❞ كتاب الموضة والأزياء فتنة النساء ❝  ⏤ القسم العلمي بمدار الوطن

❞ كتاب الموضة والأزياء فتنة النساء ❝ ⏤ القسم العلمي بمدار الوطن

تتعاقب الأجيال تلو الأجيال ، وكل جيل ينمو في أطوار تتباين مع من قبله ، فتشكل تلك المراحل جيلاً ينفرد بمزايا لم يتميز بها غيره ، كما ينشأ فيه أحداث تفتنه ، وقلاقل تضعفه ، ومن ثم يورث ذلك من بعده ، ففي كل جيل نرى أن خط الفتن يسير ، وتزداد الفتن ؛ مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( فإنه من يعش منكم فسيرى أختلافاً كثيراً )) وكل فتنة عند ظهورها تبدأ كبيرة ، يتعاظمها أهلها حتى يأتي ما بعدها من فتن أعظم منها فترققها ، وعلى هذا تسير الأمم بالعد التنازلي من ناحية القوة العقدية ، والأخلاق والسلوك من بعد سلف الأمة ، إلى نهاية شرار من تقوم عليهم الساعة .

وحينما أود الكتابة عن الفتن فأنا أحكم على ورقي بالنفاد ، وعلى قلمي بالسهاد ؛ فالفتن عمت ، وطمت ، ومن أسباب قوة شوكتها في الأمة ؛ مسايرتها لها ؛ بحجة مسايرة الواقع ، ومواكبة العصر ، وهذا بحد ذاته فتنة عظيمة ، انقسمت فيها الأمة إلى معرض عن المحدثات ، حذر من المستجدات ، وقسم مقبل على الصادرات ، منفتح لكل رائج ، والأصل في مسايرة الناس في ضلالهم هو الهوى المتغلب على النفوس ، بحيث يطمس البصيرة ، حتى ترى المتبع لهواه يضحي بروحه في سبيل هواه ، وباطله .

والفتنة بمسايرة الواقع ، وما اعتاده الناس كثيرة في زماننا اليوم لا يسلم منها إلا من رحم الله – عز وجل – وجاهد نفسه مجاهدة كبيرة ؛ لأن ضغط الفساد ، ومكر المفسدين ، وترويض الناس عليه ردحاً من الزمان جعله متمكن من القلوب ، وشربته النفوس حتى ألفته وأحبته .

ومن أعظم ما حصل من هذه الفتن في العصر الحاضر : مسايرة النساء في لباسهن للفاسقات والكافرات ، وتقليدهن لعادات الغرب الكافر ، فيه وفي الأزياء ، وصرعات الموضات ، وأدوات التجميل ؛ حتى أصبحت هذه الفتن مألوفة لم ينج منها إلا أقل القليل ممن رحم الله – عز وجل – من النساء الصالحات المتربيات في منابت صالحة تجعل رضى الله – عز وجل – فوق رضى المخلوق ، أما أكثر الناس فقد سقط في هذه الفتنة ؛ فانهزمت المرأة أمام ضغط الواقع الشديد ، وتلا ذلك انهزام وليها أمام رغبة موليته ، حتى صرنا نرى أكثر نساء المسلمين على هيئة في اللباس والموضات ينكرها الشرع ، والعقل ، وتنكرها المروءة والغيرة ، وكأن الأمر تحول – والعياذ بالله تعالى – إلى شبه عبودية لبيوت الأزياء ، يصعب الانفكاك عنها .

