❞ كتاب بالقرآن نجدد الحياة قراءة تدبرية في سورة مريم ❝  ⏤  اكرم رضا

❞ كتاب بالقرآن نجدد الحياة قراءة تدبرية في سورة مريم ❝ ⏤ اكرم رضا

الۡقُرۡآنۡ، ويُسَمَّىٰ تكريمًا ٱلۡقُرۡآنُ ٱلۡكَرِيمُ، هو كتاب الله المعجز عند المسلمين، يُعَظِّمُونَهُ وَيُؤْمِنُونَ أَنَّهُ كلام الله، وَأَنَّهُ قد أُنزِلَ علىٰ الرسول محمد للبيان والإعجاز، وأنه محفوظ في الصدور والسطور من كل مس أو تحريف، وَبِأَنَّهُ مَنْقُولࣱ بالتواتر، وبأنه المتعبد بتلاوته، وأنه آخر الكتب السماوية بعد صحف إبراهيم والزبور والتوراة والإنجيل.

القرآن هو أقدم الكتب العربية، ويعد بشكل واسع الأعلى قيمةً لغويًّا، لما يجمعه من البلاغة والبيان والفصاحة. وللقرآن أثر وفضل في توحيد وتطوير اللغة العربية وآدابها وعلومها الصرفية والنحوية، ووضع وتوحيد وتثبيت اللّبنات الأساس لقواعد اللغة العربية، إذ يُعد مرجعًا وأساسًا لكل مساهمات الفطاحلة اللغويين في تطوير اللغة العربية وعلى رأسهم أبو الأسود الدؤلي والخليل بن أحمد الفراهيدي وتلميذه سيبويه وغيرهم، سواء عند القدماء أو المحدثين إلى حقبة أدب المهجر في العصر الحديث، ابتداءً من أحمد شوقي إلى رشيد سليم الخوري وجبران خليل جبران، وغيرهم من الذين كان لهم دور كبير في محاولة الدفع بإحياء اللغة والتراث العربي في العصر الحديث.

ويعود الفضل في توحيد اللغة العربیة إلى نزول القرآن الكريم، حيث لم تكن موحَّدة قبل هذا العهد رغم أنها كانت ذات غنًى ومرونة، إلى أن نزل القرآن وتحدى الجموع ببیانه، وأعطی اللغة العربية سیلًا من حسن السبك وعذوبة السَّجْعِ، ومن البلاغة والبيان ما عجز عنه بلغاء العرب. وقد وحد القرآن الكريم اللغة العربية توحیدًا كاملًا وحفظها من التلاشي والانقراض، كما حدث مع العديد من اللغات السّامية الأخرى، التي أضحت لغات بائدة واندثرت مع الزمن، أو لغات طالها الضعف والانحطاط، وبالتالي عدم القدرة على مسايرة التغييرات والتجاذبات التي تعرفها الحضارة وشعوب العالم القديم والحديث.

ويحتوي القرآن على 114 سورة تصنف إلى مكّية ومدنية وفقًا لمكان وزمان نزول الوحي بها. ويؤمن المسلمون أن القرآن أنزله الله على لسان الملَك جبريل إلى النبي محمد على مدى 23 سنة تقريبًا، بعد أن بلغ النبي محمد سن الأربعين، وحتى وفاته عام 11 هـ/632م. كما يؤمن المسلمون بأن القرآن حُفظ بدقة على يد الصحابة، بعد أن نزل الوحي على النبي محمد فحفظه وقرأه على صحابته، وأن آياته محكمات مفصلات، وأنه يخاطب الأجيال كافة في كل القرون، ويتضمن كل المناسبات ويحيط بكل الأحوال.

بعد وفاة النبي محمد، جُمع القرآن في مصحف واحد بأمر من الخليفة الأول أبو بكر الصديق وفقًا لاقتراح من الصحابي عمر بن الخطاب. وبعد وفاة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، ظلت تلك النسخة محفوظة لدى أم المؤمنين حفصة بنت عمر، إلى أن رأى الخليفة الثالث عثمان بن عفان اختلاف المسلمين في القراءات لاختلاف لهجاتهم، فسأل حفصة بأن تسمح له باستخدام المصحف الذي بحوزتها والمكتوب بلهجة قريش لتكون اللهجة القياسية، وأمر عثمان بنسخ عدة نسخ من المصحف لتوحيد القراءة، وإعدام ما يخالف ذلك المصحف، وتوزيع تلك النسخ على الأمصار، واحتفظ لنفسه بنسخة منه. تعرف هذه النسخ إلى الآن بالمصحف العثماني. لذا فيؤكد معظم العلماء أن النسخ الحالية للقرآن تحتوي على نفس النص المنسوخ من النسخة الأصلية التي جمعها أبو بكر.

يؤمن المسلمون أن القرآن معجزة النبي محمد للعالمين، وأن آياته تتحدى العالمين بأن يأتوا بمثله أو بسورة مثله، كما يعدونه دليلًا على نبوته، وتتويجًا لسلسلة من الرسالات السماوية التي بدأت، وفقًا لعقيدة المسلمين، مع صحف آدم مرورًا بصحف إبراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وصولًا إلى إنجيل عيسى.

سورة مريم، السورة التاسعة عشر في القرآن، وهي إحدى السور المكيّة، ماعدا الآيات 58 و71 فهي مدنية. بلغ عدد آياتها 98 آية، ويوجد بها سجدة في الآية رقم 58، وتقع في الجزء السادس عشر. ونزلت بعد سورة فاطر. والسورة سُميّت على اسم العذراء مريم أم عيسى المسيح، لتكون بذلك السورة الوحيدة في القرآن التي سُميّت على اسم امرأة.

تبدأ السورة بقصة زكريا حين دعا الله دعاء خفيا أي من القلب بأن يجعل له وليا أو خلفا، فاستجاب له الله ووهب له يحيى، ثم تأتي قصة مريم بنت عمران حين تمثل لها ملك في صورة بشر وبشرها بالمسيح، وتعجب قومها من هذا بعد ذلك، تشير إليه ثم يتحدث بإذن الله ليقول ويؤكد أن أمه مريم أشرف نساء الأرض، ويخاطب الناس بعد ذلك ويذكر لهم أن الله أوصاه بالصلاة والزكاة والبر بوالدته. بعد ذلك يذكر قصة إبراهيم مع أبيه وكيف كان يدعو أباه ليكف عن عبادة الأصنام، ثم يذكر الأنبياء الذين أنعم عليهم الله وكيف خلف من بعدهم خلف نسوا الصلاة واتبعوا الشهوات. وفي نهاية السورة تقريباً استنكار كيف قال الذين أشركوا والذين كفروا أن الله اتخذ ولداً، مؤكدا أنه لا ينبغي له هذا، لأن كل من في السموات والأرض عباد الرحمن.

ترتيب سورة مريم هو 19 بالنسبة إلى 114 سورة هي جملة سور القرآن، وتقع في الجزء السادس عشر من أجزاء القرآن الثلاثون. وقد ذكر الإمام جلال الدين السيوطي سورة مريم في كتابه أسرار ترتيب القرآن، حيث كتب أن سبب ورود سورة مريم بعد سورة الكهف مباشرةً لا في موضع آخر أن سورة الكهف تحتوي على أعاجيب ومعجزات، تتمثل في قصة أصحاب الكهف وطول لبثهم في الكهف دون طعام ولا شراب، كذلك قصة موسى مع الخضر وقصة ذي القرنين وبناء السد. لذلك من الطبيعي أن ترد سورة مريم بعد سورة الكهف لاحتوائها على أعجوبتان هما ولادة يحيى وولادة المسيح العذرية. كذلك قد ذُكِرَ أن أصحاب الكهف من قوم عيسى بن مريم وسيبعثون قبيل يوم القيامة بعد نزول المسيح ويحجون معه.

ذُكر في صحيح البخاري أن أحد أسباب نزول سورة مريم هو تأخر الملاك جبريل عن تنزيله للوحي على النبي محمد، وذلك حينما سأله أصحابه عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين، ولذلك قد رجا النبي محمد من الله أن يأتيه جبريل بالوحي بشأن ما طلبه منه أصحابه، فشّق ذلك عليه مشقة شديدة، فلما نزل جبريل أخيراً بالوحي قال له النبي محمد: «أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك»، فرد عليه جبريل: «إني كنت إليك أشوق ولكني عبد مأمور إذا بعثتُ نزلتُ وإذا حبستُ احتبست»، ولذلك نزلت الآية رقم 64 من سورة مريم: Ra bracket.png وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا Aya-64.png La bracket.png.

كذلك هناك سبب لنزول الآية رقم 66: Ra bracket.png وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا Aya-66.png La bracket.png، فقد قال الكلبي أنها نزلت في أُبيّ بن خلف حين أخذ عظاماً بالية يفتها بيده ويقول: «زعم لكم محمد أنّا نبعث بعدما نموت».

كذلك ذُكِر سبب نزول الآية رقم 77: Ra bracket.png أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا Aya-77.png La bracket.png، وهي قد نزلت في العاص بن وائل السهمي، وكان أحد المشركين، وكان لخباب بن الأرت دين عنده وهو كان أول من أظهر إسلامه، وكان العاص يؤخر حقه فأتاه يتقاضاه، فقال العاص: «لا أقضيك حتى تكفر بمحمد!» فرفض خباب وقال: «لا أكفر حتى تموت وتبعث»، فاستهزأ به العاص وقال: «إني إذا مت ثم بعثت ؛ جئني وسيكون لي ثم مال وولد فأعطيك»، ويقصد بذلك أنه أدخل الجنة بعد الممات استهزاءً بمعتقد المسلمين، ولذلك نزلت هذه الآية فيه.

كما ذُكِر أن الآية 96 من السورة قد نزلت لكي يخبر الله عباده أنه يغرس في قلوب عباده الصالحين مودة ومحبة، وقد ذكر الإمام جلال الدين السيوطي في كتابه لُباب النقول في أسباب النزول:

«أخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر إلى المدينة وجد نفسه على فراق أصحاب مكة: منهم شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأمية بن خلف، فأنزل الله Ra bracket.png إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا Aya-96.png La bracket.png، قال: محبة في قلوب المؤمنين.»
اكرم رضا - أكرم رضا
مرسي جمعة محمد
استشاري تنمية بشرية وتطوير
مدرس المهارات بكلية الدراسات المساندة والتطبيقية
جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ بالقرآن نجدد الحياة قراءة تدبرية في سورة مريم ❝ ❱
من كتب علوم القرآن كتب التفاسير وعلوم القرآن الكريم - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
بالقرآن نجدد الحياة قراءة تدبرية في سورة مريم

2008م - 1446هـ
الۡقُرۡآنۡ، ويُسَمَّىٰ تكريمًا ٱلۡقُرۡآنُ ٱلۡكَرِيمُ، هو كتاب الله المعجز عند المسلمين، يُعَظِّمُونَهُ وَيُؤْمِنُونَ أَنَّهُ كلام الله، وَأَنَّهُ قد أُنزِلَ علىٰ الرسول محمد للبيان والإعجاز، وأنه محفوظ في الصدور والسطور من كل مس أو تحريف، وَبِأَنَّهُ مَنْقُولࣱ بالتواتر، وبأنه المتعبد بتلاوته، وأنه آخر الكتب السماوية بعد صحف إبراهيم والزبور والتوراة والإنجيل.

القرآن هو أقدم الكتب العربية، ويعد بشكل واسع الأعلى قيمةً لغويًّا، لما يجمعه من البلاغة والبيان والفصاحة. وللقرآن أثر وفضل في توحيد وتطوير اللغة العربية وآدابها وعلومها الصرفية والنحوية، ووضع وتوحيد وتثبيت اللّبنات الأساس لقواعد اللغة العربية، إذ يُعد مرجعًا وأساسًا لكل مساهمات الفطاحلة اللغويين في تطوير اللغة العربية وعلى رأسهم أبو الأسود الدؤلي والخليل بن أحمد الفراهيدي وتلميذه سيبويه وغيرهم، سواء عند القدماء أو المحدثين إلى حقبة أدب المهجر في العصر الحديث، ابتداءً من أحمد شوقي إلى رشيد سليم الخوري وجبران خليل جبران، وغيرهم من الذين كان لهم دور كبير في محاولة الدفع بإحياء اللغة والتراث العربي في العصر الحديث.

ويعود الفضل في توحيد اللغة العربیة إلى نزول القرآن الكريم، حيث لم تكن موحَّدة قبل هذا العهد رغم أنها كانت ذات غنًى ومرونة، إلى أن نزل القرآن وتحدى الجموع ببیانه، وأعطی اللغة العربية سیلًا من حسن السبك وعذوبة السَّجْعِ، ومن البلاغة والبيان ما عجز عنه بلغاء العرب. وقد وحد القرآن الكريم اللغة العربية توحیدًا كاملًا وحفظها من التلاشي والانقراض، كما حدث مع العديد من اللغات السّامية الأخرى، التي أضحت لغات بائدة واندثرت مع الزمن، أو لغات طالها الضعف والانحطاط، وبالتالي عدم القدرة على مسايرة التغييرات والتجاذبات التي تعرفها الحضارة وشعوب العالم القديم والحديث.

ويحتوي القرآن على 114 سورة تصنف إلى مكّية ومدنية وفقًا لمكان وزمان نزول الوحي بها. ويؤمن المسلمون أن القرآن أنزله الله على لسان الملَك جبريل إلى النبي محمد على مدى 23 سنة تقريبًا، بعد أن بلغ النبي محمد سن الأربعين، وحتى وفاته عام 11 هـ/632م. كما يؤمن المسلمون بأن القرآن حُفظ بدقة على يد الصحابة، بعد أن نزل الوحي على النبي محمد فحفظه وقرأه على صحابته، وأن آياته محكمات مفصلات، وأنه يخاطب الأجيال كافة في كل القرون، ويتضمن كل المناسبات ويحيط بكل الأحوال.

بعد وفاة النبي محمد، جُمع القرآن في مصحف واحد بأمر من الخليفة الأول أبو بكر الصديق وفقًا لاقتراح من الصحابي عمر بن الخطاب. وبعد وفاة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، ظلت تلك النسخة محفوظة لدى أم المؤمنين حفصة بنت عمر، إلى أن رأى الخليفة الثالث عثمان بن عفان اختلاف المسلمين في القراءات لاختلاف لهجاتهم، فسأل حفصة بأن تسمح له باستخدام المصحف الذي بحوزتها والمكتوب بلهجة قريش لتكون اللهجة القياسية، وأمر عثمان بنسخ عدة نسخ من المصحف لتوحيد القراءة، وإعدام ما يخالف ذلك المصحف، وتوزيع تلك النسخ على الأمصار، واحتفظ لنفسه بنسخة منه. تعرف هذه النسخ إلى الآن بالمصحف العثماني. لذا فيؤكد معظم العلماء أن النسخ الحالية للقرآن تحتوي على نفس النص المنسوخ من النسخة الأصلية التي جمعها أبو بكر.

يؤمن المسلمون أن القرآن معجزة النبي محمد للعالمين، وأن آياته تتحدى العالمين بأن يأتوا بمثله أو بسورة مثله، كما يعدونه دليلًا على نبوته، وتتويجًا لسلسلة من الرسالات السماوية التي بدأت، وفقًا لعقيدة المسلمين، مع صحف آدم مرورًا بصحف إبراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وصولًا إلى إنجيل عيسى.

سورة مريم، السورة التاسعة عشر في القرآن، وهي إحدى السور المكيّة، ماعدا الآيات 58 و71 فهي مدنية. بلغ عدد آياتها 98 آية، ويوجد بها سجدة في الآية رقم 58، وتقع في الجزء السادس عشر. ونزلت بعد سورة فاطر. والسورة سُميّت على اسم العذراء مريم أم عيسى المسيح، لتكون بذلك السورة الوحيدة في القرآن التي سُميّت على اسم امرأة.

تبدأ السورة بقصة زكريا حين دعا الله دعاء خفيا أي من القلب بأن يجعل له وليا أو خلفا، فاستجاب له الله ووهب له يحيى، ثم تأتي قصة مريم بنت عمران حين تمثل لها ملك في صورة بشر وبشرها بالمسيح، وتعجب قومها من هذا بعد ذلك، تشير إليه ثم يتحدث بإذن الله ليقول ويؤكد أن أمه مريم أشرف نساء الأرض، ويخاطب الناس بعد ذلك ويذكر لهم أن الله أوصاه بالصلاة والزكاة والبر بوالدته. بعد ذلك يذكر قصة إبراهيم مع أبيه وكيف كان يدعو أباه ليكف عن عبادة الأصنام، ثم يذكر الأنبياء الذين أنعم عليهم الله وكيف خلف من بعدهم خلف نسوا الصلاة واتبعوا الشهوات. وفي نهاية السورة تقريباً استنكار كيف قال الذين أشركوا والذين كفروا أن الله اتخذ ولداً، مؤكدا أنه لا ينبغي له هذا، لأن كل من في السموات والأرض عباد الرحمن.

ترتيب سورة مريم هو 19 بالنسبة إلى 114 سورة هي جملة سور القرآن، وتقع في الجزء السادس عشر من أجزاء القرآن الثلاثون. وقد ذكر الإمام جلال الدين السيوطي سورة مريم في كتابه أسرار ترتيب القرآن، حيث كتب أن سبب ورود سورة مريم بعد سورة الكهف مباشرةً لا في موضع آخر أن سورة الكهف تحتوي على أعاجيب ومعجزات، تتمثل في قصة أصحاب الكهف وطول لبثهم في الكهف دون طعام ولا شراب، كذلك قصة موسى مع الخضر وقصة ذي القرنين وبناء السد. لذلك من الطبيعي أن ترد سورة مريم بعد سورة الكهف لاحتوائها على أعجوبتان هما ولادة يحيى وولادة المسيح العذرية. كذلك قد ذُكِرَ أن أصحاب الكهف من قوم عيسى بن مريم وسيبعثون قبيل يوم القيامة بعد نزول المسيح ويحجون معه.

ذُكر في صحيح البخاري أن أحد أسباب نزول سورة مريم هو تأخر الملاك جبريل عن تنزيله للوحي على النبي محمد، وذلك حينما سأله أصحابه عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين، ولذلك قد رجا النبي محمد من الله أن يأتيه جبريل بالوحي بشأن ما طلبه منه أصحابه، فشّق ذلك عليه مشقة شديدة، فلما نزل جبريل أخيراً بالوحي قال له النبي محمد: «أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك»، فرد عليه جبريل: «إني كنت إليك أشوق ولكني عبد مأمور إذا بعثتُ نزلتُ وإذا حبستُ احتبست»، ولذلك نزلت الآية رقم 64 من سورة مريم: Ra bracket.png وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا Aya-64.png La bracket.png.

كذلك هناك سبب لنزول الآية رقم 66: Ra bracket.png وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا Aya-66.png La bracket.png، فقد قال الكلبي أنها نزلت في أُبيّ بن خلف حين أخذ عظاماً بالية يفتها بيده ويقول: «زعم لكم محمد أنّا نبعث بعدما نموت».

كذلك ذُكِر سبب نزول الآية رقم 77: Ra bracket.png أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا Aya-77.png La bracket.png، وهي قد نزلت في العاص بن وائل السهمي، وكان أحد المشركين، وكان لخباب بن الأرت دين عنده وهو كان أول من أظهر إسلامه، وكان العاص يؤخر حقه فأتاه يتقاضاه، فقال العاص: «لا أقضيك حتى تكفر بمحمد!» فرفض خباب وقال: «لا أكفر حتى تموت وتبعث»، فاستهزأ به العاص وقال: «إني إذا مت ثم بعثت ؛ جئني وسيكون لي ثم مال وولد فأعطيك»، ويقصد بذلك أنه أدخل الجنة بعد الممات استهزاءً بمعتقد المسلمين، ولذلك نزلت هذه الآية فيه.

كما ذُكِر أن الآية 96 من السورة قد نزلت لكي يخبر الله عباده أنه يغرس في قلوب عباده الصالحين مودة ومحبة، وقد ذكر الإمام جلال الدين السيوطي في كتابه لُباب النقول في أسباب النزول:

«أخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر إلى المدينة وجد نفسه على فراق أصحاب مكة: منهم شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأمية بن خلف، فأنزل الله Ra bracket.png إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا Aya-96.png La bracket.png، قال: محبة في قلوب المؤمنين.» .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

الۡقُرۡآنۡ، ويُسَمَّىٰ تكريمًا ٱلۡقُرۡآنُ ٱلۡكَرِيمُ، هو كتاب الله المعجز عند المسلمين، يُعَظِّمُونَهُ وَيُؤْمِنُونَ أَنَّهُ كلام الله، وَأَنَّهُ قد أُنزِلَ علىٰ الرسول محمد للبيان والإعجاز، وأنه محفوظ في الصدور والسطور من كل مس أو تحريف، وَبِأَنَّهُ مَنْقُولࣱ بالتواتر، وبأنه المتعبد بتلاوته، وأنه آخر الكتب السماوية بعد صحف إبراهيم والزبور والتوراة والإنجيل.

القرآن هو أقدم الكتب العربية، ويعد بشكل واسع الأعلى قيمةً لغويًّا، لما يجمعه من البلاغة والبيان والفصاحة. وللقرآن أثر وفضل في توحيد وتطوير اللغة العربية وآدابها وعلومها الصرفية والنحوية، ووضع وتوحيد وتثبيت اللّبنات الأساس لقواعد اللغة العربية، إذ يُعد مرجعًا وأساسًا لكل مساهمات الفطاحلة اللغويين في تطوير اللغة العربية وعلى رأسهم أبو الأسود الدؤلي والخليل بن أحمد الفراهيدي وتلميذه سيبويه وغيرهم، سواء عند القدماء أو المحدثين إلى حقبة أدب المهجر في العصر الحديث، ابتداءً من أحمد شوقي إلى رشيد سليم الخوري وجبران خليل جبران، وغيرهم من الذين كان لهم دور كبير في محاولة الدفع بإحياء اللغة والتراث العربي في العصر الحديث.

ويعود الفضل في توحيد اللغة العربیة إلى نزول القرآن الكريم، حيث لم تكن موحَّدة قبل هذا العهد رغم أنها كانت ذات غنًى ومرونة، إلى أن نزل القرآن وتحدى الجموع ببیانه، وأعطی اللغة العربية سیلًا من حسن السبك وعذوبة السَّجْعِ، ومن البلاغة والبيان ما عجز عنه بلغاء العرب. وقد وحد القرآن الكريم اللغة العربية توحیدًا كاملًا وحفظها من التلاشي والانقراض، كما حدث مع العديد من اللغات السّامية الأخرى، التي أضحت لغات بائدة واندثرت مع الزمن، أو لغات طالها الضعف والانحطاط، وبالتالي عدم القدرة على مسايرة التغييرات والتجاذبات التي تعرفها الحضارة وشعوب العالم القديم والحديث.

