❞ كتابات في المسألة الكردية / ج2 ❝  ⏤ رفيق صالح احمد

❞ كتابات في المسألة الكردية / ج2 ❝ ⏤ رفيق صالح احمد

أتحفنا مركز (ذين) لاحياء التراث الوثائقي والصحفي الكردي في السليمانية بكتاب جديد رائع وهو (كتابات في المسألة الكردية) الجزء الاول، من اعداد السيد رفيق صالح رئيس المركز. يحتوي الكتاب على كتابات نشرت في القرن الماضي حول المسألة الكردية، الحقبة الزمنية لميلاد تلك الكتابات تتسم بغليان واذكاء الروح القومية وخاصة القوميتين العربية والكردية.

ومن نكد قدر الشعب الكردي ان يصادف ذلك الغليان القومي وضعا دوليا معقدا وهو حقبة الحرب الباردة بين الشرق والغرب، في تلك الحقبة السوداء أصبحت شعوب مستضعفة صغيرة كالكرد والأرمن والألبان و...ضحية الجشع والتوسع. هذه الكتابات رغم مضي مدة على نشرها الا أنها في أوج اشراقاتها وخاصة لان بعضا من طرفي المعادلة في العراق، ويا لـلاسف، ما زال يعيش أجواء تأريخية مغبرة ومشبعة بالنظرة الدونية الى الآخرين.

أحاول هنا أن أعرض بعضا من تلك الافكار النيرة لهؤلاء الكتاب، وهم كانوا سياسيين تقدميين وأكاديميين أحرارا ورجال دين متنورين بثقافات الحداثة الدينية، مراعاة لمتابعة القراء والافادة من الافكار الواردة في تلك الكتابات، لجأت أحيانا الى انتقاء فقرات منها مراعين جوهر الافكار، الا ان قراءة الكتاب تبقى ضرورية وخاصة للعاملين في الساحة السياسية العراقية والتي لازالت تعاني من احتقانات مذهبية وقومية و...

في القسم الاول عرضنا نبذة من كتاب (الكرد والمسألة الكردية) للدكتور شاكر خصباك، في القسم الثاني من عرضنا للكتاب أتطرق الى بحث مَعلم بارز آخر في الحركة الوطنية العراقية وأحد روادها المناضلين الصامدين وهو الاستاذ الراحل (عزيز شريف عبدالحميد) من مواليد 1904 في (عانه)، درس على يد والده وهو رجل دين، كان ضليعا في اللغة العربية والفقه الاسلامي، تخرج من كلية الحقوق عام 1932، عين قاضيا وبقى في هذه الوظيفة عشرة أشهر فاستقال لرفضه اصدار أمر بإلقاء القبض على شخص منسوب للشيوعية، كان نائبا عن البصرة، أعيد قاضيا في عام 1943 في محكمة إستئناف البصرة ثم إستقال ليتفرغ للعمل السياسي.

يقول البروفيسور الدكتور عزالدين مصطفى رسول في مقدمة هذا الكتاب:

ظل عزيز شريف متفرغا للصحافة والعمل النضالي سرا وعلنا، وعانى سنوات من الاختفاء والبعد الاضطراري خارج الوطن، وعاش مع ثوار كردستان سنوات، وكانت مهمته الحقيقية بعد انقلاب 1968 العمل لحل المسألة الكردية سلميا، واشترك في مفاوضات الحكم البعثي مع القيادة الكردية التي اثمرت اتفاقية آذار 1970.

وفي أجواء إنكار البعث لوعوده في تلك الاتفاقية استقال من الوزارة وهاجر في أواخر السبعينيات الى موسكو، إذ توفي فيها عام 1988. واصل عزيز شريف نضاله وازداد في فترة ما بعد الوثبة (1948) تلاحما مع الحركة الكردية والحزب الديمقراطي الكردي، يقول الدكتور عزالدين: ومن أبرز اعماله اجلالا في هذه الفترة رسالته هذه: ......المسألة الكردية في العراق والمنشورة في هذا الكتاب......) ويقول:

1- انها اول كتاب او تقرير عربي واضح عن القضية الكردية، والموقف منها يتطابق مع التأريخ أو الواقع ومن الموقف الكردي المناضل نفسه تماما.
2- اثبت العدالة والحق في القضية الكردية وحق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه وتكوين دولته المستقلة وكان في ذلك واضحا وصريحا لا يخشى لوم لائم.

كان عزيز شريف عضوا احتياطيا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، وكان في صراع فكري مع هذا الحزب لموقف عدد من قادته حول المسألة الكردية والمتسم بالغموض والتوفيقية.

أخفى نفسه في بغداد بعد انقلاب 8 شباط 1963 الفاشستي، ثم إلتجأ الى كردستان وقضى ردحا من الزمن في حماية صديقه القائد الكردي (مصطفى البارزاني) في (ناوكيلكان) و (ديلمان) ثم سافر في نيسان 1966 الى سوريا والاتحاد السوفياتي.

يقول أحد قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في عام 1987 وهو الشهيد (سامي عبدالرحمن) عن عزيز شريف: [ وضع الاستاذ عزيز شريف بحثه هذا – المسألة الكردية في العراق – عام 1950 وعند مراجعته بعد (37) عاما – 1987 – وجدناه طرحا مبدئيا واشتراكيا ينم عن جرأة فائقة وعلمية دقيقة الى حد التفاصيل وكان على رأس حركة السلم في العراق واخذ مكانا رفيعا في قيادة حركة السلم والتضامن الآسيوي والافريقي وقد ساهم الاستاذ عزيز شريف مساهمة بناءة وجادة لاعداد اتفاقية آذار 1970، وظل متمسكا بالقضية الكردية وخلال تلك السنوات عبر الاستاذ عزيز شريف عن جرأته الفائقة المعهودة ونقاوته الكاملة من الشوفينية، حيث لم يقف موقفا واحدا مع السلطة الشوفينية، بل كانت كافة مواقفه مع الشعب الكردي وحقوقه ].

وذكر المؤلف بالتفصيل الحلول المبتورة الغامضة للقضية الكردية ويأتي بمقولة لستالين: [ بدون نضال كهذا في سبيل حرية تقرير المصير للامم المضطهدة من المستحيل حتى التفكير في تربية الطبقة العاملة في الامم المسيطرة بروح الاممية الحقيقي ...] ثم يسأل المؤلف جماعة القاعدة: [ومن ذا الذي قال ان حق الشعوب في تقرير مصيرها لا يُعترف به الا اذا كانت ملتهبة؟ أليست هذه شوفينية؟ والا فكيف تكون الشوفينية؟ ] .

ثم يذكر المؤلف، ان دول العراق وتركيا وايران ووراءها الاستعماران الامريكي والانكليزي تنسق فيما بينها لقمع أية حركة انتفاضية كردية تقع في أي من الدول الثلاث، وأحدث مثال على هذه التدابير المنسقة هو التعاون العسكري بينها لسحق الحركة البرزانية عام 1945.

ثم يعرض المؤلف بالتفصيل السياسات الاستعمارية لبريطانيا قبل الحرب العالمية الاولى وبعدها والى تشكيل الدولة العراقية ومشكلة الموصل، ثم يمر على اتفاقيات سايكس بيكو وسيفر ولوزان وسان ريمو، وكيفية الحاق كردستان الجنوبية بالعراق وتنازل فرنسا عن لواء الموصل. ثم يذكر بالتفصيل السياسات البريطانية المتذبذبة في كردستان والتي لم تستقر الا في عام 1926 حيث حصل التفاهم التام في معاهدة انقرة بين بريطانيا والعراق وتركيا وقررت سياسة مشتركة تجاه حركات الشعب الكردي تحت اسم حسن الجوار وحفظ الامن.

ففي خطاب للمعتمد السامي البريطاني ألقاه في السيلمانية في 11/آب/1930 قال: وقد رأيت ان بعض المراجع غير المسؤولة ترى ان سياسة حكومة صاحب الجلالة البريطانية هي تشجيع القومية الكردية، وهذا غير صحيح، ليس لانه يربك الحكومة العراقية فقط بل لانه يربك كذلك الجارتين الحكومة التركية والحكومة الايرانية، ثم يقول عزيز شريف: إذ لو وجدت حكومة كردية في المنطقة حتى لو كانت صورية لاصبحت على كرد ايران وتركيا أعسر كثيرا.

ثم يذكر سبب تخلف الحركة القومية الكردية عن حركات القوميات الاخرى التي كانت الدولة العثمانية تتألف منها، فان لها أسبابا أهمها عزلة كردستان وتخلف تطورها الاقتصادي ونهضتها الفكرية وانشغال الكرد تحت تأثير النفوذ الديني في التعاون مع الترك ضد الارمن والآشوريين.
وفي موضع آخر يقول عزيز شريف: ان الكرد اليوم ليسوا قبيلة بدائية، بل انهم امة تكونت تأريخيا من امتزاج اقوام متعددة تعاقبت على جبال زاكروس أو تجاوبت فيها. ثم ينتقد الكاتب بعض الآراء لمؤرخ كردي والقائلة ان الكرد يمثلون عنصرا آريا نقيا ويقول: [ ان نظرية العنصر النقي والعنصر المفضل والشعب المختار ليست في العراق خاصة بالرجعية الكردية، بل ان رواجها بين الكرد أقل منه بين العرب، ومهما يكن أمر الفكر الرجعي في القومية الكردية فانه لا يمكن ان يقارن بعنف الرجعية الشوفينية العربية ].
رفيق صالح احمد - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ كتابات في المسألة الكردية / ج1 ❝ ❞ كتابات في المسألة الكردية / ج2 ❝ ❱
من فكر وثقافة - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.

نبذة عن الكتاب:
كتابات في المسألة الكردية / ج2

2008م - 1446هـ
أتحفنا مركز (ذين) لاحياء التراث الوثائقي والصحفي الكردي في السليمانية بكتاب جديد رائع وهو (كتابات في المسألة الكردية) الجزء الاول، من اعداد السيد رفيق صالح رئيس المركز. يحتوي الكتاب على كتابات نشرت في القرن الماضي حول المسألة الكردية، الحقبة الزمنية لميلاد تلك الكتابات تتسم بغليان واذكاء الروح القومية وخاصة القوميتين العربية والكردية.

ومن نكد قدر الشعب الكردي ان يصادف ذلك الغليان القومي وضعا دوليا معقدا وهو حقبة الحرب الباردة بين الشرق والغرب، في تلك الحقبة السوداء أصبحت شعوب مستضعفة صغيرة كالكرد والأرمن والألبان و...ضحية الجشع والتوسع. هذه الكتابات رغم مضي مدة على نشرها الا أنها في أوج اشراقاتها وخاصة لان بعضا من طرفي المعادلة في العراق، ويا لـلاسف، ما زال يعيش أجواء تأريخية مغبرة ومشبعة بالنظرة الدونية الى الآخرين.

أحاول هنا أن أعرض بعضا من تلك الافكار النيرة لهؤلاء الكتاب، وهم كانوا سياسيين تقدميين وأكاديميين أحرارا ورجال دين متنورين بثقافات الحداثة الدينية، مراعاة لمتابعة القراء والافادة من الافكار الواردة في تلك الكتابات، لجأت أحيانا الى انتقاء فقرات منها مراعين جوهر الافكار، الا ان قراءة الكتاب تبقى ضرورية وخاصة للعاملين في الساحة السياسية العراقية والتي لازالت تعاني من احتقانات مذهبية وقومية و...

في القسم الاول عرضنا نبذة من كتاب (الكرد والمسألة الكردية) للدكتور شاكر خصباك، في القسم الثاني من عرضنا للكتاب أتطرق الى بحث مَعلم بارز آخر في الحركة الوطنية العراقية وأحد روادها المناضلين الصامدين وهو الاستاذ الراحل (عزيز شريف عبدالحميد) من مواليد 1904 في (عانه)، درس على يد والده وهو رجل دين، كان ضليعا في اللغة العربية والفقه الاسلامي، تخرج من كلية الحقوق عام 1932، عين قاضيا وبقى في هذه الوظيفة عشرة أشهر فاستقال لرفضه اصدار أمر بإلقاء القبض على شخص منسوب للشيوعية، كان نائبا عن البصرة، أعيد قاضيا في عام 1943 في محكمة إستئناف البصرة ثم إستقال ليتفرغ للعمل السياسي.

يقول البروفيسور الدكتور عزالدين مصطفى رسول في مقدمة هذا الكتاب:

ظل عزيز شريف متفرغا للصحافة والعمل النضالي سرا وعلنا، وعانى سنوات من الاختفاء والبعد الاضطراري خارج الوطن، وعاش مع ثوار كردستان سنوات، وكانت مهمته الحقيقية بعد انقلاب 1968 العمل لحل المسألة الكردية سلميا، واشترك في مفاوضات الحكم البعثي مع القيادة الكردية التي اثمرت اتفاقية آذار 1970.

وفي أجواء إنكار البعث لوعوده في تلك الاتفاقية استقال من الوزارة وهاجر في أواخر السبعينيات الى موسكو، إذ توفي فيها عام 1988. واصل عزيز شريف نضاله وازداد في فترة ما بعد الوثبة (1948) تلاحما مع الحركة الكردية والحزب الديمقراطي الكردي، يقول الدكتور عزالدين: ومن أبرز اعماله اجلالا في هذه الفترة رسالته هذه: ......المسألة الكردية في العراق والمنشورة في هذا الكتاب......) ويقول:

1- انها اول كتاب او تقرير عربي واضح عن القضية الكردية، والموقف منها يتطابق مع التأريخ أو الواقع ومن الموقف الكردي المناضل نفسه تماما.
2- اثبت العدالة والحق في القضية الكردية وحق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه وتكوين دولته المستقلة وكان في ذلك واضحا وصريحا لا يخشى لوم لائم.

كان عزيز شريف عضوا احتياطيا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، وكان في صراع فكري مع هذا الحزب لموقف عدد من قادته حول المسألة الكردية والمتسم بالغموض والتوفيقية.

أخفى نفسه في بغداد بعد انقلاب 8 شباط 1963 الفاشستي، ثم إلتجأ الى كردستان وقضى ردحا من الزمن في حماية صديقه القائد الكردي (مصطفى البارزاني) في (ناوكيلكان) و (ديلمان) ثم سافر في نيسان 1966 الى سوريا والاتحاد السوفياتي.

يقول أحد قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في عام 1987 وهو الشهيد (سامي عبدالرحمن) عن عزيز شريف: [ وضع الاستاذ عزيز شريف بحثه هذا – المسألة الكردية في العراق – عام 1950 وعند مراجعته بعد (37) عاما – 1987 – وجدناه طرحا مبدئيا واشتراكيا ينم عن جرأة فائقة وعلمية دقيقة الى حد التفاصيل وكان على رأس حركة السلم في العراق واخذ مكانا رفيعا في قيادة حركة السلم والتضامن الآسيوي والافريقي وقد ساهم الاستاذ عزيز شريف مساهمة بناءة وجادة لاعداد اتفاقية آذار 1970، وظل متمسكا بالقضية الكردية وخلال تلك السنوات عبر الاستاذ عزيز شريف عن جرأته الفائقة المعهودة ونقاوته الكاملة من الشوفينية، حيث لم يقف موقفا واحدا مع السلطة الشوفينية، بل كانت كافة مواقفه مع الشعب الكردي وحقوقه ].

وذكر المؤلف بالتفصيل الحلول المبتورة الغامضة للقضية الكردية ويأتي بمقولة لستالين: [ بدون نضال كهذا في سبيل حرية تقرير المصير للامم المضطهدة من المستحيل حتى التفكير في تربية الطبقة العاملة في الامم المسيطرة بروح الاممية الحقيقي ...] ثم يسأل المؤلف جماعة القاعدة: [ومن ذا الذي قال ان حق الشعوب في تقرير مصيرها لا يُعترف به الا اذا كانت ملتهبة؟ أليست هذه شوفينية؟ والا فكيف تكون الشوفينية؟ ] .

ثم يذكر المؤلف، ان دول العراق وتركيا وايران ووراءها الاستعماران الامريكي والانكليزي تنسق فيما بينها لقمع أية حركة انتفاضية كردية تقع في أي من الدول الثلاث، وأحدث مثال على هذه التدابير المنسقة هو التعاون العسكري بينها لسحق الحركة البرزانية عام 1945.

ثم يعرض المؤلف بالتفصيل السياسات الاستعمارية لبريطانيا قبل الحرب العالمية الاولى وبعدها والى تشكيل الدولة العراقية ومشكلة الموصل، ثم يمر على اتفاقيات سايكس بيكو وسيفر ولوزان وسان ريمو، وكيفية الحاق كردستان الجنوبية بالعراق وتنازل فرنسا عن لواء الموصل. ثم يذكر بالتفصيل السياسات البريطانية المتذبذبة في كردستان والتي لم تستقر الا في عام 1926 حيث حصل التفاهم التام في معاهدة انقرة بين بريطانيا والعراق وتركيا وقررت سياسة مشتركة تجاه حركات الشعب الكردي تحت اسم حسن الجوار وحفظ الامن.

ففي خطاب للمعتمد السامي البريطاني ألقاه في السيلمانية في 11/آب/1930 قال: وقد رأيت ان بعض المراجع غير المسؤولة ترى ان سياسة حكومة صاحب الجلالة البريطانية هي تشجيع القومية الكردية، وهذا غير صحيح، ليس لانه يربك الحكومة العراقية فقط بل لانه يربك كذلك الجارتين الحكومة التركية والحكومة الايرانية، ثم يقول عزيز شريف: إذ لو وجدت حكومة كردية في المنطقة حتى لو كانت صورية لاصبحت على كرد ايران وتركيا أعسر كثيرا.

ثم يذكر سبب تخلف الحركة القومية الكردية عن حركات القوميات الاخرى التي كانت الدولة العثمانية تتألف منها، فان لها أسبابا أهمها عزلة كردستان وتخلف تطورها الاقتصادي ونهضتها الفكرية وانشغال الكرد تحت تأثير النفوذ الديني في التعاون مع الترك ضد الارمن والآشوريين.
وفي موضع آخر يقول عزيز شريف: ان الكرد اليوم ليسوا قبيلة بدائية، بل انهم امة تكونت تأريخيا من امتزاج اقوام متعددة تعاقبت على جبال زاكروس أو تجاوبت فيها. ثم ينتقد الكاتب بعض الآراء لمؤرخ كردي والقائلة ان الكرد يمثلون عنصرا آريا نقيا ويقول: [ ان نظرية العنصر النقي والعنصر المفضل والشعب المختار ليست في العراق خاصة بالرجعية الكردية، بل ان رواجها بين الكرد أقل منه بين العرب، ومهما يكن أمر الفكر الرجعي في القومية الكردية فانه لا يمكن ان يقارن بعنف الرجعية الشوفينية العربية ].

.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

أتحفنا مركز (ذين) لاحياء التراث الوثائقي والصحفي الكردي في السليمانية بكتاب جديد رائع وهو (كتابات في المسألة الكردية) الجزء الاول، من اعداد السيد رفيق صالح رئيس المركز. يحتوي الكتاب على كتابات نشرت في القرن الماضي حول المسألة الكردية، الحقبة الزمنية لميلاد تلك الكتابات تتسم بغليان واذكاء الروح القومية وخاصة القوميتين العربية والكردية.

ومن نكد قدر الشعب الكردي ان يصادف ذلك الغليان القومي وضعا دوليا معقدا وهو حقبة الحرب الباردة بين الشرق والغرب، في تلك الحقبة السوداء أصبحت شعوب مستضعفة صغيرة كالكرد والأرمن والألبان و...ضحية الجشع والتوسع. هذه الكتابات رغم مضي مدة على نشرها الا أنها في أوج اشراقاتها وخاصة لان بعضا من طرفي المعادلة في العراق،  ويا لـلاسف، ما زال يعيش أجواء تأريخية مغبرة ومشبعة بالنظرة الدونية الى الآخرين.

أحاول هنا أن أعرض بعضا من تلك الافكار النيرة لهؤلاء الكتاب، وهم كانوا سياسيين تقدميين وأكاديميين أحرارا ورجال دين متنورين بثقافات الحداثة الدينية، مراعاة لمتابعة القراء والافادة من الافكار الواردة في تلك الكتابات، لجأت أحيانا الى انتقاء فقرات منها مراعين جوهر الافكار، الا ان قراءة الكتاب تبقى ضرورية وخاصة للعاملين في الساحة السياسية العراقية والتي لازالت تعاني من احتقانات مذهبية وقومية و...

في القسم الاول عرضنا نبذة من كتاب (الكرد والمسألة الكردية) للدكتور شاكر خصباك، في القسم الثاني من عرضنا للكتاب أتطرق الى بحث مَعلم بارز آخر في الحركة الوطنية العراقية وأحد روادها المناضلين الصامدين وهو الاستاذ الراحل (عزيز شريف عبدالحميد) من مواليد 1904 في (عانه)، درس على يد والده وهو رجل دين، كان ضليعا في اللغة العربية والفقه الاسلامي، تخرج من كلية الحقوق عام 1932، عين قاضيا وبقى في هذه الوظيفة عشرة أشهر فاستقال لرفضه اصدار أمر بإلقاء القبض على شخص منسوب للشيوعية، كان نائبا عن البصرة، أعيد قاضيا في عام 1943 في محكمة إستئناف البصرة ثم إستقال ليتفرغ للعمل السياسي.

يقول البروفيسور الدكتور عزالدين مصطفى رسول في مقدمة هذا الكتاب:

ظل عزيز شريف متفرغا للصحافة والعمل النضالي سرا وعلنا، وعانى سنوات من الاختفاء والبعد الاضطراري خارج الوطن، وعاش مع ثوار كردستان سنوات، وكانت مهمته الحقيقية بعد انقلاب 1968 العمل لحل المسألة الكردية سلميا، واشترك في مفاوضات الحكم البعثي مع القيادة الكردية التي اثمرت اتفاقية آذار 1970.

وفي أجواء إنكار البعث لوعوده في تلك الاتفاقية استقال من الوزارة وهاجر في أواخر السبعينيات الى موسكو، إذ توفي فيها عام 1988. واصل عزيز شريف نضاله وازداد في فترة ما بعد الوثبة (1948) تلاحما مع الحركة الكردية والحزب الديمقراطي الكردي، يقول الدكتور عزالدين: ومن أبرز اعماله اجلالا في هذه الفترة رسالته هذه: ......المسألة الكردية في العراق والمنشورة في هذا الكتاب......) ويقول:

1- انها اول كتاب او تقرير عربي واضح عن القضية الكردية، والموقف منها يتطابق مع التأريخ أو الواقع ومن الموقف الكردي المناضل نفسه تماما.
2- اثبت العدالة والحق في القضية الكردية وحق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه وتكوين دولته المستقلة وكان في ذلك واضحا وصريحا لا يخشى لوم لائم.

كان عزيز شريف عضوا احتياطيا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، وكان في صراع فكري مع هذا الحزب لموقف عدد من قادته حول المسألة الكردية والمتسم بالغموض والتوفيقية.

أخفى نفسه في بغداد بعد انقلاب 8 شباط 1963 الفاشستي، ثم إلتجأ الى كردستان وقضى ردحا من الزمن في حماية صديقه القائد الكردي (مصطفى البارزاني) في (ناوكيلكان) و (ديلمان) ثم سافر في نيسان 1966 الى سوريا والاتحاد السوفياتي.

يقول أحد قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في عام 1987 وهو الشهيد (سامي عبدالرحمن) عن عزيز شريف: [ وضع الاستاذ عزيز شريف بحثه هذا – المسألة الكردية في العراق – عام 1950 وعند مراجعته بعد (37) عاما – 1987 – وجدناه طرحا مبدئيا واشتراكيا ينم عن جرأة فائقة وعلمية دقيقة الى حد التفاصيل وكان على رأس حركة السلم في العراق واخذ مكانا رفيعا في قيادة حركة السلم والتضامن الآسيوي والافريقي وقد ساهم الاستاذ عزيز شريف مساهمة بناءة وجادة لاعداد اتفاقية آذار 1970، وظل متمسكا بالقضية الكردية وخلال تلك السنوات عبر الاستاذ عزيز شريف عن جرأته الفائقة المعهودة ونقاوته الكاملة من الشوفينية، حيث لم يقف موقفا واحدا مع السلطة الشوفينية، بل كانت كافة مواقفه مع الشعب الكردي وحقوقه ].

وذكر المؤلف بالتفصيل الحلول المبتورة الغامضة للقضية الكردية ويأتي بمقولة لستالين: [ بدون نضال كهذا في سبيل حرية تقرير المصير للامم المضطهدة من المستحيل حتى التفكير في تربية الطبقة العاملة في الامم المسيطرة بروح الاممية الحقيقي ...] ثم يسأل المؤلف جماعة القاعدة: [ومن ذا الذي قال ان حق الشعوب في تقرير مصيرها لا يُعترف به الا اذا كانت ملتهبة؟ أليست هذه شوفينية؟ والا فكيف تكون الشوفينية؟ ] .

ثم يذكر المؤلف، ان دول العراق وتركيا وايران ووراءها الاستعماران الامريكي والانكليزي تنسق فيما بينها لقمع أية حركة انتفاضية كردية تقع في أي من الدول الثلاث، وأحدث مثال على هذه التدابير المنسقة هو التعاون العسكري بينها لسحق الحركة البرزانية عام 1945.

ثم يعرض المؤلف بالتفصيل السياسات الاستعمارية لبريطانيا قبل الحرب العالمية الاولى وبعدها والى تشكيل الدولة العراقية ومشكلة الموصل، ثم يمر على اتفاقيات سايكس بيكو وسيفر ولوزان وسان ريمو، وكيفية الحاق كردستان الجنوبية بالعراق وتنازل فرنسا عن لواء الموصل. ثم يذكر بالتفصيل السياسات البريطانية المتذبذبة في كردستان والتي لم تستقر الا في عام 1926 حيث حصل التفاهم التام في معاهدة انقرة بين بريطانيا والعراق وتركيا وقررت سياسة مشتركة تجاه حركات الشعب الكردي تحت اسم حسن الجوار وحفظ الامن.

ففي خطاب للمعتمد السامي البريطاني ألقاه في السيلمانية في 11/آب/1930 قال: وقد رأيت ان بعض المراجع غير المسؤولة ترى ان سياسة حكومة صاحب الجلالة البريطانية هي تشجيع القومية الكردية، وهذا غير صحيح، ليس لانه يربك الحكومة العراقية فقط بل لانه يربك كذلك الجارتين الحكومة التركية والحكومة الايرانية، ثم يقول  عزيز شريف: إذ لو وجدت حكومة كردية في المنطقة حتى لو كانت صورية لاصبحت على كرد ايران وتركيا أعسر كثيرا.

ثم يذكر سبب تخلف الحركة القومية الكردية عن حركات القوميات الاخرى التي كانت الدولة العثمانية تتألف منها، فان لها أسبابا أهمها عزلة كردستان وتخلف تطورها الاقتصادي ونهضتها الفكرية وانشغال الكرد تحت تأثير النفوذ الديني في التعاون مع الترك ضد الارمن والآشوريين.
وفي موضع آخر يقول  عزيز شريف: ان الكرد اليوم ليسوا قبيلة بدائية، بل انهم امة تكونت تأريخيا من امتزاج اقوام متعددة تعاقبت على جبال زاكروس أو تجاوبت فيها.  ثم ينتقد الكاتب بعض الآراء لمؤرخ كردي والقائلة ان الكرد يمثلون عنصرا آريا نقيا ويقول: [ ان نظرية العنصر النقي والعنصر المفضل والشعب المختار ليست في العراق خاصة بالرجعية الكردية، بل ان رواجها بين الكرد أقل منه بين العرب، ومهما يكن أمر الفكر الرجعي في القومية الكردية فانه لا يمكن ان يقارن بعنف الرجعية الشوفينية العربية ].



سنة النشر : 2008م / 1429هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة كتابات في المسألة الكردية / ج2

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل كتابات في المسألة الكردية / ج2
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
رفيق صالح احمد -

كتب رفيق صالح احمد ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ كتابات في المسألة الكردية / ج1 ❝ ❞ كتابات في المسألة الكردية / ج2 ❝ ❱. المزيد..

كتب رفيق صالح احمد