❞ كتاب المطلق والمقيد وأثرهما في الفقه الإسلامي ❝ ⏤ د.إسماعيل محمد علي عبدالرحمن
تعريف المطلق
المطلق : ما دل على الحقيقة بلا قيد؛ فهو يتناول واحدا ما بدون تعيين. وأكثر وقوعه، النكرة في الإثبات. ففي لفظ (رقبة) من قوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ (المجادلة آية رقم 3) أي فعليه تحرير رقبة- أيّ رقبة- فإنه يتناول هنا عتق إنسان مملوك بدون قيد الإيمان أو الكفر، وهذا يعتبر إطلاقا. لأنه شائع في جنس العبيد، وهو أيضا نكرة في الإثبات، لأن المعنى فعليه (تحرير رقبة) وكقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي» (رواه أحمد والأربعة). وهذا مطلق أيضا في جنس الأولياء سواء كان رشيدا أو غير رشيد.
تعريف المقيد
المقيد: هو ما دل على الحقيقة بقيد، مثل الرقبة المقيدة بالإيمان في قوله تعالى فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (النساء آية رقم 92) قيد هنا بالمؤمنة، وفي قوله تعالى فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ (المجادلة آية رقم 4) قيد هنا بالتتابع ..
وللمطلق والمقيد صور منها :
أولا: أن يتحد السبب والحكم معا. كالصيام في كفارة اليمين. جاء مطلقا في القراءة المتواترة في المصحف في قوله تعالى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ (المائدة آية رقم 89) وجاء مقيدا في قراءة ابن مسعود (فصيام ثلاثة أيام متتابعات). فمثل هذا يحمل المطلق فيه على المقيد، ولهذا قال قوم بالتتابع. وبهذا أخذ الأئمة (أبو حنيفة والثوري وأحد رأيين عند الشافعي) وقد خالفهم في ذلك بعض العلماء ، وذهبوا إلى أن القراءة وإن كانت مشهورة إلا أنها ليست حجة، وبهذا لا يكون هنا مقيد يحمل عليه المطلق ). مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان،ص210)
ثانيا: أن يتحد السبب ويختلف الحكم، مثال ذلك: الأيدي في الوضوء والتيمم. في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ (المائدة آية رقم 6) قيد غسل الأيدي هنا في الوضوء بأنه إلى المرافق.
وأطلق المسح في التيمم في قوله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ (المائدة آية رقم 6) فقد قيل: هنا لا يحمل المطلق على المقيد لاختلاف الحكم، وعليه أكثر أهل العلم. وخالف أكثر الشافعية وقالوا: يحمل المطلق على المقيد هنا لاتحاد السبب.
ثالثا: أن يختلف السبب ويتحد الحكم: ولهذا صورتان:
الصورة الأولى: أن يكون التقييد واحدا، كعتق الرقبة في الكفارة، وقد ورد اشتراط الإيمان في الرقبة بتقييدها (بالرقبة المؤمنة) في كفارة القتل الخطأ- كما قال تعالى: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (النساء آية رقم 92) فهنا قيدها بالمؤمنة- أما في كفارة الظهار فقد أطلق الرقبة ولم يقيدها؛ حيث قال تعالى: وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا (المجادلة آية رقم 3) هنا أطلقها.
وكذلك في كفارة اليمين حيث قال تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ (المائدة آية رقم 89) وهنا أيضا بدون تقييد في هذه الآية. وقد قال جماعة منهم المالكية وكثير من الشافعية: يحمل المطلق على المقيد؛ فلا تجزئ الرقبة الكافرة في كفارة الظهار واليمين. وقال آخرون وهو مذهب الأحناف: لا يحمل المطلق على المقيد فيجوز عتق الرقبة الكافرة في كفارة الظهار واليمين. هذه هي الصورة الأولى.
أما الصورة الثانية: فهي أن يكون التقييد مختلفا، مثل الكفارة بالصيام؛ حيث قيد الصوم بالتتابع في كفارة القتل في قوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ (النساء آية رقم 92) وفي كفارة الظهار قال تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا (المجادلة آية رقم 4) هذا وقد جاء التقييد بالتفريق في صوم المتمتع بالحج حيث قال الله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ (البقرة آية رقم 196)
ثم جاء الصوم مطلقا دون تقييد بالتتابع أو التفريق في كفارة اليمين حيث قال تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ (المائدة آية رقم 89) وفي قضاء صيام شهر رمضان قال تعالى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ (البقرة آية رقم 184) فالمطلق في هذا لا يحمل على المقيد لأن القيد مختلف.
رابعا: أن يختلف السبب ويختلف الحكم: كاليد في الوضوء والسرقة. فقيدت في الوضوء إلى المرافق وأطلقت في السرقة بلا قيد حيث قال تعالى وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما (المائدة آية رقم 38) فلا يحمل هنا المطلق على المقيد لاختلاف السبب والحكم معا
يتكلم الكتاب عن:
تعريف المطلق واقسامه وحكمه.
الفرق بين المطلق والعام والنكرة.
أقسام المقيد وحكمه.
حالات الإختلاف في حمل المطلق علي المقيد.
شروط حمل المطلق علي المقيد وحكمه بعد التقيد.
العدد المحرم من الرضعات.
د.إسماعيل محمد علي عبدالرحمن - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ المطلق والمقيد وأثرهما في الفقه الإسلامي ❝ ❞ حجية مفهوم المخالفة عند الأصوليين ❝ ❞ الأدعية والأذكار المأثورات أثناء وبعد الصلوات ❝ ❞ الاستصحاب وأثره في الأحكام ❝ ❞ قواعد الترجيح عند الأصوليين ❝ ❞ إبهاج العقول في علم الأصول ❝ ❞ السلامة بإحياء سنة الحجامة ❝ ❞ الإمام في دلالة المفهوم على الأحكام ❝ ❞ القول السديد في مباحث التقليد ❝ الناشرين : ❞ دار القاسم للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الكتب السلفية ❝ ❱
من أصول الفقه وقواعده كتب أصول الفقه وقواعده - مكتبة كتب إسلامية.