❞ كتاب الخليفة الأول أبو بكر الصديق: شخصيته وعصره ❝  ⏤ علي محمد الصلابي

❞ كتاب الخليفة الأول أبو بكر الصديق: شخصيته وعصره ❝ ⏤ علي محمد الصلابي

أبو بَكر الصّدِّيق عبد الله بن أبي قُحافة التَّيمي القُرَشيّ (50 ق هـ - 13هـ / 573م - 634م) هو أولُ الخُلفاء الراشدين، وأحد العشرة المُبشرين بالجنَّة، وهو وزيرُ الرسول مُحمد وصاحبهُ، ورفيقهُ عند هجرته إلى المدينة المنورة. يَعدُّه أهل السنة والجماعة خيرَ الناس بعد الأنبياء والرسل، وأكثرَ الصَّحابة إيمانًا وزهدًا، وأحبَّ الناس إلى النبي مُحمد بعد زوجته عائشة. عادة ما يُلحَق اسمُ أبي بكرٍ بلقب الصّدِّيق، وهو لقبٌ لقَّبه إياه النبي مُحمد لكثرةِ تصديقه إياه.

ولد أبو بكر الصدِّيق في مكة سنة 573م بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وكان من أغنياء قُريش في الجاهليَّة، فلما دعاه النبي مُحمد إلى الإسلام أسلمَ دون تردد، فكان أول من أسلم مِن الرجال الأحرار. ثم هاجر أبو بكر مُرافقًا للنبي مُحمد من مكة إلى المدينة، وشَهِد غزوة بدر والمشاهد كلها مع النبي مُحمد، ولما مرض النبي مرضه الذي مات فيه أمر أبا بكر أن يَؤمَّ الناس في الصلاة. توفي النبي مُحمد يوم الإثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وبويع أبو بكر بالخِلافة في اليوم نفسه، فبدأ بإدارة شؤون الدولة الإسلامية من تعيين الولاة والقضاء وتسيير الجيوش، وارتدت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فأخذ يقاتلها ويُرسل الجيوش لمحاربتها حتى أخضع الجزيرة العربية بأكملها تحت الحُكم الإسلامي، ولما انتهت حروب الرِّدة، بدأ أبو بكر بتوجيه الجيوش الإسلامية لفتح العراق وبلاد الشَّام، ففتح مُعظم العراق وجزءًا كبيرًا من أرض الشَّام. توفي أبو بكر يوم الإثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ، وكان عمره ثلاثاً وستين سنة، فخلفه من بعده عمر بن الخطَّاب.

بعد إسلام أبي بكر، بدأ يدعو إلى الإسلام مَن وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه: الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، فانطلقوا إلى النبي محمد ومعهم أبو بكر، فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن وأنبأهم بحق الإسلام فآمنوا، ثم جاء بعثمان بن مظعون، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم فأسلموا، كما دعا أبو بكر أسرته وعائلته، فأسلمت بناته أسماء وعائشة، وابنه عبد الله، وزوجته أم رومان، وخادمه عامر بن فهيرة.

ولما اجتمع أصحاب النبي محمد، وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً، ألحَّ أبو بكر على النبي في الظهور، فقال: «يا أبا بكر إنا قليل»، فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر الرسول، وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيباً والرسول جالس، فكان أولَ خطيب دعا إلى الإسلام، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، فضربوه في نواحي المسجد ضرباً شديداً، ووُطئ أبو بكر وضُرب ضرباً شديداً، ودنا منه عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر، حتى ما يُعرف وجهُه من أنفه، وجاءت بنو تيم يتعادون،

فأجْلَت المشركين عن أبي بكر، وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله، ولا يشُكُّون في موته، ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة، فرجعوا إلى أبي بكر، فجعل أبو قحافة (والد أبي بكر) وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب، فتكلم آخر النهار فقال:

