❞ كتاب حضارة الأندلس في الزمان والمكان ❝  ⏤ أعمال الندوة الدولية أبريل

❞ كتاب حضارة الأندلس في الزمان والمكان ❝ ⏤ أعمال الندوة الدولية أبريل

الأندلس مُصطلح يُطلق على شبه الجزيرة الأيبيرية التي تقع في الجزء الجنوبيّ الغربيّ من قارة أوروبا، وهي اليوم إسبانيا والبُرتغال، ولم يكُنْ مُصطلح الأندلس قديمًا ثابت وإنمّا تطوّر المصطلح صوتيًا، فقد قال المسلمين في بداية الأمر وندلس وكان أصل التسميةِ يعود إلى قبائل الوندال، وقد استقرت قبائل الوندال في مدينة قرطاج، من ثمّ تحوّلت التسميّة من وندلس إلى أندلس وذلك عندما حكمها المسلمين، وتُشرفُ هذه المنطقة التي شكّلت حضارة الأندلس الإسلامية على البحر المتوسّط والمُحيط الأطلسيّ، كما أنّها تتصّلُ مع أوروبا من خلال جبال البرانس، هذه المنطقة المهمّة شكّل بها المسلمين حضارة الأندلس الإسلامية التي استمرت حتى سقوطها عام 897هـ.

فتح الأندلس

كانت الرغبة في فتح بلاد الأندلس موجودة لدى المسلمين مُنذ نشأة الدولة الإسلاميّة، وبالفعل بعد أن تمّت فتوحات بلاد الشّام وتمّ فتح مصر في عهد الخليفة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- بقيادة الصحابيّ عمرو بن العاص، توجّهت الأنظار نحو بلاد المغرب، وبالفعل فتحت مجموعة مدن وبدأ فتح المغرب على يد عقبة بن نافع باني مدينة القيروان، وظلّت فكرة فتح بلاد الأندلس مطروحة حتى تمّ ذلك في عهد الدولة الأمويّة وتحديدًا في عهد الخليفة الأمويّ الوليد بن عبد الملك الذي شكّل حضارة الأندلس الإسلامية، وقد كان فتح الأندلس على ثلاث مراحل مُتتالية بدأت عام 91هـ وانتهت بالفتح الكامل عام 93هـ، ومن الخطأ القول بأن فتح الأندلس كان في عام 91هـ أو 92هـ لأن الفتح استمرّ حتى استكماله عام 93هـ.[٢] كانت أولى مراحل فتح الأندلس عام 91هـ عندما أرسل قائد الفتح الإسلاميّ موسى بن نُصير القائد طريف بن مالك في حملةٍ تهدف إلى استطلاع أحوال بلاد الأندلس وجغرافية المنطقة التي يتطلع المسلمين إلى فتحها، وقد حققت هذه الحملة هدفها بالإضافة إلى فتح جزيرة طريف والجزيرة الخضراء، هذا ما دفع موسى بن نُصير أن يُسيّر الحملة الثانية والتي كانت بقيادة القائد طارق بن زياد عام 92هـ، وبالفعل سار طارق بن زياد إلى الأندلس وخاض معركة فاصلة في التاريخ الإسلاميّ وهي معركة وادي لكّة في عام 92هـ وبالتحديد في شهر رمضان، وقد واجه طارق بن زياد في هذه المعركة على القوط الإسبان الذين كانوا بقيادة القائد لذريق، وكان النصر في المعركة للمسلمين، وقد كانت معركة وادي لكّة من المعارك التي ساهمت في تشكيل حضارة الأندلس الإسلامية فيما بعد، تحرّك القائد موسى بن نُصير باتجاه الأندلس في رمضان عام 93هـ، وقام بفتح العديد من المُدن الأندلسية ومنها: شذونة، إشبيلية، ماردة، من ثمّ كان اللقاء بين موسى بن نُصير وطارق بن زياد وقاما بالتعاون بفتح ما تبقى من مُدن وكان منها: سرقُسطة، برشلونة، قشتالة، لتتشكّل بعد ذلك حضارة الأندلس الإسلامية.

حضارة الأندلس الإسلامية

تشكّلت حضارة الأندلس الإسلامية في عهد الدولة الأمويّة التي حكمت من بلاد الشّام وتحديدًا من العاصمة دمشق، وكان ذلك في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، وقد استمرّت حكم المسلمين للأندلس من عام 93هـ حتى عام 897هـ، وهذا يعني أنَّ حكم المسلمين استمرّ حوالي 800 سنة أو ما يزيد قليلًا، وقد تكوّنت معالم حضارة الأندلس الإسلامية وازدهر الأدب والشعر الأندلسيّ وكان من أشهر شعراء الأندلس: ابن زيدون، تميم بن المُعزّ، ابن رشيق القيرواني، ابن هانئ الأندلسيّ وغيرهم، وكان أيضًا من أشهر كُتّاب الأندلس: ابن عبد ربّه، ابن حزم، ابن شهيد وغيرهم، بالعلم والأدب تكوّنت حضارة الأندلس الإسلامية، فقد ازدهرت العلوم بشكلٍ عام وبرز العديد من العلماء ومن أشهرهم: الفقيه يحيى بن يحيى، الحكيم عبّاس بن فرناس، زرياب صاحب فن الموسيقى الأندلسيّة، وقد كان هناك اهتمام كبير بالتعليم في الأندلس ، لأنّ تشكّل الحضارة لابد أن يكون على أساسٍ قويّ وهو العلم والمعرفة، لذلك كانت هناك العديد من المكتبات الضخمة المنتشرة في بلاد الأندلس الأمر الذي يدلّ على مدى اهتمام المسلمين بالعلم والمعرفة، وبهذا تمكّن المسلمين من تكوين حضارة الأندلس الإسلامية التي استمرّت حتى عام 897هـ.

الدولة الأموية في الأندلس

قامت الدولة الأموية في الأندلس على يد عبد الرحمن بن معاوية المعروف بلقب صقر قُريش، وكان ذلك بعد سقوط الدولة الأمويّة في بلاد الشام بست سنوات وتحديدًا عام 138هـ، وكان عبد الرحمن بن معاوية قد هرب من مُلاحقة العباسيين الذين أسقطوا حكم خلفاء بني أمية في بلاد الشام عام 132هـ، وكانت معركة الزاب آخر معركة تخوضها الدولة الأموية في بلاد الشام، وكانت المعركة بين الأمويين بقيادة مروان بن محمد والعباسيين بقيادة عبد الله بن علي، وهُزم الأمويين في هذه المعركة التي كانت من المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلاميّ بشكلٍ عام وتاريخ الدولة الأموية بشكلٍ خاصّ.

استمرّ الحكم الأمويّ في بلاد الأندلس حتى عام 422هـ، وهو العام الذي أُلغيت فيه الخلافة وتشكّلت دُول ملوك الطوائف، والجدير بالذكر أنّ هذه الفترة استمرّت حتى سقوط الأندلس بشكلٍ كاملٍ عام 897هـ، وقد بُني حُكم ملوك الطوائف على الفُرقة والتنافس والنزاع، وقد تشكّلت هذه الدول داخل دولة واحدة وهي الأندلس، بحيث كانت كُلّ مدينةٍ أندلسيّة عبارة عن دولة مُنفصلة عن الأخرى، ومن دول الطوائف التي ظهرت في الأندلس: دولة بنو عبّاد في إشبيلية وغيرها، دولة بنو زيري في غرناطة، دولة بنو جهور في قرطبة، دولة بني ذي النون في طليطلة، دولة بنو هود في سرقسطة، هذه هي بعض الدويلات التي نشأت بعد الحُكم الأمويّ في الأندلس، وقد ساهمت فرقتهم ونزاعاتهم في تدمير حضارة الأندلس الإسلامية.

وقد تشكّلت دول أخرى حكمت بلاد الأندلس في فترة ملوك الطوائف ومن هذه الدول دولة المُرابطين، وقد بدأ وجود المُرابطين في الأندلس بعد استعانة حُكّام الأندلس بالقائد يوسف بن تاشفين ليتصدى إلى خطر الممالك المسيحية، وبالفعل انتصر يوسف بن تاشفين في معركة الزلّاقة التي خاضها ضدّ ألفونسو السادس عام 478هـ، وبهذا تكون البداية الحقيقية لوجود المرابطين في الأندلس وضمّها إلى المغرب، واستمرّ حكم المرابطين ولكن دبّ الضعف بدولتهم وهزموا في أكثر من معركة خاضوها ضدّ الممالك المسيحية منها: معركة القُليّعة عام 523هـ[٩]، وقد استمرّ حكم المرابطين حتى برزت دولة الموحدين التي كان لها أيضًا دور في تشكيل معالم حضارة الأندلس الإسلامية، وكان ذلك عام 541هـ، وقد كان للموحدين انتصارات مهمة في فترتهم ضدّ الممالك المسيحية ومنها انتصارهم في معركة الأرك عام 591هـ، وتستمرّ الأحداث حتى وفاة المنصور الموحديّ الذي كان يحكم دولة الموحدين، وقد جاء بعده ابنه الناصر لدين الله وبهذا تدخل دولة الموحدين في مرحلة الضعف.

