الإعلام الفضائي والتغريب الثقافي لـ أ
إن الحدث الأكثر أهمية على الصعيد الثقافي العالمي هو دون شك ... وبالنسبة لأغلب أمم الأرض: صعود الثقافة الغربية بكل ما تنطوي عليه من قيم روحية ومادية، منظومات علمية وأسطورية ورمزية إلى مصاف الثقافة السائدة التي تشكل مصدرا للحضارة. ولا نعني بالصعود إلى مصاف السيادة العالمية انتشار الثقافة الغربية في كل أصقاع العالم، ولا هيمنتها على كل العقول والنفوس وتحكمها بكل ما يظهر من الإنتاج الثقافي والنشاط الروحي في كل مكان، وإنما المقصود هو الإشارة إلى ثقافة تعطي للقيم الإنسانية – ومن خلال الحضارة التي تغذيها – تجسيداتها الجديدة أو الراهنة وأطرها المادية أو العقلية فتصبح بذلك مقياسا عالميا لإنجازات بقية الثقافات. ومن الطبيعي أن يدخل صعود الثقافة الغربية إلى هذا الموقع أنماطا فكرية وسلوكية جديدة لم تزل آثارها مستمرة حتى اليوم في كل مناحي الحياة في البلاد الأخرى التابعة، ويشكل دخول هذه الأنماط من كل الوجوه ثورة حقيقية في الرؤية والمفاهيم والمبادئ والأهداف الكبرى للجماعة البشرية ... فتجد هذه الثقافات نفسها في مواجهة ثقافة مبدعة في أوج ازدهارها وتفتحها، وبقدر ما تستسلم هذه الثقافات للثقافة السائدة وتسعى إلى تقليدها واستمداد الالكتب والقيمة منها، تتحول إلى مناجم ومواد أولية تغذي الثقافة المهيمنة وتحولها إلى مصادر قوة ونمو جديدة ... وبقدر ما تنجح ثقافة في احتلال حقل العالمية تزيح الثقافات الأخرى عن مواقعها تأثيرها حتى داخل حدودها القومية وتعرضها لأزمة عميقة تمس كل الوظائف الحيوية فيها، وقد تودي بها تماما. . المزيد..