📘 قراءة كتاب السنن النفسية لتطور الأمم أونلاين
اقتباسات من كتاب السنن النفسية لتطور الأمم
يعتبر هذا الكتاب هو خلاصة ما كتبه جوستاف لوبون في كتبه الأخرى عن الحضارات. يبين فيه أن هناك عوامل نفسية ثابتة تسيطر على حياة الأمم وتطورها، بالإضافة إلى بعض المؤثرات التي تظهر نتيجة هذا التقدم، موضحًا أن العرق هو روح تلك الأمم، كما أن هناك العديد من المبادئ التي تقوم عليها الحضارة والتي اعتبرها المظهر الخارجي لروح الأمة، وتأثير الأفكار وطريقة تكوينها في المجتمعات، كما أنه يؤكد في كتابه أن الأصل هو التفاوت بين البشر لا المساواة.
1- مبادئ المساواة في الزمن الحاضر وعوامل التاريخ النفسية
كل أمة تقوم على مجموعة من الأسس الثابتة والتي تأخذ وقتًا طويلًا لإنشاءها، وبالتالي أي محاولة لتغييرها تأخذ وقتًا أطول بكثير، وعلى الرغم من ظهور خطأ بعض تلك الأسس عند المثقفين، إلا أنها تجد صعوبة في تغييرها عند الجماعات لأنها أصبحت من الحقائق الراسخة في حياتهم.
إن مبدأ المساواة الذي نادى به البعض لم يأخذ في إعتبار من نشروه الفروق النفسية بين الأمم، وأن ما يمكن تطبيقه على امة لا تستطيع تطبيقه على غيرها، وإن محاولة تطبيق فكرة المساواة أدى إلى إضطرابات كبيرة وكثيرة، كما حدث في أمريكا وثورات أوروبا، فلا أحد يبالي بالتغييرات الإجتماعية والانقلابات السياسية التي سببها انتشار هذا المبدأ ونتائجه الخطرة، فإننا حين نحاول أن نساوي بين جميع الأمم فإننا نحاول أن نصب قالبًا واحدًا في أدمغة الجميع دون مراعاة للفروق الطبيعية والنفسية وهذا غير قابل للتطبيق، ولهذا جاء هذا الكتاب ليصف الأخلاق النفسية التي يتألف منها روح العرق وكيف تنشأ الأمم مثل هذه الأخلاق وكيف سارت هذه الأمم نحو المساواة وهل أثر عليها هذا سلبًا أو إيجابًا.
2- روح العروق
لكل أمة صفات خاصة بها تميزها عن غيرها، وحاول البعض تقسيم البشر لأنواع من خلال الصفات التشريحية الواضحة فقط، كـ (البيض – والزنوج – والصُفر )، وفي هذا التقسيم تناسوا أنه في أحيان كثيرة يكون هناك تقارب جسماني بين الأمم ولكن هناك أيضًا اختلافات كبيرة من الناحية النفسية والشعورية، ويظهر ذلك واضحًا في تاريخ كل أمة وحضارتها وفنونها ومعتقداتها، ومن خلال الصفات الأخلاقية التي تظهر في تلك النواحي تتكون في النهاية روح العرق، وكلما تكونت تلك الصفات ببطئ أصبحت ثابتة أكثر وتعطى الأمة قوة وعظمة أكبر مثل إنجلترا وروما القديمة.
لكل عرق مزاج خاص به وصفات نفسية ثابتة مثل الصفات التشريحية تنتقل عن طريق الوراثة، والإنسان ممثل لعرقه، فإذا ذهبت لمدينة غريبة عنك فأول ما ستلاحظه هو الصفات المشتركة بين الجميع لتكرارها أمامك، تلك الصفات يمكن تطبيقها على المدينة ككل، ولكنها تصبح خاطئة إذا تم تطبيقها على فرد بعينه، لأن هنا تظهر الإختلافات الفردية، فالإنسان يؤثر في سير حياته 3 مؤثرات رئيسية، أولهم الأجداد ويعتبر المؤثر الأقوى، وثانيهم الأباء المقربين، وثالثهم البيئة والتي يظن الكثيرين أنها صاحبة التأثير الأكبر ولكن الحقيقة أنها الأضعف، فالإنسان يظل تحت سيطرة الموتى والأجداد ومعتقداتهم وآرائهم مهما طال الزمن ومن الصعوبة أن يتحرروا من تلك السيطرة لأنها ترسخت داخلهم عبر الأجيال.
3- العروق والوحدة
إن الأمم التي تتكون من عروق مختلفة يكون من الصعوبة دمجها، لأن لكل منها مشاعرها وأفكارها المختلفة، فلكي تستطيع أمة أن تتوحد وتمتزج يجب أن تكتسب ثلاث صفات أساسية: (وحدة المشاعر – وحدة المصالح – وحدة العقائد)، وكانت البداية لوجود هذه الفكرة منذ الأسرة، ثم انتقلت إلى القرية فالمدينة، حتى وصلت لفكرة القومية أو الوطنية المتعارف عليها الأن، ولا يؤثر كبر أو صغر الأمم في فكرة الوحدة، فكم من أمم صغيرة استطاعت أن تتماسك وتتوحد وتبني حضارة عريقة، والبعض الأخر ظل في صراعه المستمر وحروبه التي لا تنتهي مع بعضهم البعض كالأغارقة مثلًا.