وعن هذه العادات ، والتهالك عليها ، وسقوط كثير من الناس فيها ، يقول صاحب الظلال – رحمه الله تعالى – (( هذه العادات والتقاليد التي تكلف الناس العنت الشديد في حياتهم ، ثم لا يجدون لأنفسهم منها مفراً . هذه الأزياء والمراسم التي تفرض نفسها على الناس فرضاً ، وتكلفهم أحياناً ما لايطقون من النفقة ، وتأكل حياتهم واهتماماتهم ، ثم تفسد أخلاقهم وحياتهم ، ومع ذلك لا يملكون إلا الخضوع لها : أزياء الصباح ، وأزياء بعد الظهر ، وأزياء المساء ، الأزياء القصيرة ، والأزياء الضيقة ، والأزياء المضحكة ! وأنواع الزينة ، والتجميل ، والتصفيف إلى آخر هذا الاسترقاق المذل : من الذي يصنعه ؟ ومن الذي يقف وراءه ؟ تقف وراءه بيوت الأزياء ، وتقف وراءه شركات الإنتاج ! ويقف وراءه المرابون في بيوت المال والبنوك من الذين يعطون أموالهم للصناعات ليأخذوا هم حصيلة كدها ! ويقف وراءه اليهود الذين يعملون لتدمير البشرية كلها ليحكموها !))

بداية فتنة الأزياء :
ارتبط تاريخ البدء بارتداء المسلمين للأزياء الغربية بانتهاء الدولة العثمانية ؛ حيث لم يشهد التاريخ الإسلامي قبل هذه الفترة أي نوع من أنواع الاختلافات في الرأي بين المسلمين على الزي الإسلامي في قواعده العامة ، المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ؛ والتي يختلف تطبيقها من بلد إلى آخر تبعاً للبيئة والمناخ وما شابهه من الأمور .

وقد كان من آثار شدة تعلق المسلمين بزيهم ، أن كان لهذا الزي دور فعال في اندلاع الفتنة التي أدت إلى نهاية العهد العثماني ، إذ قام أحد الأشخاص ، بعد أن زور ختم السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله ، بالادعاء أنه يحمل مرسوماً من السلطان ، ذيله بفتوى مزورة لشيخ الإسلام ، يفرض فيه نزع القلنسوة الإسلامية وتبديلها بالقبعة الغربية ؛ مما أثار حفيظة المسلمين آنذاك ، ورفضوا التخلي عن زيهم الإسلامي .

إلا إن هذا الأمر ما لبث أن تبدل بعد أن فرض " أتاتورك " زي وقبعة الغربيين فرضاً بالقوة ، الأمر الذي كان أحد نتائجه زحف الأزياء الغربية وما يعرف " بالموضة" إلى عقول وقلوب النساء والرجال على حد سواء .

من وراء الفتنة :
لقد وضع الإسلام للمرأة سياجاً قوياً مانعاً من الضياع ؛ ذلك هو سياج الحشمة والعفاف ، ولكن اليهود لم يعجبهم ذلك منذ قديم الزمان ؛ حيث تآمروا على نزع حجاب المرأة المسلمة ، وكشف سوءتها في سوق بني قينقاع ، أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ومازالت حربهم مشبوبة مشتعلة ، لا يزيدها الزمن إلا اشتعالاً واضطراماً ؛ لأنهم يدركون جيداً أن إفسادها إفساد للمجتمع برمته .

فمعظم الذين يتحكمون اليوم في بيوت الأزياء ، ويشعلون أجيج هذه الفتنة هم اليهود ، وأهدافهم ليست تجارية بحتة ؛ ولكن تمتد إلى ما هو أسوأ من ذلك ، وهو هدم البنية التحتية للأسرة ، عن طريق إفساد المرأة ، لكونها القاعدة التي يرتكز عليها بنيان الأسرة ، بل المجتمع بأسره .
فمن المعلوم أن أكبر مستهلك على وجه الأرض ، وفي كل بلد هي المرأة خاصة فيما يتعلق بأزيائها ، وجمالها ، وشكلها ، ومواكبتها للعصر ، وحداثتها في كل شيء .

والذين يسيطرون على بيوت الأزياء ، هم أنفسهم الذين يجلسون على عرش الإعلام ، ومن خلاله ينفذون إلى بيوت المسلمين بلا استئذان ، ويعرضون أفكارهم المسمومة عن طريق قنواته ، المرئية ، والمسموعة ، والمقروءة ، بغيتهم من ذلك تلويث الدماغ ، وتأسيس قواعد ثابتة ليس فقط في أراضيهم بل حتى في قلوبهم – إلا من رحم ربي -.

اخترع أعداء الإسلام فكرة الموضة، ودخلوا بها على المرأة من باب حبها للجمال والزينة، فلم تلبث أن تعدت الحدود الشرعية لها، ووقعت فيما حرمه الله - عز وجل - عليها من التبرج والتهتك والإغراء، والتشبه بأعداء الأمة من الكافرين والكافرات. وفي هذا الكتاب تحذير من الموضة، موضحاً حقيقتها وأضرارها، وأسباب اتباعها، والعلاج الشرعي للتخلص من فتنتها.
القسم العلمي بمدار الوطن - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الدعاء ❝ ❞ علو الهمة طريقك إلى القمة ❝ ❞ السعادة: حقيقتها، صورها، أسباب تحصيلها ❝ ❞ أقوال وحكم خالدة من أفواه السلف الصالح ❝ ❞ الصعود إلى قمة النجاح ❝ ❞ الموضة والأزياء فتنة النساء ❝ ❞ التدخين قاتل الملايين ❝ ❞ النبي صلى الله عليه وسلم كأنك تراه: أخلاقه صفاته آدابه عباداته ❝ ❞ همسات لمن أرادت النجاة ❝ الناشرين : ❞ دار الإسلام للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الوطن للطباعة والنشر والتوزيع - السعودية ❝ ❞ دار الوطن للطباعة والنشر والعلاقات العامة ❝ ❞ مدار الوطن للنشر ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.


اقتباسات من كتاب الموضة والأزياء فتنة النساء

نبذة عن الكتاب:
الموضة والأزياء فتنة النساء

تتعاقب الأجيال تلو الأجيال ، وكل جيل ينمو في أطوار تتباين مع من قبله ، فتشكل تلك المراحل جيلاً ينفرد بمزايا لم يتميز بها غيره ، كما ينشأ فيه أحداث تفتنه ، وقلاقل تضعفه ، ومن ثم يورث ذلك من بعده ، ففي كل جيل نرى أن خط الفتن يسير ، وتزداد الفتن ؛ مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( فإنه من يعش منكم فسيرى أختلافاً كثيراً )) وكل فتنة عند ظهورها تبدأ كبيرة ، يتعاظمها أهلها حتى يأتي ما بعدها من فتن أعظم منها فترققها ، وعلى هذا تسير الأمم بالعد التنازلي من ناحية القوة العقدية ، والأخلاق والسلوك من بعد سلف الأمة ، إلى نهاية شرار من تقوم عليهم الساعة .

وحينما أود الكتابة عن الفتن فأنا أحكم على ورقي بالنفاد ، وعلى قلمي بالسهاد ؛ فالفتن عمت ، وطمت ، ومن أسباب قوة شوكتها في الأمة ؛ مسايرتها لها ؛ بحجة مسايرة الواقع ، ومواكبة العصر ، وهذا بحد ذاته فتنة عظيمة ، انقسمت فيها الأمة إلى معرض عن المحدثات ، حذر من المستجدات ، وقسم مقبل على الصادرات ، منفتح لكل رائج ، والأصل في مسايرة الناس في ضلالهم هو الهوى المتغلب على النفوس ، بحيث يطمس البصيرة ، حتى ترى المتبع لهواه يضحي بروحه في سبيل هواه ، وباطله .

والفتنة بمسايرة الواقع ، وما اعتاده الناس كثيرة في زماننا اليوم لا يسلم منها إلا من رحم الله – عز وجل – وجاهد نفسه مجاهدة كبيرة ؛ لأن ضغط الفساد ، ومكر المفسدين ، وترويض الناس عليه ردحاً من الزمان جعله متمكن من القلوب ، وشربته النفوس حتى ألفته وأحبته .

ومن أعظم ما حصل من هذه الفتن في العصر الحاضر : مسايرة النساء في لباسهن للفاسقات والكافرات ، وتقليدهن لعادات الغرب الكافر ، فيه وفي الأزياء ، وصرعات الموضات ، وأدوات التجميل ؛ حتى أصبحت هذه الفتن مألوفة لم ينج منها إلا أقل القليل ممن رحم الله – عز وجل – من النساء الصالحات المتربيات في منابت صالحة تجعل رضى الله – عز وجل – فوق رضى المخلوق ، أما أكثر الناس فقد سقط في هذه الفتنة ؛ فانهزمت المرأة أمام ضغط الواقع الشديد ، وتلا ذلك انهزام وليها أمام رغبة موليته ، حتى صرنا نرى أكثر نساء المسلمين على هيئة في اللباس والموضات ينكرها الشرع ، والعقل ، وتنكرها المروءة والغيرة ، وكأن الأمر تحول – والعياذ بالله تعالى – إلى شبه عبودية لبيوت الأزياء ، يصعب الانفكاك عنها .

وعن هذه العادات ، والتهالك عليها ، وسقوط كثير من الناس فيها ، يقول صاحب الظلال – رحمه الله تعالى – (( هذه العادات والتقاليد التي تكلف الناس العنت الشديد في حياتهم ، ثم لا يجدون لأنفسهم منها مفراً . هذه الأزياء والمراسم التي تفرض نفسها على الناس فرضاً ، وتكلفهم أحياناً ما لايطقون من النفقة ، وتأكل حياتهم واهتماماتهم ، ثم تفسد أخلاقهم وحياتهم ، ومع ذلك لا يملكون إلا الخضوع لها : أزياء الصباح ، وأزياء بعد الظهر ، وأزياء المساء ، الأزياء القصيرة ، والأزياء الضيقة ، والأزياء المضحكة ! وأنواع الزينة ، والتجميل ، والتصفيف إلى آخر هذا الاسترقاق المذل : من الذي يصنعه ؟ ومن الذي يقف وراءه ؟ تقف وراءه بيوت الأزياء ، وتقف وراءه شركات الإنتاج ! ويقف وراءه المرابون في بيوت المال والبنوك من الذين يعطون أموالهم للصناعات ليأخذوا هم حصيلة كدها ! ويقف وراءه اليهود الذين يعملون لتدمير البشرية كلها ليحكموها !))

بداية فتنة الأزياء :
ارتبط تاريخ البدء بارتداء المسلمين للأزياء الغربية بانتهاء الدولة العثمانية ؛ حيث لم يشهد التاريخ الإسلامي قبل هذه الفترة أي نوع من أنواع الاختلافات في الرأي بين المسلمين على الزي الإسلامي في قواعده العامة ، المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ؛ والتي يختلف تطبيقها من بلد إلى آخر تبعاً للبيئة والمناخ وما شابهه من الأمور .

وقد كان من آثار شدة تعلق المسلمين بزيهم ، أن كان لهذا الزي دور فعال في اندلاع الفتنة التي أدت إلى نهاية العهد العثماني ، إذ قام أحد الأشخاص ، بعد أن زور ختم السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله ، بالادعاء أنه يحمل مرسوماً من السلطان ، ذيله بفتوى مزورة لشيخ الإسلام ، يفرض فيه نزع القلنسوة الإسلامية وتبديلها بالقبعة الغربية ؛ مما أثار حفيظة المسلمين آنذاك ، ورفضوا التخلي عن زيهم الإسلامي .

إلا إن هذا الأمر ما لبث أن تبدل بعد أن فرض " أتاتورك " زي وقبعة الغربيين فرضاً بالقوة ، الأمر الذي كان أحد نتائجه زحف الأزياء الغربية وما يعرف " بالموضة" إلى عقول وقلوب النساء والرجال على حد سواء .

من وراء الفتنة :
لقد وضع الإسلام للمرأة سياجاً قوياً مانعاً من الضياع ؛ ذلك هو سياج الحشمة والعفاف ، ولكن اليهود لم يعجبهم ذلك منذ قديم الزمان ؛ حيث تآمروا على نزع حجاب المرأة المسلمة ، وكشف سوءتها في سوق بني قينقاع ، أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ومازالت حربهم مشبوبة مشتعلة ، لا يزيدها الزمن إلا اشتعالاً واضطراماً ؛ لأنهم يدركون جيداً أن إفسادها إفساد للمجتمع برمته .

فمعظم الذين يتحكمون اليوم في بيوت الأزياء ، ويشعلون أجيج هذه الفتنة هم اليهود ، وأهدافهم ليست تجارية بحتة ؛ ولكن تمتد إلى ما هو أسوأ من ذلك ، وهو هدم البنية التحتية للأسرة ، عن طريق إفساد المرأة ، لكونها القاعدة التي يرتكز عليها بنيان الأسرة ، بل المجتمع بأسره .
فمن المعلوم أن أكبر مستهلك على وجه الأرض ، وفي كل بلد هي المرأة خاصة فيما يتعلق بأزيائها ، وجمالها ، وشكلها ، ومواكبتها للعصر ، وحداثتها في كل شيء .

والذين يسيطرون على بيوت الأزياء ، هم أنفسهم الذين يجلسون على عرش الإعلام ، ومن خلاله ينفذون إلى بيوت المسلمين بلا استئذان ، ويعرضون أفكارهم المسمومة عن طريق قنواته ، المرئية ، والمسموعة ، والمقروءة ، بغيتهم من ذلك تلويث الدماغ ، وتأسيس قواعد ثابتة ليس فقط في أراضيهم بل حتى في قلوبهم – إلا من رحم ربي -.

اخترع أعداء الإسلام فكرة الموضة، ودخلوا بها على المرأة من باب حبها للجمال والزينة، فلم تلبث أن تعدت الحدود الشرعية لها، ووقعت فيما حرمه الله - عز وجل - عليها من التبرج والتهتك والإغراء، والتشبه بأعداء الأمة من الكافرين والكافرات. وفي هذا الكتاب تحذير من الموضة، موضحاً حقيقتها وأضرارها، وأسباب اتباعها، والعلاج الشرعي للتخلص من فتنتها. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

 

 

تتعاقب الأجيال تلو الأجيال ، وكل جيل ينمو في أطوار تتباين مع من قبله ، فتشكل تلك المراحل جيلاً ينفرد بمزايا لم يتميز بها غيره ، كما ينشأ فيه أحداث تفتنه ، وقلاقل تضعفه ، ومن ثم يورث ذلك من بعده ، ففي كل جيل نرى أن خط الفتن يسير ، وتزداد الفتن ؛ مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( فإنه من يعش منكم فسيرى أختلافاً كثيراً )) وكل فتنة عند ظهورها تبدأ كبيرة ، يتعاظمها أهلها حتى يأتي ما بعدها من فتن أعظم منها فترققها ، وعلى هذا تسير الأمم بالعد التنازلي من ناحية القوة العقدية ، والأخلاق والسلوك من بعد سلف الأمة ، إلى نهاية شرار من تقوم عليهم الساعة .

وحينما أود الكتابة عن الفتن فأنا أحكم على ورقي بالنفاد ، وعلى قلمي بالسهاد ؛ فالفتن عمت ، وطمت ، ومن أسباب قوة شوكتها في الأمة ؛ مسايرتها لها ؛ بحجة مسايرة الواقع ، ومواكبة العصر ، وهذا بحد ذاته فتنة عظيمة ، انقسمت فيها الأمة إلى معرض عن المحدثات ، حذر من المستجدات ، وقسم مقبل على الصادرات ، منفتح لكل رائج ، والأصل في مسايرة الناس في ضلالهم هو الهوى المتغلب على النفوس ، بحيث يطمس البصيرة ، حتى ترى المتبع لهواه يضحي بروحه في سبيل هواه ، وباطله .

والفتنة بمسايرة الواقع ، وما اعتاده الناس كثيرة في زماننا اليوم لا يسلم منها إلا من رحم الله – عز وجل – وجاهد نفسه مجاهدة كبيرة ؛ لأن ضغط الفساد ، ومكر المفسدين ، وترويض الناس عليه ردحاً من الزمان جعله متمكن من القلوب ، وشربته النفوس حتى ألفته وأحبته .

ومن أعظم ما حصل من هذه الفتن في العصر الحاضر : مسايرة النساء في لباسهن للفاسقات والكافرات ، وتقليدهن لعادات الغرب الكافر ، فيه وفي الأزياء ، وصرعات الموضات ، وأدوات التجميل ؛ حتى أصبحت هذه الفتن مألوفة لم ينج منها إلا أقل القليل ممن رحم الله – عز وجل – من النساء الصالحات المتربيات في منابت صالحة تجعل رضى الله – عز وجل – فوق رضى المخلوق ، أما أكثر الناس فقد سقط في هذه الفتنة ؛ فانهزمت المرأة أمام ضغط الواقع الشديد ، وتلا ذلك انهزام وليها أمام رغبة موليته ، حتى صرنا نرى أكثر نساء المسلمين على هيئة في اللباس والموضات ينكرها الشرع ، والعقل ، وتنكرها المروءة والغيرة ، وكأن الأمر تحول – والعياذ بالله تعالى – إلى شبه عبودية لبيوت الأزياء ، يصعب الانفكاك عنها .

وعن هذه العادات ، والتهالك عليها ، وسقوط كثير من الناس فيها ، يقول صاحب الظلال – رحمه الله تعالى – (( هذه العادات والتقاليد التي تكلف الناس العنت الشديد في حياتهم ، ثم لا يجدون لأنفسهم منها مفراً . هذه الأزياء والمراسم التي تفرض نفسها على الناس فرضاً ، وتكلفهم أحياناً ما لايطقون من النفقة ، وتأكل حياتهم واهتماماتهم ، ثم تفسد أخلاقهم وحياتهم ، ومع ذلك لا يملكون إلا الخضوع لها : أزياء الصباح ، وأزياء بعد الظهر ، وأزياء المساء ، الأزياء القصيرة ، والأزياء الضيقة ، والأزياء المضحكة ! وأنواع الزينة ، والتجميل ، والتصفيف إلى آخر هذا الاسترقاق المذل : من الذي يصنعه ؟ ومن الذي يقف وراءه ؟ تقف وراءه بيوت الأزياء ، وتقف وراءه شركات الإنتاج ! ويقف وراءه المرابون في بيوت المال والبنوك من الذين يعطون أموالهم للصناعات ليأخذوا هم حصيلة كدها ! ويقف وراءه اليهود الذين يعملون لتدمير البشرية كلها ليحكموها !)) 

بداية فتنة الأزياء :
ارتبط تاريخ البدء بارتداء المسلمين للأزياء الغربية بانتهاء الدولة العثمانية ؛ حيث لم يشهد التاريخ الإسلامي قبل هذه الفترة أي نوع من أنواع الاختلافات في الرأي بين المسلمين على الزي الإسلامي في قواعده العامة ، المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ؛ والتي يختلف تطبيقها من بلد إلى آخر تبعاً للبيئة والمناخ وما شابهه من الأمور .

وقد كان من آثار شدة تعلق المسلمين بزيهم ، أن كان لهذا الزي دور فعال في اندلاع الفتنة التي أدت إلى نهاية العهد العثماني ، إذ قام أحد الأشخاص ، بعد أن زور ختم السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله ، بالادعاء أنه يحمل مرسوماً من السلطان ، ذيله بفتوى مزورة لشيخ الإسلام ، يفرض فيه نزع القلنسوة الإسلامية وتبديلها بالقبعة الغربية ؛ مما أثار حفيظة المسلمين آنذاك ، ورفضوا التخلي عن زيهم الإسلامي . 

إلا إن هذا الأمر ما لبث أن تبدل بعد أن فرض " أتاتورك " زي وقبعة الغربيين فرضاً بالقوة ، الأمر الذي كان أحد نتائجه زحف الأزياء الغربية وما يعرف " بالموضة" إلى عقول وقلوب النساء والرجال على حد سواء .

من وراء الفتنة :
لقد وضع الإسلام للمرأة سياجاً قوياً مانعاً من الضياع ؛ ذلك هو سياج الحشمة والعفاف ، ولكن اليهود لم يعجبهم ذلك منذ قديم الزمان ؛ حيث تآمروا على نزع حجاب المرأة المسلمة ، وكشف سوءتها في سوق بني قينقاع ، أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ومازالت حربهم مشبوبة مشتعلة ، لا يزيدها الزمن إلا اشتعالاً واضطراماً ؛ لأنهم يدركون جيداً أن إفسادها إفساد للمجتمع برمته .

فمعظم الذين يتحكمون اليوم في بيوت الأزياء ، ويشعلون أجيج هذه الفتنة هم اليهود ، وأهدافهم ليست تجارية بحتة ؛ ولكن تمتد إلى ما هو أسوأ من ذلك ، وهو هدم البنية التحتية للأسرة ، عن طريق إفساد المرأة ، لكونها القاعدة التي يرتكز عليها بنيان الأسرة ، بل المجتمع بأسره .
فمن المعلوم أن أكبر مستهلك على وجه الأرض ، وفي كل بلد هي المرأة خاصة فيما يتعلق بأزيائها ، وجمالها ، وشكلها ، ومواكبتها للعصر ، وحداثتها في كل شيء .

والذين يسيطرون على بيوت الأزياء ، هم أنفسهم الذين يجلسون على عرش الإعلام ، ومن خلاله ينفذون إلى بيوت المسلمين بلا استئذان ، ويعرضون أفكارهم المسمومة عن طريق قنواته ، المرئية ، والمسموعة ، والمقروءة ، بغيتهم من ذلك تلويث الدماغ ، وتأسيس قواعد ثابتة ليس فقط في أراضيهم بل حتى في قلوبهم – إلا من رحم ربي -.

اخترع أعداء الإسلام فكرة الموضة، ودخلوا بها على المرأة من باب حبها للجمال والزينة، فلم تلبث أن تعدت الحدود الشرعية لها، ووقعت فيما حرمه الله - عز وجل - عليها من التبرج والتهتك والإغراء، والتشبه بأعداء الأمة من الكافرين والكافرات. وفي هذا الكتاب تحذير من الموضة، موضحاً حقيقتها وأضرارها، وأسباب اتباعها، والعلاج الشرعي للتخلص من فتنتها.



حجم الكتاب عند التحميل : 397.8 كيلوبايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة الموضة والأزياء فتنة النساء

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل الموضة والأزياء فتنة النساء
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
القسم العلمي بمدار الوطن - ALQSM ALALMI BMDAR ALOTN

كتب القسم العلمي بمدار الوطن ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الدعاء ❝ ❞ علو الهمة طريقك إلى القمة ❝ ❞ السعادة: حقيقتها، صورها، أسباب تحصيلها ❝ ❞ أقوال وحكم خالدة من أفواه السلف الصالح ❝ ❞ الصعود إلى قمة النجاح ❝ ❞ الموضة والأزياء فتنة النساء ❝ ❞ التدخين قاتل الملايين ❝ ❞ النبي صلى الله عليه وسلم كأنك تراه: أخلاقه صفاته آدابه عباداته ❝ ❞ همسات لمن أرادت النجاة ❝ الناشرين : ❞ دار الإسلام للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الوطن للطباعة والنشر والتوزيع - السعودية ❝ ❞ دار الوطن للطباعة والنشر والعلاقات العامة ❝ ❞ مدار الوطن للنشر ❝ ❱. المزيد..

كتب القسم العلمي بمدار الوطن
الناشر:
دار الوطن للطباعة والنشر والعلاقات العامة
كتب دار الوطن للطباعة والنشر والعلاقات العامة اختطت دار الوطن لنفسها منذ ايامها الأولى نهجاً واضحاً يقوم على تسخير الخبرات المحلية و الدولية في دعم أهدافها الرامية لتوفير خدمات راقية في مجالات عملها، و ملتزمة بنظرتها المحلية لتحقيق الأهداف في الجوانب الثقافية و الإعلامية التي تعتمد بشكل رئيس على الفهم العميق للثقافة السائدة. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ الحكمة د. ناصر بن سليمان ❝ ❞ الأسئلة والأجوبة في العقيدة ❝ ❞ مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / المجلد الأول : العقيدة ❝ ❞ الحكمه _ زهره يحيى علي ❝ ❞ متن القطر (قطر الندى وبل الصدى) ت/جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام الانصاري ❝ ❞ شرح أصول الإيمان ❝ ❞ الزواج ومجموعة أسئلة في أحكامه ❝ ❞ 130 طريقة في تربية الأبناء ❝ ❞ معرفة الصحابة ❝ ❞ المناظرة العجيبة وقائع مناظرة الإمام الباقلاني للنصاري بحضرة ملكهم ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ محمد بن صالح العثيمين ❝ ❞ عائض القرني ❝ ❞ أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني ❝ ❞ محمود المصري أبو عمار ❝ ❞ شمس الدين الذهبي ❝ ❞ محمد صالح المنجد ❝ ❞ مجموعة من المؤلفين ❝ ❞ ناصر بن سليمان العمر ❝ ❞ ابن تيمية محمد بن إبراهيم الحمد ❝ ❞ ابن رجب الحنبلي ❝ ❞ سعد بن ناصر الشثري ❝ ❞ أحمد بن عثمان المزيد ❝ ❞ القسم العلمي بمدار الوطن ❝ ❞ عبد الله بن صالح القصير ❝ ❞ محمد الأمين الجكنى الشنقيطي ❝ ❞ أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري البغدادي ❝ ❞ عبد الرحمن اليحي التركي ❝ ❞ عبد الله بن سليمان العتيق ❝ ❞ محمد بن سرار اليامي ❝ ❞ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ❝ ❞ صالح بن عواد المغامسي ❝ ❞ سليمان بن عبدالكريم المفرج ❝ ❞ أسماء بنت راشد الرويشد ❝ ❞ د.سامي بن محمد الصقير ❝ ❞ خالد بن مصطفى سالم أبو صالح ❝ ❞ محمد بن عبد العزيز الخضيري ❝ ❞ أحمد بن عبد الرحمن الصويان ❝ ❞ عبد الله بن محمد الطيار عبد الله بن محمد المطلق محمد بن إبراهيم الموسى ❝ ❞ محمد بن إسحاق ابن منده ❝ ❞ زهره يحيى علي ❝ ❞ علي بن نفيع العلياني ❝ ❞ عبد الله بن هشام الأنصاري ❝ ❞ صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ ❝ ❞ عبد الله بن عبد العزيز حمادة الجبرين ❝ ❞ ميادة بنت كامل آل ماضي ❝ ❞ جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري ❝ ❞ صالح بن عبد الرحمن الأطرم ❝ ❞ أحمد بن عبدالله الباتلي ❝ ❞ شيخة محمد الدهمش ❝ ❞ أحمد بن عبد الله أبو نعيم الأصبهاني ❝ ❞ أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري ❝ ❞ عبد الرحمن بن علي العسكر ❝ ❞ سليمان بن صقير الصقير ❝ ❞ القسم العلمي بدار الوطن ❝ ❞ د.خالد بن سعود الحليبي ❝ ❞ عوض بن علي عبد الله ❝ ❞ ابن جبرين السعدي ❝ ❞ سليمان بن خلف الباجي ❝ ❞ عبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف ❝ ❞ علي بن صالح الجبالي ❝ ❞ محمد عبد الله ولد كريم ❝ ❞ عيسى بن عبد الله الغيث ❝ ❞ عثمان بن المكي التوزري ❝ ❞ إبراهيم بن صالح الدحيم ❝ ❞ صالح بن أحمد بن حنبل ❝ ❞ رمضان بن حسن السمديسي ❝ ❞ طالب عالم ❝ ❞ فواد عبد المنعم أحمد ❝ ❱.المزيد.. كتب دار الوطن للطباعة والنشر والعلاقات العامة