📘 قراءة كتاب الحوار والتعددية في الفكر الإسلامي أونلاين
الحوار والتعددية في الفكر الإسلامي من كتب إسلامية
تُعدّ قضية التعددية الدينية من القضايا التي دار حولها نقاش طويل في دائرة الفكر الشرقي والفكر الغربي على حد سواء، وإن كنا نعدها من قبيل القضايا التي يمكن دراستها تحت ما يمكن تسميته بعلم كلام معاصر. وعليه، فإنّ الاعتراف بالتعددية الدينية وتطبيق ما يترتب عليها يعدّ الأداة ذات اليد الطولى بالخروج بالوطن - أيّاً كان - من دائرة الصراعات والخلافات والعنف الذي يجتاح العالم الآن بصور شتى وألوان مختلفة، قوامها الأساسي الاستناد إلى الصراع المذهبي والنزاع الديني. والمتأمل للواقع المعيش في عالمنا المترامي، يجد أننا لا نلمس موقفاً واحداً تجاه التعددية الدينية، فهناك من يرفضها رفضاً قاطعاً بدعوى أنها تمثل قضاءً على الدين، وهناك من نظر إليها على أنها سبب فعال في معالجة الاحتقانات بين متعددي الدين أو العرق أو الجنس أو غيرها، وفي إقرار حقوق الآخر أيّاً كان، وهناك طائفة أخيرة ـ وهم قلة ـ جعلوا التعددية أداة للتسلق على المبادئ الدينية والعمل عن الانحلال منها.
وفي عصر اتخذت فيه بعض التيارات المتعصبة من الفهم الخاطئ للدين تكأة لبناء أيديولوجيات مبنية على هذا الفهم الخاطئ، وكان من شأن هذه الأيديولوجيات أن عملت على تأجيج نيران الصراعات والحروب في أوقات زمانية عديدة، أدت في النهاية إلى إزهاق العديد من الأرواح التي لم يكن لها ذنب جنته غير أنها وجدت في بيئات وأزمان لا تعترف بحقوق الآخر التي دعا إليها الدين ذاته وحث عليها؛ بيد أنّ الناظر بعينيه في هذه الصور من الصراعات يجد دون أدنى تأمل كيف حولت التيارات المتشددة ذات المرجعيات الدينية في الشرق وفي أوروبا وأمريكا القيم الأخلاقية إلى سلعة رخيصة من أجل تبرير المواقف، وأهم هذه القيم قيمة العدل، فالعدل الأساس القوي الذي تقوم عليه الدول وتشيد من خلاله الممالك، كما أنه القيمة المحورية التي تنشر بذور الحب والإخاء والتعاون والتواد، إلا أنّ هذه القيمة أصبحت نادرة الوجود، في عالم استباح لنفسه كل شيء ولم يترك للضعفاء شيئاً، وهذا حتماً يؤدي بدوره إلى إحداث حالة من الكراهية والحنق، وهي الحالة التي قد تتطور إلى العنف والعنف المضاد، مما يمكّن أصحاب الأجندات الهدامة من استغلال هذه الحالة في إثارة القلاقل والفتن واللجوء إلى التفسيرات الخاطئة للنصوص المقدسة، ويجعل من هذه التفسيرات مرجعية لها، فيحدث الصدام والصراع لا التلاقي والوئام، وإن كنا لا نبرئ تلك القراءات المذهبية ذات الطابع التعصبي التي تتخذ من استقراءاتها المغلوطة للدين منطلقاً لتأسيس العديد من النزاعات والصراعات، بل إننا نظن أنّ بعض رجال الدين في عصور التدهور، سواء أكانوا في المسيحية أو اليهودية أو الإسلام كانوا سبباً ـ بفتاواهم الاجتهادية وأحكامهم الاستنباطية - في تكوين مرجعيات دينية أو مذهبية تهضم حق الآخر المختلف عقدياً أو سياسياً أو غيرهما، بل والحكم عليه بالقتل وسفك الدماء، وهو الأمر الذي نجد له خلفيات واضحة في أغلب مراحل التاريخ الإنساني.
التعددية لغة واصطلاحاً:
يمكن القول بدءاً، إنّ مصطلح التعددية الدينية من تلك المصطلحات التي تتسم بقدر كبير من الغموض، وربما يرجع ذلك إلى تعدد الأقلام التي تناولت الموضوع دون تحديد مفهوم واحد مشترك بينهم عنه[1].
والتعددية الدينية من المصطلحات التي لا نجد لها أصلاً لغوياً نظرياً، وإن كان هذا لا يمنع من كونها مطبقة داخل النص القرآني والعديد من الأحاديث النبوية، وما أكثر الظواهر المعيشية التي تدل على ذلك! إلا أنّ المصطلح مأخوذ من البيئة الغربية تحت مسمى Religious Pluralism، ومصطلح التعددية الدينية بهذا الشكل يتضمن خاصية رئيسة هي الحرص على تطبيق حي للمواطنة في صورتها الكبرى، لأنّ هذه الخاصية تنطوي على أمرين: الاعتراف بتعدد المعتقدات الدينية داخل وطن ما، والتعايش السلمي بين أصحاب هذه المعتقدات مع احتفاظ كل بخصائصه العقدية.
حجم الكتاب عند التحميل : 1.4 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'