إننا هنا لا نهتم بأصول العروق، وخاصة إذا عرفنا أنه لا يوجد عرق خالص إلا عند الأمم غير المتمدنة (الهمج)، ولا يهم إذا كانت العروق كونتها الطبيعة أو التاريخ، ولكن ما يهمنا هو أخلاق تلك العروق وصفاتها التي تراكمت بالوراثة، والتي ساعدتها على التقدم والتطور وأصبحت تميزها عن غيرها.
4- حدود تغيُّرأخلاق العروق
إن الأمم متغيرة، تلك هي القاعدة الأساسية، ولكن ما سر تلك التغييرات وأسبابها؟ وهل يؤثر في صفاتها النفسية؟
إن الصفات النفسية كالصفات التشريحية ثابتة وأساسية، حتى لو أصابها بعض التغييرات الثانوية الخارجية، على عكس المزاج النفسي والذي يحمل أيضًا صفات أساسية، ولكنه قابل للتغيير من خلال البيئة او التربية أو الأحداث الفجائية كالأزمات السياسية والدينية الكبيرة، والتي يظهر فيها صفات خلقية غريبة عن أهلها، ولكنها سرعان ما تزول، فهذه التغييرات ليست عميقة، ولا تغير في ثوابت الصفات النفسية للأمم، ولكنها ظاهرة عارضة، مثلها كمثل الرجل إذا جاع قد يقترف أفظع الجرائم، فهل معنى ذلك أن طبائعه الأصلية قد تغيرت؟.
لا، ولكن التغيير قد يحدث إذا مر عليها سنوات طويلة، وهذا ما يحدث مع الأمم أيضًا، فصفاتها ثابتة ولكي يحدث التغيير لابد من قرون طويلة بالتوالد المتكرر تمر ببطئ شديد (ركام وراثي بطئ).
5- نظام مراتب العروق النفسي
إن محاولة تقسيم الصفات النفسية للعروق مسألة ليست سهلة بسبب التفاصيل الدقيقة والكثيرة، والاختلافات الكبيرة بين الأمم والأشخاص، ولكن إذا نظرنا إلى الصفات الثابتة والأساسية والتي يمكن تطبيقها على كثير من الأمم، يمكننا حصرها في أربعة أقسام:
أولهم العروق الابتدائية هي التي لا يوجد بها أي أثر للثقافة وظلت على بدائيتها كالإستراليين في الوقت الحاضر، ثم تأتي فوقها العروق الدنيا وهي عروق لديها قدر بسيط جدًا من الحضارة وإن كانت حضارة غليظة تتمثل في الزنوج مثلًا، ثم العروق الوسطى فهم الذين كونوا حضارات راقية كالصينين والعرب والآشوريين وغيرهم، وتأتي أخيرًا العروق العليا وهي الأمم التي استطاعت أن تخترع في المجالات المختلفة كالأمم الهندية الأوروبية.
ولكل قسم من هذه الأقسام خصائصه النفسية التي تميزه، فلا يمكن المزج بينهم، كما أنه من الصعب تقسيمهم إلى أقسام ثانوية، لأن هذا يحتاج إلى تفاصيل داخلية دقيقة جدًا، فيتوجب علينا أن يؤخذ كل شعب على حدة ويتم تحديد صفاته وأخلاقه.
6- التعليم والهوة النفسية بين الأمم
إن الهوة النفسية بين هذه الأقسام كبيرة جدًا، ولكن يمكننا أن نصف أصحاب العروق الإبتدائية والدنيا أنهم عاجزون عن التعقل ويفتقدون لروح النقد، ويسيطر عليهم التقليد، كما يتصفون بضعف الانتباه والتأمل، وبتقلب دائم في الأخلاق، وليس لديهم نظرة مستقبلية وبالتالي محكوم عليهم أن يظلوا متخلفين عن ركب الحضارة، وهم بذلك يختلفون تمامًا عن العروق العليا التي تتميز بالخلق والذكاء والثبات والنشاط، ولديهم قدرة على ضبط النفس، والأدب الذي أصبح دليلًا على عظمة أمة من عدمها.
إن محاولة البعض القول أن التعليم قد يكون حلًا للإرتفاع بالأشخاص أو الأمم من العروق الدنيا إلى العليا غير منطقي، بالتعليم قد يجعل شخص بدائي محامي أو معلم، ولكن يظل ذلك مظهرًا خارجيًا فقط، لا يؤثر في صفاته النفسية الأصلية، فلن يغير بشكل كبير في طريقة تفكيره أو يعطيه ملكة التفكير الناقد، أو أخلاق الطبقات العليا لأن بعضها صادر عن الوراثة قبل أي شئ أخر، فهذه التغييرات لا تحدث إلا إذا قامت الأمة ذاتها بتحويل تام في روحها والذي يحتاج كما قلنا سابقًا لقرون طويلة.
سنة النشر : 2014م / 1435هـ .
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
صفحة تحميل الكتاب
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف: