❞ اليقين الكاذب ❝ ⏤ دكتور حسني عبد المنعم حسن البشبيشي
ـ هناك وظيفة طبيعية مصممة في الانسان بحيث أنه إذا سمع أمرا خطيرا تأثر به بقلبه وجوارحه بقدر ما فيه من الأهمية والخطورة، فإذا سمع بأمر خطير ولم يتأثر به فهذا معناه أن الله عطل فيه هذه الوظيفة الطبيعية عقابا له، فالإنسان لا يزال لم يسمع عن الامر سماعا حقيقيا حتى يتأثر به.
ـ الطبيعي أنه بمجرد أن يعرف الإنسان بوجود الخالق والآخرة ويوقن بذلك فإن حياته كلها من مشاعر وأهداف وطموحات وسلوك وتصرفات وانفعالات وفرح وحزن وغضب وأخلاق وكلام ونية وعمل سوف تتأثر تأثرا كبيرًا، وسوف تتغير حياته بزاوية مائة وثمانين درجة.
ـ كل هذا يحدث إذا تحققت المعرفة الحقيقية بوجود الخالق والآخرة، وذلك لأن كل لذات الدنيا وآلامها ليست بشيء أمام لذات وآلام الآخرة، وسنوات العمر الطويلة ليست بشيء أمام الخلود في الآخرة، وانتقال الإنسان إلى حياة أخرى من جديد هو أمر خطير ومثير، وكذلك فرؤية الخالق لنا وسمعه لنا وقدرته علينا في كل مكان وفي كل لحظة ووصول كلامه الينا ولقاءنا به ومحاسبته لنا هو أمر خطير ومثير، ورغم ذلك فالبعض لا تتأثر مشاعرهم ولا همومهم ولا أهدافهم ولا حياتهم إلا بأمور الدنيا، وهذا معناه غياب عمل القلب الذي هو شرط في الايمان.
ـ لكن لأننا نعيش في زمن الغفلة فالكثير من الناس لا يعلمون أن مجرد المعرفة الحقيقية بالخالق والآخرة هو أمر خطير جدًا ومؤثر جدًا إلى هذه الدرجة، وأصبحت الغفلة هي الوضع الطبيعي المألوف الذي اعتاد عليه الكثير، فإذا جاء أحد ليقول لهم تعالوا نعرف من جديد معنى أن لنا خالقا ومعنى أننا ذاهبون الى الآخرة لقالوا إنه مجنون أو متخلف!، لكنهم سوف يعلمون ذلك عندما يجدون أنفسهم واقفين على أرض المحشر في الآخرة.
ـ قد يكون الانسان موقنا بالخالق والآخرة لكنه في الحقيقة جاهل يرتدي ثوب اليقين، فما أكثر ما سمع كلاما عن الخالق والآخرة لكنه سماع كاذب، فيحسب أنه سمع وهو في الحقيقة لم يسمع شيئا، بل إنك مهما أسمعته كلاما عن الخالق والآخرة فلن يسمع سماعا حقيقيا وسيظل جاهلا بالله والآخرة، ومهما أفهمته فلن يفهم، ومهما أريته المعجزات أمام عينه وآيات الكون فلن يرى، كأن في أذنيه وقرا وعلى عينه غشاوة وعقله محاط بغطاء لا ينفك، فالطبيعي أن اليقين له اثر خطير جدا وهو أثر تلقائي، لكن إذا طبع الله على قلب إنسان منع عنه أثر اليقين وأنساه خطورة ما يوقن به.
ـ هذا الكتاب يبين ما يحدث للإنسان الطبيعي عندما يعلم لأول مرة بوجود الخالق والآخرة، والهدف من ذلك أنك سوف تفاجئ أن ما يحدث هو تأثر هائل جدا على القلب والجوارح وتغير كامل في حياته.
ـ والمشكلة أن الانسان قد يحسب أنه يعرف الله ويحبه ويحب الجنة ويعيش لها، والحقيقة أنه لا يعرف غير الدنيا ولا يحب ولا يخاف ولا يرجو غيرها ولا هدف له غيرها، فاحذر وانتبه قبل ألا ينفع الندم.
دكتور حسني عبد المنعم حسن البشبيشي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ وظيفة الهم في الإسلام ❝ ❱
من كتب الروايات والقصص - مكتبة القصص والروايات والمجلّات.