سقوط بلاد الأندلس

بعد ما يُقارب 475 سنة من حكم ملوك الطوائف والمرابطين والموحدين، كان حكم آخر الملوك في غرناطة وهم بنو الأحمر الذين يُنسب إليهم بناء قصر الحمراء الشهير وهو أحد معالم حضارة الأندلس الإسلامية، وهو ماثل للعيان حتى الوقت الحاضر، فهو يُمثّل فنّ العمارة الإسلاميّة، من خلالِ ما نُقش على جُدران القصر، وبراعة البناء وغير ذلك، ويقع هذا القصر جنوب مدينة مدريد، وهناك العديد من الأبراج الباقية والماثلة للعيان من قصر الحمراء ومنها: بُرج العقائل، بُرج الأسيرة، بُرج الأميرات، وأيضًا من الأبواب الباقية والماثلة للعيان من قصر الحمراء: باب الغدور، باب الشريعة، باب الطباق.

لم يكن سقوط الأندلس وليد اللحظة لأنّ الممالك المسيحية تنبّهت لتفرّق المسلمين في عهد ملوك الطوائف وأخذت تعدّ العُدّة لتستولي على المُدن الأندلسية المدينة تلو الأخرى، وكان بنو الأحمر آخر الحُكّام المسلمين في الأندلس وتحديدًا في غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس، وكان اتحاد فرناندو الثالث ملك أراجون مع إيزابيلا وريثة عرش قشتالة عن طريق الزواج قد أسهم في تكوين مملكة إسبانيا عام 879هـ، وقد كان جُلّ تفكيرهم وطموحهم هو السيطرة على الأندلس بالكامل، وهذا ما تمّ فعلًا عام 897هـ عندما وُقّعت مُعاهدة تسليم غرناطة بين ابي عبد الله الصغير وفرناندو وإيزابيلا، وبهذا تنتهي قصة الأندلس، لكن حضارة الأندلس الإسلامية هناك ما يثبتها في إسبانيا والبرتغال في الوقت الحاضر من معالم إسلاميّة خالدة وباقية بإذن الله تعالى. أعمال الندوة الدولية أبريل -
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ حضارة الأندلس في الزمان والمكان ❝ الناشرين : ❞ كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية ❝ ❱
من كتب تاريخ العالم العربي - مكتبة كتب التاريخ.

نبذة عن الكتاب:
حضارة الأندلس في الزمان والمكان

1993م - 1445هـ
الأندلس مُصطلح يُطلق على شبه الجزيرة الأيبيرية التي تقع في الجزء الجنوبيّ الغربيّ من قارة أوروبا، وهي اليوم إسبانيا والبُرتغال، ولم يكُنْ مُصطلح الأندلس قديمًا ثابت وإنمّا تطوّر المصطلح صوتيًا، فقد قال المسلمين في بداية الأمر وندلس وكان أصل التسميةِ يعود إلى قبائل الوندال، وقد استقرت قبائل الوندال في مدينة قرطاج، من ثمّ تحوّلت التسميّة من وندلس إلى أندلس وذلك عندما حكمها المسلمين، وتُشرفُ هذه المنطقة التي شكّلت حضارة الأندلس الإسلامية على البحر المتوسّط والمُحيط الأطلسيّ، كما أنّها تتصّلُ مع أوروبا من خلال جبال البرانس، هذه المنطقة المهمّة شكّل بها المسلمين حضارة الأندلس الإسلامية التي استمرت حتى سقوطها عام 897هـ.

فتح الأندلس

كانت الرغبة في فتح بلاد الأندلس موجودة لدى المسلمين مُنذ نشأة الدولة الإسلاميّة، وبالفعل بعد أن تمّت فتوحات بلاد الشّام وتمّ فتح مصر في عهد الخليفة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- بقيادة الصحابيّ عمرو بن العاص، توجّهت الأنظار نحو بلاد المغرب، وبالفعل فتحت مجموعة مدن وبدأ فتح المغرب على يد عقبة بن نافع باني مدينة القيروان، وظلّت فكرة فتح بلاد الأندلس مطروحة حتى تمّ ذلك في عهد الدولة الأمويّة وتحديدًا في عهد الخليفة الأمويّ الوليد بن عبد الملك الذي شكّل حضارة الأندلس الإسلامية، وقد كان فتح الأندلس على ثلاث مراحل مُتتالية بدأت عام 91هـ وانتهت بالفتح الكامل عام 93هـ، ومن الخطأ القول بأن فتح الأندلس كان في عام 91هـ أو 92هـ لأن الفتح استمرّ حتى استكماله عام 93هـ.[٢] كانت أولى مراحل فتح الأندلس عام 91هـ عندما أرسل قائد الفتح الإسلاميّ موسى بن نُصير القائد طريف بن مالك في حملةٍ تهدف إلى استطلاع أحوال بلاد الأندلس وجغرافية المنطقة التي يتطلع المسلمين إلى فتحها، وقد حققت هذه الحملة هدفها بالإضافة إلى فتح جزيرة طريف والجزيرة الخضراء، هذا ما دفع موسى بن نُصير أن يُسيّر الحملة الثانية والتي كانت بقيادة القائد طارق بن زياد عام 92هـ، وبالفعل سار طارق بن زياد إلى الأندلس وخاض معركة فاصلة في التاريخ الإسلاميّ وهي معركة وادي لكّة في عام 92هـ وبالتحديد في شهر رمضان، وقد واجه طارق بن زياد في هذه المعركة على القوط الإسبان الذين كانوا بقيادة القائد لذريق، وكان النصر في المعركة للمسلمين، وقد كانت معركة وادي لكّة من المعارك التي ساهمت في تشكيل حضارة الأندلس الإسلامية فيما بعد، تحرّك القائد موسى بن نُصير باتجاه الأندلس في رمضان عام 93هـ، وقام بفتح العديد من المُدن الأندلسية ومنها: شذونة، إشبيلية، ماردة، من ثمّ كان اللقاء بين موسى بن نُصير وطارق بن زياد وقاما بالتعاون بفتح ما تبقى من مُدن وكان منها: سرقُسطة، برشلونة، قشتالة، لتتشكّل بعد ذلك حضارة الأندلس الإسلامية.

حضارة الأندلس الإسلامية

تشكّلت حضارة الأندلس الإسلامية في عهد الدولة الأمويّة التي حكمت من بلاد الشّام وتحديدًا من العاصمة دمشق، وكان ذلك في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، وقد استمرّت حكم المسلمين للأندلس من عام 93هـ حتى عام 897هـ، وهذا يعني أنَّ حكم المسلمين استمرّ حوالي 800 سنة أو ما يزيد قليلًا، وقد تكوّنت معالم حضارة الأندلس الإسلامية وازدهر الأدب والشعر الأندلسيّ وكان من أشهر شعراء الأندلس: ابن زيدون، تميم بن المُعزّ، ابن رشيق القيرواني، ابن هانئ الأندلسيّ وغيرهم، وكان أيضًا من أشهر كُتّاب الأندلس: ابن عبد ربّه، ابن حزم، ابن شهيد وغيرهم، بالعلم والأدب تكوّنت حضارة الأندلس الإسلامية، فقد ازدهرت العلوم بشكلٍ عام وبرز العديد من العلماء ومن أشهرهم: الفقيه يحيى بن يحيى، الحكيم عبّاس بن فرناس، زرياب صاحب فن الموسيقى الأندلسيّة، وقد كان هناك اهتمام كبير بالتعليم في الأندلس ، لأنّ تشكّل الحضارة لابد أن يكون على أساسٍ قويّ وهو العلم والمعرفة، لذلك كانت هناك العديد من المكتبات الضخمة المنتشرة في بلاد الأندلس الأمر الذي يدلّ على مدى اهتمام المسلمين بالعلم والمعرفة، وبهذا تمكّن المسلمين من تكوين حضارة الأندلس الإسلامية التي استمرّت حتى عام 897هـ.

الدولة الأموية في الأندلس

قامت الدولة الأموية في الأندلس على يد عبد الرحمن بن معاوية المعروف بلقب صقر قُريش، وكان ذلك بعد سقوط الدولة الأمويّة في بلاد الشام بست سنوات وتحديدًا عام 138هـ، وكان عبد الرحمن بن معاوية قد هرب من مُلاحقة العباسيين الذين أسقطوا حكم خلفاء بني أمية في بلاد الشام عام 132هـ، وكانت معركة الزاب آخر معركة تخوضها الدولة الأموية في بلاد الشام، وكانت المعركة بين الأمويين بقيادة مروان بن محمد والعباسيين بقيادة عبد الله بن علي، وهُزم الأمويين في هذه المعركة التي كانت من المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلاميّ بشكلٍ عام وتاريخ الدولة الأموية بشكلٍ خاصّ.

استمرّ الحكم الأمويّ في بلاد الأندلس حتى عام 422هـ، وهو العام الذي أُلغيت فيه الخلافة وتشكّلت دُول ملوك الطوائف، والجدير بالذكر أنّ هذه الفترة استمرّت حتى سقوط الأندلس بشكلٍ كاملٍ عام 897هـ، وقد بُني حُكم ملوك الطوائف على الفُرقة والتنافس والنزاع، وقد تشكّلت هذه الدول داخل دولة واحدة وهي الأندلس، بحيث كانت كُلّ مدينةٍ أندلسيّة عبارة عن دولة مُنفصلة عن الأخرى، ومن دول الطوائف التي ظهرت في الأندلس: دولة بنو عبّاد في إشبيلية وغيرها، دولة بنو زيري في غرناطة، دولة بنو جهور في قرطبة، دولة بني ذي النون في طليطلة، دولة بنو هود في سرقسطة، هذه هي بعض الدويلات التي نشأت بعد الحُكم الأمويّ في الأندلس، وقد ساهمت فرقتهم ونزاعاتهم في تدمير حضارة الأندلس الإسلامية.

وقد تشكّلت دول أخرى حكمت بلاد الأندلس في فترة ملوك الطوائف ومن هذه الدول دولة المُرابطين، وقد بدأ وجود المُرابطين في الأندلس بعد استعانة حُكّام الأندلس بالقائد يوسف بن تاشفين ليتصدى إلى خطر الممالك المسيحية، وبالفعل انتصر يوسف بن تاشفين في معركة الزلّاقة التي خاضها ضدّ ألفونسو السادس عام 478هـ، وبهذا تكون البداية الحقيقية لوجود المرابطين في الأندلس وضمّها إلى المغرب، واستمرّ حكم المرابطين ولكن دبّ الضعف بدولتهم وهزموا في أكثر من معركة خاضوها ضدّ الممالك المسيحية منها: معركة القُليّعة عام 523هـ[٩]، وقد استمرّ حكم المرابطين حتى برزت دولة الموحدين التي كان لها أيضًا دور في تشكيل معالم حضارة الأندلس الإسلامية، وكان ذلك عام 541هـ، وقد كان للموحدين انتصارات مهمة في فترتهم ضدّ الممالك المسيحية ومنها انتصارهم في معركة الأرك عام 591هـ، وتستمرّ الأحداث حتى وفاة المنصور الموحديّ الذي كان يحكم دولة الموحدين، وقد جاء بعده ابنه الناصر لدين الله وبهذا تدخل دولة الموحدين في مرحلة الضعف.

سقوط بلاد الأندلس

بعد ما يُقارب 475 سنة من حكم ملوك الطوائف والمرابطين والموحدين، كان حكم آخر الملوك في غرناطة وهم بنو الأحمر الذين يُنسب إليهم بناء قصر الحمراء الشهير وهو أحد معالم حضارة الأندلس الإسلامية، وهو ماثل للعيان حتى الوقت الحاضر، فهو يُمثّل فنّ العمارة الإسلاميّة، من خلالِ ما نُقش على جُدران القصر، وبراعة البناء وغير ذلك، ويقع هذا القصر جنوب مدينة مدريد، وهناك العديد من الأبراج الباقية والماثلة للعيان من قصر الحمراء ومنها: بُرج العقائل، بُرج الأسيرة، بُرج الأميرات، وأيضًا من الأبواب الباقية والماثلة للعيان من قصر الحمراء: باب الغدور، باب الشريعة، باب الطباق.

