❞ رواية خاتم الرمل ❝ ⏤ فؤاد التكرلي
كانت قطرات المطر تبين تحت أضواء السيارة البيضاء، خيوطاً ناعمة تتواصل بين الأرض والسماء، وكنت على حذر، متراخياً في جلستي أسوق بانتباه واتزان. كان شارع الكرامة/ خارج خالياً هذه الساعة من الليل، وكنت أتجه نحو ساحة "كمال جنبلاط" مصمماً أن أعبر الجسر المعلق بعد ذلك لأصل إلى البيت في وقت وجيز...
كانت الساحة على بعد مائة متر، تبدو ساطعة الأنوار. كنت مسترخياً مستسلماً لتعبي، حين وصلت إلى مشارف الساحة، خطر لي، هنيهة، أن كافة التجارب التي يمكن أن يعيشها الإنسان خلال حياته، يجب أن تكون، ولو بجزء بسيط، مفهومة أو قابلة للفهم على الأقل، من قبل البشر الآخرين. واستناداً لهذا المفهوم كانت السيارة السوداء الطويلة التي برزت فجأة من بطن الظلام على الجهة اليمنى، مطفأة الأنوار؛ وكانت تتقدم بسرعة وتهور لافتين للنظر، نحو وسط الساحة بمواجهتي. ولما كنت بكامل انتباهي، ولأن السيارة السوداء صدمت الرصيف وتوقفت وسط الساحة على بعد أمتار قليلة أمامي، فقد أدركت عن يقين أنني بصدد معاناة حادث مرور" خاتم الرمل رواية هي حكاية العراق وما يدور فيه من توتر حاد بين الفرد والمجتمع، لفرد والسلطة.
فالرواية تعي، ويعي راويها منها، أن لكل الأقوال المنطوقة قرائن معتمدة لا بد أن يأخذها السامع بعين الاعتبار، فلكل قول منطوق قرينة الذي يستعصي على الإفصاح، ولكن فعاليته في الحدث لا تقل عن فعاليته المفصح عنه، إذ لم تزد عليها. وهذا الوعي بين المنطوق والمضمر هو الذي يكسب هذه الرواية أهميتها منذ البداية الإشكالية المدهشة التي يمكن دعوتها بالبداية التخيلية التي يصير فيها عالم يحدث حدثاً؛ وهي بداية تبني علاقتها الاستهلاكية ببقية النص من خلال المفارقة والتوازي، أو بالأحرى التناقض مع ما حدث الذي يراد له يصبح وكأنه لم يحدث، والإرهاص يتحول ما لم يحدث إلى حدث.
فؤاد التكرلي - فؤاد التكرلي روائي عراقي استطاع أن يحصد أوقات نجاحه بحرية وبلا صخب روايات قليلة، إلا أن مساحة تأثيرها كانت أكبر انها نموذج للروايات الكلاسيكية الحديثة ببنائها ،روائي عراقي أسهم في تطور الثقافة العربية وأثرى المكتبة العربية بالكثير من قصصه الأدبية،
ولد التكرلي في بغداد عام 1927 ودرس في مدارسها ، تخرج من كلية الحقوق عام 1949 ثم عمل ككاتب تحقيق وبعدها محاميا، ثم قاضيا، وتولى عدة مناصب في الدولة ومنها في القضاء العراقي حيث تم تعيينه قاضيا في محكمة بداءة بغداد عام 1964، وبعدها سافر إلى فرنسا ثم عاد ليعين خبيرا قانونيا في وزارة العدل العراقية. وعاش في تونس لسنوات بعد تقاعده، وعمل في سفارة العراق بعد حرب الخليج عام 1991، وألف القصص بأسلوب أبداعي متميز.
ينتمي التكرلي إلى عائلة ذات حظوة دينية ومكانة اجتماعيّة متميزة، وإذا كانت هذه العائلة بتفرّعاتها المختلفة قد تمتّعت بمباهج السلطة في بداية الحكم الملكي في العراق، فإنّها سرعان ما تخلّت عن الدور الذي أنيط بها موقتاً لجيل جديد من السياسيّين نشأوا تحت الراية العثمانية وتعلّموا صرامة عسكرها، لكنّهم تعلموا أيضاً من الاحتلال البريطاني بعض عناصر الحداثة الأوروبية. وقد أدى ذلك إلى فترة انفراج نسبي اجتماعيّاً أسهمت في إظهار ذلك الجيل الذي لا يتكرّر من المبدعين أو ساعدته على إنضاج تجاربه.
نشر التكرلي أولى قصصه القصيرة في عام 1951 في مجلة الأديب اللبنانية، ولم ينقطع عن نشر قصصه في الصحف والمجلات العراقية والعربية، كما صدرت له في تونس عام 1991 مجموعة قصصية بعنوان (موعد النار). وفي عام 1995 صدرت له رواية (خاتم الرمل). وكتب روايته الأخيرة (اللاسؤال واللاجواب) عام 2007. وكانت له أيضا مؤلفات أخرى مثل خزين اللامرئيات و الرجع البعيد الأعمال الكاملة 1و القصص الأعمال الكاملة..
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ أنطولوجيا القصة القصيرة العربية في أدب الخيال العلمي ❝ ❞ الأعمال الكاملة - 5 القصص ❝ ❞ موعد النار ❝ ❞ اللاسؤال واللاجواب ❝ ❞ غرباء (ت: التكرلي) ❝ ❞ خاتم الرمل ❝ ❞ الأعمال الكاملة - 6 المقالات ❝ ❞ قصص واقعية من العالم العربي ❝ ❞ قصص أفريقية آسيوية ❝ الناشرين : ❞ جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ❝ ❞ المدى للإعلام والثقافة والفنون ❝ ❞ منشورات الجمل ❝ ❞ دار الآداب ❝ ❞ وكالة الصحافة العربية - ناشرون ❝ ❞ دار الجنوب للنشر ❝ ❱
من كتب الروايات والقصص - مكتبة القصص والروايات والمجلّات.