❞ كتاب في الصورة مقال مستتر ❝ ⏤ عبد الباسط محمد قندوزي
إنّ دراسة الأحداث الفنّيّة زمن الكلاسيكيّة باختلاف تجلّياتها، وتعدّد روّادها، وتنوّع مواضيعها، لا يحيد عن كون الفنّان وبتغيّر الظّروف المحيطة يبقى رهين القواعد الأسلوبيّة في الفنّ التّشكيلي سواء من حيث موضوع الرسم، أو طريقة العرض، أو المقاس المتّفق عليه. وبالرّغم من التّقلّبات السياسيّة والتّغيّرات الاجتماعيّة التي طرأت على الشّعوب على امتداد القرون السادسة والسّابعة والثّامنة عشر، فإنّ الوفاء للأكاديمية ظلّ مقياسا لترتيب الفنّان ضمن المنظومة الفنّيةّ، وإبقاء النّظرة للفنّ التّشكيلي على قاعدة أولويّة الحكّام ورجالات الدّين، والبلاط والكنائس، ومن بعدها الشّخصيات المقرّبة لهذا وذاك، وكذلك الحفاظ على صالونات العرض ومواقع الرّسم التي لا تتجاوز أطر محدّدة تمنع كلّيا الخروج من محيطها. ومع ذلك يبقى الفنّان تلك الذّات الحسّيّة المحكومة بخزّان عاطفي شعوري يصعب ربطه بطلب مقنّن، وعسير أمر تجريده من لمسة متململة مريدة للتّخلّص من سجن الوصاية وسجّان المقولات المباشرة أو المشار إليها، وهو ما يثير الذّهن ليبحث عن فرضيات جالت في الخاطر حول تفصيلات أحاطت بمناخ تواجد الفنّان التّشكيلي في تلك الحقبة، وعن إمكانيّة وجود تصوّر يؤكّد تخلّص الرّسّام من روابط الشّرط والالزام وتفعيل طلباته الذّاتيّة كلّما أمكنها التّعبير عن الأنا ورغبتها، وحضورها، واختياراتها، والتدفّق الوجدانيّ داخلها، وهذا يفترض وبقوّة إعادة التّبصّر في الشّواهد التّشكيليّة للكلاسيكيّ ودخول أغوارها وتقصّي رجع الصّدى في ذاته، وربطها بغائيّة الفنّ، وحول إن كان بلوغ الغاية المرتقبة من عمله يشفي غليل أصحاب السّلطة وإن لا همّ لهم حضور بعض التّفاصيل المتّصلة بروح الفنّان والتي قد ترتبط بطرائق توزيع العناصر في فضاء اللّوحة أو الجداريّة، أو قد تتماهى مع ميولات النّفس في استخدام مجموعة لونيّة، أو اقتناع الذّات أصلا بالمرسوم حبّا للموضوع وتقديرا له، ودفاعا عنه، فيسعى إلى خلق العالم الذي توافق قبوله مع حاجة السّلطتين الدّينيّة والسّياسيّة.
إشارات كثيرة قد تحيل إلى حضور الأنا داخل العمل الفنّي الكلاسيكي معمارا وجداريات ولوحات فنية دون تعارض مع سلطة الاكاديميّة الفنّية ومع غاية الفنّ الذي حدّدته القوّة الانسانيّة المسيطرة على النّسيج الاجتماعي آنذاك، لكنّ السؤال الحاضر بشدّة وفقا لهذه الفرضيّة يختزل في لفظ "أين"، أين موقع الفنّان؟ وأين تتمظهر صورته؟ وأين تتجلّى اختياراته؟ وأين تمرّد وانفلت من الرّقابة المسلّطة؟ وأين سرق اللّحظة التي تخصّه والتي تشفي نرجسيّة الذّات خاصّته؟
عبد الباسط محمد قندوزي - - عبدالباسط محمّد قندوزي.
- درس وتخرّج في المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس.
- متحصّل على الشّهادة الوطنيّة للأستاذيّة في الفنون التّشكيليّة في اختصاص الحفر الفنّي.
- بعد حصوله على شهادة الكفاءة المهنيّة درّس أستاذا بالتعليم الثّانوي في اختصاص التّربية التّشكيليّة.
- يعمل حاليّا متفقّدا للتعليم الاعدادي والثّانوي في اختصاص الفنون التشكيليّة.
- نشر مقالات في مجلّات الكترونيّة وورقيّة.
- يكتب القصّة القصيرة والخاطرة وقصص الأطفال.
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ في الصورة مقال مستتر ❝ ❞ صوت الكادحات ❝ ❞ تخاريف ❝ الناشرين : ❞ رنة للنشر والتوزيع والطباعة ❝ ❱
من كتب الفنون - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.