❞ رواية المجوس ❝ ⏤ إبراهيم الكوني
تعيد رواية "المجوس" طرح الأسئلة الخالدة عن معنى الوجود والمغامرة الإنسانية والمصير والسلطة والحضارة والجنس والموت مستخدمة عالم الطوارق، المعقد والغني رغم بساطة حياتهم، بمثابة مادة قصصية وتخيلية.
ومسرح الرواية في هذا العمل الملحمي عالم الصحراء الذي هو أوسع من أن يقتصر على الإنسان، فهو يمتد ليشمل عناصر الطبيعة الصحراوية القاسية وكائناتها الخفية وحيواناتها ونباتاتها. ففي هذا العالم حيث تطرف الطبيعة وقسوتها تندفع الأشياء والكائنات والأحداث والبشر حتى النهايات القصوى لتكشف عن مضامينها وأبعادها وحدودها... فلا توسط بين الله والذهب... بين تطلب الحقيقة وشهوة السلطة، بين نبالة الروح وشهوة التملك طالما أن المجوسي "ليس من عَبَدَ الله في الحجر ولكن من أشرك في حبه الذهب".
وفي عمل الكوني الملحمي ليس هناك وجه واحد للمجوسي فهو الرمز المنسحب على العديد من الشخصيات اللاهثة خلف الثروة والمال والسلطة والنفوذ، فالمجوسي قد يكون حاكماً (السلطان أورغ) أو صوفياً مزيفاً (العجوز تميط) أو باحثاً عن الانتقام (القاضي الشنقيطي) أو...، بل لَعلّ في كل إنسان يكمن مجوسي يتحين غفلة من العقل والروح ليطل برأسه ويتلبسه... وأخيراً المجوس عالم تتقطع فيه الأساطير الموروثة وتعاليم الأسلاف بتأملات الحكماء والشيوخ والعرافين وأشواق الباحثين عن الله والحرية وصبوات الطامعين بامتلاك الذهب والسلطة.
لا متعة تضاهي قراءة ملحمة المجوس سوى متعة قراءة الملاحم السردية الكبرى التي أبدعتها المخيلة البشرية، وهو ما استدعى ربما هذه الحفاوة، والإشادة، والتقدير العالي الذي حظيت به المجوس، خاصةً بعد ترجمتها إلى لغات أخرى، حيث رأى البعض أنها تنطوي على خبرة روحية لا توجد إلا في الآداب الشرقية العظيمة، واعتبرها آخرون فتحاً جديداً في التجربة الروائية، بتحويلها الصحراء، التي كانت دوماً منبعاً للأديان والحكمة، إلى موضوع روائي، بعد أن ظلت الرواية، إلى حدٍّ ما، حكراً على المدينة.
ففي هذه الملحمة الروائية تمتزج الحكايات بالأساطير، وتتواشج الرؤى الفلسفية بالكشوفات الصوفية، وترفرف بروح شعرية شفيفة كمياه الينابيع، وخفقات النسيم، وضياء النجوم، وهي تعزف أنغامها وألحانها الوجدية المتيمة التي تتجلى فيها روح الصحراء. كما أن الرواية عميقة في تصويرها لنزعات وتناقضات النفس الإنسانية بحنينها الموجع إلى الجنة المفقودة منذ بدء الخلق، وانجذاباتها المأخوذة ببريق الدنيا المغوية وسراباتها الخدّاعة، وهي تستحثنا أن نتلفت، أن نأمل، وأن نصغي للأصوات الأكثر خفاءً، لنداء الحقيقة في داخلنا، هنالك حيث توجد الجنّة الحقيقية.
ولا تكتفي المجوس بتتبّع خطى المهاجرين الرُّحَّل في الصحراء، الباحثين عن الحقيقة أو الطامعين في الذهب والسلطة، بل تستنطق حبات الرمال، ومعزوفات الرياح، وإيحاءات الجبال المتلفعة بالصمت والحكمة، وبوح السكون، ورطانة الماء، ونجوى الأعشاب والأشجار، والأسرار المخبوءة في خفايا الكائنات التي تدبّ على أقدامها، أو تزحف على الأرض، أو تطير في السماء، لتخلق منها حكايات وأساطير تُمتع النفس، وتُطرب الوجدان، وتُثري المخيلة، وتمنح القارئ تجربة روحية فريدة تستحق أن تعاش.
إبراهيم الكوني - إبراهيم الكوني كاتب ليبي طارقي يؤلف في الرواية والدراسات الأدبية والنقدية واللغوية والتاريخ والسياسة. اختارته مجلة لير الفرنسية أحدَ أبرز خمسين روائياً عالمياً معاصراً، وأشادت به الأوساط الثقافية والنقدية والأكاديمية والرسمية في أوروبا وأمريكا
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ مراثي أوليس ❝ ❞ برق الخُلب ❝ ❞ نزيف الروح ❝ ❞ رسول السماوات السبع ❝ ❞ يعقوب وأبناؤه ❝ ❞ كلمة الليل في حق النهار ❝ ❞ نداء ما كان بعيدًا ❝ ❞ من أساطير الصحراء ❝ ❞ قابيل.. أين أخوك هابيل ❝ الناشرين : ❞ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ❝ ❞ دار التنوير للطباعة والنشر ❝ ❞ الدار المصرية اللبنانية ❝ ❞ دار كيان للنشر والتوزيع ❝ ❞ رياض الريس للكتب والنشر ❝ ❞ دار الآداب ❝ ❞ الدار الثقافية للنشر ❝ ❞ دار سؤال للنشر و التوزيع ❝ ❞ دار النهار للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ الدار الجماهيرية للنشر و التوزيع و الاعلان ❝ ❞ دار الملتقى للطباعة والنشر ❝ ❞ دار الصدي ❝ ❱
من كتب الروايات والقصص - مكتبة القصص والروايات والمجلّات.