📘 قراءة كتاب تخوم السرد.. أرخبيل الحكايا أونلاين
تخوم السرد.. أرخبيل الحكايا
”مقدمة في التقنية وسوسيولوجيا
القصة القصيرة في السودان“
(السرد والرؤى I“
صدر عن دار رفيقي للطباعة والنشر والتوزيع، جوبا/ دولة جنوب السودان، ²⁰²⁰. وهو بمثابة الجزء الأول من [٦ أجزاء] تمثل موضوعات مشروع (السرد والرؤى)، وقد خصص كاتبه [هذا الجزء الأول] لتناول القصة القصيرَّة في السودان.
في هذا الجزء يسعى المؤلف لإلقاء الضوء على التجربة السردية في القصة القصيرة السودانية، من خلال رموز أو كُتاب، ينتمون لأجيال مختلفة. وعبر تتبع نظري وتطبيقي لمسارات السرد، في النماذج التي اختارها.
يتناول الكاتب الرِّحلَّة الشاقة الطويلة للسرد في السودان، منذ ثلاثينيات القرن الماضى حتى الآن.. والتي استلهمت فيها الكتابة السردية من التراث تيمتها. ومن الواقع خصبه. ومن الأشكال الحداثية الغربية تقنياتها، المبدعة.
فيشير إلى ما تم من حُوَّار النُّصُوص فى السودان، مع النُّصُوص الأخرى فى مصر، والعالم العربي مشرقه ومغربه، وأفريقيا، وأمريكا، وأمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا..
ما أثمر تجربة ناضجة فى خاتمة المطاف: شكلاً ومضموناً، عبرَّت عن خصوصية السودان كمفترق طرق، تلتقي وتتقاطع عنده حضارات أفريقيا العريقة، وحضارة العرب. وتقنيات الغرب. والحضور الإنساني لثقافات العالم في النص السردي في السودان.
كذلك يتتبع تطور هموم السرد وتقنياته وأدوات تعبيره الفني من جيل الرائد أب القصة القصيرَّة في السودان، عثمان علي نور ومجايليه، وصولاً إلى جيل التسعينيات من القرن الماضي.
وفيما مثلت قصة [المكان] لمعاوية محمد نور، قفزة نوعية متقدمة في السرد الوليد، كشفت أيضاً عن عدم إمكانية، إعتبارها جزءً من تطور تجربة سرد يتلمس خطوات تبيئة ذاته وتنميتها، وتطوير أشكاله ومضامينه، وتحسس تقنيات غريبة على مُنَّاخه الثقافي والحضاري، وهو لا يزال بعد يخطو خطواته الأولى!
فقصة المكان لمعاوية نور، كانت بمثابة قفزة الفهد الدياليكتيكية.. والسابقة لزمنها في مسار السرد في السودان. الذي يسعى وقتها عبر جيل الرواد، كعثمان علي نور والطيب زروق استخدام تقنيات بسيطة غير معقدة، وتناول موضوعات بسيطة، بلغة بسيطة ومباشرَّة.
إلى أن بدأت ملامح التقنيات الحديثة تتضح مع جيل الستينات ليرسي دعائمها جيل عيسى الحلو ومحمود محمد مدني، باستيعاب أشكال معاصرَّة لفن السرد. لتتكرس هذه الأشكال والتقنيات وتتجذر في بنيات السرد في السودان، مع نبيل غالي وإبن خلدون وغيرهم من أقلام سبعينيات القرن الماضي.
ليتوقف الكاتب في قراءات لنماذج الثمانينيات خلال تجربة القاص عادل القصاص والتسعينيات خلال تجربة القاص عمر الصايم، لنرى أن القصة القصيرة منذ السبعينيات قد تمكنت بالفعل من قطع شوط بعيد جداً.
كذلك يعرج الكاتب إلى سرد الرواد الجنوب سودانيين [كجوناثان ميان، تعبان لينفق، أتيم ياك، لينو دينق، جاكوب أكول، أغنيس لوكودو، فرانسيس فيليب وفرانسيس دينق] الذين ترجمت لبعضهم نصوص إلى العربية خاصة في الثمانينيات (بروفيسور علي المك) ونشرت هذه النصوص في كلٍ من الملف الثقافي لصحيفة الأيام، ومجلة الاذاعة والتلفزيون.
لكن لم تتواصل حركة الترجمة تجاه هذا السرد الجنوب سوداني المكتوب بالانجليزية، فيما تلى الثمانينيات من القرن الماضي، حتى مطلع الألفية الثانية ليتجدد الاهتمام بترجمته عن طريق (مركز الدراسات السودانية) الذي نشر لبروفيسور فرانسيس دينق بذرة الخلاص، وكان قد نشر له فيما سبق طائر الشؤم.
ظل السرد [الجنوب سوداني المترجم إلى العربية] قليل جداً، إلا أن هذا القليل الذي وصل إلى القارئ، ارتبط بأفكار محددَّة كالرق وتجارب الحرب، والهوية والحكاية الشعبية والحياة الطقوسية.
إلى جانب تناوله للحياة البائسة الرَّثة لضحايا الحرب الطويلة، في معسكرات النزوح، وكنابي التهجير الداخلي وهوامش المدن. والتمزق في الإنتماء بين شطري الوطن الواحد، والنفي الوجودي لإنسان فككت الحرب مجتمعاته الإفريقية المحلية المستقرَّة، زاجة به في أتون صراع ثقافي إثني ديني معقد.
هذا القليل الذي تُرجم من الانجليزية إلى العربية، أيضا خلف أسئلة حارقة تنامت وتعملقت بعد إتفاقية السلام وما ترتب عليها من ميلاد دولة جديدة في الاقليم والعالم.
لقد رسم السرد الجنوبسوداني، حياة شخوص مهمشين في قاع مدن النزوح. يستشرفون واقعاً جديداً، تمخض عن صراع طويل، لوطن أطاحت بوحدته عوامل عديدة، يتداخل فيها الآيديولوجي والثقافي والاجتماعي والسياسي، بتدخل مصادر الهام جديدة في السرد الجنوب سوداني، تعتمد على الواقع الجديد للدولة الوليدة، التي مرَّت بكل آلام وتمزقات مخاض الولادة، ومعاناة رعاية هذا المولود الجديد.
ليتشكل في سرديات جيل جديد من الرواد في الكتابة بالعربية كآرثر غابريال، إستيلا قايتانو، بوي جون، شارلس بيط وربما آخرون!.. عالم جنيني يتكوَّن في السرد، يسعى للخروج من أسر مصادر الإلهام والآلآم القديمة، إلى رحاب عالم أوسع ترتبط فيه الأسئلة المحلية بأسئلة السرد الوجودية والكونية، وهي تُسائل هؤلاء الشخوص في {الواقع} وظلالهم بين {إحداثيات النص}، عن موقعهم من هذا العالم وفي هذا الكون الآن وغدا!
فلطالما كان السرد ولا يزال، أقوى تعبيرات هُوية الإنسان في رحلة المكابدة لأحلامه وتصوراته، خلال الحركة الانطلوجية اليومية، التي مركز همومها موقع هذا الانسان من التغييرات والتحولات في محيطه، والتي تجري وقائعها بايقاع متسارع، يكاد يعجز بايقاعه المتردد عن ملاحقتها.
ويشير المؤلف في هذا الجزء من كتابه قائلا: ”ما ضمناه هنا من قراءات حول السرد الجنوب سوداني، يتصل بالقراءات موضوع [هذا الفصل]، والتي يعود تاريخ كتابتها إلى العام ٢٠٠٥، أي قُبيل إستقلال أشقائنا في جنوب السودان عن السودان. ولذلك آثرنا تركها كما هي. ووفقا لخطة هذا الكتاب الذي بين أيديكم الآن، والذي تأخر صدور قراءاته المتفرقة هنا وهناك، لسنوات طويلة، في كتاب واحد. بمثابة المقدمة لكل ما يلي من أجزاؤه“
كما يُشير المؤلف إلى أن [الجزء الرابع من مشروع السرد والرؤى]، والذي لم تكتمل كل قراءاته حتى الآن، فما أنجز عمليا هو القراءات المتعلقة بسرديات: فرانسيس دينق، أغنيس لوكودو، آرثر غابريال، إستيلا قايتانو، بوي جون وشارلس بيط. قد خصص كأحد أجزاء مشروع السرد والرؤى للقصة القصيرة والرواية في جنوب السودان.
ويمضي في القول: نعمل الآن على إجراء مزيد من القراءات خاصة للقصاصين والروائيين الذين يكتبون باللغة الانجليزية، والذين طلبنا ما توفر من أُسروداتهم من أمازون، لترجمتها ودراستها، لتنضم قراءاتنا فيه إلى ما أنجزناه من قراءات في السرد الجنوب سوداني [خاصة الرواية].
[فالسرد الجنوب سوداني] هو موضوع [كتابنا الرابع من سداسية السرد والرؤى]، كما ذكرنا.. والجزء الرابع هو ما ظللنا نعمل عليه، وهو شاغلنا بعد الأجزاء الثلاثة الأولى التي تخضع جميعها لمرحلة المراجعة الأخيرة الآن. باستثناء هذا الجزء [الأول] الذي بين أيديكم الآن، فقد إكتملت مراجعته الأخيرة للتو.
يشير المؤلف إلى أن إهتمامه بتخصيص كتاب كامل في سداسية السرد والرؤى، للسرد في جنوب السودان، لاعتقاده بأن السرد الجنوب سوداني، لم يُحظى من قبل الكتاب والنقاد السودانيين سوى بالإهمال، وربما التجاهل. ولذلك يزعم أن الجزء المخصص من مشروعه للسرد الجنوب سوداني هو الأول من نوعه، ويسد ثُغرَّة كبيرَّة في المشهد الثقافي للبلدين الشقيقين.
وإتصالا بذلك، يتناول المؤلف في الفصل الآخير من هذا الجزء الذي بين أيديكم، نماذج من القصة القصيرَّة عند أغنيس لوكودو، آرثر غابريال واستيلا قايتانو، بمثابة مقدمة عامة تمهد للسرد والرؤى في الجنوب السوداني.
سنة النشر : 2020م / 1441هـ .
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
عفواً..
هذا الكتاب
غير متاح للتحميل، حفاظًا على حقوق دار النشر. ،، يمكنكم شراؤه من مصادر أخرى
🛒 شراء " تخوم السرد.. أرخبيل الحكايا " من متاجر إلكترونيّة
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف: