📘 قراءة كتاب وقفة مع بعض الترجمات الإنجليزية لمعاني القرآن الكريم أونلاين
لم يعد يخفى على كل ذي بصيرة الدور الحيوي الذي تؤديه الترجمة في نقل حضارات الشعوب وثقافاتها وفي التفاهم بين الشعوب التي تعددت ألسنتها لغير سبب حتى بلغت نحو خمسة آلاف لغة، إضافةً إلى آلاف اللهجات. ويعود للترجمة الفضل الكبير في ارتقاء غير أمة سُلّم الحضارة التي لا يمكن أمةً دون سواها احتكارُها. وكيف تحتكر الحضارة وهي مزيج من نتاج بشري في مختلف الأماكن والعصور؟
وقد نهل المسلمون من ينابيع حضارات الأمم الأخرى في الجانب الماديّ منها عن طريق دار الحكمة وغيرها ممن قاموا بترجمة علوم الهند وفارس واليونان. ولم يكن لأوربا أن تصحو من سباتها في عصر النهضة لولا اتصال مترجميها في إسبانيا وغيرها بالمسلمين والنقل من فكرهم وعلومهم. ولعل هذا ما حدا بعالم اللغة الشهير إدوارد سابير (Edward Sapir) إلى اعتبار اللغة العربية التي كانت وعاءً لحمل الحضارة من بين لغات خمس أدت ذلك الدور وهي اللاتينية واليونانية والسنسكريتية والصينية الكلاسيكية.
وتحظى الترجمة في العصر الحديث باهتمام منقطع النظير، إذ يترجم سنوياً مئات الآلاف من الأبحاث والمقالات العلمية، بل إنه لا يكاد يطبع كتاب ذو أهمية حتى تصدر ترجمته في غير لغة خلال فترة وجيزة. كما أن السوق الأوربية المشتركة تنفق حوالي 40% من ميزانيتها على الترجمة من لغات أعضاء السوق وإليها.
وغني عن القول أن الترجمة قد تكون أداة بناءٍ وإصلاح إذا ما التزم المترجم الأمانة العلمية واختار ما يصلح للترجمة، وقد تكون معول هدم إذا لم تستغل في نقل الفضيلة وما ينفع الناس. كما أن خطأً في الترجمة قد يشعل فتيل الحرب بين الأمم، وقد يجعل القنابل النووية تتساقط على المدن لتفني النسل والحرث. وقد أدى خطأ في ترجمة الكلمة اليابانية mokasutu الواردة في البرقية التي أرسلتها اليابان إلى واشنطن قبيل إلقاء القنبلة إلى ذلك الحادث المأساوي نظراً لأن الكلمة ترجمت إلى الإنجليزية بـ ignored بدلاً من considered أي "يتجاهل (الإنذار) " بدلاً من"يُقبل". وكذا الأمر بالنسبة للغموض الذي يلف القرار ذا الرقم 242 الصادر عن الأمم المتحدة فقد ترجمت عبارة:
le retrait des territoires occupés
إلى the withdrawal from occupied territories.
ويكمن الغموض هنا في النص الإنجليزي في استخدام أداة التعريف أو عدمه، فتشير الترجمة الفرنسية إلى الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي المحتلة في حين يشير النص الإنجليزي إلى الانسحاب من أراضٍ محتلّة!
هذه بعض المخاطر التي قد تنجم عن أخطار الترجمة في الأمور الدنيوية، فما بالنا عندما تقع مثل تلك الأخطاء في ترجمة كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي تكفّل سبحانه وتعالى بحفظه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9) ؟ ما بالنا عندما تعد ترجمات بأيدي مستشرقين ترمي إلى إيجاد حاجز بين القرآن وبين من يريد فهم الإسلام والدين الذي بشرت به الرسل والكتب السماوية، الدين الذي لن يقبل دين بعده، فإما إلى جنة عرضها كعرض السماوات والأرض، أو إلى نار وقودها الناس والحجارة؟ ماذا يحدث عندما ينكر بعض مترجمي معاني كتاب الله الكريم العذاب الحسي والنعيم الحسي وبعث الأجساد أو يزعمون بمجيء "نبيّ" بعد ختم الرسالة؟ ماذا يحدث عندما يصور القرآن الكريم على أنه من صنع بشر وأنه يخاطب العرب دون سواهم؟ إن الترجمة في ثوبها ذاك تحجب نور الحقيقة ولو إلى حين. أما إذا كانت الترجمة سليمة لغةً وعقيدةً فإنها قد تهدي إلى الحق بإذن الله. فهذا الجراح الفرنسي الشهير الدكتور موريس بوكاي (Dr. Maurice Bacaille) يطلع على ترجمة فرنسية لمعاني كتاب الله أثناء زيارة له للمملكة العربية السعودية فيندهش من آيات سورة "المؤمنون" المتعلقة بأصل الإنسان وتطور الجنين ويشهر إسلامه، ويبدأ في تعلم اللغة العربية في سن الثانية والخمسين، وليصدر فيما بعد كتاباً بالفرنسية بعنوان: La Bible, le Coran et la Science أي "الإنجيل والقرآن والعلم"، حرص على تضمينه النص القرآني للآيات متبوعاً بالترجمة الفرنسية لمعانيها. أما يوسف إسلام الذي كان يدعى بـ كات ستيفن (Cat Stephen) فيبحث – بعد قراءته لترجمة معاني القرآن باللغة الإنجليزية – عن "مؤلف" الكتاب ظناً منه أنه من وضع بشر نظراً لإطلاق مسمى "المحمدية" (Muhammadanism) على الإسلام في بعض الأوساط الغربية ولا سيما الكنسيّة منها. وعندما سأله أخوه الذي سبقه في اعتناق الإسلام عن السرّ في سؤاله عن المؤلف أجاب: "لأنني لأول مرة أقرأ وصفاً صحيحاً لله سبحانه وتعالى". ولا يتسع المجال هنا لذكر عشرات القساوسة والقادة والمفكرين الذين هدى الله سبحانه وتعالى بعد أن نهلوا من ينابيع الإسلام الصافية فعادوا إلى دين الفطرة.
لقد انتشر الإسلام في بقاع الأرض في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ومن تبعهم فأصبحت اللغة العربية آنذاك لغة الدين والدولة، وبما أن اللغة العربية هي أداة العقيدة السمحة، فقد أقبلت شعوب البلدان المفتوحة على تعلمها، بل قّدّمت أحياناً أو حَلَّتْ محل اللغات القومية حتى بلغ الأمر ببعضهم إلى القول: "لأن أذمّ بالعربية أحب إليَّ من أن أمدح بالفارسية." وهكذا خالطت لغة القرآن الكريم أفئدة الناس حتى قدّمت على اللغات القومية. كيف لا وهي لغة القرآن الكريم ولغة النبي العربي صلى الله عليه وسلم ولغة أهل الجنة؟ أما وإن اللغة العربية قد تراجعت قليلاً خلال قرن من الزمان فقد كان لزاماً أن تكتسب ترجمة معاني القرآن الكريم أهمية خاصة كي لا يتوقف تبليغ الرسالة السماوية الخالدة في عصر تضاءلت فيه المسافات بفضل ما منَّ الله سبحانه وتعالى على الإنسان من تقدم تقني وعلميّ قلّما سبق له مثيل. وإزاء هذا الاتصال المتزايد بين الأمم وفي ظل تهافت العقائد الملحدة والمشركة والوضعية الكافرة، ونظراً للخواء الروحي الذي يلف عالمنا المعاصر وفي ظل دعوات العولمة وغيرها فإن الحاجة تمسّ إلى أن ينهض المسلمون بدورهم المنوط بهم وأن يتبوّأوا مكانتهم التي ارتضى الله عز وجل لهم في تبليغ الدعوة للناس كافة بلغاتهم أولاً من خلال الترجمة السليمة لكتاب الله ريثما تعود اللغة العربية إلى سابق عهدها وعاءً للعقيدة والحضارة والثقافة، وعاء إيمان ووحدة لا أوعية كفر وتمزيق شمل. وما الجهود الجبارة التي تبذلها المملكة العربية السعودية في خدمة كتاب الله تفسيراً وترجمةً ونشراً، وما مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة إلا خير شاهد على الاضطلاع بتأدية الأمانة التي حُمّلنا والتي سنسأل عنها يوم العرض: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} (البقرة:143) أي أمةً إسلامية كما أرادها الله لا كما ترجمها جورج سيل (George Sale) أمة عربية (Thus have we placed you O Arabian intermediate nation) . فالقرآن الكريم يخاطب المسلمين جميعاً والمترجم يضيّق المعنى ويقصره على العرب للتدليل على زعمه بأن الإسلام كان للعرب دون سواهم.
وسنتناول في هذا البحث بعض المسائل المتعلقة بترجمة معاني كتاب الله والأخطاء العقدية واللغوية ولاسيما النحوية والدلالية التي يقع فيها بعض المترجمين سواءً أكان ذلك بسوء نية أم بحسن نية، ثم نتبعها بتوصيات قد تعين على النهوض بهذه المهمة غير اليسيرة بإذنه تعالى.
وقفة مع بعض الترجمات الإنجليزية لمعاني القرآن الكريم من علوم القرآن تحميل مباشر :
الكتاب
(نسخة للشاملة)
وقفة مع بعض الترجمات الإنجليزية لمعاني القرآن الكريم من علوم القرآن
وقفة مع بعض الترجمات الإنجليزية لمعاني القرآن الكريم
المؤلف: وجيه بن حمد بن عبد الرحمن
الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
المحتويات :
مقدمة
الترجمات الإنجليزية في الميزان:
الترجمات الإنجليزية الاستشراقية
الترجمات الإنجليزية الإسلامية
الترجمات الإنجليزية القاديانية
من مشكلات الترجمة:
أولا: الأخطاء الدلالية
ثانيا: الأخطاء النحوية
الخلاصة:
تحميل وقراءة وتصفح أولاين مباشر بدون روابط كتاب تحميل كتاب تقويم تعليم حفظ القرآن الكريم وتعليمه في pdf
حجم الكتاب عند التحميل : 537.7 كيلوبايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'