«ما فعل رسول الله ﷺ؟»، فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه، وقالوا لأمه أم الخير: «انظري أن تطعميه شيئاً أو تسقيه إياه»، فلما خلت به ألحت عليه، وجعل يقول: «ما فعل رسول الله ﷺ؟»، فقالت: «والله ما لي علم بصاحبك»، فقال: «اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه»، فخرجت حتى جاءت أم جميل (وكانت تخفي إٍسلامها)، فقالت:

«إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله»، فقالت: «ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك؟»، قالت: «نعم»، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دنفاً، فدنت أم جميل، وأعلنت بالصياح وقالت: «والله إن قوماً نالوا منك لأهلُ فسق وكفر، إنني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم»، قال: «فما فعل رسول الله ﷺ؟» قالت: «هذه أمك تسمع»، قال: «فلا شيء عليك منها»، قالت: «سالمٌ صالحٌ»، قال:

«أين هو؟»، قالت: «في دار الأرقم»، قال: «فإن لله علي أن لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو آتي رسول الله ﷺ»، فأمهلتا حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما، حتى أدخلتاه على الرسول محمد، فأكب عليه الرسولُ فقبله، وأكب عليه المسلمون، ورق له الرسولُ محمدٌ رقةً شديدةً، فقال أبو بكر: «بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله، وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار»، فدعا لها النبي محمد ودعاها إلى الله فأسلمت.....

هذا الكتاب يتناول فيه الصلابى شخصية أبو بكر الصديق وخلافته ومراحل حياته المختلفة منذ صغره وصباه حتى توليه خلافة وأمر المسلمين وشئون الدولة الإسلامية، هذا الكتاب أحد مراجع سلسلة كبيرة قدمها الصلابى عن الخلفاء المسلمين.
علي محمد الصلابي - علي محمد محمد الصلابي (مواليد 1963، بنغازي بليبيا)، فقيه، وكاتب، ومؤرخ، ومحلل سياسي ليبي. له العديد من المؤلفات. شارك بلجنة المراجعة التاريخية وتدقيق النص بمسلسل عمر.

وضع علي الصلابي وشقيقه إسماعيل على قوائم الإرهاب في كل من السعودية وليبيا والإمارات ومصر والبحرين.



❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ عصر الدولتين الأموية والعباسية وظهور فكر الخوارج ❝ ❞ فصل الخطاب في سيرة ابن الخطاب: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، شخصيته وعصره ❝ ❞ غزوات الرسول صلي الله عليه وسلم دروس وعبر وفوائد ❝ ❞ الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ❝ ❞ الدولة الفاطمية ❝ ❞ فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح ❝ ❞ دولة الموحدين ❝ ❞ السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث ❝ ❞ معاوية بن أبي سفيان شخصيته وعصره ❝ الناشرين : ❞ دار المعرفة للطباعة والنشر ❝ ❞ دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ المكتبة العصرية ❝ ❞ دار ابن كثير ❝ ❞ مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة ❝ ❞ دار التوزيع والنشر ❝ ❞ مكتبة الصحابة ❝ ❞ دار الإيمان للطبع والنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الكتاب الحديث ❝ ❞ الأندلس الجديدة للنشر والتوزيع ❝ ❞ مبرة الآل والأصحاب ❝ ❞ دار البيارق ❝ ❱
من التراجم والأعلام - مكتبة كتب إسلامية.


اقتباسات من كتاب الخليفة الأول أبو بكر الصديق: شخصيته وعصره

نبذة عن الكتاب:
الخليفة الأول أبو بكر الصديق: شخصيته وعصره

2009م - 1446هـ
أبو بَكر الصّدِّيق عبد الله بن أبي قُحافة التَّيمي القُرَشيّ (50 ق هـ - 13هـ / 573م - 634م) هو أولُ الخُلفاء الراشدين، وأحد العشرة المُبشرين بالجنَّة، وهو وزيرُ الرسول مُحمد وصاحبهُ، ورفيقهُ عند هجرته إلى المدينة المنورة. يَعدُّه أهل السنة والجماعة خيرَ الناس بعد الأنبياء والرسل، وأكثرَ الصَّحابة إيمانًا وزهدًا، وأحبَّ الناس إلى النبي مُحمد بعد زوجته عائشة. عادة ما يُلحَق اسمُ أبي بكرٍ بلقب الصّدِّيق، وهو لقبٌ لقَّبه إياه النبي مُحمد لكثرةِ تصديقه إياه.

ولد أبو بكر الصدِّيق في مكة سنة 573م بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وكان من أغنياء قُريش في الجاهليَّة، فلما دعاه النبي مُحمد إلى الإسلام أسلمَ دون تردد، فكان أول من أسلم مِن الرجال الأحرار. ثم هاجر أبو بكر مُرافقًا للنبي مُحمد من مكة إلى المدينة، وشَهِد غزوة بدر والمشاهد كلها مع النبي مُحمد، ولما مرض النبي مرضه الذي مات فيه أمر أبا بكر أن يَؤمَّ الناس في الصلاة. توفي النبي مُحمد يوم الإثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وبويع أبو بكر بالخِلافة في اليوم نفسه، فبدأ بإدارة شؤون الدولة الإسلامية من تعيين الولاة والقضاء وتسيير الجيوش، وارتدت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فأخذ يقاتلها ويُرسل الجيوش لمحاربتها حتى أخضع الجزيرة العربية بأكملها تحت الحُكم الإسلامي، ولما انتهت حروب الرِّدة، بدأ أبو بكر بتوجيه الجيوش الإسلامية لفتح العراق وبلاد الشَّام، ففتح مُعظم العراق وجزءًا كبيرًا من أرض الشَّام. توفي أبو بكر يوم الإثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ، وكان عمره ثلاثاً وستين سنة، فخلفه من بعده عمر بن الخطَّاب.

بعد إسلام أبي بكر، بدأ يدعو إلى الإسلام مَن وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه: الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، فانطلقوا إلى النبي محمد ومعهم أبو بكر، فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن وأنبأهم بحق الإسلام فآمنوا، ثم جاء بعثمان بن مظعون، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم فأسلموا، كما دعا أبو بكر أسرته وعائلته، فأسلمت بناته أسماء وعائشة، وابنه عبد الله، وزوجته أم رومان، وخادمه عامر بن فهيرة.

ولما اجتمع أصحاب النبي محمد، وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً، ألحَّ أبو بكر على النبي في الظهور، فقال: «يا أبا بكر إنا قليل»، فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر الرسول، وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيباً والرسول جالس، فكان أولَ خطيب دعا إلى الإسلام، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، فضربوه في نواحي المسجد ضرباً شديداً، ووُطئ أبو بكر وضُرب ضرباً شديداً، ودنا منه عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر، حتى ما يُعرف وجهُه من أنفه، وجاءت بنو تيم يتعادون،

فأجْلَت المشركين عن أبي بكر، وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله، ولا يشُكُّون في موته، ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة، فرجعوا إلى أبي بكر، فجعل أبو قحافة (والد أبي بكر) وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب، فتكلم آخر النهار فقال:

«ما فعل رسول الله ﷺ؟»، فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه، وقالوا لأمه أم الخير: «انظري أن تطعميه شيئاً أو تسقيه إياه»، فلما خلت به ألحت عليه، وجعل يقول: «ما فعل رسول الله ﷺ؟»، فقالت: «والله ما لي علم بصاحبك»، فقال: «اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه»، فخرجت حتى جاءت أم جميل (وكانت تخفي إٍسلامها)، فقالت:

«إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله»، فقالت: «ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك؟»، قالت: «نعم»، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دنفاً، فدنت أم جميل، وأعلنت بالصياح وقالت: «والله إن قوماً نالوا منك لأهلُ فسق وكفر، إنني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم»، قال: «فما فعل رسول الله ﷺ؟» قالت: «هذه أمك تسمع»، قال: «فلا شيء عليك منها»، قالت: «سالمٌ صالحٌ»، قال:

«أين هو؟»، قالت: «في دار الأرقم»، قال: «فإن لله علي أن لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو آتي رسول الله ﷺ»، فأمهلتا حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما، حتى أدخلتاه على الرسول محمد، فأكب عليه الرسولُ فقبله، وأكب عليه المسلمون، ورق له الرسولُ محمدٌ رقةً شديدةً، فقال أبو بكر: «بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله، وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار»، فدعا لها النبي محمد ودعاها إلى الله فأسلمت.....

هذا الكتاب يتناول فيه الصلابى شخصية أبو بكر الصديق وخلافته ومراحل حياته المختلفة منذ صغره وصباه حتى توليه خلافة وأمر المسلمين وشئون الدولة الإسلامية، هذا الكتاب أحد مراجع سلسلة كبيرة قدمها الصلابى عن الخلفاء المسلمين.

.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

 أبو بَكر الصّدِّيق عبد الله بن أبي قُحافة التَّيمي القُرَشيّ (50 ق هـ - 13هـ / 573م - 634م) هو أولُ الخُلفاء الراشدين، وأحد العشرة المُبشرين بالجنَّة، وهو وزيرُ الرسول مُحمد وصاحبهُ، ورفيقهُ عند هجرته إلى المدينة المنورة. يَعدُّه أهل السنة والجماعة خيرَ الناس بعد الأنبياء والرسل، وأكثرَ الصَّحابة إيمانًا وزهدًا، وأحبَّ الناس إلى النبي مُحمد بعد زوجته عائشة. عادة ما يُلحَق اسمُ أبي بكرٍ بلقب الصّدِّيق، وهو لقبٌ لقَّبه إياه النبي مُحمد لكثرةِ تصديقه إياه.

ولد أبو بكر الصدِّيق في مكة سنة 573م بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وكان من أغنياء قُريش في الجاهليَّة، فلما دعاه النبي مُحمد إلى الإسلام أسلمَ دون تردد، فكان أول من أسلم مِن الرجال الأحرار. ثم هاجر أبو بكر مُرافقًا للنبي مُحمد من مكة إلى المدينة، وشَهِد غزوة بدر والمشاهد كلها مع النبي مُحمد، ولما مرض النبي مرضه الذي مات فيه أمر أبا بكر أن يَؤمَّ الناس في الصلاة. توفي النبي مُحمد يوم الإثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وبويع أبو بكر بالخِلافة في اليوم نفسه، فبدأ بإدارة شؤون الدولة الإسلامية من تعيين الولاة والقضاء وتسيير الجيوش، وارتدت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فأخذ يقاتلها ويُرسل الجيوش لمحاربتها حتى أخضع الجزيرة العربية بأكملها تحت الحُكم الإسلامي، ولما انتهت حروب الرِّدة، بدأ أبو بكر بتوجيه الجيوش الإسلامية لفتح العراق وبلاد الشَّام، ففتح مُعظم العراق وجزءًا كبيرًا من أرض الشَّام. توفي أبو بكر يوم الإثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ، وكان عمره ثلاثاً وستين سنة، فخلفه من بعده عمر بن الخطَّاب.

بعد إسلام أبي بكر، بدأ يدعو إلى الإسلام مَن وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه: الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، فانطلقوا إلى النبي محمد ومعهم أبو بكر، فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن وأنبأهم بحق الإسلام فآمنوا، ثم جاء بعثمان بن مظعون، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم فأسلموا، كما دعا أبو بكر أسرته وعائلته، فأسلمت بناته أسماء وعائشة، وابنه عبد الله، وزوجته أم رومان، وخادمه عامر بن فهيرة.

ولما اجتمع أصحاب النبي محمد، وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً، ألحَّ أبو بكر على النبي في الظهور، فقال: «يا أبا بكر إنا قليل»، فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر الرسول، وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيباً والرسول جالس، فكان أولَ خطيب دعا إلى الإسلام، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، فضربوه في نواحي المسجد ضرباً شديداً، ووُطئ أبو بكر وضُرب ضرباً شديداً، ودنا منه عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر، حتى ما يُعرف وجهُه من أنفه، وجاءت بنو تيم يتعادون، 

فأجْلَت المشركين عن أبي بكر، وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله، ولا يشُكُّون في موته، ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة، فرجعوا إلى أبي بكر، فجعل أبو قحافة (والد أبي بكر) وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب، فتكلم آخر النهار فقال: 

«ما فعل رسول الله ﷺ؟»، فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه، وقالوا لأمه أم الخير: «انظري أن تطعميه شيئاً أو تسقيه إياه»، فلما خلت به ألحت عليه، وجعل يقول: «ما فعل رسول الله ﷺ؟»، فقالت: «والله ما لي علم بصاحبك»، فقال: «اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه»، فخرجت حتى جاءت أم جميل (وكانت تخفي إٍسلامها)، فقالت: 

«إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله»، فقالت: «ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك؟»، قالت: «نعم»، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دنفاً، فدنت أم جميل، وأعلنت بالصياح وقالت: «والله إن قوماً نالوا منك لأهلُ فسق وكفر، إنني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم»، قال: «فما فعل رسول الله ﷺ؟» قالت: «هذه أمك تسمع»، قال: «فلا شيء عليك منها»، قالت: «سالمٌ صالحٌ»، قال: 

«أين هو؟»، قالت: «في دار الأرقم»، قال: «فإن لله علي أن لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو آتي رسول الله ﷺ»، فأمهلتا حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما، حتى أدخلتاه على الرسول محمد، فأكب عليه الرسولُ فقبله، وأكب عليه المسلمون، ورق له الرسولُ محمدٌ رقةً شديدةً، فقال أبو بكر: «بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله، وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار»، فدعا لها النبي محمد ودعاها إلى الله فأسلمت.....

هذا الكتاب يتناول فيه الصلابى شخصية أبو بكر الصديق وخلافته ومراحل حياته المختلفة منذ صغره وصباه حتى توليه خلافة وأمر المسلمين وشئون الدولة الإسلامية، هذا الكتاب أحد مراجع سلسلة كبيرة قدمها الصلابى عن الخلفاء المسلمين.

 



سنة النشر : 2009م / 1430هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 9.4 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة الخليفة الأول أبو بكر الصديق: شخصيته وعصره

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل الخليفة الأول أبو بكر الصديق: شخصيته وعصره
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
علي محمد الصلابي - Ali Muhammad AlSallabi

كتب علي محمد الصلابي علي محمد محمد الصلابي (مواليد 1963، بنغازي بليبيا)، فقيه، وكاتب، ومؤرخ، ومحلل سياسي ليبي. له العديد من المؤلفات. شارك بلجنة المراجعة التاريخية وتدقيق النص بمسلسل عمر. وضع علي الصلابي وشقيقه إسماعيل على قوائم الإرهاب في كل من السعودية وليبيا والإمارات ومصر والبحرين. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ عصر الدولتين الأموية والعباسية وظهور فكر الخوارج ❝ ❞ فصل الخطاب في سيرة ابن الخطاب: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، شخصيته وعصره ❝ ❞ غزوات الرسول صلي الله عليه وسلم دروس وعبر وفوائد ❝ ❞ الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ❝ ❞ الدولة الفاطمية ❝ ❞ فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح ❝ ❞ دولة الموحدين ❝ ❞ السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث ❝ ❞ معاوية بن أبي سفيان شخصيته وعصره ❝ الناشرين : ❞ دار المعرفة للطباعة والنشر ❝ ❞ دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ المكتبة العصرية ❝ ❞ دار ابن كثير ❝ ❞ مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة ❝ ❞ دار التوزيع والنشر ❝ ❞ مكتبة الصحابة ❝ ❞ دار الإيمان للطبع والنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الكتاب الحديث ❝ ❞ الأندلس الجديدة للنشر والتوزيع ❝ ❞ مبرة الآل والأصحاب ❝ ❞ دار البيارق ❝ ❱. المزيد..

كتب علي محمد الصلابي
الناشر:
دار المعرفة للطباعة والنشر
كتب دار المعرفة للطباعة والنشر ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ مصحف التجويد الملون ❝ ❞ القواعد الأساسية للغة العربية ❝ ❞ نهج البلاغة ❝ ❞ الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ❝ ❞ اليونان مقدمة في التاريخ الحضاري ❝ ❞ السكر وعلاجه ❝ ❞ السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث ❝ ❞ مذكرات تشرشل ❝ ❞ أنا يوسف ❝ ❞ الخنساء ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ محمد ابن قيم الجوزية ❝ ❞ احمد خيرى العمرى ❝ ❞ أيمن العتوم ❝ ❞ علي محمد الصلابي ❝ ❞ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ❝ ❞ شمس الدين الذهبي ❝ ❞ جلال الدين السيوطي ❝ ❞ كاتب غير معروف ❝ ❞ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ❝ ❞ ابن حجر العسقلاني ❝ ❞ محمد بن ادريس الشافعي ❝ ❞ محمد بن علي الشوكاني ❝ ❞ محمد بن سيرين ❝ ❞ أحمد ابراهيم الهاشمي ❝ ❞ شيماء هشام سعد ❝ ❞ محمد بيومى مهران ❝ ❞ زغلول النجار ❝ ❞ لطفي عبد الوهاب يحي ❝ ❞ أبو القاسم محمود بن عمر الخوارزمي الزمخشري ❝ ❞ الراغب الأصفهاني ❝ ❞ د. محمد خميس الزوكة ❝ ❞ إسماعيل بن عمر القرشي الدمشقي ❝ ❞ هشام طالب ❝ ❞ محمد رفعت ❝ ❞ عمرو خالد ❝ ❞ أبو البقاء العكبري ❝ ❞ الشيخ محمد عبده ❝ ❞ محمد صديق حسن القونجي ❝ ❞ حمدو طماس ❝ ❞ ونستون تشرشل ❝ ❞ د. فتحى محمد أبو عيانة ❝ ❞ خليل بن مأمون شيحا ❝ ❞ المناوي ❝ ❞ أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس ❝ ❞ أيمن الحسيني ❝ ❞ مارمول كربخال ❝ ❞ الحسين بن مسعود البغوي ❝ ❞ بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي. ❝ ❞ الإمام علي بن أبي طالب ❝ ❞ عبد الكريم الخطيب ❝ ❞ أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم ❝ ❞ نور الدين الحلبي ❝ ❞ عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري تقي الدين ابن الصلاح ❝ ❞ أحمد عيسى المعصراوي ❝ ❞ كلام الله عز وجل ❝ ❞ شعيب بن سعد الحريفيش ❝ ❞ ابن خفاجى ❝ ❞ علي بن عمر بن أحمد الدارقطني ❝ ❞ العربي مالكتب ❝ ❞ الأستاذ عمرو خالد ❝ ❞ محمد الصغير الخلوفي ❝ ❞ يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي ❝ ❞ سليمان بن الأشعث أبو داود ❝ ❞ ابو الفرج الأصبهاني ❝ ❞ عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي أبو البركات ❝ ❞ ابن ماجه السندي البوصيري ❝ ❞ مساعد مسلم آل جعفر محي هلال السرحان ❝ ❞ جون بوستيجيت ❝ ❞ أبي الفداء إسماعيل بن كثير ❝ ❞ أم إسراء بنت عرفة بيومي ❝ ❞ ابن بَلْبَان الحنبلي ❝ ❞ نهاد خياطة ❝ ❞ أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفرائني ❝ ❞ محمد عبدالغنى ❝ ❞ الحسين بن مسعود بن محمد الفراء البغوي محي السنة ركن الدين أبو محمد ❝ ❞ هدى عبد الرحمن النمر ❝ ❞ محمد جهاد شعبان ❝ ❞ صهيب سعران ❝ ❞ احمد رفعت البدراوى ❝ ❞ د. رمزي ذكي ❝ ❞ رفيق أبو السعود ❝ ❞ مأمون طربيه ❝ ❞ أبي يعلى الموصلي ❝ ❱.المزيد.. كتب دار المعرفة للطباعة والنشر