مخاض غزة
2025م - 1447هـ
غزة، حيثُ الوجع لا يحتاج أن يصرخ، لأنه يهمس في الأرواح بصوتٍ يعرفه كل من مرّ على وجع غزة. تضيع الأحلام، وتتمدد الآهات، كأنها أنفاسُ شبحٍ يُطارد الحياة ولا يعرف النوم.
في مدينتي غزة، نعيشُ الجوع الذي مزّق الأعماق، ينهش فينا بصمتٍ، كأنّه عدوٌ خفيّ، لا يُرى، لكنه يُشعرنا بوجوده في كلّ نبضة قلب. الحصار ليس حصاراً، بل حرب إبادةٍ تمشي على أرصفة العمر، تُمزّق الأرواح، وتُحوّل الأحلام إلى رماد. فقدنا الأحبّة والبيوت، ولم يبقَ لنا إلا قطعة قماشٍ تلفّنا، وكأنها مقبرةٌ مؤقتةٌ للأحلام المؤجّلة.
لكن الليل، مهما ازداد ظلمه، لا يدوم. وإنْ طالت لياليه الحالكة، فإنها حبلى بصباحات ندية، تُولد بخجل من رحم المعاناة. النور لا يأتي بترف، بل ينبت من أنين الأطفال، من رجفات النساء، من دمعة طفلٍ سُلب منه اسمه وصوته. وتتشقّق خيوطُ الأمل، وتنسج طريقًا نحو السماء، تُرسل فيه رسائلنا للشهداء، وكأنهم الضوء الذي يُمهّد لنا الطريق.
كم من حلمٍ أصبح مجهولًا، وكم من ليلٍ أطال البقاء، إلا أن آيات الله تربّت على القلوب المكسورة، وتهمس في سكونها: إن بعد العسر يُسر، وإن النصر أقرب مما نظن، حين نصمد.
الكاتبة: *نغم سعدي حليوة* . المزيد..