ❝  ⏤ على الضباع

❞ كتاب فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن ❝ ⏤ على الضباع

فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «هذه نبذةٌ لطيفةٌ في بيان آداب قارئ القرآن وكاتبِه، ومَن يُعلِّمُه أو يتعلَّمُه، أو يحضُرُ مجالسَ المُحتفِلين به، لخَّصْتُها من كُتب الأئمة المُعتبَرين؛ كـ «التبيان»، و«الإتقان»، و«اللطائف»، و«الإتحاف»، و«النهاية»، و«تحفة الناظِرين»».

يقول أضعف الورى وأحوج الخلق إلى رحمة الغني الكريم (علي الضباع بن محمد بن حسن بن إبراهيم) : هذه نبذة لطيفة في بيان آداب قارىء القرآن، وكاتبه، ومن يعلمه أو يتعلمه، أو يحضر مجالس المحتفلين به، لخصتها من كتب الأئمة المعتبرين، كالتبيان والاتقان واللطائف والاتحاف والنهاية وتحفة الناظرين. وسميتها: (فتح الكريم المنان، في آداب حملة القرآن) .

والله أسأل أن ينفع بها النفع العميم، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، إنه جواد كريم رؤوف رحيم.

[آداب القارىء]

يجب عليه ن يخلص في قراءته وبريد بها وجه الله تعالى دون شيء آخر من تصنع لمخلوق، أو اكتساب محمدة عند الناس، أو محبة، أو مدح، أو نحو ذلك، وأن لا يقصد بها توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة، وأن لا يتخذ القرآن معيشة يتكسب بها، فلو كان له شيء يأخذه على ذلك فلا يأخذه بنية الأجرة، بل بنية الإعانة على ما هو بصدده، وأن يراعي الأدب مع القرآن، فيستحضر في ذهنه أنه يناجي ربه ويقرأ كتابه، فيتلوه على حالة من يرى الله تعالى، فإن لم يكن يراه، فإن الله سبحانه وتعالى يراه، وذلك بأن يقدر كأنه واقف بين يدي الله تعالى، وهو ناظر إليه ومستمع منه.

ويستحب له إذا أراد القراءة أن ينظف فاه بالخلال ثم بالسواك أو نحوه من كل ما ينظف. أما متنجس الفم فتكره له القراءة. وقيل تحرم كمس المصحف باليد النجسة، ولو قطع القراءة وعاد إليها عن قرب استحب له إعادة السواك قياسا على التعوذ، وأن يكون متطهرا متطيبا بماء ورد ونحوه، ولا تكره القراءة للمتحدث، وكذا المستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهرها وأما الجنب والحائض فتحرم عليهما القراءة. نعم يجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب. وإذا عرض للقارىء ريح فليمسك عن القراءة حتى يتكامل خروجه ثم يعود إلى القراءة، وكذلك إذا تئاءب أمسك عنها أيضا حتى ينقضي التثاؤب، وأن يقرأ في مكان نظيف، وأفضله المسجد بشرطه، ولتحصل فضيلة الإعتكاف، وهو أدب حسن.

وكره قوم القراءة في الحمام والطريق. واختار الشافعية أن لا تكره فيهما ما لم يشتغل وإلا كرهت كحش، وبيت الرحا وهي تدور، والأسواق، ومواطن اللغط واللغو، ومجمع السفهاء، وبيت الخلاء، وتكره أيضا للناعس مخافة الغلط، وفي حالة الخطبة لمن يسمعها، وأن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا له، وأن يكون مصونا عن دنيء الاكتساب، شريف النفس، مرتفعاً على الجبارة والحفاء من أهل الدنيا، متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين، وأن يجتنب الضحك والحديث الأجنبي خلال القراءة إلا لحاجة والعبث باليد ونحوها، والنظر إلى ما يلهي أو يبدد الذهن، وأن يلبس ثياب التجمل كما يلبسها للدخول على الأمير، وأن يجلس عند القراءة مستقبل القبلة، مستويا، ذا سكينة ووقار، مطرقا رأسه غير مترفع، ولا على هيئة التكبر، بحيث يكون جلوسه وحده كجلوسه بين يدي معلمه.

