❞ كتاب مرسال ❝ ⏤ محمد صلاح راجح
البشر رواة حكايات، كلنا حكايات تمشي على الأرض. كيف أعيش من دون أن أحكي، أو يُحكى لي! في رائعة الإيطالي "بوكاتشيو" (الديكاميرون)، الطاعون يجتاح بلدًا، ويختبئ الناس لعشرة أيام حتى يرحل الوباء، لجأوا لبيوتهم، وشرع كل منهم يحكي حكاية، يلوذون بها من الفزع وساعات الملل، في فرارهم من الموت لجأوا للحكايات. أكثر ما أسعدني ليست ممارستي للجنس، أو حتى عطر ڨيڨيان وملمسها، إنما هو الصوت الساحر للدقات، ذلك السحر الذي انطبع على الورق، الكلمات.
- شكلك مبسوط. قالتها ڨيڨيان وهي تداعب الكاكاو في كوبها بالملعقة. اكتشفتُ أن ڨيڨيان تعرف وسط البلد أكثر مني، اختارت اليوم أن نجلس في مقهى "زهرة البستان".
- عرفت أكتب.
نظرَت في عيني مليًّا وابتسمَت لي: "كتابة ترضيك؟"، نفثت دخاني ورشفت من قدح الكاكاو: "سيناريو، طلع كويس"، أشرق وجهها: "جميل، وشي حلو عليك". هذه الباريسية الساحرة، أخّاذة كالشمس، الفارق أن الشمس لا تمتلك كل هذا السحر في عينيها.
تمشينا وأنا ألف خصرها بيدي، منحتني ابتسامات تضيء الليل، غبنا لساعتين داخل مكتبتي الأثيرة في شارع هدى شعراوي، ظللت واقفًا أمام أرفف الكتب، فررت كثيرًا في أوراق رواية ضخمة لتولستوي، (البعث)، هل يمكن أن يُبعث حبي من جديد مع ڨيڨيان؟ لماذا إذن هذه الغُصة التي تُمرّر حلقي وتُنغّص مشاعري؟
نعم، هي مريم، اكتشفت أنني أخذت ڨيڨيان لنقف سويًا أمام الفتارين نفسها، والمحال نفسها، ونجوب الشوارع نفسها، التي كنت أصطحب مريم إليها. جذبتني ڨيڨيان من يدي لتريني كتابًا اختارته، (باريس عيد - وليمة متنقلة) لهمنجواي، وكيف لا تختاريه يا ڨيڨيان! زدتُ عليه بأن أهديتها رواية (ألف شمس ساطعة)؛ انبهرتْ بالعنوان، غير أنكِ بعدها لن تنسي خالد حسيني أبدًا، فأنا اخترت هذه الرواية لأنها تليق بابتسامتك.
محمد صلاح راجح - كاتب وسيناريست مصري
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ يبقى وحيدا ❝ ❞ مرسال ❝ الناشرين : ❞ دار منشورات إبييدي ❝ ❱
من كتب التنميه البشريه - مكتبة كتب التنمية البشرية.