📘 قراءة كتاب هل أفضل أيام البشر قادمة؟ أونلاين
منذ عصر التنوير الأوروبي وما تلاه، كان لدى العالم الغربي اعتقاد دائم بأن أحوال البشرية تتحسن باستمرار عبر تطور المؤسسات والأفكار والابتكارات وأنماط الحياة الجديدة. وفي العصر الحديث، من المفترض أن تتسارع وتيرة التقدم مع التقنيات الجديدة التي تمكّن الأفراد والمجتمعات، لكن هل التقدم حتمي بالفعل؟
يزعم الناقدون لهذه الفكرة أن الحضارة الإنسانية اختلفت بالفعل لكنها لم تتقدم ولم تصبح أفضل، وعلى مدى 2.5 من القرون الماضية، ينظر بعض الفلاسفة والمفكرين للتقدم بطريقة أخرى، باعتباره "أيديولوجيا وليس حقيقة" أو طريقة للتفكير بالعالم بدلا من وصفه.
ويطرح كتاب "هل أفضل أيام البشر قادمة؟" الصادرة ترجمته العربية حديثا عن دار نابو للنشر العراقية، هذه التساؤلات من زوايا فكرية واجتماعية وفلسفية مختلفة. ويمثل الكتاب نوعا من المناظرة بين أربعة آراء متعددة للكاتبين السويسريين: آلان دو بوتون ومات ريدلي، وكلا من الباحث الأميركي في اللغويات وعلم النفس المعرفي ستيفن بينكر، والصحفي البريطاني مالكوم غلادويل.
وفي الكتاب والمناظرة دلل آلان وريدلي على وجهتي نظرهما المتفائلة بمجموعة من الإحصاءات التي تظهر تحسنا مطردا في رفاهية الإنسان الحديث، وفي المقابل شدد الفريق المتشائم على خطورة مشكلات البيئة المعاصرة وأثمان التقدم الفادحة، ونظروا بنوع من القلق أو الحذر للتوسع في استخدام الروبوتات وتهديداتها للبشر.
ويمكن تلخيص حجة المتفائلين الرئيسية بأن مؤشرات التقدم الإنساني -مثل: الثروة والصحة وقضايا عدم المساواة- تظهر تحسنا كبيرا، في المقابل يعترف الصحفي البريطاني غلادويل بذلك، ولكنه يشدد على احتمال وقوع كارثة كبرى (حرب نووية وما إلى ذلك).
نقاش الجائحة
وقال المترجم العراقي نصير فليح إن جائحة كورونا حولت موضوع الكتاب من تصنيف شديد الأهمية إلى موضوع الساعة أيضا، وتابع أن "المخاوف من تهديدات الوجود البشري جراء التغيرات المناخية (والتي لا يزال البعض يعتبرها الأكثر خطرا)، أو الحروب الإلكترونية، أو حتى الصراعات النووية (التي كانت على وشك الاندلاع في لحظة من لحظات الماضي)، هي مواضيع تشغل العالم بشدة".
واستدرك فليح "لكن في عالمنا العربي نحن أقل اهتماما بهذه القضايا عادة، ذلك لأن انشغالنا بالصراعات السياسية والعسكرية والاقتصادية مستمر، كما أننا -من جهة أخرى- حتى لو اهتممنا بشيء من ذلك، يصعب تقديم ما هو مهم ومفيد بشأنه".
وعندما جاء وباء كورونا، تبين أن الأوبئة أيضا يجب إدراجها ضمن قائمة التهديدات الوجودية للبشر في عالم اليوم. إنه بتعبير آخر "إنذار شديد اللهجة من الطبيعة للإنسان".
ويقول فليح -الذي ترجم المناظرة المكتوبة إلى العربية- إن كلا من المتناظرين الأربعة له مبرراته القوية، المدعمة بالإحصاءات والأرقام والحجج الرصينة؛ لكن يبدو أن جائحة كورونا عززت من حجج المتشائمين وسلامة منطقهم كثيرا".
وفي الحجر الصحي، بدا أن طريقة ومعنى القراءة يتغيران، كون الأزمات الوجودية الكبرى تعيد الإنسان إلى ما يمكن أن نسميه "البنية التحتية" للحياة العادية التي كان يسير ويعيش فيها -بحسب فليح- وتعيده إلى أسئلة الوجود والحياة والموت والمعنى.
وبالتالي، فإن الكثير في شعوره وفكره يتغير في حالات كهذه، بما في ذلك معنى وطريقة القراءة أيضا. وفي حال كتاب يتناول مستقبل البشرية في وقت كهذا، فإن الموضوع لم يعد فلسفيا أو فكريا أو تنبُّئيا، بل واقعا معيشا.
سلاح ذو حدين
وبسؤاله عن التقدم المعاصر، يعتبر فليح أنه سلاح ذو حدين "فقد حسّن مستويات المعيشة مثلا، وقضى على الكثير من الأمراض المعروفة، وزاد القدرة الابتكارية، وجوانب أخرى، لكنه أيضا زاد المشاكل الروحية والنفسية وأصبح القلق يسمى مرض العصر".
كما أن التقدم المعاصر جعل احتمالات الأخطار غير المتوقعة أو غير المحسوبة أكثر شمولية وجذرية. وهو ما يندرج ضمن أطروحة "مجتمع المجازفة" أو "مجتمع المخاطرة" الذي طرحه بعض المنظرين والمفكرين قبل عقود، وقالوا إن البشرية بدأت بدخوله فعلا منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك بسبب التدخل المستمر للإنسان في الطبيعة، الذي وصل درجة غير مسبوقة.
وأصبح هناك "احتمالات خطيرة"، حتى لو كانت قليلة أو نادرة الحدوث، فإن حدوث واحد منها قد يشكل خطرا وجوديا على البشر برمتهم، بحسب المترجم العراقي الذي يرى في كورونا والتغيرات المناخية والحرائق الأسترالية، علامات متزايدة على فقدان البشر السيطرة على بيئتهم نتيجة تدخلاتهم المستمرة فيها.
وفي المناظرة، يدعي غلادويل أن التاريخ ليس تكرارا بالضرورة، بينما يزعم بينكر أن التاريخ يمكن أن يملي بشكل صحيح ما هو على الأرجح سيحدث في المستقبل.
سنة النشر : 2019م / 1440هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'