❞ كتاب ماذا حول أمية الرسول صلى الله عليه وسلم ❝  ⏤ علي شواخ إسحق

❞ كتاب ماذا حول أمية الرسول صلى الله عليه وسلم ❝ ⏤ علي شواخ إسحق

نبذة عن الكتاب :

من أكبر الأدلة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته هي أُميَّته؛ حيث جاء وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب بهذا الكتاب المعجز القرآن الكريم، هذا الكتاب الذي أعجز البلغاء بفصاحته، وأعيا الفصحاء ببلاغته، كما حوى هذا الكتاب كل ما يحتاجه الإنسان لدينه ودنياه، ففيه العقائد والعبادات، وفيه الأحكام والتشريعات، وفيه الأدب والأخلاق، وفيه المواعظ والقصص، وفيه الجدل والحجاج، إلى غير ذلك مما لا يتناهى منه العجب، ولا ينقطع منه الدهش، كل ذلك أتى على يد نبي أمي لم يقرأ يومًا حرفًا، ولم يخط بيمينه يومًا كلمة، لذلك كانت أميته صلى الله عليه وسلم هي موضع عظمته، ودليل صدقه، وآية من الآيات الدالة على نبوته.

لذلك كان من أكبر ما وجَّه المشككون إليه سهامهم، وسدد إليه الملحدون رميهم هي أميته، فحاولوا إنكارها بشتى السبل، وراموا نفيها بكل الحيل، حتى يصح لهم زعمهم بأنه نقل هذا القرآن من الكتب السابقة، وأنه كان على علم بما فيها، فقد كان يقرأها بلسانه، وينسخها بيده، لذلك أخذوا يتأوَّلون الآيات الصريحة التي تدل على أميته، وينكرون السنة الصحيحة التي تثبت هذه الأمية بما لا يدع مجالا للشك، وكل همهم من وراء ذلك هو هدم أكبر دليل على صدقه صلى الله عليه وسلم.

وقد تبعهم في ذلك عن حسن قصد بعض الباحثين المسلمين الذين أنكروا أمية النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث يظنون أنها لا تليق بمقامه الشريف، وأن أميته تعد صفة نقص لا كمال، فحاولوا بحسن نية تنزيه مقامه الشريف عن هذه الصفة، لكن في الحقيقة والواقع قد تعد الأمية صفة نقص في حق إنسان عادي وسط مجتمع متعلم يجيد معظم أفراده القراءة والكتابة، لكن في حق النبي صلى الله عليه وسلم لا تعد مطلقًا صفة نقص، وإنما هي صفة كمال وإعجاز، صفة يتحقق عن طريقها صدقه في دعوته، وأمانته في تبليغ رسالته، فصفة الأمية أصبحت في حقه صفة كمال؛ لأنها دلَّت على أنه نبي، وهو أعلى مقام يمكن أن يصل إليه بشر، لذلك لا يصح أن نقيس حال البشر العاديين على حال الأنبياء، حتى نقول: إن صفة الأمية عند البشر صفة نقص، فكذلك عند الأنبياء، فهذا قياس مع الفارق.

لذلك سوف نبيِّن في هذا المقال بالأدلة الواضحة، والحجج القاطعة - أنه كان أميًّا، وهذا شرف له ما بعده شرف، ومزية ما بعدها مزية؛ لأن الله عز وجل هو الذي اختار له هذا، وأجرى به القدر حتى تظل علامة صدقٍ وبرهان حق على مر الأيام وتوالى الأعوام.

وأول هذه الأدلة:

1- قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ [الأعراف: 157].

فالآية واضحة تمام الوضوح، ظاهرة كمال الظهور أنه كان نبيًّا أميًّا، وتكاد تطبق مجامع اللغة وعلماء اللغة على أن (الأمي) هو الذي لا يقرأ ولا يكتب.

فابن قتيبة قد نسَب كلمة أمي إلى أمة العرب التي لم تكن تقرأ أو تكتب، فقال: (قيل لمن لا يكتب أمي؛ لأنه نسب إلى أمة العرب؛ أي جماعتها، ولم يكن من يكتب من العرب أي جماعتها، ولم يكن من يكتب من العرب إلا قليل ...) [1].

ويقول ابن منظور: "والأُمِّيّ: الَّذِي لَا يَكْتُبُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: الأُمِّيُّ الَّذِي عَلَى خِلْقَة الأُمَّةِ لَمْ يَتَعَلَّم الكِتاب فَهُوَ عَلَى جِبِلَّتِه، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَعْنَى الأُمِّيّ المَنْسُوب إِلَى مَا عَلَيْهِ جَبَلَتْه أُمُّه أَيْ لَا يَكتُبُ، فَهُوَ فِي أَنه لَا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأَن الكِتابة هِيَ مُكْتسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إِلَى مَا يُولد عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا وَلَدَته أُمُّهُ عَلَيْهِ، وَكَانَتِ الكُتَّاب فِي الْعَرَبِ مِنْ أَهل الطَّائِفِ تَعَلَّموها مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الحِيرة، وأَخذها أَهل الْحِيرَةِ عَنْ أَهل الأَنْبار. وَفِي الْحَدِيثِ: إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُب وَلَا نَحْسُب؛ أَراد أَنهم عَلَى أَصل وِلَادَةِ أُمِّهم لَمْ يَتَعَلَّموا الكِتابة والحِساب، فَهُمْ عَلَى جِبِلَّتِهم الأُولى، وَفِي الْحَدِيثِ: بُعِثتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيَّة؛ قِيلَ لِلْعَرَبِ الأُمِّيُّون لأَن الكِتابة كَانَتْ فِيهِمْ عَزِيزة أَو عَديمة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ"[2].


وقال ابن سيده: "الْأُمِّيُّ: هو على خلقة الأمَّة، لم يتعلم الكتاب فهو على جِبِلَّتِهِ"[3].

وفي المصباح المنير: "وَالْأُمِّيُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ فَقِيلَ نِسْبَةٌ إلَى الْأُمِّ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُكْتَسَبَةٌ فَهُوَ عَلَى مَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنْ الْجَهْلِ بِالْكِتَابَةِ وَقِيلَ نِسْبَةٌ إلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ أُمِّيِّينَ"[4]، ويكاد يجمع المفسرون أيضًا على أن الأمي هو من لا يحسن القراءة ولا الكتابة.

قال الإمام الطبري: ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم، أن "الأمي" هو الذي لا يكتب، ثم قال: وأرى أنه قيل للأمي: "أمي"؛ نسبة له بأنه لا يكتب إلى "أمه"؛ لأن الكتاب كان في الرجال دون النساء، فنسب من لا يكتب ولا يخط من الرجال - إلى أمه - في جهله بالكتابة، دون أبيه، كما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب"، وكما قال: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [الجمعة: 2][5].


وقال الإمام الواحدي: "﴿ الذين يتبعون الرسول النبيَّ الأميَّ ﴾، وهو الذي لا يكتب ولا يقرأ، وكانت هذه الخلَّة مؤكِّدة لمعجزته في القرآن"
علي شواخ إسحق - ❰ له مجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ ماذا حول أمية الرسول صلى الله عليه وسلم ❝ الناشرين : ❞ دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة ❝ ❱
من محمد صلى الله عليه وسلم - مكتبة .

