❞ كتاب تغريد فى السعادة و التفاؤل و الأمل ❝  ⏤ عبد الله المغلوث

❞ كتاب تغريد فى السعادة و التفاؤل و الأمل ❝ ⏤ عبد الله المغلوث

شعرتُ بألم مضنٍ في الرابع من كانون الأول/ديسمبر عام 2010 عندما تعرّضتُ للإيقاف عن الكتابة الصحفية؛ إثر مقالة نشرتُها بعنوان: “كم عمر أصغر مسؤول لدينا؟“، التي تمنيت في أحشائها أن تنتشر عدوى استقالة مؤسس تويتر ومديره التنفيذي السابق، إيفان وليامز ، في مجتمعاتنا، التي جاء في مطلعها: “استقلتُ من إدارة تويتر؛ لأن بناء الأشياء هو شغفي. لم أكن يوماً شغوفاً بالإدارة. سأترك المكان لغيري؛ لأعود إلى ممارسة ما أحب”. اعتقلني الحزن كوننا نتشبث بالبقاء، في حين يتوق غيرنا للبناء. أوصدت أبواب الأفراح في صدري جرّاء ردة الفعل الغاضبة على مقالة قصيرة. لم أجد سوى التدوين طوقاً للنجاة، بل لم أجد غير تويتر، التدوين المصغر، الذي تسبب في إيقافي، متنفساً وملاذاً. منحني تويتر سعادة عارمة مع كل تغريدة أكتبها. وأخرى أتصفّحها. سعادة نقلتني من ضفة الحزن إلى السعادة. غيّر تويتر نظرتي تجاه الكثير من الأمور. جعلني أكثر شجاعة على البوح. وأكثر إقبالاً على الاختصار، وأكثر بعداً من الاحتضار.
اكتشفت بفضله أن أعظم النجاحات تأتي بعد أقسى الصدمات. كان نجاحي هو عثوري على أصدقاء جدد أستظل بظلهم. أغفو على وسائد حروفهم. وألتحف كلماتهم. أحلم معهم وبهم.
هؤلاء الأصدقاء وهبوني أياديهم؛ لأهبط على شاطئ مبلل بالفرح، وأغرّد معهم، وأنسى همومي. كتبت تغريدات كثيرة، كثيرة جداً. نسيت إثرها الكتابة التي كنت أقترفها قبل تويتر. فعندما رفع الإيقاف عني وجدتني غير قادر على العودة إلى سابق عهدي. حاولت أن أكتب المقالة الطويلة من دون جدوى. كنت أتعثّر في كل مرة، ولا أكمل شيئاً. بعد محاولات عديدة، قررت أن أستخدم التغريدات التي كتبتها كبذور لمقالات مطوّلة، فوجدتها حلاً ناجعاً، واستثماراً ناجحاً. صار تويتر، لاحقاً، ورشة عملي. التغريدة التي تنال اهتمام الأصدقاء تعني أنها مشروع مقالة ناجحة. والتغريدة التي لا تترك أثراً يُفضّل نسيانها، أو تطويرها حتى تنضج.إيقافي أعادني إلى مشاريعي المؤجلة. ودفعني إلى إصدار كتابيّ: “كخه يا بابا… في نقد الظواهر الاجتماعية”، و”مضاد حيوي لليأس… قصص نجاح سعودية”، بعد أن كانا مشروعين مُتعثّرين في رأسي. أدركت حكمة رب العالمين عندما قال تعالى في محكم تنزيله: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 216].
لقد ساهم إيقافي عن الكتابة باستكشافي لعوالم جديدة، ومساحات جديدة ربما لم أكن سأظفر بها لو لم أُوقف. إننا دائما نحزن على خسارتنا أشياء ربما يكون فقدانها خيراً لنا. ونقاتل في سبيل استعادتها بكل ما أوتينا من طاقة. لكن هل سألنا أنفسنا: هل هذه الأشياء تستحق كل هذه المشاعر والأحاسيس والجهود التي أهدرناها في سبيلها؟ هل جرّبنا أشياء أخري بديلة منها؟ إن تمسكنا بالعادات نفسها هو سبب رئيس للإحباط العارم الذي يقطُننا. حياة الكثير منا تخلو من التجارب الجديدة والمغامرات المثيرة. هذه التجارب هي التي تمدّنا بتحدّيات وفرص جديدة لم نكن نحلم بها مُبكِراً.

