❞ رواية محراب عينيكِ ❝ ⏤ صفاء حسين محمود العجماوي
إلى من أهدتنيه الأقدار في أحلك أيام حياتي ظلمة، فأنارها، وعبر بي البرزخ ليعيدني إلى عالم الأحياء، وأرشدتني عينيه، لأكتشف ذاتي، واستعيد أتزاني، وأقع في حب نفسي من جديد.
إلى من أحبني بقلب طفل، ببراءته ومرحه وشقاوته، وخجل شاب لم يقع في الحب من قبل، وأب يخشى على فتاته من نسمة عابرة تهز رموشها، وشيخ يتعكز عليَّ لنسير معًا، وإلى الأبد.
إلى من جعلني أكتب كما لم أكتب من قبل، وهو لا يدري أن ما أكتبه له وحده دون سواه، فكان ألهامي، ونبع كلماتي، وراسم أحرفي، وسيد خيالي.
إليك وحدك أهديك حكاياتي.
- على يابسة أحد كواكب الأرض التسع المتوازية، جرت أحداث قصتنا هذه. ربما كان هو كوكبنا هذا. لا أحد يمكنه الجزم بذلك، وأن لم نستطع تحديد المكان، فأنه بأمكاننا أن نحسم الجدل حول الزمن، بأنه كان في منتصف العصور الوسطى.
صراع الممالك هو شعار مرحلة أقتتال أنشأت دول، وأنهت أخرى عبر سفك الدماء، وتمزيق الأرواح، ونهش الأجساد. الكثير منها بلا شفقة أو رحمة، فالشراسة والضراوة والعنف ثلاثية تملكت الملوك والجيوش، وطالت بعض رجال الدين، فأصبح العالم يحكمه المسوخ، فقد ماتت فيهم الإنسانية، وشيعت الرحمة من قبل أن يتدفق الهواء إلى رئاتهم، ليصرخوا صرخة الميلاد الأولى.
غير أن الحب دائمًا ما يولد في أشد البيئات ضراوة، ليرمم كسور، ويداوي جروح، ويشفي تفوس. يزرع المحبة في أقسى القلوب، فتزهر رحمة وحنان، ويحصد مودة ورقة. أنه دواء كل علة أصابت أهل الأرض على أختلاف أنواعهم، وهنا حيث الدمار والموت بدأ كل شيء بنظرة عين.
- أوراق الشجر متراكبة بكثافة تحجب أشعة شمس الخريف الصباحية في أصرار، ليلتحم ظلالها ملقية بها خارج الغابة الوارفة على الطرق المعبدة، التي لا تنام من وقع سنابك الخيل. الغابة تتوسط مملكتين قيشو المسيحية الكاثوليكية، وأندلو المسلمة السنية، فأصبحت مرتعًا لفخاخ الفرسان من كلا الجانبين، حتى أن تربتها تخضبت بحمرة الدماء المسفوكة، فأستحقت عن جدارة أن تسمى غابة الموت.
أشعة الشمس تطرق نوافذ أحد قصور قيشو المشرفة على غابة الموت ظنًا منها أنها توقظ النيام، ألا أن ساكني القصر يبدو أنهم لا يعرفون للنوم معنى.
- خصلات شعر قصيرة مموجة سوداء أختلطت بأخرى ثلجية تتراقص مع نسيم ليلة غاب قمرها، وأنار ظلمة سمائها نجوم نثرت، كدقيق يعبث به رضيع تعلم كيف يقبض، ويبسط كفه بمرح. أضفت تلك الخصلات الرمادية المجمل عشر أعوام على الأقل فوق عمر صاحبها الشاب الذي يفخر بأن كل شعرة تبدل سوادها ببياضها كانت في سبيل مملكته، لذلك أستحق لقب ثيو سيد فرسان قيشو.
- أن الحياة رحلة قارب في عرض البحر، لا يصل إلى الشاطئ إلا عند موت قائده، وقد قارب مركبي على الوصول إلى شاطئه" همست ولادة بذلك في أذن صفوان، بعدما أخبرتها كاتي بعدم قدرتنا على السفر في اتجاه غرنو، ففرسان قيشو يقومون بقطع الطريق، ولن يسمحوا لنا بالتقدم، ولو لبضعة أمتار. يجب علينا الاختباء لفترة تسمح لنا بالوصول إليها
- أرخي الليل ستائره باكرًا، وغاب قمره في طور المحاق؛ واحتشدت نجومه بكامل بهائها لترشد المسافرين والتائهين. ها هو ذا نجم الشمال يسطع بفخر، كملك جلس على عرشه، يتعطف على رعيته بالهبات. نسمات باردة منعشة تجوب الأرجاء، تهز أوراق الشجر، وتعبث بشعر ثيو المتربع أسفل شجرة ياسمين في حديقة قصرة الخلفية، وحيدًا، يظن بأن لا أحد يعلم بمكانه. شاردًا في صفيته التي رأي النجوم تتشكل في وجهها. عينيها هي السهم الذي أصاب قلبه بالحب، تشعان غضبًا وبأسًا وجمال. لقد أدخلته إلى محراب عينيها راهبًا متبتلًا، يرتل أهازيج العشق، ويترنم بأحاديث الهو
صفاء حسين محمود العجماوي - مؤلفة ولها العديد من الاعمال الروائية
❰ لها مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ شطرنج ❝ ❞ محراب عينيكِ ❝ ❞ جريمة المصعد ❝ ❞ عودة راسبوتين ❝ ❞ همسات من الخيال ❝ ❞ في ضيافة أجاثا ❝ ❞ يٌحكى أن ❝ ❞ إليك انت ❝ ❞ رسالة لن ترسل أبداً ❝ الناشرين : ❞ جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ❝ ❞ دار الراية للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار بدائل للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار حروف منثورة للنشر الإلكتروني ❝ ❞ مرايا للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الخان للنشر والتوزيع ❝ ❞ المثقفون العرب للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الميدان للنشر ❝ ❞ دار ق للنشر و التوزيع ❝ ❞ دار المغارة للنشر الالكتروني ❝ ❱
من كتب الادب الاجتماعى أدبية متنوعة - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.