نبذة عن الكتاب:
ماذا حول أمية الرسول صلى الله عليه وسلم

1978م - 1444هـ
نبذة عن الكتاب :

من أكبر الأدلة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته هي أُميَّته؛ حيث جاء وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب بهذا الكتاب المعجز القرآن الكريم، هذا الكتاب الذي أعجز البلغاء بفصاحته، وأعيا الفصحاء ببلاغته، كما حوى هذا الكتاب كل ما يحتاجه الإنسان لدينه ودنياه، ففيه العقائد والعبادات، وفيه الأحكام والتشريعات، وفيه الأدب والأخلاق، وفيه المواعظ والقصص، وفيه الجدل والحجاج، إلى غير ذلك مما لا يتناهى منه العجب، ولا ينقطع منه الدهش، كل ذلك أتى على يد نبي أمي لم يقرأ يومًا حرفًا، ولم يخط بيمينه يومًا كلمة، لذلك كانت أميته صلى الله عليه وسلم هي موضع عظمته، ودليل صدقه، وآية من الآيات الدالة على نبوته.

لذلك كان من أكبر ما وجَّه المشككون إليه سهامهم، وسدد إليه الملحدون رميهم هي أميته، فحاولوا إنكارها بشتى السبل، وراموا نفيها بكل الحيل، حتى يصح لهم زعمهم بأنه نقل هذا القرآن من الكتب السابقة، وأنه كان على علم بما فيها، فقد كان يقرأها بلسانه، وينسخها بيده، لذلك أخذوا يتأوَّلون الآيات الصريحة التي تدل على أميته، وينكرون السنة الصحيحة التي تثبت هذه الأمية بما لا يدع مجالا للشك، وكل همهم من وراء ذلك هو هدم أكبر دليل على صدقه صلى الله عليه وسلم.

وقد تبعهم في ذلك عن حسن قصد بعض الباحثين المسلمين الذين أنكروا أمية النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث يظنون أنها لا تليق بمقامه الشريف، وأن أميته تعد صفة نقص لا كمال، فحاولوا بحسن نية تنزيه مقامه الشريف عن هذه الصفة، لكن في الحقيقة والواقع قد تعد الأمية صفة نقص في حق إنسان عادي وسط مجتمع متعلم يجيد معظم أفراده القراءة والكتابة، لكن في حق النبي صلى الله عليه وسلم لا تعد مطلقًا صفة نقص، وإنما هي صفة كمال وإعجاز، صفة يتحقق عن طريقها صدقه في دعوته، وأمانته في تبليغ رسالته، فصفة الأمية أصبحت في حقه صفة كمال؛ لأنها دلَّت على أنه نبي، وهو أعلى مقام يمكن أن يصل إليه بشر، لذلك لا يصح أن نقيس حال البشر العاديين على حال الأنبياء، حتى نقول: إن صفة الأمية عند البشر صفة نقص، فكذلك عند الأنبياء، فهذا قياس مع الفارق.

لذلك سوف نبيِّن في هذا المقال بالأدلة الواضحة، والحجج القاطعة - أنه كان أميًّا، وهذا شرف له ما بعده شرف، ومزية ما بعدها مزية؛ لأن الله عز وجل هو الذي اختار له هذا، وأجرى به القدر حتى تظل علامة صدقٍ وبرهان حق على مر الأيام وتوالى الأعوام.

وأول هذه الأدلة:

1- قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ [الأعراف: 157].

فالآية واضحة تمام الوضوح، ظاهرة كمال الظهور أنه كان نبيًّا أميًّا، وتكاد تطبق مجامع اللغة وعلماء اللغة على أن (الأمي) هو الذي لا يقرأ ولا يكتب.

فابن قتيبة قد نسَب كلمة أمي إلى أمة العرب التي لم تكن تقرأ أو تكتب، فقال: (قيل لمن لا يكتب أمي؛ لأنه نسب إلى أمة العرب؛ أي جماعتها، ولم يكن من يكتب من العرب أي جماعتها، ولم يكن من يكتب من العرب إلا قليل ...) [1].

ويقول ابن منظور: "والأُمِّيّ: الَّذِي لَا يَكْتُبُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: الأُمِّيُّ الَّذِي عَلَى خِلْقَة الأُمَّةِ لَمْ يَتَعَلَّم الكِتاب فَهُوَ عَلَى جِبِلَّتِه، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَعْنَى الأُمِّيّ المَنْسُوب إِلَى مَا عَلَيْهِ جَبَلَتْه أُمُّه أَيْ لَا يَكتُبُ، فَهُوَ فِي أَنه لَا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأَن الكِتابة هِيَ مُكْتسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إِلَى مَا يُولد عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا وَلَدَته أُمُّهُ عَلَيْهِ، وَكَانَتِ الكُتَّاب فِي الْعَرَبِ مِنْ أَهل الطَّائِفِ تَعَلَّموها مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الحِيرة، وأَخذها أَهل الْحِيرَةِ عَنْ أَهل الأَنْبار. وَفِي الْحَدِيثِ: إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُب وَلَا نَحْسُب؛ أَراد أَنهم عَلَى أَصل وِلَادَةِ أُمِّهم لَمْ يَتَعَلَّموا الكِتابة والحِساب، فَهُمْ عَلَى جِبِلَّتِهم الأُولى، وَفِي الْحَدِيثِ: بُعِثتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيَّة؛ قِيلَ لِلْعَرَبِ الأُمِّيُّون لأَن الكِتابة كَانَتْ فِيهِمْ عَزِيزة أَو عَديمة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ"[2].


وقال ابن سيده: "الْأُمِّيُّ: هو على خلقة الأمَّة، لم يتعلم الكتاب فهو على جِبِلَّتِهِ"[3].

وفي المصباح المنير: "وَالْأُمِّيُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ فَقِيلَ نِسْبَةٌ إلَى الْأُمِّ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُكْتَسَبَةٌ فَهُوَ عَلَى مَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنْ الْجَهْلِ بِالْكِتَابَةِ وَقِيلَ نِسْبَةٌ إلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ أُمِّيِّينَ"[4]، ويكاد يجمع المفسرون أيضًا على أن الأمي هو من لا يحسن القراءة ولا الكتابة.

قال الإمام الطبري: ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم، أن "الأمي" هو الذي لا يكتب، ثم قال: وأرى أنه قيل للأمي: "أمي"؛ نسبة له بأنه لا يكتب إلى "أمه"؛ لأن الكتاب كان في الرجال دون النساء، فنسب من لا يكتب ولا يخط من الرجال - إلى أمه - في جهله بالكتابة، دون أبيه، كما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب"، وكما قال: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [الجمعة: 2][5].


وقال الإمام الواحدي: "﴿ الذين يتبعون الرسول النبيَّ الأميَّ ﴾، وهو الذي لا يكتب ولا يقرأ، وكانت هذه الخلَّة مؤكِّدة لمعجزته في القرآن" .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

ماذا حول أمية الرسول صلى الله عليه وسلم

 السيرة النبوية

من أكبر الأدلة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته هي أُميَّته؛ حيث جاء وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب بهذا الكتاب المعجز القرآن الكريم، هذا الكتاب الذي أعجز البلغاء بفصاحته، وأعيا الفصحاء ببلاغته، كما حوى هذا الكتاب كل ما يحتاجه الإنسان لدينه ودنياه، ففيه العقائد والعبادات، وفيه الأحكام والتشريعات، وفيه الأدب والأخلاق، وفيه المواعظ والقصص، وفيه الجدل والحجاج، إلى غير ذلك مما لا يتناهى منه العجب، ولا ينقطع منه الدهش، كل ذلك أتى على يد نبي أمي لم يقرأ يومًا حرفًا، ولم يخط بيمينه يومًا كلمة، لذلك كانت أميته صلى الله عليه وسلم هي موضع عظمته، ودليل صدقه، وآية من الآيات الدالة على نبوته.