ويحتوي القرآن على 114 سورة تصنف إلى مكّية ومدنية وفقًا لمكان وزمان نزول الوحي بها. ويؤمن المسلمون أن القرآن أنزله الله على لسان الملَك جبريل إلى النبي محمد على مدى 23 سنة تقريبًا، بعد أن بلغ النبي محمد سن الأربعين، وحتى وفاته عام 11 هـ/632م. كما يؤمن المسلمون بأن القرآن حُفظ بدقة على يد الصحابة، بعد أن نزل الوحي على النبي محمد فحفظه وقرأه على صحابته، وأن آياته محكمات مفصلات، وأنه يخاطب الأجيال كافة في كل القرون، ويتضمن كل المناسبات ويحيط بكل الأحوال.

بعد وفاة النبي محمد، جُمع القرآن في مصحف واحد بأمر من الخليفة الأول أبو بكر الصديق وفقًا لاقتراح من الصحابي عمر بن الخطاب. وبعد وفاة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، ظلت تلك النسخة محفوظة لدى أم المؤمنين حفصة بنت عمر، إلى أن رأى الخليفة الثالث عثمان بن عفان اختلاف المسلمين في القراءات لاختلاف لهجاتهم، فسأل حفصة بأن تسمح له باستخدام المصحف الذي بحوزتها والمكتوب بلهجة قريش لتكون اللهجة القياسية، وأمر عثمان بنسخ عدة نسخ من المصحف لتوحيد القراءة، وإعدام ما يخالف ذلك المصحف، وتوزيع تلك النسخ على الأمصار، واحتفظ لنفسه بنسخة منه. تعرف هذه النسخ إلى الآن بالمصحف العثماني. لذا فيؤكد معظم العلماء أن النسخ الحالية للقرآن تحتوي على نفس النص المنسوخ من النسخة الأصلية التي جمعها أبو بكر.

يؤمن المسلمون أن القرآن معجزة النبي محمد للعالمين، وأن آياته تتحدى العالمين بأن يأتوا بمثله أو بسورة مثله، كما يعدونه دليلًا على نبوته، وتتويجًا لسلسلة من الرسالات السماوية التي بدأت، وفقًا لعقيدة المسلمين، مع صحف آدم مرورًا بصحف إبراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وصولًا إلى إنجيل عيسى.

سورة مريم، السورة التاسعة عشر في القرآن، وهي إحدى السور المكيّة، ماعدا الآيات 58 و71 فهي مدنية. بلغ عدد آياتها 98 آية، ويوجد بها سجدة في الآية رقم 58، وتقع في الجزء السادس عشر. ونزلت بعد سورة فاطر. والسورة سُميّت على اسم العذراء مريم أم عيسى المسيح، لتكون بذلك السورة الوحيدة في القرآن التي سُميّت على اسم امرأة.

تبدأ السورة بقصة زكريا حين دعا الله دعاء خفيا أي من القلب بأن يجعل له وليا أو خلفا، فاستجاب له الله ووهب له يحيى، ثم تأتي قصة مريم بنت عمران حين تمثل لها ملك في صورة بشر وبشرها بالمسيح، وتعجب قومها من هذا بعد ذلك، تشير إليه ثم يتحدث بإذن الله ليقول ويؤكد أن أمه مريم أشرف نساء الأرض، ويخاطب الناس بعد ذلك ويذكر لهم أن الله أوصاه بالصلاة والزكاة والبر بوالدته. بعد ذلك يذكر قصة إبراهيم مع أبيه وكيف كان يدعو أباه ليكف عن عبادة الأصنام، ثم يذكر الأنبياء الذين أنعم عليهم الله وكيف خلف من بعدهم خلف نسوا الصلاة واتبعوا الشهوات. وفي نهاية السورة تقريباً استنكار كيف قال الذين أشركوا والذين كفروا أن الله اتخذ ولداً، مؤكدا أنه لا ينبغي له هذا، لأن كل من في السموات والأرض عباد الرحمن.

ترتيب سورة مريم هو 19 بالنسبة إلى 114 سورة هي جملة سور القرآن، وتقع في الجزء السادس عشر من أجزاء القرآن الثلاثون. وقد ذكر الإمام جلال الدين السيوطي سورة مريم في كتابه أسرار ترتيب القرآن، حيث كتب أن سبب ورود سورة مريم بعد سورة الكهف مباشرةً لا في موضع آخر أن سورة الكهف تحتوي على أعاجيب ومعجزات، تتمثل في قصة أصحاب الكهف وطول لبثهم في الكهف دون طعام ولا شراب، كذلك قصة موسى مع الخضر وقصة ذي القرنين وبناء السد. لذلك من الطبيعي أن ترد سورة مريم بعد سورة الكهف لاحتوائها على أعجوبتان هما ولادة يحيى وولادة المسيح العذرية. كذلك قد ذُكِرَ أن أصحاب الكهف من قوم عيسى بن مريم وسيبعثون قبيل يوم القيامة بعد نزول المسيح ويحجون معه.

ذُكر في صحيح البخاري أن أحد أسباب نزول سورة مريم هو تأخر الملاك جبريل عن تنزيله للوحي على النبي محمد، وذلك حينما سأله أصحابه عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين، ولذلك قد رجا النبي محمد من الله أن يأتيه جبريل بالوحي بشأن ما طلبه منه أصحابه، فشّق ذلك عليه مشقة شديدة، فلما نزل جبريل أخيراً بالوحي قال له النبي محمد: «أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك»، فرد عليه جبريل: «إني كنت إليك أشوق ولكني عبد مأمور إذا بعثتُ نزلتُ وإذا حبستُ احتبست»، ولذلك نزلت الآية رقم 64 من سورة مريم: Ra bracket.png وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا Aya-64.png La bracket.png.

كذلك هناك سبب لنزول الآية رقم 66: Ra bracket.png وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا Aya-66.png La bracket.png، فقد قال الكلبي أنها نزلت في أُبيّ بن خلف حين أخذ عظاماً بالية يفتها بيده ويقول: «زعم لكم محمد أنّا نبعث بعدما نموت».

كذلك ذُكِر سبب نزول الآية رقم 77: Ra bracket.png أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا Aya-77.png La bracket.png، وهي قد نزلت في العاص بن وائل السهمي، وكان أحد المشركين، وكان لخباب بن الأرت دين عنده وهو كان أول من أظهر إسلامه، وكان العاص يؤخر حقه فأتاه يتقاضاه، فقال العاص: «لا أقضيك حتى تكفر بمحمد!» فرفض خباب وقال: «لا أكفر حتى تموت وتبعث»، فاستهزأ به العاص وقال: «إني إذا مت ثم بعثت ؛ جئني وسيكون لي ثم مال وولد فأعطيك»، ويقصد بذلك أنه أدخل الجنة بعد الممات استهزاءً بمعتقد المسلمين، ولذلك نزلت هذه الآية فيه.

كما ذُكِر أن الآية 96 من السورة قد نزلت لكي يخبر الله عباده أنه يغرس في قلوب عباده الصالحين مودة ومحبة، وقد ذكر الإمام جلال الدين السيوطي في كتابه لُباب النقول في أسباب النزول:

«أخرج ابن جرير  عن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر إلى المدينة وجد نفسه على فراق أصحاب مكة: منهم شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأمية بن خلف، فأنزل الله Ra bracket.png إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا Aya-96.png La bracket.png، قال: محبة في قلوب المؤمنين.»

 

بالقرآن نجدد الحياة قراءة تدبرية في سورة مريم من علوم القرآن تحميل مباشر :

 

 



سنة النشر : 2008م / 1429هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 3.9 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة بالقرآن نجدد الحياة قراءة تدبرية في سورة مريم

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل بالقرآن نجدد الحياة قراءة تدبرية في سورة مريم
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
اكرم رضا - Akram Rida

كتب  اكرم رضا أكرم رضا مرسي جمعة محمد استشاري تنمية بشرية وتطوير مدرس المهارات بكلية الدراسات المساندة والتطبيقية جامعة الملك فهد للبترول والمعادن❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ بالقرآن نجدد الحياة قراءة تدبرية في سورة مريم ❝ ❱. المزيد..

كتب اكرم رضا