فلو قرأ قائما أو مضطجعا جاز، وله أجر أيضا ولكنه دون الأول، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم قبل القراءة، وقبل بعدها لظاهر الآية وأوجبها قوم لظاهر الأمر، فلو مر على قوم فسلم عليهم وعاد إلى القراءة حسن إعادة التعوذ، وليحافظ على قراءة البسملة أول كل سورة غير براءة، وتتأكد إذا كانت القراءة في وظيفة عليها جعل، ويخير القارىء عند الابتداء بالأوساط. والسنة أن يصل البسملة بالحمدلة، وأن يجهر بها حيث يشرع الجهر بالقراءة. والاسرار بالقراءة أفضل إن خيف الرياء، أو تأذي مصلين أو نيام، وإلا فالجهر أفضل.

ويسن أن يخلو بقراءته حتى لا يقطع عليه أحد بكلام فيخلطه بجوابه، وإذا مر بأحد وهو يقرأ فيستحب له قطع القراءة ليسلم عليه ثم يرجع إليها، ولو أعاد التعوذ كان حسنا، ويقطعها لرد السلام وجوبا، وللحمد بعد العطاس، وللتشميت، ولإجابة المؤذن ندبا، وإذا ورد عليه من فيه فضيلة من علم أو صلاح أو شرف فلا بأس بالقيام له على سبيل الإكرام، لا للرياء، بل ذلك مستحب، ويسن أن يقرأ على ترتيب المصحف، لآن ترتيبه لحكمة، فلا يتركها إلا فيما ورد الشرع باستثنائه، فلو فرق السور أو عكسها كما في تعليم الصغار جاز وقد ترك الأفضل، وأما قراءة السورة منكوسة فمتفق على منعه، ويكره خلط سورة بسورة، والتقاط آية أو آيتين أو أكثر من كل سورة مع ترك قراءة باقيها، وإذا ابتدأ من وسط سورة أو وقف على غير آخرها فليبتدىء من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض، وليقف على الكلام المرتبط، ولا يتقيد بعشر ولا حزب، والقراءة في المصحف أفضل منها عن ظهر قلب، لأنه يجمع القراءة والنظر في المصحف وهو عبادة أخرى.

نعم إن زاد خشوعه وحضور قلبه في قراءته عن ظهر قلب، فهي أفضل في حقه، قاله الإمام النووي تفقها وهو حسن، ولا يحتاج قراءة القرآن إلى نية كسائر الأذكار إلا إذا نذرها، فلا بد من نية النذر، وتستحب قراءة الجماعة مجتمعين سواء كانت مدارسة أو إدارة، وتجوز قراءة القرآن بالقراءات المجمع على تواترها دون الروايات الشاذة، ومن قرأ بالشاذة يجب تعريفه بتحريمها كما عليه الجمهور إن كان جاهلا، وتعزيره ومنعه منها إن كان عالما، وإذا ابتدأ قارىء بقراءة أحد القراء فينبغي أن يستمر على القراءة بها ما دام الكلام مرتبطا، فإذا انقضى ارتباطه فله أن يقرأ بغيرها، والأولى دوامه على الأولى في هذا المجلس، ولا تجوز القراءة بالعجمية مطلقا، كما لا تجوز بجمع القراءات في محافل العامة دون العرض على الشيوخ مع ما فيه، وتستحب القراءة بالترتيل وتحسين الصوت بشرط أن لا تخرج عن حدود الواجب شرعا من إخراج كل حرف من مخرجه موفى حقه ومستحقه، وإلا كرهت، وتكره بالإفراط في الإسراع مطلقا، وتستحب القراءة أيضا بالتدبر والتفهم بأن يشغل القارىء قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به فيعرف معنى كل آية، ويتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد قبول ذلك، ولا بأس بتكرير الآية وترديدها حتى يتم له ذلك، فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مر بآية فيها ذكر محمد صلى الله عليه وسلم صلى عليه سواء القارىء والمستمع، ويتأكد ذلك عند قوله تعالى (إِنَّ اللَهَ وَمَلائِكَتِهِ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليماً) .

وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوذ، أو تنزيه نزه وعظم، أو دعاء تضرع وطلب، وليقل بعد خاتمة والتين: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وبعد خاتمة القيامة: بلى وبعد خاتمة المرسلات: آمنا بالله وبعد خاتمة الملك: الله رب العالمين وبعد: فبأي آلاء ربكما تكذبان، ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد، وبعد ختم والضحى وما بعدها يكبر وليخفض صوته بقوله: وقالت اليهود عزيز ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله ونحو ذلك، وإذا فرغ من لفاتحه يقول آمين.

ويستحب أن يكثر من البكاء عند القراءة والتباكي لمن لا يقدر عليه، والحزن والخشوع، وطريق تكلف البكاء أن يحضر قلبه الحزن، فمن الحزن ينشأ البكاء، ووجه إحضار الحزن أن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد والمواثيق والعهود ثم يتأمل في تقصيره في امتثال أوامره وزواجره فيحزن لا محالة ويبكي، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر أرباب القلوب الصافية، فليبك على فقد ذلك منه فإنه من عظم المصائب.
على الضباع - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ شرح تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن ❝ ❞ فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن ❝ ❞ الفرائد المرتبة على الفوائد المهذبة في بيان خلف حفص من طريق الطيبة ❝ الناشرين : ❞ المعارف القرأنية ❝ ❱
من كتب علوم القرآن كتب التفاسير وعلوم القرآن الكريم - مكتبة كتب إسلامية.


اقتباسات من كتاب فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن

نبذة عن الكتاب:
فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن

2007م - 1446هـ
فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «هذه نبذةٌ لطيفةٌ في بيان آداب قارئ القرآن وكاتبِه، ومَن يُعلِّمُه أو يتعلَّمُه، أو يحضُرُ مجالسَ المُحتفِلين به، لخَّصْتُها من كُتب الأئمة المُعتبَرين؛ كـ «التبيان»، و«الإتقان»، و«اللطائف»، و«الإتحاف»، و«النهاية»، و«تحفة الناظِرين»».

يقول أضعف الورى وأحوج الخلق إلى رحمة الغني الكريم (علي الضباع بن محمد بن حسن بن إبراهيم) : هذه نبذة لطيفة في بيان آداب قارىء القرآن، وكاتبه، ومن يعلمه أو يتعلمه، أو يحضر مجالس المحتفلين به، لخصتها من كتب الأئمة المعتبرين، كالتبيان والاتقان واللطائف والاتحاف والنهاية وتحفة الناظرين. وسميتها: (فتح الكريم المنان، في آداب حملة القرآن) .

والله أسأل أن ينفع بها النفع العميم، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، إنه جواد كريم رؤوف رحيم.

[آداب القارىء]

يجب عليه ن يخلص في قراءته وبريد بها وجه الله تعالى دون شيء آخر من تصنع لمخلوق، أو اكتساب محمدة عند الناس، أو محبة، أو مدح، أو نحو ذلك، وأن لا يقصد بها توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة، وأن لا يتخذ القرآن معيشة يتكسب بها، فلو كان له شيء يأخذه على ذلك فلا يأخذه بنية الأجرة، بل بنية الإعانة على ما هو بصدده، وأن يراعي الأدب مع القرآن، فيستحضر في ذهنه أنه يناجي ربه ويقرأ كتابه، فيتلوه على حالة من يرى الله تعالى، فإن لم يكن يراه، فإن الله سبحانه وتعالى يراه، وذلك بأن يقدر كأنه واقف بين يدي الله تعالى، وهو ناظر إليه ومستمع منه.

ويستحب له إذا أراد القراءة أن ينظف فاه بالخلال ثم بالسواك أو نحوه من كل ما ينظف. أما متنجس الفم فتكره له القراءة. وقيل تحرم كمس المصحف باليد النجسة، ولو قطع القراءة وعاد إليها عن قرب استحب له إعادة السواك قياسا على التعوذ، وأن يكون متطهرا متطيبا بماء ورد ونحوه، ولا تكره القراءة للمتحدث، وكذا المستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهرها وأما الجنب والحائض فتحرم عليهما القراءة. نعم يجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب. وإذا عرض للقارىء ريح فليمسك عن القراءة حتى يتكامل خروجه ثم يعود إلى القراءة، وكذلك إذا تئاءب أمسك عنها أيضا حتى ينقضي التثاؤب، وأن يقرأ في مكان نظيف، وأفضله المسجد بشرطه، ولتحصل فضيلة الإعتكاف، وهو أدب حسن.

وكره قوم القراءة في الحمام والطريق. واختار الشافعية أن لا تكره فيهما ما لم يشتغل وإلا كرهت كحش، وبيت الرحا وهي تدور، والأسواق، ومواطن اللغط واللغو، ومجمع السفهاء، وبيت الخلاء، وتكره أيضا للناعس مخافة الغلط، وفي حالة الخطبة لمن يسمعها، وأن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا له، وأن يكون مصونا عن دنيء الاكتساب، شريف النفس، مرتفعاً على الجبارة والحفاء من أهل الدنيا، متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين، وأن يجتنب الضحك والحديث الأجنبي خلال القراءة إلا لحاجة والعبث باليد ونحوها، والنظر إلى ما يلهي أو يبدد الذهن، وأن يلبس ثياب التجمل كما يلبسها للدخول على الأمير، وأن يجلس عند القراءة مستقبل القبلة، مستويا، ذا سكينة ووقار، مطرقا رأسه غير مترفع، ولا على هيئة التكبر، بحيث يكون جلوسه وحده كجلوسه بين يدي معلمه.

فلو قرأ قائما أو مضطجعا جاز، وله أجر أيضا ولكنه دون الأول، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم قبل القراءة، وقبل بعدها لظاهر الآية وأوجبها قوم لظاهر الأمر، فلو مر على قوم فسلم عليهم وعاد إلى القراءة حسن إعادة التعوذ، وليحافظ على قراءة البسملة أول كل سورة غير براءة، وتتأكد إذا كانت القراءة في وظيفة عليها جعل، ويخير القارىء عند الابتداء بالأوساط. والسنة أن يصل البسملة بالحمدلة، وأن يجهر بها حيث يشرع الجهر بالقراءة. والاسرار بالقراءة أفضل إن خيف الرياء، أو تأذي مصلين أو نيام، وإلا فالجهر أفضل.

ويسن أن يخلو بقراءته حتى لا يقطع عليه أحد بكلام فيخلطه بجوابه، وإذا مر بأحد وهو يقرأ فيستحب له قطع القراءة ليسلم عليه ثم يرجع إليها، ولو أعاد التعوذ كان حسنا، ويقطعها لرد السلام وجوبا، وللحمد بعد العطاس، وللتشميت، ولإجابة المؤذن ندبا، وإذا ورد عليه من فيه فضيلة من علم أو صلاح أو شرف فلا بأس بالقيام له على سبيل الإكرام، لا للرياء، بل ذلك مستحب، ويسن أن يقرأ على ترتيب المصحف، لآن ترتيبه لحكمة، فلا يتركها إلا فيما ورد الشرع باستثنائه، فلو فرق السور أو عكسها كما في تعليم الصغار جاز وقد ترك الأفضل، وأما قراءة السورة منكوسة فمتفق على منعه، ويكره خلط سورة بسورة، والتقاط آية أو آيتين أو أكثر من كل سورة مع ترك قراءة باقيها، وإذا ابتدأ من وسط سورة أو وقف على غير آخرها فليبتدىء من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض، وليقف على الكلام المرتبط، ولا يتقيد بعشر ولا حزب، والقراءة في المصحف أفضل منها عن ظهر قلب، لأنه يجمع القراءة والنظر في المصحف وهو عبادة أخرى.

نعم إن زاد خشوعه وحضور قلبه في قراءته عن ظهر قلب، فهي أفضل في حقه، قاله الإمام النووي تفقها وهو حسن، ولا يحتاج قراءة القرآن إلى نية كسائر الأذكار إلا إذا نذرها، فلا بد من نية النذر، وتستحب قراءة الجماعة مجتمعين سواء كانت مدارسة أو إدارة، وتجوز قراءة القرآن بالقراءات المجمع على تواترها دون الروايات الشاذة، ومن قرأ بالشاذة يجب تعريفه بتحريمها كما عليه الجمهور إن كان جاهلا، وتعزيره ومنعه منها إن كان عالما، وإذا ابتدأ قارىء بقراءة أحد القراء فينبغي أن يستمر على القراءة بها ما دام الكلام مرتبطا، فإذا انقضى ارتباطه فله أن يقرأ بغيرها، والأولى دوامه على الأولى في هذا المجلس، ولا تجوز القراءة بالعجمية مطلقا، كما لا تجوز بجمع القراءات في محافل العامة دون العرض على الشيوخ مع ما فيه، وتستحب القراءة بالترتيل وتحسين الصوت بشرط أن لا تخرج عن حدود الواجب شرعا من إخراج كل حرف من مخرجه موفى حقه ومستحقه، وإلا كرهت، وتكره بالإفراط في الإسراع مطلقا، وتستحب القراءة أيضا بالتدبر والتفهم بأن يشغل القارىء قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به فيعرف معنى كل آية، ويتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد قبول ذلك، ولا بأس بتكرير الآية وترديدها حتى يتم له ذلك، فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مر بآية فيها ذكر محمد صلى الله عليه وسلم صلى عليه سواء القارىء والمستمع، ويتأكد ذلك عند قوله تعالى (إِنَّ اللَهَ وَمَلائِكَتِهِ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليماً) .

وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوذ، أو تنزيه نزه وعظم، أو دعاء تضرع وطلب، وليقل بعد خاتمة والتين: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وبعد خاتمة القيامة: بلى وبعد خاتمة المرسلات: آمنا بالله وبعد خاتمة الملك: الله رب العالمين وبعد: فبأي آلاء ربكما تكذبان، ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد، وبعد ختم والضحى وما بعدها يكبر وليخفض صوته بقوله: وقالت اليهود عزيز ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله ونحو ذلك، وإذا فرغ من لفاتحه يقول آمين.

ويستحب أن يكثر من البكاء عند القراءة والتباكي لمن لا يقدر عليه، والحزن والخشوع، وطريق تكلف البكاء أن يحضر قلبه الحزن، فمن الحزن ينشأ البكاء، ووجه إحضار الحزن أن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد والمواثيق والعهود ثم يتأمل في تقصيره في امتثال أوامره وزواجره فيحزن لا محالة ويبكي، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر أرباب القلوب الصافية، فليبك على فقد ذلك منه فإنه من عظم المصائب.

.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «هذه نبذةٌ لطيفةٌ في بيان آداب قارئ القرآن وكاتبِه، ومَن يُعلِّمُه أو يتعلَّمُه، أو يحضُرُ مجالسَ المُحتفِلين به، لخَّصْتُها من كُتب الأئمة المُعتبَرين؛ كـ «التبيان»، و«الإتقان»، و«اللطائف»، و«الإتحاف»، و«النهاية»، و«تحفة الناظِرين»». 

يقول أضعف الورى وأحوج الخلق إلى رحمة الغني الكريم (علي الضباع بن محمد بن حسن بن إبراهيم) : هذه نبذة لطيفة في بيان آداب قارىء القرآن، وكاتبه، ومن يعلمه أو يتعلمه، أو يحضر مجالس المحتفلين به، لخصتها من كتب الأئمة المعتبرين، كالتبيان والاتقان واللطائف والاتحاف والنهاية وتحفة الناظرين. وسميتها: (فتح الكريم المنان، في آداب حملة القرآن) .

والله أسأل أن ينفع بها النفع العميم، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، إنه جواد كريم رؤوف رحيم.

[آداب القارىء]

يجب عليه ن يخلص في قراءته وبريد بها وجه الله تعالى دون شيء آخر من تصنع لمخلوق، أو اكتساب محمدة عند الناس، أو محبة، أو مدح، أو نحو ذلك، وأن لا يقصد بها توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة، وأن لا يتخذ القرآن معيشة يتكسب بها، فلو كان له شيء يأخذه على ذلك فلا يأخذه بنية الأجرة، بل بنية الإعانة على ما هو بصدده، وأن يراعي الأدب مع القرآن، فيستحضر في ذهنه أنه يناجي ربه ويقرأ كتابه، فيتلوه على حالة من يرى الله تعالى، فإن لم يكن يراه، فإن الله سبحانه وتعالى يراه، وذلك بأن يقدر كأنه واقف بين يدي الله تعالى، وهو ناظر إليه ومستمع منه.

ويستحب له إذا أراد القراءة أن ينظف فاه بالخلال ثم بالسواك أو نحوه من كل ما ينظف. أما متنجس الفم فتكره له القراءة. وقيل تحرم كمس المصحف باليد النجسة، ولو قطع القراءة وعاد إليها عن قرب استحب له إعادة السواك قياسا على التعوذ، وأن يكون متطهرا متطيبا بماء ورد ونحوه، ولا تكره القراءة للمتحدث، وكذا المستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهرها وأما الجنب والحائض فتحرم عليهما القراءة. نعم يجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب. وإذا عرض للقارىء ريح فليمسك عن القراءة حتى يتكامل خروجه ثم يعود إلى القراءة، وكذلك إذا تئاءب أمسك عنها أيضا حتى ينقضي التثاؤب، وأن يقرأ في مكان نظيف، وأفضله المسجد بشرطه، ولتحصل فضيلة الإعتكاف، وهو أدب حسن.

 وكره قوم القراءة في الحمام والطريق. واختار الشافعية أن لا تكره فيهما ما لم يشتغل وإلا كرهت كحش، وبيت الرحا وهي تدور، والأسواق، ومواطن اللغط واللغو، ومجمع السفهاء، وبيت الخلاء، وتكره أيضا للناعس مخافة الغلط، وفي حالة الخطبة لمن يسمعها، وأن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا له، وأن يكون مصونا عن دنيء الاكتساب، شريف النفس، مرتفعاً على الجبارة والحفاء من أهل الدنيا، متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين، وأن يجتنب الضحك والحديث الأجنبي خلال القراءة إلا لحاجة والعبث باليد ونحوها، والنظر إلى ما يلهي أو يبدد الذهن، وأن يلبس ثياب التجمل كما يلبسها للدخول على الأمير، وأن يجلس عند القراءة مستقبل القبلة، مستويا، ذا سكينة ووقار، مطرقا رأسه غير مترفع، ولا على هيئة التكبر، بحيث يكون جلوسه وحده كجلوسه بين يدي معلمه. 

فلو قرأ قائما أو مضطجعا جاز، وله أجر أيضا ولكنه دون الأول، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم قبل القراءة، وقبل بعدها لظاهر الآية وأوجبها قوم لظاهر الأمر، فلو مر على قوم فسلم عليهم وعاد إلى القراءة حسن إعادة التعوذ، وليحافظ على قراءة البسملة أول كل سورة غير براءة، وتتأكد إذا كانت القراءة في وظيفة عليها جعل، ويخير القارىء عند الابتداء بالأوساط. والسنة أن يصل البسملة بالحمدلة، وأن يجهر بها حيث يشرع الجهر بالقراءة. والاسرار بالقراءة أفضل إن خيف الرياء، أو تأذي مصلين أو نيام، وإلا فالجهر أفضل. 

ويسن أن يخلو بقراءته حتى لا يقطع عليه أحد بكلام فيخلطه بجوابه، وإذا مر بأحد وهو يقرأ فيستحب له قطع القراءة ليسلم عليه ثم يرجع إليها، ولو أعاد التعوذ كان حسنا، ويقطعها لرد السلام وجوبا، وللحمد بعد العطاس، وللتشميت، ولإجابة المؤذن ندبا، وإذا ورد عليه من فيه فضيلة من علم أو صلاح أو شرف فلا بأس بالقيام له على سبيل الإكرام، لا للرياء، بل ذلك مستحب، ويسن أن يقرأ على ترتيب المصحف، لآن ترتيبه لحكمة، فلا يتركها إلا فيما ورد الشرع باستثنائه، فلو فرق السور أو عكسها كما في تعليم الصغار جاز وقد ترك الأفضل، وأما قراءة السورة منكوسة فمتفق على منعه، ويكره خلط سورة بسورة، والتقاط آية أو آيتين أو أكثر من كل سورة مع ترك قراءة باقيها، وإذا ابتدأ من وسط سورة أو وقف على غير آخرها فليبتدىء من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض، وليقف على الكلام المرتبط، ولا يتقيد بعشر ولا حزب، والقراءة في المصحف أفضل منها عن ظهر قلب، لأنه يجمع القراءة والنظر في المصحف وهو عبادة أخرى.

 نعم إن زاد خشوعه وحضور قلبه في قراءته عن ظهر قلب، فهي أفضل في حقه، قاله الإمام النووي تفقها وهو حسن، ولا يحتاج قراءة القرآن إلى نية كسائر الأذكار إلا إذا نذرها، فلا بد من نية النذر، وتستحب قراءة الجماعة مجتمعين سواء كانت مدارسة أو إدارة، وتجوز قراءة القرآن بالقراءات المجمع على تواترها دون الروايات الشاذة، ومن قرأ بالشاذة يجب تعريفه بتحريمها كما عليه الجمهور إن كان جاهلا، وتعزيره ومنعه منها إن كان عالما، وإذا ابتدأ قارىء بقراءة أحد القراء فينبغي أن يستمر على القراءة بها ما دام الكلام مرتبطا، فإذا انقضى ارتباطه فله أن يقرأ بغيرها، والأولى دوامه على الأولى في هذا المجلس، ولا تجوز القراءة بالعجمية مطلقا، كما لا تجوز بجمع القراءات في محافل العامة دون العرض على الشيوخ مع ما فيه، وتستحب القراءة بالترتيل وتحسين الصوت بشرط أن لا تخرج عن حدود الواجب شرعا من إخراج كل حرف من مخرجه موفى حقه ومستحقه، وإلا كرهت، وتكره بالإفراط في الإسراع مطلقا، وتستحب القراءة أيضا بالتدبر والتفهم بأن يشغل القارىء قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به فيعرف معنى كل آية، ويتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد قبول ذلك، ولا بأس بتكرير الآية وترديدها حتى يتم له ذلك، فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مر بآية فيها ذكر محمد صلى الله عليه وسلم صلى عليه سواء القارىء والمستمع، ويتأكد ذلك عند قوله تعالى (إِنَّ اللَهَ وَمَلائِكَتِهِ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليماً) . 

وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوذ، أو تنزيه نزه وعظم، أو دعاء تضرع وطلب، وليقل بعد خاتمة والتين: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وبعد خاتمة القيامة: بلى وبعد خاتمة المرسلات: آمنا بالله وبعد خاتمة الملك: الله رب العالمين وبعد: فبأي آلاء ربكما تكذبان، ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد، وبعد ختم والضحى وما بعدها يكبر وليخفض صوته بقوله: وقالت اليهود عزيز ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله ونحو ذلك، وإذا فرغ من لفاتحه يقول آمين.

ويستحب أن يكثر من البكاء عند القراءة والتباكي لمن لا يقدر عليه، والحزن والخشوع، وطريق تكلف البكاء أن يحضر قلبه الحزن، فمن الحزن ينشأ البكاء، ووجه إحضار الحزن أن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد والمواثيق والعهود ثم يتأمل في تقصيره في امتثال أوامره وزواجره فيحزن لا محالة ويبكي، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر أرباب القلوب الصافية، فليبك على فقد ذلك منه فإنه من عظم المصائب.

 : قال المُصنِّف رحمه الله : «هذه نبذةٌ لطيفةٌ في بيان آداب قارئ القرآن وكاتبِه، ومَن يُعلِّمُه أو يتعلَّمُه، أو يحضُرُ مجالسَ المُحتفِلين به، لخَّصْتُها من كُتب الأئمة المُعتبَرين؛ كـ «التبيان»، و«الإتقان»، و«اللطائف»، و«الإتحاف»، و«النهاية»، و«تحفة الناظِرين»». 



سنة النشر : 2007م / 1428هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 2.4 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
على الضباع - Ali aldbaa

كتب على الضباع ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ شرح تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن ❝ ❞ فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن ❝ ❞ الفرائد المرتبة على الفوائد المهذبة في بيان خلف حفص من طريق الطيبة ❝ الناشرين : ❞ المعارف القرأنية ❝ ❱. المزيد..

كتب على الضباع
الناشر:
المعارف القرأنية
كتب المعارف القرأنية ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن ❝ ❞ الاتمام بجمع آيات الأحكام نسخة مصورة ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم ❝ ❞ على الضباع ❝ ❱.المزيد.. كتب المعارف القرأنية