 

لذلك كان من أكبر ما وجَّه المشككون إليه سهامهم، وسدد إليه الملحدون رميهم هي أميته، فحاولوا إنكارها بشتى السبل، وراموا نفيها بكل الحيل، حتى يصح لهم زعمهم بأنه نقل هذا القرآن من الكتب السابقة، وأنه كان على علم بما فيها، فقد كان يقرأها بلسانه، وينسخها بيده، لذلك أخذوا يتأوَّلون الآيات الصريحة التي تدل على أميته، وينكرون السنة الصحيحة التي تثبت هذه الأمية بما لا يدع مجالا للشك، وكل همهم من وراء ذلك هو هدم أكبر دليل على صدقه صلى الله عليه وسلم.

 

وقد تبعهم في ذلك عن حسن قصد بعض الباحثين المسلمين الذين أنكروا أمية النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث يظنون أنها لا تليق بمقامه الشريف، وأن أميته تعد صفة نقص لا كمال، فحاولوا بحسن نية تنزيه مقامه الشريف عن هذه الصفة، لكن في الحقيقة والواقع قد تعد الأمية صفة نقص في حق إنسان عادي وسط مجتمع متعلم يجيد معظم أفراده القراءة والكتابة، لكن في حق النبي صلى الله عليه وسلم لا تعد مطلقًا صفة نقص، وإنما هي صفة كمال وإعجاز، صفة يتحقق عن طريقها صدقه في دعوته، وأمانته في تبليغ رسالته، فصفة الأمية أصبحت في حقه صفة كمال؛ لأنها دلَّت على أنه نبي، وهو أعلى مقام يمكن أن يصل إليه بشر، لذلك لا يصح أن نقيس حال البشر العاديين على حال الأنبياء، حتى نقول: إن صفة الأمية عند البشر صفة نقص، فكذلك عند الأنبياء، فهذا قياس مع الفارق.

 

لذلك سوف نبيِّن في هذا المقال بالأدلة الواضحة، والحجج القاطعة - أنه كان أميًّا، وهذا شرف له ما بعده شرف، ومزية ما بعدها مزية؛ لأن الله عز وجل هو الذي اختار له هذا، وأجرى به القدر حتى تظل علامة صدقٍ وبرهان حق على مر الأيام وتوالى الأعوام.

 

وأول هذه الأدلة:

1- قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ [الأعراف: 157].

فالآية واضحة تمام الوضوح، ظاهرة كمال الظهور أنه كان نبيًّا أميًّا، وتكاد تطبق مجامع اللغة وعلماء اللغة على أن (الأمي) هو الذي لا يقرأ ولا يكتب.

 

فابن قتيبة قد نسَب كلمة أمي إلى أمة العرب التي لم تكن تقرأ أو تكتب، فقال: (قيل لمن لا يكتب أمي؛ لأنه نسب إلى أمة العرب؛ أي جماعتها، ولم يكن من يكتب من العرب أي جماعتها، ولم يكن من يكتب من العرب إلا قليل ...) [1].

 

ويقول ابن منظور: "والأُمِّيّ: الَّذِي لَا يَكْتُبُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: الأُمِّيُّ الَّذِي عَلَى خِلْقَة الأُمَّةِ لَمْ يَتَعَلَّم الكِتاب فَهُوَ عَلَى جِبِلَّتِه، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَعْنَى الأُمِّيّ المَنْسُوب إِلَى مَا عَلَيْهِ جَبَلَتْه أُمُّه أَيْ لَا يَكتُبُ، فَهُوَ فِي أَنه لَا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأَن الكِتابة هِيَ مُكْتسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إِلَى مَا يُولد عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا وَلَدَته أُمُّهُ عَلَيْهِ، وَكَانَتِ الكُتَّاب فِي الْعَرَبِ مِنْ أَهل الطَّائِفِ تَعَلَّموها مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الحِيرة، وأَخذها أَهل الْحِيرَةِ عَنْ أَهل الأَنْبار. وَفِي الْحَدِيثِ: إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُب وَلَا نَحْسُب؛ أَراد أَنهم عَلَى أَصل وِلَادَةِ أُمِّهم لَمْ يَتَعَلَّموا الكِتابة والحِساب، فَهُمْ عَلَى جِبِلَّتِهم الأُولى، وَفِي الْحَدِيثِ: بُعِثتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيَّة؛ قِيلَ لِلْعَرَبِ الأُمِّيُّون لأَن الكِتابة كَانَتْ فِيهِمْ عَزِيزة أَو عَديمة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ"[2].

 

وقال ابن سيده: "الْأُمِّيُّ: هو على خلقة الأمَّة، لم يتعلم الكتاب فهو على جِبِلَّتِهِ"[3].

 

وفي المصباح المنير: "وَالْأُمِّيُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ فَقِيلَ نِسْبَةٌ إلَى الْأُمِّ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُكْتَسَبَةٌ فَهُوَ عَلَى مَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنْ الْجَهْلِ بِالْكِتَابَةِ وَقِيلَ نِسْبَةٌ إلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ أُمِّيِّينَ"[4]، ويكاد يجمع المفسرون أيضًا على أن الأمي هو من لا يحسن القراءة ولا الكتابة.

 

قال الإمام الطبري: ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم، أن "الأمي" هو الذي لا يكتب، ثم قال: وأرى أنه قيل للأمي: "أمي"؛ نسبة له بأنه لا يكتب إلى "أمه"؛ لأن الكتاب كان في الرجال دون النساء، فنسب من لا يكتب ولا يخط من الرجال - إلى أمه - في جهله بالكتابة، دون أبيه، كما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب"، وكما قال: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [الجمعة: 2][5].

 

وقال الإمام الواحدي: "﴿ الذين يتبعون الرسول النبيَّ الأميَّ ﴾، وهو الذي لا يكتب ولا يقرأ، وكانت هذه الخلَّة مؤكِّدة لمعجزته في القرآن"

عمليات بحث متعلقة بـ ماذا حول امية الرسول صلى الله عليه و سلم

أمية النبي صلى الله عليه وسلم PDF

إثبات أمية الرسول

أمية الرسول إسلام ويب

الدليل على أمية الرسول

بحث عن أمية الرسول

هل الرسول أمي

الرد على من ينكر أمية النبي

معنى الأمي



سنة النشر : 1978م / 1398هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 1.2 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة ماذا حول أمية الرسول صلى الله عليه وسلم

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:


شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
علي شواخ إسحق - ALI SHOAKH ESHQ

كتب علي شواخ إسحق ❰ له مجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ ماذا حول أمية الرسول صلى الله عليه وسلم ❝ الناشرين : ❞ دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة ❝ ❱. المزيد..

كتب علي شواخ إسحق
الناشر:
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
كتب دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمةدار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة دار نشر عربية أسسها عبد القادر البكار عام 1973م بـ مدينة حلب في سوريا، واستمرت بها حتى عام 1980م، ثم انتقلت إلى القاهرة مصر من هذا التاريخ، بدأت بمقر للإدارة تلاه افتتاح مكتبة للبيع كفرع أول لها بـ شارع الأزهر، تبعه فرع ثان بشارع مصطفى النحاس في مدينة نصر، ثم تبعه لاحقًا الفرع الثالث في مدينة الإسكندرية. . ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ تربية الأولاد في الإسلام ❝ ❞ شخصية المرأة المسلمة ❝ ❞ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان = تفسير السعدي (ط. دار السلام) ❝ ❞ الإدارة في عصر الرسول ❝ ❞ شرح بداية المجتهد ونهاية المقتصد وبهامشه السبيل المرشد ❝ ❞ موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي ❝ ❞ التواصل الأسري (كيف نحمي أسرنا من التفكك) نسخة مصورة ❝ ❞ جمالية الدين معارج القلب إلى حياة الروح ❝ ❞ التجسس وأحكامه في الشريعة الإسلامية ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ محمد بن صالح العثيمين ❝ ❞ محمد ابن قيم الجوزية ❝ ❞ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ❝ ❞ محمد ناصر الدين الألباني ❝ ❞ أبو الحسن علي الحسني الندوي ❝ ❞ صفي الرحمن المباركفوري ❝ ❞ عبد الله محمد عبيد البغدادي أبو بكر ابن أبي الدنيا ❝ ❞ فريد الأنصاري ❝ ❞ مصطفى السباعي ❝ ❞ محمد الطاهر بن عاشور ❝ ❞ أ.د. عبدالكريم بكار ❝ ❞ محمد عمارة ❝ ❞ عبدالكريم بكار ❝ ❞ محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني ❝ ❞ عبد الله ناصح علوان ❝ ❞ ناصر بن عبد الكريم العقل ❝ ❞ محمد علي الهاشمي ❝ ❞ محمد سليمان عبد الله الأشقر ❝ ❞ عبدالرحمن بن ناصر السعدي ❝ ❞ محمد بن عبد العزيز المسند ❝ ❞ سعيد حوى ❝ ❞ د.زينب عبدالعزيز ❝ ❞ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ❝ ❞ محمد العریفی ❝ ❞ محمد إقبال كيلاني ❝ ❞ مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري أبو الحسين ❝ ❞ عبد الشافي محمد عبد اللطيف ❝ ❞ عبد الوهاب عبد السلام طويلة ❝ ❞ محمد بن أحمد بن رشد الحفيد ❝ ❞ شعبان محمد إسماعيل ❝ ❞ أحمد عادل كمال ❝ ❞ محمد نبيل كاظم ❝ ❞ د.أحمد البراء الأميري ❝ ❞ حافظ صلاح الدین یوسف ❝ ❞ عبدالله بن محمد المعتاز ❝ ❞ محمد عوامة ❝ ❞ د. محمود زيادة ❝ ❞ حافظ أحمد عجاج كرمي ❝ ❞ د. غسان حمدون ❝ ❞ محمد بن محمد بن محمد الغزالي محي الدين بن شرف النووي عثمان بن الصلاح حمزة بن يوسف الحموي إبراهيم بن عبد الله بن أبي الدم ❝ ❞ أحمد بن محمد بن جعفر البغدادي القدوري أبو الحسين ❝ ❞ محمد حسن عبد العزيز ❝ ❞ مغلطاي بن قليج ❝ ❞ أحمد عبد الرحيم السايح ❝ ❞ مصطفي طوران ❝ ❞ عبد العزيز الخياط ❝ ❞ الشيخ حسن أيوب ❝ ❞ حافظ ابن حجر عسقلانی ❝ ❞ محمد أبو الفتح البيانوني ❝ ❞ علاء الدين مغلطاي أبو عبد الله ❝ ❞ Izzath Uroosa ❝ ❞ د. حافظ أحمد عجاج الكرمي ❝ ❞ وائل عادل الصلوي ❝ ❞ محمد نعيم ساعي ❝ ❞ محمد راكان الدغمي ❝ ❞ محب الدين محمد بن يوسف بن أحمد ناظر الجيش ❝ ❞ علي شواخ إسحق ❝ ❞ أحمد محمد كنعان ❝ ❞ رمضان حافظ عبدالرحمن ❝ ❞ د. عبد العزيز وعزت الخياط ❝ ❞ د. صفوت مصطفى خليلوفيتش ❝ ❞ أحمد بن الحسين بن الخباز ❝ ❞ ياسر عبدالله علوان ❝ ❞ عائشة يوسف المناعي ❝ ❞ غياث الدين أبو محمد بن غانم بن محمد البغدادي ❝ ❞ غازي عزير ❝ ❞ أبو عبد الله بن جماعة الكناني الحموي الشافعي بدر الدين ❝ ❱.المزيد.. كتب دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة