❞ كتاب إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل ❝  ⏤ محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر الأنباري

❞ كتاب إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل ❝ ⏤ محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر الأنباري

القراءة هي عند القراء أن يقرأ القرآن سواء كانت القراءة تلاوة بأن يقرأ متتابعا أو أداء بأن يأخذ من المشايخ ويقرأ. وقسّم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فهو رواية، وإن كان لمن بعده فنازلا فطريق أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.

وقراءات القرآن أو علم القراءات في الاصطلاح هو مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل؛ أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي ﷺ والمقرئ هو العالم بالقراءات، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي ﷺ.

أنواع القراءات حسب أسانيدها
لقد قسم علماء القراءة القراءات بحسب أسانيدها إلى ستة أقسام:

الأول: المتواتر: وهو ما نقله جمع غفير لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهى السند، وهذا النوع يشمل القراءات العشر المتواترات.
الثاني: المشهور: وهو ما صح سنده ولم يخالف الرسم ولا اللغة واشتهر عند القراء: فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ، وهذا تصح القراءة به، ولا يجوز رده، ولا يحل إنكاره.
الثالث: الآحاد: وهو ما صح سنده وخالف الرسم أو العربية، أو لم يشتهر الاشتهار المذكور، وهذا لا يجوز القراءة. مثل ما روى على (رفارف حضر وعباقري حسان)، والصواب الذي عليه القراءة: {رفرف خضر وعبقري حسان} (سورة الرحمن:76).
الرابع: الشاذ: وهو ما لم يصح سنده ولو وافق رسم المصحف والعربية، مثل قراءة: (ملك يوم الدين)، بصيغة الماضي في (ملك) ونصب (يوم) مفعولا.
الخامس: الموضوع: وهو المختلق المكذوب.
السادس: ما يشبه المدرج من أنواع الحديث، وهو ما زيد في القراءة على وجه التفسير.
وهذه الأنواع الأربعة الأخيرة لا تحل القراءة بها، ويعاقب من قرأ بها على جهة التعبير.

القراءات المتواترة
من الضروري والطبيعي أن يشتهر في كل عصر جماعة من القراء، في كل طبقة من طبقات الأمة، يتفقون في حفظ القرآن، وإتقان ضبط أدائه والتفرغ لتعليمه، من عصر الصحابة، ثم التابعين، وأتباعهم وهكذا. ولقد تجرد قوم للقراءة والأخذ، واعتنوا بضبط القراءة أتم عناية حتى صاروا في ذلك أئمة يقتدى بهم ويرحل إليهم، ويؤخذ عنهم.

القراء حسب المدن
المدينة: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، ثم شيبة بن نصاح، ثم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم.
مكة: عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن محيصن.
الكوفة: يحيى بن وثاب، وعاصم بن أبي النجود الأسدي، وسليمان الأعمش، ثم حمزة بن حبيب الزيات، ثم الكسائي أبو الحسن علي بن حمزة.
البصرة: عبد الله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر، وأبو عمرو بن العلاء، ثم عاصم الجحدري، ثم يعقوب الحضرمي.
الشام: عبد الله بن عامر اليحصبي، وعطية بن قيس الكلابي، وإسماعيل بن عبيد الله بن المهاجر، ثم يحيى بن الحارث الذماري، ثم شريح بن زيد الحضرمي.
القراءات السبع والعشر
جاء الإمام أحمد بن موسى بن العباس المشهور بابن مجاهد المتوفى سنة (324هـ) فأفرد القراءات السبع المعروفة، فدونها في كتابه: القراءات السبع فاحتلت مكانتها في التدوين، وأصبح علمها مفردا يقصدها طلاب القراءات.

وقد بنى اختياره هذا على شروط عالية جدا، فلم يأخذ إلا عن الإمام الذي اشتهر بالضبط والأمانة، وطول العمر في ملازمة الإقراء، مع الاتفاق على الأخذ منه، والتلقي عنه، فكان له من ذلك قراءات هؤلاء السبعة، وهم:

نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني، المتوفى سنة (169هـ).
عبد الله بن كثير الداري المكي، (45-120 هـ).
أبو عمرو بن العلاء البصري، (70-154 هـ).
عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي (21-118 هـ).
عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي، المتوفى سنة (127هـ).
حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، (80-156 هـ).
أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي النحوي الكوفي، المتوفى سنة (189هـ).
ولم تكن هذه القراءات هي كلها بل هذه القراءات التي حددها ابن مجاهد لأنها وافقت الشروط التي وضعها. ولكل قارئ راويان يرويان عنه، فنافع المدني رواته: قالون وورش، والمكي: قنبل والبزي، والشامي: هشام وابن ذكوان، وعاصم: حفص وشعبة، والبصري: الدوري البصري والسوسي، وحمزة: خلف وخلاد، والكسائي: الدوري الكسائي وأبى الحارث. وقد تابع العلماء البحث لتحديد القراءات المتواترة، حتى استقر الاعتماد العلمي، واشتهر على زيادة ثلاث قراءات أخرى، أضيفت إلى السبع، أضافها الإمام محمد الجزري، فأصبح مجموع المتواتر من القراءات عشر قراءات، وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاء الأئمة:

أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، المتوفى سنة (130هـ).
يعقوب بن اسحاق الحضرمي الكوفي، المتوفى سنة (205هـ).
خلف بن هشام، المتوفى سنة (229 هـ).
وهنالك قراءات أخرى شاذة لا يصح التعبد بها لكنه يستدل بها أحيانا من الناحية اللغوية وهذه القراءات اشتهر منها أربع والكثير غيرها موجود في بطون الكتب.

القراءات الشاذة
وهي القراءات التي فقدت واحدا من أركان القراءة المقبولة أو أكثر، وهذه أنواع عديدة ولكل نوع حكم، والقراء الأربعة الذين أشهرهم ابن الجزري بالقراءات الشاذة ليسوا وحدهم المختصون بنقل هذه القراءات، بل إنها واردة عن كثيرين لكن لم يبرزهم أحد، وظهرت مؤخرا دراسة أفردت القراءات الشاذة عن القراء العشرة في مصنف واحد تحت اسم معجم القراءات الشاذة عن القراء العشرة.

القراءات وعلاقتها بالأحرف السبعة
بيان الأحرف السبعة في الحديث النبوي
في الحديث عن عمر بن الخطاب قال: "سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه، فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ، قال: أقرأنيها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: كذبت، أقرانيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئها، فقال: "أرسله، اقرأ يا هشام"، فقرأ القراءة التي سمعته، فقال رسول الله: "كذلك أنزلت" ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:"اقرأ يا عمر"، فقرأت التي أقرأني. فقال:"كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منه". عن ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " أقرأني جبريل على حرف، فلم أزل أستزيده، ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف". الأحرف جمع حرف، وله معان كثيرة، جمع منها صاحب القاموس المحيط الفيروز آبادي ما يلي: الحرف من كل شيء طرفه وشفيره وحده ومن الجبل أعلاه المحدد وواحد حروف التهجي والناقة الضامرة أو المهزولة أو العظيمة ومسيل الماء وآرام سود ببلاد سليم وعند النحاة ما جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل كما ذكر في القرآن: (و من الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به) أي على وجه واحد كأن يعبده على السراء لا على الضراء أو على شك أو غير طمأنينة من أمره.

وقال صاحب القاموس في أحاديث الأحرف السبعة أنها سبع لغات من لغات العرب متفرقة في القرآن وأنسب المعاني للفظ الحرف هو الوجه وكلمة على في الحديث تدل على التوسعة والتيسير أي أن القارئ يمكنه أن يقرأ على سبعة أوجه يقرأ بأي حرف منها

تعريف الأحرف السبعة
لغة: الحرف في أصل كلام العرب معناه الطرف والجانب، وحرف السفينة والجبل جانبهما. اصطلاحا: سبعة أوجه فصيحة من اللغات والقراءات أنزل عليها القرآن الكريم ذلك الكتاب الحق الذي أنزل على رسول الله صلاة الله وسلامه عليه.

الأحرف السبعة والقراءات السبع
دلت النصوص على أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات (أي لهجات باصطلاحنا المعاصر) نزل بها القرآن، والأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع المشهورة، التي يظن البعض أنها الأحرف السبعة. وهذا يعده المختصون خطأ ناشئا عن الخلط وعدم التمييز بين الأحرف السبعة والقراءات. وهذه القراءات السبع إنما عرفت واشتهرت في القرن الرابع الهجري، على يد الإمام المقرئ ابن مجاهد الذي اجتهد في تأليف كتاب يجمع فيه قراءات بعض الأئمة المبرزين في القراءة، فاتفق له أن جاءت هذه القراءات سبعا موافقة لعدد الأحرف، فلو كانت الأحرف السبعة هي القراءات السبع، لكان معنى ذلك أن يكون فهم أحاديث الأحرف السبعة، بل العمل بها أيضا متوقفا حتى يأتي ابن مجاهد ويخرجها للناس وقد كثر تنبيه العلماء في مختلف العصور على التفريق بين القراءات السبع والأحرف السبعة، والتحذير من الخلط بينهما.

حقيقة الأحرف السبعة
ذهب بعض العلماء إلى استخراج الأحرف السبعة باستقراء أوجه الخلاف الواردة في قراءات القرآن كلها صحيحها وسقيمها، ثم تصنيف هذه الأوجه إلى سبعة أصناف، بينما عمد آخرون إلى التماس الأحرف السبعة في لغات العرب، فتكون بذلك مذهبان رئيسيان، نذكر نموذجا عن كل منهما فيما يلي:

المذهب الأول: مذهب استقراء أوجه الخلاف في لغات العرب، وفي القراءات كلها ثم تصنيفها، وقد تعرض هذا المذهب للتنقيح على يد أنصاره الذين تتابعوا عليه، ونكتفي بأهم تنقيح وتصنيف لها فيما نرى، وهو تصنيف الإمام أبي الفضل عبد الرحمن الرازي، حيث قال:"إن كل حرف من الأحرف السبعة المنزلة جنس ذو نوع من الاختلاف".
أحدها: اختلاف أوزان الأسماء من الواحدة، والتثنية، والجموع، والتذكير، والمبالغة. ومن أمثلته: {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} (سورة المؤمنون:8)، وقرئ. {لأماناتهم} بالإفراد.
ثانيها: اختلاف تصريف الأفعال وما يسند إليه، نحو الماضي والمستقبل، والأمر، وأن يسند إلى المذكر والمؤنث، والمتكلم والمخاطب، والفاعل، والمفعول به. ومن أمثلته: {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} (سورة سبأ:19) بصيغة الدعاء، وقرئ: {ربنا باعد} فعلا ماضيا.
ثالثها: وجوه الإعراب. ومن أمثلته: {ولا يضار كاتب ولا شهيد} (سورة البقرة:282) قرئ بفتح الراء وضمها. وقوله {ذو العرش المجيد} [البروج: 15] برفع {المجيد} وجره.
رابعها: الزيادة والنقص، مثل: {وما خلق الذكر والأنثى} (سورة الليل:3) قرئ {الذكر والأنثى}.
خامسها: التقديم والتأخير، مثل،{فيقتلون ويقتلون} (سورة التوبة:111) وقرئ: {فيقتلون ويقتلون} ومثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق}، قرئ: {وجاءت سكرة الحق بالموت}.
سادسها: القلب والإبدال في كلمة بأخرى، أو حرف بآخر، مثل: {وانظر إلى العظام كيف ننشزها} (سورة البقرة:259) بالزاي، وقرئ: {ننشرها} بالراء.
سابعها: اختلاف اللغات: مثل {هل أتاك حديث موسى} (سورة النازعات:15) بالفتح والإمالة في: {أتى} و{موسى} وغير ذلك من ترقيق وتفخيم وإدغام
فهذا التأويل مما جمع شواذ القراءات ومشاهيرها ومناسيخها على موافقة الرسم ومخالفته، وكذلك سائر الكلام لا ينفك اختلافه من هذه الأجناس السبعة المتنوعة.

المذهب الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة لغات من لغات قبائل العرب الفصيحة.
وذلك لأن المعنى الأصلي للحرف هو اللغة، فأنزل القرآن على سبع لغات مراعيا ما بينها من الفوارق التي لم يألفها بعض العرب، فأنزل الله القرآن بما يألف ويعرف هؤلاء وهؤلاء من أصحاب اللغات، حتى نزل في القرآن من القراءات ما يسهل على جل العرب إن لم يكن كلهم، وبذلك كان القرآن نازلا بلسان قريش والعرب. فهذان المذهبان أقوى ما قيل، وأرجح ما قيل في بيان المراد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.

أهمية الأحرف السبعة والقراءات
الأحرف السبعة والقراءات ظاهرة هامة جاء بها القرآن من نواح لغوية وعلمية متعددة، وفيما يلي موجز عنها بحسب ما قرره علماء القراءات:

1- زيادة فوائد و إستيضاح معان جديدة من القرآن: ذلك أن تعدد التلاوة من قراءة إلى أخرى، ومن حرف لآخر قد تفيد معنى جديدا، مع الإيجاز بكون الآية واحدة. ومن أمثلة ذلك آية الوضوء: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} (سورة المائدة:6)، قرئ: {وأرجلكم} بالنصب عطفا على المغسولات السابقة، فأفاد وجوب غسل القدمين في الوضوء، وقرئ بالجر، فقيل: هو جر على المجاورة، وقيل: هو بالجر لإفادة المسح على الخفين، وهو قول جيد.

2- إظهار فضيلة الأمة الإسلامية وقرآنها: وذلك أن كل كتاب تقدم نزوله على القرآن، فإنما نزل بلسان واحد، وأنزل القرآن بألسن سبعة بأيها قرأ القارئ كان تاليا لما نزل في القرآن.


كتاب في القراءات القرآنية، يُبيِّن ويوضِّح ظاهرة الوقف والابتداء، وهو جانب مهم في أداء العبارة القرآنية، فهو يُوضِّح كيف وأين يجب أن ينتهي القارئ لآي القرآن الكريم، بما يتفق مع وجوه التفسير، واستقامة المعنى، وصحة اللغة، وما تَقتضيه علومها من نحو وصرف ولغة، حتى يستتِمَّ القارئُ الغرض كلَّه من قراءته، وبهذا يتحقَّق الغرض الذي من أجله يقرأ القرآن، ألا وهو الفهم والإدراك.
محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر الأنباري - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل ❝ ❞ ديوان المفضليات - طبعة 1918 أوكسفورد ❝ ❞ المفضليات طبعة 1918 أوكسفورد ❝ ❱
من كتب التجويد والقراءات المصحف الشريف - قراءاته ونسخه - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل

1971م - 1446هـ
القراءة هي عند القراء أن يقرأ القرآن سواء كانت القراءة تلاوة بأن يقرأ متتابعا أو أداء بأن يأخذ من المشايخ ويقرأ. وقسّم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فهو رواية، وإن كان لمن بعده فنازلا فطريق أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.

وقراءات القرآن أو علم القراءات في الاصطلاح هو مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل؛ أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي ﷺ والمقرئ هو العالم بالقراءات، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي ﷺ.

أنواع القراءات حسب أسانيدها
لقد قسم علماء القراءة القراءات بحسب أسانيدها إلى ستة أقسام:

الأول: المتواتر: وهو ما نقله جمع غفير لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهى السند، وهذا النوع يشمل القراءات العشر المتواترات.
الثاني: المشهور: وهو ما صح سنده ولم يخالف الرسم ولا اللغة واشتهر عند القراء: فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ، وهذا تصح القراءة به، ولا يجوز رده، ولا يحل إنكاره.
الثالث: الآحاد: وهو ما صح سنده وخالف الرسم أو العربية، أو لم يشتهر الاشتهار المذكور، وهذا لا يجوز القراءة. مثل ما روى على (رفارف حضر وعباقري حسان)، والصواب الذي عليه القراءة: {رفرف خضر وعبقري حسان} (سورة الرحمن:76).
الرابع: الشاذ: وهو ما لم يصح سنده ولو وافق رسم المصحف والعربية، مثل قراءة: (ملك يوم الدين)، بصيغة الماضي في (ملك) ونصب (يوم) مفعولا.
الخامس: الموضوع: وهو المختلق المكذوب.
السادس: ما يشبه المدرج من أنواع الحديث، وهو ما زيد في القراءة على وجه التفسير.
وهذه الأنواع الأربعة الأخيرة لا تحل القراءة بها، ويعاقب من قرأ بها على جهة التعبير.

القراءات المتواترة
من الضروري والطبيعي أن يشتهر في كل عصر جماعة من القراء، في كل طبقة من طبقات الأمة، يتفقون في حفظ القرآن، وإتقان ضبط أدائه والتفرغ لتعليمه، من عصر الصحابة، ثم التابعين، وأتباعهم وهكذا. ولقد تجرد قوم للقراءة والأخذ، واعتنوا بضبط القراءة أتم عناية حتى صاروا في ذلك أئمة يقتدى بهم ويرحل إليهم، ويؤخذ عنهم.

القراء حسب المدن
المدينة: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، ثم شيبة بن نصاح، ثم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم.
مكة: عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن محيصن.
الكوفة: يحيى بن وثاب، وعاصم بن أبي النجود الأسدي، وسليمان الأعمش، ثم حمزة بن حبيب الزيات، ثم الكسائي أبو الحسن علي بن حمزة.
البصرة: عبد الله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر، وأبو عمرو بن العلاء، ثم عاصم الجحدري، ثم يعقوب الحضرمي.
الشام: عبد الله بن عامر اليحصبي، وعطية بن قيس الكلابي، وإسماعيل بن عبيد الله بن المهاجر، ثم يحيى بن الحارث الذماري، ثم شريح بن زيد الحضرمي.
القراءات السبع والعشر
جاء الإمام أحمد بن موسى بن العباس المشهور بابن مجاهد المتوفى سنة (324هـ) فأفرد القراءات السبع المعروفة، فدونها في كتابه: القراءات السبع فاحتلت مكانتها في التدوين، وأصبح علمها مفردا يقصدها طلاب القراءات.

وقد بنى اختياره هذا على شروط عالية جدا، فلم يأخذ إلا عن الإمام الذي اشتهر بالضبط والأمانة، وطول العمر في ملازمة الإقراء، مع الاتفاق على الأخذ منه، والتلقي عنه، فكان له من ذلك قراءات هؤلاء السبعة، وهم:

نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني، المتوفى سنة (169هـ).
عبد الله بن كثير الداري المكي، (45-120 هـ).
أبو عمرو بن العلاء البصري، (70-154 هـ).
عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي (21-118 هـ).
عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي، المتوفى سنة (127هـ).
حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، (80-156 هـ).
أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي النحوي الكوفي، المتوفى سنة (189هـ).
ولم تكن هذه القراءات هي كلها بل هذه القراءات التي حددها ابن مجاهد لأنها وافقت الشروط التي وضعها. ولكل قارئ راويان يرويان عنه، فنافع المدني رواته: قالون وورش، والمكي: قنبل والبزي، والشامي: هشام وابن ذكوان، وعاصم: حفص وشعبة، والبصري: الدوري البصري والسوسي، وحمزة: خلف وخلاد، والكسائي: الدوري الكسائي وأبى الحارث. وقد تابع العلماء البحث لتحديد القراءات المتواترة، حتى استقر الاعتماد العلمي، واشتهر على زيادة ثلاث قراءات أخرى، أضيفت إلى السبع، أضافها الإمام محمد الجزري، فأصبح مجموع المتواتر من القراءات عشر قراءات، وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاء الأئمة:

أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، المتوفى سنة (130هـ).
يعقوب بن اسحاق الحضرمي الكوفي، المتوفى سنة (205هـ).
خلف بن هشام، المتوفى سنة (229 هـ).
وهنالك قراءات أخرى شاذة لا يصح التعبد بها لكنه يستدل بها أحيانا من الناحية اللغوية وهذه القراءات اشتهر منها أربع والكثير غيرها موجود في بطون الكتب.

القراءات الشاذة
وهي القراءات التي فقدت واحدا من أركان القراءة المقبولة أو أكثر، وهذه أنواع عديدة ولكل نوع حكم، والقراء الأربعة الذين أشهرهم ابن الجزري بالقراءات الشاذة ليسوا وحدهم المختصون بنقل هذه القراءات، بل إنها واردة عن كثيرين لكن لم يبرزهم أحد، وظهرت مؤخرا دراسة أفردت القراءات الشاذة عن القراء العشرة في مصنف واحد تحت اسم معجم القراءات الشاذة عن القراء العشرة.

القراءات وعلاقتها بالأحرف السبعة
بيان الأحرف السبعة في الحديث النبوي
في الحديث عن عمر بن الخطاب قال: "سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه، فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ، قال: أقرأنيها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: كذبت، أقرانيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئها، فقال: "أرسله، اقرأ يا هشام"، فقرأ القراءة التي سمعته، فقال رسول الله: "كذلك أنزلت" ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:"اقرأ يا عمر"، فقرأت التي أقرأني. فقال:"كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منه". عن ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " أقرأني جبريل على حرف، فلم أزل أستزيده، ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف". الأحرف جمع حرف، وله معان كثيرة، جمع منها صاحب القاموس المحيط الفيروز آبادي ما يلي: الحرف من كل شيء طرفه وشفيره وحده ومن الجبل أعلاه المحدد وواحد حروف التهجي والناقة الضامرة أو المهزولة أو العظيمة ومسيل الماء وآرام سود ببلاد سليم وعند النحاة ما جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل كما ذكر في القرآن: (و من الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به) أي على وجه واحد كأن يعبده على السراء لا على الضراء أو على شك أو غير طمأنينة من أمره.

وقال صاحب القاموس في أحاديث الأحرف السبعة أنها سبع لغات من لغات العرب متفرقة في القرآن وأنسب المعاني للفظ الحرف هو الوجه وكلمة على في الحديث تدل على التوسعة والتيسير أي أن القارئ يمكنه أن يقرأ على سبعة أوجه يقرأ بأي حرف منها

تعريف الأحرف السبعة
لغة: الحرف في أصل كلام العرب معناه الطرف والجانب، وحرف السفينة والجبل جانبهما. اصطلاحا: سبعة أوجه فصيحة من اللغات والقراءات أنزل عليها القرآن الكريم ذلك الكتاب الحق الذي أنزل على رسول الله صلاة الله وسلامه عليه.

الأحرف السبعة والقراءات السبع
دلت النصوص على أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات (أي لهجات باصطلاحنا المعاصر) نزل بها القرآن، والأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع المشهورة، التي يظن البعض أنها الأحرف السبعة. وهذا يعده المختصون خطأ ناشئا عن الخلط وعدم التمييز بين الأحرف السبعة والقراءات. وهذه القراءات السبع إنما عرفت واشتهرت في القرن الرابع الهجري، على يد الإمام المقرئ ابن مجاهد الذي اجتهد في تأليف كتاب يجمع فيه قراءات بعض الأئمة المبرزين في القراءة، فاتفق له أن جاءت هذه القراءات سبعا موافقة لعدد الأحرف، فلو كانت الأحرف السبعة هي القراءات السبع، لكان معنى ذلك أن يكون فهم أحاديث الأحرف السبعة، بل العمل بها أيضا متوقفا حتى يأتي ابن مجاهد ويخرجها للناس وقد كثر تنبيه العلماء في مختلف العصور على التفريق بين القراءات السبع والأحرف السبعة، والتحذير من الخلط بينهما.

حقيقة الأحرف السبعة
ذهب بعض العلماء إلى استخراج الأحرف السبعة باستقراء أوجه الخلاف الواردة في قراءات القرآن كلها صحيحها وسقيمها، ثم تصنيف هذه الأوجه إلى سبعة أصناف، بينما عمد آخرون إلى التماس الأحرف السبعة في لغات العرب، فتكون بذلك مذهبان رئيسيان، نذكر نموذجا عن كل منهما فيما يلي:

المذهب الأول: مذهب استقراء أوجه الخلاف في لغات العرب، وفي القراءات كلها ثم تصنيفها، وقد تعرض هذا المذهب للتنقيح على يد أنصاره الذين تتابعوا عليه، ونكتفي بأهم تنقيح وتصنيف لها فيما نرى، وهو تصنيف الإمام أبي الفضل عبد الرحمن الرازي، حيث قال:"إن كل حرف من الأحرف السبعة المنزلة جنس ذو نوع من الاختلاف".
أحدها: اختلاف أوزان الأسماء من الواحدة، والتثنية، والجموع، والتذكير، والمبالغة. ومن أمثلته: {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} (سورة المؤمنون:8)، وقرئ. {لأماناتهم} بالإفراد.
ثانيها: اختلاف تصريف الأفعال وما يسند إليه، نحو الماضي والمستقبل، والأمر، وأن يسند إلى المذكر والمؤنث، والمتكلم والمخاطب، والفاعل، والمفعول به. ومن أمثلته: {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} (سورة سبأ:19) بصيغة الدعاء، وقرئ: {ربنا باعد} فعلا ماضيا.
ثالثها: وجوه الإعراب. ومن أمثلته: {ولا يضار كاتب ولا شهيد} (سورة البقرة:282) قرئ بفتح الراء وضمها. وقوله {ذو العرش المجيد} [البروج: 15] برفع {المجيد} وجره.
رابعها: الزيادة والنقص، مثل: {وما خلق الذكر والأنثى} (سورة الليل:3) قرئ {الذكر والأنثى}.
خامسها: التقديم والتأخير، مثل،{فيقتلون ويقتلون} (سورة التوبة:111) وقرئ: {فيقتلون ويقتلون} ومثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق}، قرئ: {وجاءت سكرة الحق بالموت}.
سادسها: القلب والإبدال في كلمة بأخرى، أو حرف بآخر، مثل: {وانظر إلى العظام كيف ننشزها} (سورة البقرة:259) بالزاي، وقرئ: {ننشرها} بالراء.
سابعها: اختلاف اللغات: مثل {هل أتاك حديث موسى} (سورة النازعات:15) بالفتح والإمالة في: {أتى} و{موسى} وغير ذلك من ترقيق وتفخيم وإدغام
فهذا التأويل مما جمع شواذ القراءات ومشاهيرها ومناسيخها على موافقة الرسم ومخالفته، وكذلك سائر الكلام لا ينفك اختلافه من هذه الأجناس السبعة المتنوعة.

المذهب الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة لغات من لغات قبائل العرب الفصيحة.
وذلك لأن المعنى الأصلي للحرف هو اللغة، فأنزل القرآن على سبع لغات مراعيا ما بينها من الفوارق التي لم يألفها بعض العرب، فأنزل الله القرآن بما يألف ويعرف هؤلاء وهؤلاء من أصحاب اللغات، حتى نزل في القرآن من القراءات ما يسهل على جل العرب إن لم يكن كلهم، وبذلك كان القرآن نازلا بلسان قريش والعرب. فهذان المذهبان أقوى ما قيل، وأرجح ما قيل في بيان المراد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.

أهمية الأحرف السبعة والقراءات
الأحرف السبعة والقراءات ظاهرة هامة جاء بها القرآن من نواح لغوية وعلمية متعددة، وفيما يلي موجز عنها بحسب ما قرره علماء القراءات:

1- زيادة فوائد و إستيضاح معان جديدة من القرآن: ذلك أن تعدد التلاوة من قراءة إلى أخرى، ومن حرف لآخر قد تفيد معنى جديدا، مع الإيجاز بكون الآية واحدة. ومن أمثلة ذلك آية الوضوء: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} (سورة المائدة:6)، قرئ: {وأرجلكم} بالنصب عطفا على المغسولات السابقة، فأفاد وجوب غسل القدمين في الوضوء، وقرئ بالجر، فقيل: هو جر على المجاورة، وقيل: هو بالجر لإفادة المسح على الخفين، وهو قول جيد.

2- إظهار فضيلة الأمة الإسلامية وقرآنها: وذلك أن كل كتاب تقدم نزوله على القرآن، فإنما نزل بلسان واحد، وأنزل القرآن بألسن سبعة بأيها قرأ القارئ كان تاليا لما نزل في القرآن.


كتاب في القراءات القرآنية، يُبيِّن ويوضِّح ظاهرة الوقف والابتداء، وهو جانب مهم في أداء العبارة القرآنية، فهو يُوضِّح كيف وأين يجب أن ينتهي القارئ لآي القرآن الكريم، بما يتفق مع وجوه التفسير، واستقامة المعنى، وصحة اللغة، وما تَقتضيه علومها من نحو وصرف ولغة، حتى يستتِمَّ القارئُ الغرض كلَّه من قراءته، وبهذا يتحقَّق الغرض الذي من أجله يقرأ القرآن، ألا وهو الفهم والإدراك.

.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

القراءة هي عند القراء أن يقرأ القرآن سواء كانت القراءة تلاوة بأن يقرأ متتابعا أو أداء بأن يأخذ من المشايخ ويقرأ. وقسّم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فهو رواية، وإن كان لمن بعده فنازلا فطريق أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.

وقراءات القرآن أو علم القراءات في الاصطلاح هو مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل؛ أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي ﷺ والمقرئ هو العالم بالقراءات، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي ﷺ.

أنواع القراءات حسب أسانيدها
لقد قسم علماء القراءة القراءات بحسب أسانيدها إلى ستة أقسام:

الأول: المتواتر: وهو ما نقله جمع غفير لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهى السند، وهذا النوع يشمل القراءات العشر المتواترات.
الثاني: المشهور: وهو ما صح سنده ولم يخالف الرسم ولا اللغة واشتهر عند القراء: فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ، وهذا تصح القراءة به، ولا يجوز رده، ولا يحل إنكاره.
الثالث: الآحاد: وهو ما صح سنده وخالف الرسم أو العربية، أو لم يشتهر الاشتهار المذكور، وهذا لا يجوز القراءة. مثل ما روى على (رفارف حضر وعباقري حسان)، والصواب الذي عليه القراءة: {رفرف خضر وعبقري حسان} (سورة الرحمن:76).
الرابع: الشاذ: وهو ما لم يصح سنده ولو وافق رسم المصحف والعربية، مثل قراءة: (ملك يوم الدين)، بصيغة الماضي في (ملك) ونصب (يوم) مفعولا.
الخامس: الموضوع: وهو المختلق المكذوب.
السادس: ما يشبه المدرج من أنواع الحديث، وهو ما زيد في القراءة على وجه التفسير.
وهذه الأنواع الأربعة الأخيرة لا تحل القراءة بها، ويعاقب من قرأ بها على جهة التعبير.

القراءات المتواترة
من الضروري والطبيعي أن يشتهر في كل عصر جماعة من القراء، في كل طبقة من طبقات الأمة، يتفقون في حفظ القرآن، وإتقان ضبط أدائه والتفرغ لتعليمه، من عصر الصحابة، ثم التابعين، وأتباعهم وهكذا. ولقد تجرد قوم للقراءة والأخذ، واعتنوا بضبط القراءة أتم عناية حتى صاروا في ذلك أئمة يقتدى بهم ويرحل إليهم، ويؤخذ عنهم.

القراء حسب المدن
المدينة: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، ثم شيبة بن نصاح، ثم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم.
مكة: عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن محيصن.
الكوفة: يحيى بن وثاب، وعاصم بن أبي النجود الأسدي، وسليمان الأعمش، ثم حمزة بن حبيب الزيات، ثم الكسائي أبو الحسن علي بن حمزة.
البصرة: عبد الله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر، وأبو عمرو بن العلاء، ثم عاصم الجحدري، ثم يعقوب الحضرمي.
الشام: عبد الله بن عامر اليحصبي، وعطية بن قيس الكلابي، وإسماعيل بن عبيد الله بن المهاجر، ثم يحيى بن الحارث الذماري، ثم شريح بن زيد الحضرمي.
القراءات السبع والعشر
جاء الإمام أحمد بن موسى بن العباس المشهور بابن مجاهد المتوفى سنة (324هـ) فأفرد القراءات السبع المعروفة، فدونها في كتابه: القراءات السبع فاحتلت مكانتها في التدوين، وأصبح علمها مفردا يقصدها طلاب القراءات.

وقد بنى اختياره هذا على شروط عالية جدا، فلم يأخذ إلا عن الإمام الذي اشتهر بالضبط والأمانة، وطول العمر في ملازمة الإقراء، مع الاتفاق على الأخذ منه، والتلقي عنه، فكان له من ذلك قراءات هؤلاء السبعة، وهم:

نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني، المتوفى سنة (169هـ).
عبد الله بن كثير الداري المكي، (45-120 هـ).
أبو عمرو بن العلاء البصري، (70-154 هـ).
عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي (21-118 هـ).
عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي، المتوفى سنة (127هـ).
حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، (80-156 هـ).
أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي النحوي الكوفي، المتوفى سنة (189هـ).
ولم تكن هذه القراءات هي كلها بل هذه القراءات التي حددها ابن مجاهد لأنها وافقت الشروط التي وضعها. ولكل قارئ راويان يرويان عنه، فنافع المدني رواته: قالون وورش، والمكي: قنبل والبزي، والشامي: هشام وابن ذكوان، وعاصم: حفص وشعبة، والبصري: الدوري البصري والسوسي، وحمزة: خلف وخلاد، والكسائي: الدوري الكسائي وأبى الحارث. وقد تابع العلماء البحث لتحديد القراءات المتواترة، حتى استقر الاعتماد العلمي، واشتهر على زيادة ثلاث قراءات أخرى، أضيفت إلى السبع، أضافها الإمام محمد الجزري، فأصبح مجموع المتواتر من القراءات عشر قراءات، وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاء الأئمة:

أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، المتوفى سنة (130هـ).
يعقوب بن اسحاق الحضرمي الكوفي، المتوفى سنة (205هـ).
خلف بن هشام، المتوفى سنة (229 هـ).
وهنالك قراءات أخرى شاذة لا يصح التعبد بها لكنه يستدل بها أحيانا من الناحية اللغوية وهذه القراءات اشتهر منها أربع والكثير غيرها موجود في بطون الكتب.

القراءات الشاذة
وهي القراءات التي فقدت واحدا من أركان القراءة المقبولة أو أكثر، وهذه أنواع عديدة ولكل نوع حكم، والقراء الأربعة الذين أشهرهم ابن الجزري بالقراءات الشاذة ليسوا وحدهم المختصون بنقل هذه القراءات، بل إنها واردة عن كثيرين لكن لم يبرزهم أحد، وظهرت مؤخرا دراسة أفردت القراءات الشاذة عن القراء العشرة في مصنف واحد تحت اسم معجم القراءات الشاذة عن القراء العشرة.

القراءات وعلاقتها بالأحرف السبعة
بيان الأحرف السبعة في الحديث النبوي
في الحديث عن عمر بن الخطاب قال: "سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه، فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ، قال: أقرأنيها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: كذبت، أقرانيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئها، فقال: "أرسله، اقرأ يا هشام"، فقرأ القراءة التي سمعته، فقال رسول الله: "كذلك أنزلت" ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:"اقرأ يا عمر"، فقرأت التي أقرأني. فقال:"كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منه". عن ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " أقرأني جبريل على حرف، فلم أزل أستزيده، ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف". الأحرف جمع حرف، وله معان كثيرة، جمع منها صاحب القاموس المحيط الفيروز آبادي ما يلي: الحرف من كل شيء طرفه وشفيره وحده ومن الجبل أعلاه المحدد وواحد حروف التهجي والناقة الضامرة أو المهزولة أو العظيمة ومسيل الماء وآرام سود ببلاد سليم وعند النحاة ما جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل كما ذكر في القرآن: (و من الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به) أي على وجه واحد كأن يعبده على السراء لا على الضراء أو على شك أو غير طمأنينة من أمره.

وقال صاحب القاموس في أحاديث الأحرف السبعة أنها سبع لغات من لغات العرب متفرقة في القرآن وأنسب المعاني للفظ الحرف هو الوجه وكلمة على في الحديث تدل على التوسعة والتيسير أي أن القارئ يمكنه أن يقرأ على سبعة أوجه يقرأ بأي حرف منها

تعريف الأحرف السبعة
لغة: الحرف في أصل كلام العرب معناه الطرف والجانب، وحرف السفينة والجبل جانبهما. اصطلاحا: سبعة أوجه فصيحة من اللغات والقراءات أنزل عليها القرآن الكريم ذلك الكتاب الحق الذي أنزل على رسول الله صلاة الله وسلامه عليه.

الأحرف السبعة والقراءات السبع
دلت النصوص على أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات (أي لهجات باصطلاحنا المعاصر) نزل بها القرآن، والأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع المشهورة، التي يظن البعض أنها الأحرف السبعة. وهذا يعده المختصون خطأ ناشئا عن الخلط وعدم التمييز بين الأحرف السبعة والقراءات. وهذه القراءات السبع إنما عرفت واشتهرت في القرن الرابع الهجري، على يد الإمام المقرئ ابن مجاهد الذي اجتهد في تأليف كتاب يجمع فيه قراءات بعض الأئمة المبرزين في القراءة، فاتفق له أن جاءت هذه القراءات سبعا موافقة لعدد الأحرف، فلو كانت الأحرف السبعة هي القراءات السبع، لكان معنى ذلك أن يكون فهم أحاديث الأحرف السبعة، بل العمل بها أيضا متوقفا حتى يأتي ابن مجاهد ويخرجها للناس وقد كثر تنبيه العلماء في مختلف العصور على التفريق بين القراءات السبع والأحرف السبعة، والتحذير من الخلط بينهما.

حقيقة الأحرف السبعة
ذهب بعض العلماء إلى استخراج الأحرف السبعة باستقراء أوجه الخلاف الواردة في قراءات القرآن كلها صحيحها وسقيمها، ثم تصنيف هذه الأوجه إلى سبعة أصناف، بينما عمد آخرون إلى التماس الأحرف السبعة في لغات العرب، فتكون بذلك مذهبان رئيسيان، نذكر نموذجا عن كل منهما فيما يلي:

المذهب الأول: مذهب استقراء أوجه الخلاف في لغات العرب، وفي القراءات كلها ثم تصنيفها، وقد تعرض هذا المذهب للتنقيح على يد أنصاره الذين تتابعوا عليه، ونكتفي بأهم تنقيح وتصنيف لها فيما نرى، وهو تصنيف الإمام أبي الفضل عبد الرحمن الرازي، حيث قال:"إن كل حرف من الأحرف السبعة المنزلة جنس ذو نوع من الاختلاف".
أحدها: اختلاف أوزان الأسماء من الواحدة، والتثنية، والجموع، والتذكير، والمبالغة. ومن أمثلته: {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} (سورة المؤمنون:8)، وقرئ. {لأماناتهم} بالإفراد.
ثانيها: اختلاف تصريف الأفعال وما يسند إليه، نحو الماضي والمستقبل، والأمر، وأن يسند إلى المذكر والمؤنث، والمتكلم والمخاطب، والفاعل، والمفعول به. ومن أمثلته: {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} (سورة سبأ:19) بصيغة الدعاء، وقرئ: {ربنا باعد} فعلا ماضيا.
ثالثها: وجوه الإعراب. ومن أمثلته: {ولا يضار كاتب ولا شهيد} (سورة البقرة:282) قرئ بفتح الراء وضمها. وقوله {ذو العرش المجيد} [البروج: 15] برفع {المجيد} وجره.
رابعها: الزيادة والنقص، مثل: {وما خلق الذكر والأنثى} (سورة الليل:3) قرئ {الذكر والأنثى}.
خامسها: التقديم والتأخير، مثل،{فيقتلون ويقتلون} (سورة التوبة:111) وقرئ: {فيقتلون ويقتلون} ومثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق}، قرئ: {وجاءت سكرة الحق بالموت}.
سادسها: القلب والإبدال في كلمة بأخرى، أو حرف بآخر، مثل: {وانظر إلى العظام كيف ننشزها} (سورة البقرة:259) بالزاي، وقرئ: {ننشرها} بالراء.
سابعها: اختلاف اللغات: مثل {هل أتاك حديث موسى} (سورة النازعات:15) بالفتح والإمالة في: {أتى} و{موسى} وغير ذلك من ترقيق وتفخيم وإدغام
فهذا التأويل مما جمع شواذ القراءات ومشاهيرها ومناسيخها على موافقة الرسم ومخالفته، وكذلك سائر الكلام لا ينفك اختلافه من هذه الأجناس السبعة المتنوعة.

المذهب الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة لغات من لغات قبائل العرب الفصيحة.
وذلك لأن المعنى الأصلي للحرف هو اللغة، فأنزل القرآن على سبع لغات مراعيا ما بينها من الفوارق التي لم يألفها بعض العرب، فأنزل الله القرآن بما يألف ويعرف هؤلاء وهؤلاء من أصحاب اللغات، حتى نزل في القرآن من القراءات ما يسهل على جل العرب إن لم يكن كلهم، وبذلك كان القرآن نازلا بلسان قريش والعرب. فهذان المذهبان أقوى ما قيل، وأرجح ما قيل في بيان المراد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.

أهمية الأحرف السبعة والقراءات
الأحرف السبعة والقراءات ظاهرة هامة جاء بها القرآن من نواح لغوية وعلمية متعددة، وفيما يلي موجز عنها بحسب ما قرره علماء القراءات:

1- زيادة فوائد و إستيضاح معان جديدة من القرآن: ذلك أن تعدد التلاوة من قراءة إلى أخرى، ومن حرف لآخر قد تفيد معنى جديدا، مع الإيجاز بكون الآية واحدة. ومن أمثلة ذلك آية الوضوء: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} (سورة المائدة:6)، قرئ: {وأرجلكم} بالنصب عطفا على المغسولات السابقة، فأفاد وجوب غسل القدمين في الوضوء، وقرئ بالجر، فقيل: هو جر على المجاورة، وقيل: هو بالجر لإفادة المسح على الخفين، وهو قول جيد.

2- إظهار فضيلة الأمة الإسلامية وقرآنها: وذلك أن كل كتاب تقدم نزوله على القرآن، فإنما نزل بلسان واحد، وأنزل القرآن بألسن سبعة بأيها قرأ القارئ كان تاليا لما نزل في القرآن.


كتاب في القراءات القرآنية، يُبيِّن ويوضِّح ظاهرة الوقف والابتداء، وهو جانب مهم في أداء العبارة القرآنية، فهو يُوضِّح كيف وأين يجب أن ينتهي القارئ لآي القرآن الكريم، بما يتفق مع وجوه التفسير، واستقامة المعنى، وصحة اللغة، وما تَقتضيه علومها من نحو وصرف ولغة، حتى يستتِمَّ القارئُ الغرض كلَّه من قراءته، وبهذا يتحقَّق الغرض الذي من أجله يقرأ القرآن، ألا وهو الفهم والإدراك.

إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل من التجويد والقراءات تحميل مباشر :
تحميل الكتاب
تحميل مقدمة التحقيق
(نسخة للشاملة)



سنة النشر : 1971م / 1391هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 14.9 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر الأنباري - Muhammad bin al Qasim bin Muhammad bin Bashar Abu Bakr al Anbari

كتب محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر الأنباري ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل ❝ ❞ ديوان المفضليات - طبعة 1918 أوكسفورد ❝ ❞ المفضليات طبعة 1918 أوكسفورد ❝ ❱. المزيد..

كتب محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر الأنباري