لم يكن سقوط الأندلس وليد اللحظة لأنّ الممالك المسيحية تنبّهت لتفرّق المسلمين في عهد ملوك الطوائف وأخذت تعدّ العُدّة لتستولي على المُدن الأندلسية المدينة تلو الأخرى، وكان بنو الأحمر آخر الحُكّام المسلمين في الأندلس وتحديدًا في غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس، وكان اتحاد فرناندو الثالث ملك أراجون مع إيزابيلا وريثة عرش قشتالة عن طريق الزواج قد أسهم في تكوين مملكة إسبانيا عام 879هـ، وقد كان جُلّ تفكيرهم وطموحهم هو السيطرة على الأندلس بالكامل، وهذا ما تمّ فعلًا عام 897هـ عندما وُقّعت مُعاهدة تسليم غرناطة بين ابي عبد الله الصغير وفرناندو وإيزابيلا، وبهذا تنتهي قصة الأندلس، لكن حضارة الأندلس الإسلامية هناك ما يثبتها في إسبانيا والبرتغال في الوقت الحاضر من معالم إسلاميّة خالدة وباقية بإذن الله تعالى.
.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

الأندلس مُصطلح يُطلق على شبه الجزيرة الأيبيرية التي تقع في الجزء الجنوبيّ الغربيّ من قارة أوروبا، وهي اليوم إسبانيا والبُرتغال، ولم يكُنْ مُصطلح الأندلس قديمًا ثابت وإنمّا تطوّر المصطلح صوتيًا، فقد قال المسلمين في بداية الأمر وندلس وكان أصل التسميةِ يعود إلى قبائل الوندال، وقد استقرت قبائل الوندال في مدينة قرطاج، من ثمّ تحوّلت التسميّة من وندلس إلى أندلس وذلك عندما حكمها المسلمين، وتُشرفُ هذه المنطقة التي شكّلت حضارة الأندلس الإسلامية على البحر المتوسّط والمُحيط الأطلسيّ، كما أنّها تتصّلُ مع أوروبا من خلال جبال البرانس، هذه المنطقة المهمّة شكّل بها المسلمين حضارة الأندلس الإسلامية التي استمرت حتى سقوطها عام 897هـ.

 فتح الأندلس

 كانت الرغبة في فتح بلاد الأندلس موجودة لدى المسلمين مُنذ نشأة الدولة الإسلاميّة، وبالفعل بعد أن تمّت فتوحات بلاد الشّام وتمّ فتح مصر في عهد الخليفة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- بقيادة الصحابيّ عمرو بن العاص، توجّهت الأنظار نحو بلاد المغرب، وبالفعل فتحت مجموعة مدن وبدأ فتح المغرب على يد عقبة بن نافع باني مدينة القيروان، وظلّت فكرة فتح بلاد الأندلس مطروحة حتى تمّ ذلك في عهد الدولة الأمويّة وتحديدًا في عهد الخليفة الأمويّ الوليد بن عبد الملك الذي شكّل حضارة الأندلس الإسلامية، وقد كان فتح الأندلس على ثلاث مراحل مُتتالية بدأت عام 91هـ وانتهت بالفتح الكامل عام 93هـ، ومن الخطأ القول بأن فتح الأندلس كان في عام 91هـ أو 92هـ لأن الفتح استمرّ حتى استكماله عام 93هـ.[٢] كانت أولى مراحل فتح الأندلس عام 91هـ عندما أرسل قائد الفتح الإسلاميّ موسى بن نُصير القائد طريف بن مالك في حملةٍ تهدف إلى استطلاع أحوال بلاد الأندلس وجغرافية المنطقة التي يتطلع المسلمين إلى فتحها، وقد حققت هذه الحملة هدفها بالإضافة إلى فتح جزيرة طريف والجزيرة الخضراء، هذا ما دفع موسى بن نُصير أن يُسيّر الحملة الثانية والتي كانت بقيادة القائد طارق بن زياد عام 92هـ، وبالفعل سار طارق بن زياد إلى الأندلس وخاض معركة فاصلة في التاريخ الإسلاميّ وهي معركة وادي لكّة في عام 92هـ وبالتحديد في شهر رمضان، وقد واجه طارق بن زياد في هذه المعركة على القوط الإسبان الذين كانوا بقيادة القائد لذريق، وكان النصر في المعركة للمسلمين، وقد كانت معركة وادي لكّة من المعارك التي ساهمت في تشكيل حضارة الأندلس الإسلامية فيما بعد، تحرّك القائد موسى بن نُصير باتجاه الأندلس في رمضان عام 93هـ، وقام بفتح العديد من المُدن الأندلسية ومنها: شذونة، إشبيلية، ماردة، من ثمّ كان اللقاء بين موسى بن نُصير وطارق بن زياد وقاما بالتعاون بفتح ما تبقى من مُدن وكان منها: سرقُسطة، برشلونة، قشتالة، لتتشكّل بعد ذلك حضارة الأندلس الإسلامية.

حضارة الأندلس الإسلامية

 تشكّلت حضارة الأندلس الإسلامية في عهد الدولة الأمويّة التي حكمت من بلاد الشّام وتحديدًا من العاصمة دمشق، وكان ذلك في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، وقد استمرّت حكم المسلمين للأندلس من عام 93هـ حتى عام 897هـ، وهذا يعني أنَّ حكم المسلمين استمرّ حوالي 800 سنة أو ما يزيد قليلًا، وقد تكوّنت معالم حضارة الأندلس الإسلامية وازدهر الأدب والشعر الأندلسيّ وكان من أشهر شعراء الأندلس: ابن زيدون، تميم بن المُعزّ، ابن رشيق القيرواني، ابن هانئ الأندلسيّ وغيرهم، وكان أيضًا من أشهر كُتّاب الأندلس: ابن عبد ربّه، ابن حزم، ابن شهيد وغيرهم، بالعلم والأدب تكوّنت حضارة الأندلس الإسلامية، فقد ازدهرت العلوم بشكلٍ عام وبرز العديد من العلماء ومن أشهرهم: الفقيه يحيى بن يحيى، الحكيم عبّاس بن فرناس، زرياب صاحب فن الموسيقى الأندلسيّة، وقد كان هناك اهتمام كبير بالتعليم في الأندلس ، لأنّ تشكّل الحضارة لابد أن يكون على أساسٍ قويّ وهو العلم والمعرفة، لذلك كانت هناك العديد من المكتبات الضخمة المنتشرة في بلاد الأندلس الأمر الذي يدلّ على مدى اهتمام المسلمين بالعلم والمعرفة، وبهذا تمكّن المسلمين من تكوين حضارة الأندلس الإسلامية التي استمرّت حتى عام 897هـ.

 الدولة الأموية في الأندلس

 قامت الدولة الأموية في الأندلس على يد عبد الرحمن بن معاوية المعروف بلقب صقر قُريش، وكان ذلك بعد سقوط الدولة الأمويّة في بلاد الشام بست سنوات وتحديدًا عام 138هـ، وكان عبد الرحمن بن معاوية قد هرب من مُلاحقة العباسيين الذين أسقطوا حكم خلفاء بني أمية في بلاد الشام عام 132هـ، وكانت معركة الزاب آخر معركة تخوضها الدولة الأموية في بلاد الشام، وكانت المعركة بين الأمويين بقيادة مروان بن محمد والعباسيين بقيادة عبد الله بن علي، وهُزم الأمويين في هذه المعركة التي كانت من المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلاميّ بشكلٍ عام وتاريخ الدولة الأموية بشكلٍ خاصّ.

استمرّ الحكم الأمويّ في بلاد الأندلس حتى عام 422هـ، وهو العام الذي أُلغيت فيه الخلافة وتشكّلت دُول ملوك الطوائف، والجدير بالذكر أنّ هذه الفترة استمرّت حتى سقوط الأندلس بشكلٍ كاملٍ عام 897هـ، وقد بُني حُكم ملوك الطوائف على الفُرقة والتنافس والنزاع، وقد تشكّلت هذه الدول داخل دولة واحدة وهي الأندلس، بحيث كانت كُلّ مدينةٍ أندلسيّة عبارة عن دولة مُنفصلة عن الأخرى، ومن دول الطوائف التي ظهرت في الأندلس: دولة بنو عبّاد في إشبيلية وغيرها، دولة بنو زيري في غرناطة، دولة بنو جهور في قرطبة، دولة بني ذي النون في طليطلة، دولة بنو هود في سرقسطة، هذه هي بعض الدويلات التي نشأت بعد الحُكم الأمويّ في الأندلس، وقد ساهمت فرقتهم ونزاعاتهم في تدمير حضارة الأندلس الإسلامية.

 وقد تشكّلت دول أخرى حكمت بلاد الأندلس في فترة ملوك الطوائف ومن هذه الدول دولة المُرابطين، وقد بدأ وجود المُرابطين في الأندلس بعد استعانة حُكّام الأندلس بالقائد يوسف بن تاشفين ليتصدى إلى خطر الممالك المسيحية، وبالفعل انتصر يوسف بن تاشفين في معركة الزلّاقة التي خاضها ضدّ ألفونسو السادس عام 478هـ، وبهذا تكون البداية الحقيقية لوجود المرابطين في الأندلس وضمّها إلى المغرب، واستمرّ حكم المرابطين ولكن دبّ الضعف بدولتهم وهزموا في أكثر من معركة خاضوها ضدّ الممالك المسيحية منها: معركة القُليّعة عام 523هـ[٩]، وقد استمرّ حكم المرابطين حتى برزت دولة الموحدين التي كان لها أيضًا دور في تشكيل معالم حضارة الأندلس الإسلامية، وكان ذلك عام 541هـ، وقد كان للموحدين انتصارات مهمة في فترتهم ضدّ الممالك المسيحية ومنها انتصارهم في معركة الأرك عام 591هـ، وتستمرّ الأحداث حتى وفاة المنصور الموحديّ الذي كان يحكم دولة الموحدين، وقد جاء بعده ابنه الناصر لدين الله وبهذا تدخل دولة الموحدين في مرحلة الضعف.

سقوط بلاد الأندلس 

بعد ما يُقارب 475 سنة من حكم ملوك الطوائف والمرابطين والموحدين، كان حكم آخر الملوك في غرناطة وهم بنو الأحمر الذين يُنسب إليهم بناء قصر الحمراء الشهير وهو أحد معالم حضارة الأندلس الإسلامية، وهو ماثل للعيان حتى الوقت الحاضر، فهو يُمثّل فنّ العمارة الإسلاميّة، من خلالِ ما نُقش على جُدران القصر، وبراعة البناء وغير ذلك، ويقع هذا القصر جنوب مدينة مدريد، وهناك العديد من الأبراج الباقية والماثلة للعيان من قصر الحمراء ومنها: بُرج العقائل، بُرج الأسيرة، بُرج الأميرات، وأيضًا من الأبواب الباقية والماثلة للعيان من قصر الحمراء: باب الغدور، باب الشريعة، باب الطباق.

 لم يكن سقوط الأندلس وليد اللحظة لأنّ الممالك المسيحية تنبّهت لتفرّق المسلمين في عهد ملوك الطوائف وأخذت تعدّ العُدّة لتستولي على المُدن الأندلسية المدينة تلو الأخرى، وكان بنو الأحمر آخر الحُكّام المسلمين في الأندلس وتحديدًا في غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس، وكان اتحاد فرناندو الثالث ملك أراجون مع إيزابيلا وريثة عرش قشتالة عن طريق الزواج قد أسهم في تكوين مملكة إسبانيا عام 879هـ، وقد كان جُلّ تفكيرهم وطموحهم هو السيطرة على الأندلس بالكامل، وهذا ما تمّ فعلًا عام 897هـ عندما وُقّعت مُعاهدة تسليم غرناطة بين ابي عبد الله الصغير وفرناندو وإيزابيلا، وبهذا تنتهي قصة الأندلس، لكن حضارة الأندلس الإسلامية هناك ما يثبتها في إسبانيا والبرتغال في الوقت الحاضر من معالم إسلاميّة خالدة وباقية بإذن الله تعالى.
 

يتحدث عن:
حضارة الأندلس وتاريخها.



سنة النشر : 1993م / 1413هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 8.3 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة حضارة الأندلس في الزمان والمكان

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل حضارة الأندلس في الزمان والمكان
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
أعمال الندوة الدولية أبريل - AAMAL ALNDOH ALDOLIH ABRIL

كتب أعمال الندوة الدولية أبريل ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ حضارة الأندلس في الزمان والمكان ❝ الناشرين : ❞ كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية ❝ ❱. المزيد..

كتب أعمال الندوة الدولية أبريل
الناشر:
كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية
كتب كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ حضارة الأندلس في الزمان والمكان ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ أعمال الندوة الدولية أبريل ❝ ❱.المزيد.. كتب كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية