📘 قراءة كتاب إختلاق الميثولوجيا أونلاين
من اختلق الميثولوجيا؟ وما هي حدود هذا الميدان المسكون بحكايات لا يطالها النسيان، وتبقى مقترنة بلذة روايتها وبالحرص على تفسيرها وتأويلها؟ وإذا كان صحيحاً أن كل قارئ في العالم يعتبر الأسطورة أسطورة بالفعل.
فما الذي يجعل علم الأساطير لا يزال عاجزاً عن التمييز، بدقةٍ بين قصةٍ وأسطورة؟
وعلى غرار سمكة ذائبة في مياه الميثولوجيا، فإن الأسطورة شكلٌ لا يمكن العثور عليه: فلا هي نوعٌ أدبي، ولا هي سرد ذو خصوصية. لكن الحديث عن الميثولوجيا كان ولا يزال، وبصورة مباشرة أو مواربة، يعني الحديث بالإغريقية أو انطلاقاً من بلاد الإغريق.
من هنا كانت ضرورة البحث في نسب الميثولوجيا، لكي نعيد التفكير فيها، كمادة معرفة، ومادة ثقافة أيضاً...
هذا الكتاب مترجم من عنوانه الفرنسي L'invention de la mythologie - يتناول ظاهرة الأساطير التي عرفتها المجتمعات البشرية في العصور القديمة ، و التي قد لا تزال بعض المجتمعات تعرف أشكالاً منها. و هو يتناول بشكل أساسي *الأساطير الإغريقية* كونها على ما يبدو الأقرب فكرياً و جغرافياً منه ، لا سيما أن الأساطير اليونانية نالت حظاً في الكثير من الدراسات اللاحقة و التأملات الفلسفية للمفكرين الغربيين و غيرهم. نذكر هنا كتاب *هل اعتقد الإغريق بأساطيرهم؟* من تأليف بول فاين و الذي كان بحثاً متميزاً متألقاً في التساؤل عن حقيقة الأسطورة و هل كانت الأساطير تشكل معتقدات حقيقية يؤمن بها أصحابها أم لا. يمكنني أيضاً أن أحيل لكتاب *أصول الفكر الإغريقي* لجان بيير فيرنانت.
قراءة الكتاب تسلتزم إلماماً – و لو على وجه العموم – ببعض الأعمال الأساسية التي تركها الإغريق مثل *الأوديسة* و *الإلياذة* حتي يستطيع القارىء أن يكون على نفس الخط الذي يتحدث عنه الكاتب لدى مناقشته جوهر الأساطير و ماهيتها.
*الفكرة الرئيسية للكتاب*
الفكرة الأساسية التي يدور حولها الكتاب هو اختلاق الميثولوجيا / الأساطير و أنها مبتدعة لا أساس لها من الصحة. قد تبدو هذه الفكرة ليست جديدة تماماً فالكثير من المفكرين توصلوا لهذه النتيجة بل إن بعضهم كحال *بول فاين * على سبيل المثال يقولون أن الإغريق أنفسهم لم يكونوا يعتقدون بأساطيرهم بل كانوا يقصونها و يستمعون لها على سبيل التسلية.
بيد أن إغلاق مسألة الأساطير عند هذا الحد و التوقف عند هذه النتيجة النهائية المحتمومة كما يبدو سيبخس البحث حقه و يبحث القضية مركزيتها في الفكر اليوناني و الفكر البشري عموماً ، فالأساطير – نعم ليست حقيقية – و لكنها بدون شك باب خصب للخيال البشري و للدراسات المتعلقة بالخيال و بفضاء هذا الخيال و بحدوده و على قدرته على تخطي هذه الحدود و قد تكون في وجهة نظري أيضاً مدخلاً للتأمل الابسيتمولوجي في ماهية المعرفة البشرية و بالخصوص المعرفة المستمدة من الخيال و الميتافيزيقيا.
الكتاب طبعاً لا يتوقف عند التسليم بهذه النتيجة بل يناقش أبعاداً مختلفة لظاهرة الأسطورة و للنزاعات الفكرية التي شكلتها في المجتمع الاغريقي نفسه تاريخياً بين مؤيد و معارض و ما خلقته تلك الظاهرة لاحقاً من تأملات فكرية بدأت في الظهور في القرون المتأخرة لاسيما القرن الثامن عشر – عصر الأنوار – و الذي عاد لدراسة الأسطورة من باب مختلف عن المدخل التقليدي.
سيتبع ذلك العصر تطوراً فكرياً ملحوظاً إزاء النظرة لظاهرة الأسطورة سيصل لحد إعتبارها رديف للعلم و المنطق.
نحن الآن في عصر منفتح تماماً فكرياً على ظاهرة الأسطورة الموغلة في القدم يتقبلها و يتأمل فيها و يعتبرها جزء لا يتجزأ من الطريق لاكتشاف الحضارة الإنسانية الأولى و فهمها ، فهي لم تعد مجرد خرافات و أوهام لا أساس لها من الصحة.
*هوميروس و هوزيدوس*
يعتبر هذين الإسمين أحد أبرز أعلام الأسطورة في العصر الإغريقي. هوميروس معروف بتركته الأسطورية الثقيلة التي ستطبع تاريخ الفكر و حتى العلم – كما في حال حصان طروادة الذي سيتحول لاسم فيروس مدمر في عصر التكنولوجيا – هو تروجان هورس-.
لقد امتلك هوميروس خيالاً خصباً مكنه من ترك ملحمة الإلياذة و هي حرب عظيمة تشاركت فيها الآلهة مع البشر و كانت بين كر و فر و انتصار لفريق ضد آخر و شهدت مصارع الأبطال العظام مثل أخيل و تدخل الالهة بقيادة زيوس مرة مع هيلاس و مرة أخرى مع طروادة حتى انتهت الحرب بمكيدة دبرها الهيلانيون و هي حصان طروادة الذي بسببه فتحت أبواب طروادة، لم يرق ذلك لنبتون – إله البحار لدى الاغريق – فهيج البحار ضد أساطيل الهيلانيين لدى عودتهم لوطنهم فغرق الكثيرون و ضاع الكثيرون و من ضمهم الأوديسيوس سيد القوم و سيخصص هوميروس أسطورة *الأوديسة* لذكر أخبار الأوديسوس من لدى ضياعه على سواحل طروادة حتى عودته لوطنه إيثاكا.
ستتضمن الأوديسة قصص مختلفة كحال قصص ألف ليلة و ليلة مليئة بالأحداث فوق البشرية و الخارقة للطبيعة.فيما سيترك لنا هزيديوس كتاب *أنساب الآلهة*.
لعل أبرز ما يمكن ذكره عن رواة الأسطورة هنا أنهم لم يكونوا شخصاً واحداً بل كان اسم علم لرواة الحكايات و يحمله كل من كان يروي القصص في الأكروبولس اليوناني أو غيره من البقع الجغرافية التي يتجمع فيها الناس و كذلك فإن نفس القصص ستكون قابلة للزيادة و النقصان حسب الخيال الشخصي لكل هوميروس و أعتقد أن الأثر سيكون واضحاً لدى معالجة الأوديسة التي سيتبين من بنية الأسطورة أنها مؤلفة من قبل أكثر من شخص واحد.
*رفض ثيوقيديس و كيزنافوس للأساطير و موقف أفلاطون *
لم يتأخر الزمن طويلاً حتى يأتي من ينتقد أساطير الاغريق فخرج منهم أنفسهم مفكرين متنورين هما ثيوقيديس و كيزنافوس و الذي بإمكاننا إعتبارهما صد أسس نفسه مقابل مد الفكر الأسطوري.
ثيوقيديس سيؤسس من نفسه كمؤرخ ( و يعتبر مؤلف الكتاب محاولته كمحاولة لتأسيس علم التاريخ في الزمن القديم) أرخ *حرب البيلوبونيز* الشهيرة و كتب وقائعها و التزم منهجاً تأريخياً حيادياً.
سيقوم هو و كيزينافوس بانتقاد الأسطورة و بتوجيه ضربة قوية للبنى التحتية التي ترتكز عليها واصفين إياها بالخرافات و الافتراءات التي لا يمكن تصديقها.
سنة النشر : 2008م / 1429هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'