دخل، إلغرنون فورس، موظف بريد إمريكي متقاعد، تويتر، بحثاً عن مُتعة يقضيها بين أروقته. لكن فوجئ بمتابعة كبيرة لحسابه تجاوزت مئتين ألف متابع في وقت قصير نسبياً. السيد فورس لا يقدم شيئاً جديداً، لكنه يقدم نفسه كما هو. يغرّد عن كل ما يسمعه ويشاهده بعفوية. دفعت هذه العفوية المئات لمتابعته والاستمتاع بما يطرح. اليوم عشرات الشركات التجارية تخطب ود السيد فورس؛ لكي يعمل “ريتويت”، إعادة نشر تغريدة، تتحدث عن منتجاتهم. أو على على أقل تقدير تمني النفس في أن يتكرم بإبداء رأيه في أحد منتجاتهم، التي وصلته بالبريد مجاناً، في تغريدة. سعادة فورس كبيرة ليس لكونه يملك رصيداً كبيراً من المتابعين، أو يتلقّى هدايا بصفة مستمرة، بل لإنه حقق ذاته واكتشف أنه يملك شيئاً يستحق المحبة والمتابعة بعد أن أهدر ردحاً من الزمن فقيراً من المحبين.
لا يوجد شعور أعظم من أن تشعر بأنك محبوبٌ. شعور لا يُشرى بالمال. هذا الشعور يوفّره لك “تويتر” عبر رد يصلك من صديق بعيد، بعيد جداً. لم تحلما أن تتعانقا بهذه السهولة، وهذا السخاء. جميعنا فقراء وبحاجة إلى تبرّعات معنوية. وهذه الكلمات الصغيرة التي تُضيء تنويهات صفحاتنا بتويتر تغذّينا بالكثير من البهجة، التي نفتقدها كثيراً في هذا العصر المُتخَم بالآلام.

في هذا الكتاب، أحاول أن أوثق تجربتي المتواضعة مع “تويتر”. هذه التجربة التي خرجت من رحم الألم وحوّلته إلى أمل. هذه التجربة التي منحتني الكثير على كافة الأصعدة. لقد قررت مبكراً أن يحوي الكتاب تغريداتي حول الأمل والتفاؤل والسعادة. لكن اقترح عليّ صديقي وشقيقي فيصل أن أرفق مع العبارات رسوماً مستوحاة منها. أعجبتني الفكرة كثيراً، وانبرى فيصل لتنفيذها على جناح السرعة. اتفق لاحقاً مع الرسامة الشابة، أماني محمد الحتيرشي التي ترجمت العبارات برؤيتها الخاصة. ورأيت أن أُدرج التدوينات المطولة، التي نهضت من “بذور” التغريدات؛ حتى يكتمل الكتاب وأشجّع الأصدقاء على عدم الركون للتغريدات ومحاولة استثمارها في مشاريع أكبر ينثرون من خلالها أفكارهم بتأنٍ وتؤدة، فلا شك في أن الاختصار فعل عظيم. لكن ينبغي ألا يُنسينا أننا ما زلنا بحاجة إلى الكثير من التدوينات المطولة، والمقالات، والكتب التفصيلية، التي تقودنا إلى المزيد من التفكير والتأمل والبحث.
إنني أتطلع حقاً أن ينال هذا الكتاب المتواضع قبولكم، ويمنحكم الكثير من السعادة والتفاؤل والأمل، وتذكّروا جيداً أن الكلمات مثل السلالم تأخذكم إلى الأعلى أو إلى الأسفل. لكنكم وحدكم من يحدد الاتجاه. جعلنا الله وإياكم في صعود مستمر.
عبدالله المغلوث
عبد الله المغلوث - عبد الله بن أحمد المغلوث (24 يوليو 1978/ 19 شعبان 1398) كاتب صحفي ومؤلف وإعلامي سعودي، وهو وكيل وزارة الإعلام للتواصل في السعودية منذ يونيو 2020، والمتحدث الرسمي باسم وزارة الإعلام، ومدير عام مركز التواصل الحكومي، ومركز التواصل الدولي.

ولد عبدالله المغلوث في محافظة الأحساء، في السعودية عام 1978، وتلقى تعليمه المبكر فيها، إذ درس في مدارس الإمام الترمذي الابتدائية، والعلاء بن الحضرمي المتوسطة، والإمام النووي الثانوية، ونشأ في عائلة برز عدد من أفرادها في مجالات مختلفة، فوالده الفنان التشكيلي والكاتب أحمد بن عبد الله المغلوث الذي اشتهر بأعماله ومشاركاته الفنية داخل السعودية وخارجها، وعمه المؤرخ ومؤلف الأطالس سامي المغلوث، وخاله اللواء طارق بن عبد الله المغلوث مدير شرطة محافظة الدمام، وأخوه فيصل المغلوث المدير العام المكلف على برنامج صنع في السعودية في هيئة تنمية الصادرات.

❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ تغريد فى السعادة و التفاؤل و الأمل ❝ ❞ حلاوة القهوة في مرارتها ❝ ❞ كخه يا بابا ❝ ❞ 7:46م ❝ ❞ غدا أجمل ❝ ❞ مضاد حيوي لليأس (قصص نجاح سعودية) ❝ ❞ إنترنتيون سعوديون ❝ ❞ الإدارة الأنيقة ❝ ❞ الصندوق الأسود : حكايا مثقفين سعوديين ❝ الناشرين : ❞ العبيكان للنشر ❝ ❞ دار مدارك للنشر ❝ ❱
من كتب التنميه البشريه - مكتبة كتب التنمية البشرية.


اقتباسات من كتاب تغريد فى السعادة و التفاؤل و الأمل

نبذة عن الكتاب:
تغريد فى السعادة و التفاؤل و الأمل

2012م - 1446هـ
شعرتُ بألم مضنٍ في الرابع من كانون الأول/ديسمبر عام 2010 عندما تعرّضتُ للإيقاف عن الكتابة الصحفية؛ إثر مقالة نشرتُها بعنوان: “كم عمر أصغر مسؤول لدينا؟“، التي تمنيت في أحشائها أن تنتشر عدوى استقالة مؤسس تويتر ومديره التنفيذي السابق، إيفان وليامز ، في مجتمعاتنا، التي جاء في مطلعها: “استقلتُ من إدارة تويتر؛ لأن بناء الأشياء هو شغفي. لم أكن يوماً شغوفاً بالإدارة. سأترك المكان لغيري؛ لأعود إلى ممارسة ما أحب”. اعتقلني الحزن كوننا نتشبث بالبقاء، في حين يتوق غيرنا للبناء. أوصدت أبواب الأفراح في صدري جرّاء ردة الفعل الغاضبة على مقالة قصيرة. لم أجد سوى التدوين طوقاً للنجاة، بل لم أجد غير تويتر، التدوين المصغر، الذي تسبب في إيقافي، متنفساً وملاذاً. منحني تويتر سعادة عارمة مع كل تغريدة أكتبها. وأخرى أتصفّحها. سعادة نقلتني من ضفة الحزن إلى السعادة. غيّر تويتر نظرتي تجاه الكثير من الأمور. جعلني أكثر شجاعة على البوح. وأكثر إقبالاً على الاختصار، وأكثر بعداً من الاحتضار.
اكتشفت بفضله أن أعظم النجاحات تأتي بعد أقسى الصدمات. كان نجاحي هو عثوري على أصدقاء جدد أستظل بظلهم. أغفو على وسائد حروفهم. وألتحف كلماتهم. أحلم معهم وبهم.
هؤلاء الأصدقاء وهبوني أياديهم؛ لأهبط على شاطئ مبلل بالفرح، وأغرّد معهم، وأنسى همومي. كتبت تغريدات كثيرة، كثيرة جداً. نسيت إثرها الكتابة التي كنت أقترفها قبل تويتر. فعندما رفع الإيقاف عني وجدتني غير قادر على العودة إلى سابق عهدي. حاولت أن أكتب المقالة الطويلة من دون جدوى. كنت أتعثّر في كل مرة، ولا أكمل شيئاً. بعد محاولات عديدة، قررت أن أستخدم التغريدات التي كتبتها كبذور لمقالات مطوّلة، فوجدتها حلاً ناجعاً، واستثماراً ناجحاً. صار تويتر، لاحقاً، ورشة عملي. التغريدة التي تنال اهتمام الأصدقاء تعني أنها مشروع مقالة ناجحة. والتغريدة التي لا تترك أثراً يُفضّل نسيانها، أو تطويرها حتى تنضج.إيقافي أعادني إلى مشاريعي المؤجلة. ودفعني إلى إصدار كتابيّ: “كخه يا بابا… في نقد الظواهر الاجتماعية”، و”مضاد حيوي لليأس… قصص نجاح سعودية”، بعد أن كانا مشروعين مُتعثّرين في رأسي. أدركت حكمة رب العالمين عندما قال تعالى في محكم تنزيله: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 216].
لقد ساهم إيقافي عن الكتابة باستكشافي لعوالم جديدة، ومساحات جديدة ربما لم أكن سأظفر بها لو لم أُوقف. إننا دائما نحزن على خسارتنا أشياء ربما يكون فقدانها خيراً لنا. ونقاتل في سبيل استعادتها بكل ما أوتينا من طاقة. لكن هل سألنا أنفسنا: هل هذه الأشياء تستحق كل هذه المشاعر والأحاسيس والجهود التي أهدرناها في سبيلها؟ هل جرّبنا أشياء أخري بديلة منها؟ إن تمسكنا بالعادات نفسها هو سبب رئيس للإحباط العارم الذي يقطُننا. حياة الكثير منا تخلو من التجارب الجديدة والمغامرات المثيرة. هذه التجارب هي التي تمدّنا بتحدّيات وفرص جديدة لم نكن نحلم بها مُبكِراً.

دخل، إلغرنون فورس، موظف بريد إمريكي متقاعد، تويتر، بحثاً عن مُتعة يقضيها بين أروقته. لكن فوجئ بمتابعة كبيرة لحسابه تجاوزت مئتين ألف متابع في وقت قصير نسبياً. السيد فورس لا يقدم شيئاً جديداً، لكنه يقدم نفسه كما هو. يغرّد عن كل ما يسمعه ويشاهده بعفوية. دفعت هذه العفوية المئات لمتابعته والاستمتاع بما يطرح. اليوم عشرات الشركات التجارية تخطب ود السيد فورس؛ لكي يعمل “ريتويت”، إعادة نشر تغريدة، تتحدث عن منتجاتهم. أو على على أقل تقدير تمني النفس في أن يتكرم بإبداء رأيه في أحد منتجاتهم، التي وصلته بالبريد مجاناً، في تغريدة. سعادة فورس كبيرة ليس لكونه يملك رصيداً كبيراً من المتابعين، أو يتلقّى هدايا بصفة مستمرة، بل لإنه حقق ذاته واكتشف أنه يملك شيئاً يستحق المحبة والمتابعة بعد أن أهدر ردحاً من الزمن فقيراً من المحبين.
لا يوجد شعور أعظم من أن تشعر بأنك محبوبٌ. شعور لا يُشرى بالمال. هذا الشعور يوفّره لك “تويتر” عبر رد يصلك من صديق بعيد، بعيد جداً. لم تحلما أن تتعانقا بهذه السهولة، وهذا السخاء. جميعنا فقراء وبحاجة إلى تبرّعات معنوية. وهذه الكلمات الصغيرة التي تُضيء تنويهات صفحاتنا بتويتر تغذّينا بالكثير من البهجة، التي نفتقدها كثيراً في هذا العصر المُتخَم بالآلام.

في هذا الكتاب، أحاول أن أوثق تجربتي المتواضعة مع “تويتر”. هذه التجربة التي خرجت من رحم الألم وحوّلته إلى أمل. هذه التجربة التي منحتني الكثير على كافة الأصعدة. لقد قررت مبكراً أن يحوي الكتاب تغريداتي حول الأمل والتفاؤل والسعادة. لكن اقترح عليّ صديقي وشقيقي فيصل أن أرفق مع العبارات رسوماً مستوحاة منها. أعجبتني الفكرة كثيراً، وانبرى فيصل لتنفيذها على جناح السرعة. اتفق لاحقاً مع الرسامة الشابة، أماني محمد الحتيرشي التي ترجمت العبارات برؤيتها الخاصة. ورأيت أن أُدرج التدوينات المطولة، التي نهضت من “بذور” التغريدات؛ حتى يكتمل الكتاب وأشجّع الأصدقاء على عدم الركون للتغريدات ومحاولة استثمارها في مشاريع أكبر ينثرون من خلالها أفكارهم بتأنٍ وتؤدة، فلا شك في أن الاختصار فعل عظيم. لكن ينبغي ألا يُنسينا أننا ما زلنا بحاجة إلى الكثير من التدوينات المطولة، والمقالات، والكتب التفصيلية، التي تقودنا إلى المزيد من التفكير والتأمل والبحث.
إنني أتطلع حقاً أن ينال هذا الكتاب المتواضع قبولكم، ويمنحكم الكثير من السعادة والتفاؤل والأمل، وتذكّروا جيداً أن الكلمات مثل السلالم تأخذكم إلى الأعلى أو إلى الأسفل. لكنكم وحدكم من يحدد الاتجاه. جعلنا الله وإياكم في صعود مستمر.
عبدالله المغلوث .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

شعرتُ بألم مضنٍ في الرابع من كانون الأول/ديسمبر عام 2010 عندما تعرّضتُ للإيقاف عن الكتابة الصحفية؛ إثر مقالة نشرتُها بعنوان: “كم عمر أصغر مسؤول لدينا؟“، التي تمنيت في أحشائها أن تنتشر عدوى استقالة مؤسس تويتر ومديره التنفيذي السابق، إيفان وليامز ، في مجتمعاتنا، التي جاء في مطلعها: “استقلتُ من إدارة تويتر؛ لأن بناء الأشياء هو شغفي. لم أكن يوماً شغوفاً بالإدارة. سأترك المكان لغيري؛ لأعود إلى ممارسة ما أحب”. اعتقلني الحزن كوننا نتشبث بالبقاء، في حين يتوق غيرنا للبناء. أوصدت أبواب الأفراح في صدري جرّاء ردة الفعل الغاضبة على مقالة قصيرة. لم أجد سوى التدوين طوقاً للنجاة، بل لم أجد غير تويتر، التدوين المصغر، الذي تسبب في إيقافي، متنفساً وملاذاً. منحني تويتر سعادة عارمة مع كل تغريدة أكتبها. وأخرى أتصفّحها. سعادة نقلتني من ضفة الحزن إلى السعادة. غيّر تويتر نظرتي تجاه الكثير من الأمور. جعلني أكثر شجاعة على البوح. وأكثر إقبالاً على الاختصار، وأكثر بعداً من الاحتضار.
اكتشفت بفضله أن أعظم النجاحات تأتي بعد أقسى الصدمات. كان نجاحي هو عثوري على أصدقاء جدد أستظل بظلهم. أغفو على وسائد حروفهم. وألتحف كلماتهم. أحلم معهم وبهم.
هؤلاء الأصدقاء وهبوني أياديهم؛ لأهبط على شاطئ مبلل بالفرح، وأغرّد معهم، وأنسى همومي. كتبت تغريدات كثيرة، كثيرة جداً. نسيت إثرها الكتابة التي كنت أقترفها قبل تويتر. فعندما رفع الإيقاف عني وجدتني غير قادر على العودة إلى سابق عهدي. حاولت أن أكتب المقالة الطويلة من دون جدوى. كنت أتعثّر في كل مرة، ولا أكمل شيئاً. بعد محاولات عديدة، قررت أن أستخدم التغريدات التي كتبتها كبذور لمقالات مطوّلة، فوجدتها حلاً ناجعاً، واستثماراً ناجحاً. صار تويتر، لاحقاً، ورشة عملي. التغريدة التي تنال اهتمام الأصدقاء تعني أنها مشروع مقالة ناجحة. والتغريدة التي لا تترك أثراً يُفضّل نسيانها، أو تطويرها حتى تنضج.إيقافي أعادني إلى مشاريعي المؤجلة. ودفعني إلى إصدار كتابيّ: “كخه يا بابا… في نقد الظواهر الاجتماعية”، و”مضاد حيوي لليأس… قصص نجاح سعودية”، بعد أن كانا مشروعين مُتعثّرين في رأسي. أدركت حكمة رب العالمين عندما قال تعالى في محكم تنزيله: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 216].
لقد ساهم إيقافي عن الكتابة باستكشافي لعوالم جديدة، ومساحات جديدة ربما لم أكن سأظفر بها لو لم أُوقف. إننا دائما نحزن على خسارتنا أشياء ربما يكون فقدانها خيراً لنا. ونقاتل في سبيل استعادتها بكل ما أوتينا من طاقة. لكن هل سألنا أنفسنا: هل هذه الأشياء تستحق كل هذه المشاعر والأحاسيس والجهود التي أهدرناها في سبيلها؟ هل جرّبنا أشياء أخري بديلة منها؟ إن تمسكنا بالعادات نفسها هو سبب رئيس للإحباط العارم الذي يقطُننا. حياة الكثير منا تخلو من التجارب الجديدة والمغامرات المثيرة. هذه التجارب هي التي تمدّنا بتحدّيات وفرص جديدة لم نكن نحلم بها مُبكِراً.

دخل، إلغرنون فورس، موظف بريد إمريكي متقاعد، تويتر، بحثاً عن مُتعة يقضيها بين أروقته. لكن فوجئ بمتابعة كبيرة لحسابه تجاوزت مئتين ألف متابع في وقت قصير نسبياً. السيد فورس لا يقدم شيئاً جديداً، لكنه يقدم نفسه كما هو. يغرّد عن كل ما يسمعه ويشاهده بعفوية. دفعت هذه العفوية المئات لمتابعته والاستمتاع بما يطرح. اليوم عشرات الشركات التجارية تخطب ود السيد فورس؛ لكي يعمل “ريتويت”، إعادة نشر تغريدة، تتحدث عن منتجاتهم. أو على على أقل تقدير تمني النفس في أن يتكرم بإبداء رأيه في أحد منتجاتهم، التي وصلته بالبريد مجاناً، في تغريدة. سعادة فورس كبيرة ليس لكونه يملك رصيداً كبيراً من المتابعين، أو يتلقّى هدايا بصفة مستمرة، بل لإنه حقق ذاته واكتشف أنه يملك شيئاً يستحق المحبة والمتابعة بعد أن أهدر ردحاً من الزمن فقيراً من المحبين.
لا يوجد شعور أعظم من أن تشعر بأنك محبوبٌ. شعور لا يُشرى بالمال. هذا الشعور يوفّره لك “تويتر” عبر رد يصلك من صديق بعيد، بعيد جداً. لم تحلما أن تتعانقا بهذه السهولة، وهذا السخاء. جميعنا فقراء وبحاجة إلى تبرّعات معنوية. وهذه الكلمات الصغيرة التي تُضيء تنويهات صفحاتنا بتويتر تغذّينا بالكثير من البهجة، التي نفتقدها كثيراً في هذا العصر المُتخَم بالآلام.

في هذا الكتاب، أحاول أن أوثق تجربتي المتواضعة مع “تويتر”. هذه التجربة التي خرجت من رحم الألم وحوّلته إلى أمل. هذه التجربة التي منحتني الكثير على كافة الأصعدة. لقد قررت مبكراً أن يحوي الكتاب تغريداتي حول الأمل والتفاؤل والسعادة. لكن اقترح عليّ صديقي وشقيقي فيصل أن أرفق مع العبارات رسوماً مستوحاة منها. أعجبتني الفكرة كثيراً، وانبرى فيصل لتنفيذها على جناح السرعة. اتفق لاحقاً مع الرسامة الشابة، أماني محمد الحتيرشي التي ترجمت العبارات برؤيتها الخاصة. ورأيت أن أُدرج التدوينات المطولة، التي نهضت من “بذور” التغريدات؛ حتى يكتمل الكتاب وأشجّع الأصدقاء على عدم الركون للتغريدات ومحاولة استثمارها في مشاريع أكبر ينثرون من خلالها أفكارهم بتأنٍ وتؤدة، فلا شك في أن الاختصار فعل عظيم. لكن ينبغي ألا يُنسينا أننا ما زلنا بحاجة إلى الكثير من التدوينات المطولة، والمقالات، والكتب التفصيلية، التي تقودنا إلى المزيد من التفكير والتأمل والبحث.
إنني أتطلع حقاً أن ينال هذا الكتاب المتواضع قبولكم، ويمنحكم الكثير من السعادة والتفاؤل والأمل، وتذكّروا جيداً أن الكلمات مثل السلالم تأخذكم إلى الأعلى أو إلى الأسفل. لكنكم وحدكم من يحدد الاتجاه. جعلنا الله وإياكم في صعود مستمر.
عبدالله المغلوث



سنة النشر : 2012م / 1433هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 3.9 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة تغريد فى السعادة و التفاؤل و الأمل

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل تغريد فى السعادة و التفاؤل و الأمل
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
عبد الله المغلوث - Abdullah Al Maglouth

كتب عبد الله المغلوث عبد الله بن أحمد المغلوث (24 يوليو 1978/ 19 شعبان 1398) كاتب صحفي ومؤلف وإعلامي سعودي، وهو وكيل وزارة الإعلام للتواصل في السعودية منذ يونيو 2020، والمتحدث الرسمي باسم وزارة الإعلام، ومدير عام مركز التواصل الحكومي، ومركز التواصل الدولي. ولد عبدالله المغلوث في محافظة الأحساء، في السعودية عام 1978، وتلقى تعليمه المبكر فيها، إذ درس في مدارس الإمام الترمذي الابتدائية، والعلاء بن الحضرمي المتوسطة، والإمام النووي الثانوية، ونشأ في عائلة برز عدد من أفرادها في مجالات مختلفة، فوالده الفنان التشكيلي والكاتب أحمد بن عبد الله المغلوث الذي اشتهر بأعماله ومشاركاته الفنية داخل السعودية وخارجها، وعمه المؤرخ ومؤلف الأطالس سامي المغلوث، وخاله اللواء طارق بن عبد الله المغلوث مدير شرطة محافظة الدمام، وأخوه فيصل المغلوث المدير العام المكلف على برنامج صنع في السعودية في هيئة تنمية الصادرات. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ تغريد فى السعادة و التفاؤل و الأمل ❝ ❞ حلاوة القهوة في مرارتها ❝ ❞ كخه يا بابا ❝ ❞ 7:46م ❝ ❞ غدا أجمل ❝ ❞ مضاد حيوي لليأس (قصص نجاح سعودية) ❝ ❞ إنترنتيون سعوديون ❝ ❞ الإدارة الأنيقة ❝ ❞ الصندوق الأسود : حكايا مثقفين سعوديين ❝ الناشرين : ❞ العبيكان للنشر ❝ ❞ دار مدارك للنشر ❝ ❱. المزيد..

كتب عبد الله المغلوث
الناشر:
دار مدارك للنشر
كتب دار مدارك للنشردار مدارك للنشر التي يمتلكها الإعلامي السعودي تركي الدخيل هي مؤسسة ثقافية تأسست في العاصمة اللبنانية بيروت العام 2010 لتكون واحدة من أهم دور النشر المهتمة بصناعة الكتاب العربي، وترجمة مختارات من الإصدارات العالمية إلى العربية، تهتم مدارك بحقول: السياسة، الثقافة، الفكر الديني المعاصر، الرواية، الأدب، السير الذاتية، البحوث الاجتماعية، والدراسات المعمقة، إضافة إلى كتب الأطفال، ومن كتاب الدار الدائمين تركي الحمد، علي حرب، ياسر حارب، محمد الرميحي، محمد محفوظ، عبد الرحمن شلقم، رشيد الخيون، خالص جلبي. يتوزع فريق عملها بين بيروت ومدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة، شاركت الدار في عدة معارض عربية، لم تقصر نفسها على جمهور إقليمي محدد أو قطري، بل سعت في اختياراتها لأن تخاطب القارئ العربي أين كان مقره، وأياً كان توجهه الفكري، خالعة عنها عباء الدار المؤدلجة، ومعتمدة في اختياراتها للنصوص، على لجنة علمية من الباحثين الذين يقيمون المؤلفات التي تصلهم، وفق معايير خاصة. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ الرقص مع الحياة ❝ ❞ وصايا ❝ ❞ اذهب حيث يقودك قلبك ❝ ❞ تغريد فى السعادة و التفاؤل و الأمل ❝ ❞ حلاوة القهوة في مرارتها ❝ ❞ بيكاسو وستاربكس ❝ ❞ أمة الدوبامين ❝ ❞ كخه يا بابا ❝ ❞ حديث الموتى ❝ ❞ اقرأ: كيف تجعل القراءة جزءا من حياتك ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ عبد الله المغلوث ❝ ❞ مهدي الموسوي ❝ ❞ مجموعة من المؤلفين ❝ ❞ عمرو المنوفى ❝ ❞ ياسر حارب ❝ ❞ عبدالله صالح الجمعة ❝ ❞ محمد الرطيان ❝ ❞ خالد الراجحي ❝ ❞ د.ساجد العبدلي ❝ ❞ مات هيغ ❝ ❞ ليمبك آنا ❝ ❞ أحمد الزناتي ❝ ❞ بينجامين سبول ❝ ❞ ثامر عدنان شاكر ❝ ❞ سلوى العضيدان ❝ ❞ خالد الباتلي ❝ ❞ سعد العبد الله الصويان ❝ ❞ جورج طرابيشي ❝ ❞ سوزانا تامارو ❝ ❞ إياد عاشور ❝ ❞ عادل باهميم ❝ ❞ دكمال عبد الملك، منى الكحلة ❝ ❞ رائد السمهوري ❝ ❞ إيمان سعودى ❝ ❞ سليمان الهتلان ❝ ❞ رشيد الخيون ❝ ❞ تركى الدخيل ❝ ❞ اضوى الدخيل ❝ ❞ دعاء خالد ثابت ❝ ❞ مها الوابل ❝ ❞ فاطمة فهد العواد ❝ ❞ أحمد معوض ❝ ❞ جون كاريرو ❝ ❞ عبد الله الحيدري ❝ ❞ كريستي لفتيري ❝ ❞ لمى العوهلي ❝ ❞ عمر بن عبد الرحمن الجريسي ❝ ❞ عبدالإله مقبول ❝ ❞ صموئيل كينج ❝ ❞ أماني علي الزهراني ❝ ❞ شباب الغامدي ❝ ❞ فارس التركي ❝ ❞ سارة الغدير ❝ ❞ متعب فهد الشمري ❝ ❞ محمد فاروق المصري ❝ ❞ روبرت إي.غونثر ❝ ❞ مهدي سليمان ❝ ❞ مهدي خلجي ❝ ❞ سعيد مصلح السريحي ❝ ❞ احمد موسي ❝ ❞ لبني عماد تركي ❝ ❱.المزيد.. كتب دار مدارك للنشر