خيولنا التي لاتصهل
2008م - 1446هـ
تساورني شكوك كثيرة فيمن يقولون لنا إن شعوبنا ليست مؤهلة للديمقراطية ـ وكأنها أقل شأنًا من شعوب أخري مثل جورجيا وأوكرانيا ورومانيا ـ بالتالي فينبغي أن تتلقي «جرعاتها» علي مهل، وعلي فترات محسوبة بدقة. ذلك أنني لا أعرف كيف يمكن قياس حالة «القابلية للديمقراطية» عند الناس. وما مؤهلات أو شرعية الذين يفتون في الأمر علي ذلك النحو؟ ومن الذين نصَّبهم وكلاء وأوصياء علي الممارسة الديمقراطية؟ وما المعايير التي يعتمدونها سواء في تحديد حجم وطبيعة «الجرعات»، أو في تقدير الفترات التي ينبغي أن تمر بين جرعة وأخري؟ ولا أتردد في القول بأن أغلب الذين يروجون لهذا الكلام لا يريدون به في حقيقة الأمر سوي إطالة عمر الأوضاع غير الديمقراطية، وحماية الاستبداد واستمراره. أما بقيتهم فإنهم يخشون أن يلفظهم الشعب وبالتالي يهدد مصالحهم، إذا ما أتيح لجماهيره أن تعبر عن إرادتها الحقيقة وخيارها الذي تنحاز إليه. فيما يتعلق بمصر بوجه أخص، فإن ترديد ذلك الادعاء يمثل إهانة للذاكرة المصرية، التي عرفت ممارسات الخبرة الديمقراطية منذ قرن ونصف قرن علي الأقل، حين تشكل في القاهرة «مجلس شوري النواب» في عام 1866م. ويؤرخ به بحسبانه بداية للممارسة الديمقراطية التي تواصلت بعد ذلك ولم تنقطع. إن السؤال الكبير والمهم ليس ما إذا كانت شعوبنا مستعدة للديمقراطية أم لا، وإنما هو ما إذا كانت إرادة التوجه نحو الديمقراطية الحقيقية متوافرة أم لا.
. المزيد..