❞ كتاب المغني في أبواب التوحيد والعدل (إعجاز القرآن) ❝ ⏤ القاضي عبد الجبار المعتزلي
الۡقُرۡآنۡ، ويُسَمَّىٰ تكريمًا ٱلۡقُرۡآنُ ٱلۡكَرِيمُ، هو كتاب الله المعجز عند المسلمين، يُعَظِّمُونَهُ وَيُؤْمِنُونَ أَنَّهُ كلام الله، وَأَنَّهُ قد أُنزِلَ علىٰ الرسول محمد للبيان والإعجاز، وأنه محفوظ في الصدور والسطور من كل مس أو تحريف، وَبِأَنَّهُ مَنْقُولࣱ بالتواتر، وبأنه المتعبد بتلاوته، وأنه آخر الكتب السماوية بعد صحف إبراهيم والزبور والتوراة والإنجيل.
القرآن هو أقدم الكتب العربية، ويعد بشكل واسع الأعلى قيمةً لغويًّا، لما يجمعه من البلاغة والبيان والفصاحة. وللقرآن أثر وفضل في توحيد وتطوير اللغة العربية وآدابها وعلومها الصرفية والنحوية، ووضع وتوحيد وتثبيت اللّبنات الأساس لقواعد اللغة العربية، إذ يُعد مرجعًا وأساسًا لكل مساهمات الفطاحلة اللغويين في تطوير اللغة العربية وعلى رأسهم أبو الأسود الدؤلي والخليل بن أحمد الفراهيدي وتلميذه سيبويه وغيرهم، سواء عند القدماء أو المحدثين إلى حقبة أدب المهجر في العصر الحديث، ابتداءً من أحمد شوقي إلى رشيد سليم الخوري وجبران خليل جبران، وغيرهم من الذين كان لهم دور كبير في محاولة الدفع بإحياء اللغة والتراث العربي في العصر الحديث.
ويعود الفضل في توحيد اللغة العربیة إلى نزول القرآن الكريم، حيث لم تكن موحَّدة قبل هذا العهد رغم أنها كانت ذات غنًى ومرونة، إلى أن نزل القرآن وتحدى الجموع ببیانه، وأعطی اللغة العربية سیلًا من حسن السبك وعذوبة السَّجْعِ، ومن البلاغة والبيان ما عجز عنه بلغاء العرب. وقد وحد القرآن الكريم اللغة العربية توحیدًا كاملًا وحفظها من التلاشي والانقراض، كما حدث مع العديد من اللغات السّامية الأخرى، التي أضحت لغات بائدة واندثرت مع الزمن، أو لغات طالها الضعف والانحطاط، وبالتالي عدم القدرة على مسايرة التغييرات والتجاذبات التي تعرفها الحضارة وشعوب العالم القديم والحديث.
ويحتوي القرآن على 114 سورة تصنف إلى مكّية ومدنية وفقًا لمكان وزمان نزول الوحي بها. ويؤمن المسلمون أن القرآن أنزله الله على لسان الملَك جبريل إلى النبي محمد على مدى 23 سنة تقريبًا، بعد أن بلغ النبي محمد سن الأربعين، وحتى وفاته عام 11 هـ/632م. كما يؤمن المسلمون بأن القرآن حُفظ بدقة على يد الصحابة، بعد أن نزل الوحي على النبي محمد فحفظه وقرأه على صحابته، وأن آياته محكمات مفصلات، وأنه يخاطب الأجيال كافة في كل القرون، ويتضمن كل المناسبات ويحيط بكل الأحوال.
إعجاز القرآن في الإسلام هو اعتقاد عند المسلمين ينص على أن القرآن له صفة إعجازية من حيث المحتوى والشكل، ولا يمكن أن يضاهيه كلام بشري. ووفقًا لهذا الإعتقاد، فإن القرآن هو الدليل المعطى للنبي محمد ﷺ للدلالة على صدقه ومكانته النبوية. يؤدي الإعجاز غرضين رئيسين الأول وهو أثبات أصالة القرآن وصحته كمصدر من إله واحد. والثاني هو إثبات صدق نبوة محمد ﷺ الذي نزل عليه لأنه كان ينقل الرسالة. ظهر مفهوم إعجاز القرآن منذ اليوم الأول لقيام النبي محمد ﷺ بتبليغه للعرب حيث كان يبلغ من العمر آنذلك 40 عامًا.
الإعجاز لغةً: مشتقٌ من عجزُ عجزاً، فهو عاجزٌ. أي: ضعيفٌ. والمعنى: ضعف عن الشئ، ولم يقدر عليه، ويقال أعجزني فلانٌ إذا عجزت عن طلبه وإدراكه. والإعجاز القرآني مصطلح يدل على: قصور الإنس والجن عن أن يأتوا بمثل القرآن الكريم أو بسورةٍ من مثلهِ.
وقد بين القرآن ما أصاب العرب عند سماعهم آياته لأول مرة، فبعضهم وصف النبي محمد ﷺ بأنه شاعر فأنزل الله تعالى في سورة يس: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ وبعضهم قال أن النبي محمد ﷺ قد نقل هذا الكلام ممن سبقوه، يقول الله تعالى في سورة الفرقان: وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ، بينما اتهم بعضهم النبي محمد ﷺ بأنه ساحر يقول الله تعالى في سورة يونس: أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ .
وفقًا لصوفيا فاسالو وهي باحثة معاصرة في علم اللاهوت، فإن الأخبار التي وصلت إلينا عن طريقة تلقي العرب للقرآن وإصابتهم بالحيرة أمر بالغ الأهمية في النقاشات. تقول صوفيا :«إن العرب لما سمعوا القرآن أحتاروا في محاولة تصنيف كلماته وتسائلوا: هل هذا شعر؟" "هل هذا سحر؟" "هل هو أساطير؟" لم يتمكن العرب من العثورعلى أي شكل أدبي يتوافق مع القرآن».
وتتعدد أنواع الإعجاز القرآني وتتنوع لتشمل العديد من المواضيع فمنها:
الإعجاز البياني، وهو قدرة القرآن الكريم على إيصال المعاني والرسائل المختلفة بوضوح وبلاغة يعجز البشر عن الإتيان بمثلها.
الإعجاز العلمي هو إخبار القرآن الكريم بالحقائق العلمية المختلفة كعلوم الفضاء والبحار والجبال وغيرها والتي لم يكن ممكنا إدراكها في زمن نزول القرآن ولم يتم إثباتها إلا بالعلم الحديث
الإعجاز التشريعي هو سمو ودقة التشريعات والمبادئ التي جاء بها القرآن الكريم وتميزها عن ما دونها من التشريعات بطريقة يستحيل على البشر الإتيان بها.
الإعجاز الغيبي ويُقصد به إشارة القرآن الكريم لأمور غيبية لها علاقة بالماضي أو الحاضر أو المستقبل يستحيل على البشر التنبؤ بها.
كان للجاحظ وغيره من المفكرين والأدباء المسلمين تأثير في تشديدهم على فصاحة القرآن وبيانه مما جعل لفظة "الإعجاز" تزداد ارتباطا بما له من أسلوب بلاغي رفيع . غير أن بعضهم قالوا بأن فكرة الإعجاز يجب الا تفهم هذا الفهم الضيق ومنهم "إبراهيم النظام" الذي أدخل إلى النقاش الدائر بين العلماء فكرة "الصرفة" قائلا إن إعجاز القرآن الكريم يقوم على "أن الله صرف العرب عن معارضته بأن سلب علومهم به" ولم يقبل هذا الفكرة إلا قلائل.
واستمرت الكتابات عن الإعجاز منذ القرن الثالث الهجري لكن وجوه الإعجاز ظل مدار نقاش بين المفكرين المسلمين. كتب الكثير منهم في الإعجاز منهم أبو الحسن الرماني في كتابه "النكت في إعجاز القرآن" وهو من أوائل المؤلفات التي وردت لفظة الإعجاز في عناوينها.
أما أبو سليمان الخطابي فرفض فكرة الصرفة في كتابه "بيان إعجاز القرآن" ورفض أن تكون أخبار المستقبل من وجوه الإعجاز واعتبر التأثير النفسي الذي للقرآن في النفوس مظهرا من مظاهر الإعجاز ووافقه في رأيه أبو بكر الباقلاني في كتابه "إعجاز القرآن" على تفرد بلاغة القرآن وتميز أسلوبه .
أما القاضي عبد الجبار فيؤكد في كتابه "المغني في أبواب التوحيد والعدل" أن أسلوب القرآن المتميز هو وجه من وجوه إعجازه وأن هذه الفصاحة ناتجة من امتياز اللفظ والمعنى. أما عبد القاهر الجرجاني فله العديد من الأراء في الإعجاز وضعها في كتابيه "دلائل الاعجاز" و"أسرار البلاغة" منها أن الالفاض المفردة بحد ذاتها لا ميزة للواحدة منها على الاخرى وأن المعاني بحد ذاتها لا وجود لها بدون الالفاض ولذلك لا ينبغي الحكم على درجة بلاغتها مفردة بل مجتمعة في نظم. أما في كتب التفسير كما يقول فلم يأت من المفسرين من استعمل علوم البلاغة النامية في فهم نصه وإلقاء الضوء على إعجازه وجمال أسلوبه خير من الزمخشري في كتابه "الكشاف"." وجاء بعد الزمخشري"مؤلفون كثيرون لكنهم لم يزيدوا شيئا يذكر على مفهوم الاعجاز."
وفي القرن العشرين أعاد الإمام محمد عبده الدراسات إلى "البساطة المعقولة وبحث الإعجاز بشكل مختصر في كتابه "رسالة التوحيد" فابتعد عن التحليل المفصل لمسائل النحو والبلاغة في القرآن . وخصص مصطفى صادق الرافعي كتابا للإعجاز أسماه "إعجاز القرآن والبلاغة النبوية" وفيه تحدث عن "العجز البشري عن محاولة المعجزة. واستمرار هذا العجز على مر العصور." وشدد عبد المتعال الصعيدي في كتابه "النظم الفني في القرآن" على النظر إلى القرآن ككل وعلى "علم ارتباط الايات".
أما سيد قطب فكتب العديد من المؤلفات في الإعجاز منها "التصوير الفني في القرآن" و"مشاهد القيامة في القرآن" و"في ظلال القرآن" أولى فيها النواحي الجمالية والبلاغية في أسلوب القرآن اهتماما كبيرا ورأى انه "يعبر بالصور المحسة المتخيلة عن المعنى الذهني والحالة النفسية والمشهد المنظور."
هذا الكتاب في علم الكلام تناول موضوعي التوحيد والعدل بأسلوب وتحقيق قائم على مرتكزات علمية وسلط الضوء على موضوعات هامة منها الكلام على التنويه الكلام على المجوس والنصارى والصائبين وأهل الأصنام ومذاهب العرب في الجاهلية وما يتعلق بأسماء الله الحسنى وصفات الله.. الخ.
المغني في أبواب التوحيد والعدل، هو كتاب من تأليف عبد الجبار المعتزلي. يظهر من ترجمة حياته أنّ كتابه الكبير المغني الّذي يقع في عشرين جزءاً ممّا أملاه على تلاميذه ولم يكتبه ببنانه. يقول الحاكم: كان ـ رحمه الله ـ يختصر في الاملاء ويبسط في الدرس على ضدّ ما كان يفعله الشيخ أبوعبدالله فكان من حسن طريقته ترك الناس كتب من تقدّم.
ولما فرغ من كتاب «المغني» بعث به إلى (الصاحب) فكتب (الصاحب) إليه كتاباً هذه صورته:
«بسم الله الرّحمن الرّحيم
أتمّ الله على قاضي القضاة نعمته، وأجزل لديه منّته،لقد أتمّ من كتاب «المغني» ذخيرة للموحّد، وشجى للملحد، وعتاداً للحق، وسداداً للباطل، وإنّه كتاب تفخر به شرعتنا على الشرع، ونحلتنا على النحل، واُمّتنا على الاُمم وملّتنا على الملل، وفّقه الله له حين نامت الخواطر وكلّت الأوهام وظنّ الظانّون بالله أنّ العلم قد قبض ونخاعه قد ضعف، وأنّ شيوخه الأعلون (كذا) قد شالت نعامتهم وخفّت بضاعتهم، ووهن كاهلهم، ودرج أفاضلهم، ولم يدروا أنّ في سرّ الغيب إن كان آخراً بالاضافة إليهم، إنّه الأوّل بالامامة عليهم، كذلك يفعل الله ليظهره على الدين كلّه ولوكره المشركون. فليقرّ قاضي القضاة ـ أدام الله تمكينه ـ عيناً بما قدّم لنفسه وأخّر واكتسب لغده وذخر،
وليرينّ في ميزانه ـ إن شاء الله ـ من ثواب ما دأب فيه واحتسب وسهر ليله وانتصب، صابراً على كدّ الخواطر ومعانياً برد الأصايل إلى حرّ الهواجر، أثقل من أحد وأرزن، وأوفى من الرمل وأوزن (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْس مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْر مُحْضَراً)وورد محمّد ولدنا بالنباء العظيم والصّراط المستقيم من الجزء الأخير من كتاب «المغني» فقلت يا بشراي، هذا زاد المسافر، وكفاية الحاضر وتحفة المرتاد وطفقت أنشئ وأقول: ولوأنشر الشيخان عمرووواصل * لقالا جوزيت الخير عنّا وأنعما فأتمّ على قاضي القضاة نعمه، كما أورد علينا ديمه والسلام. ثمّ إنّ الحاكم بسط الكلام في أسماء تآليفه، وقال: «إنّ له 400 ألف ورقة ممّا صنّف في كلّ فنًّ وكان موفّقاً في التصنيف والتدريس، وكتبه تتنوّع أنواعاً فله كتب في الكلام لم يسبق إلى تصنيف مثلها في ذلك الباب.»
القاضي عبد الجبار المعتزلي - القاضي أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن الخليل بن عبد الله المعتزلي الأسدآبادي (359 – 415هـ، 969 – 1025م) المولود في أسد آباد (أفغانستان) والراجح أنه عربي النسب من همدان. يلقبه المعتزلة بـ"قاضي القضاة" ولا يطلقون هذا اللقب على سواه. سمع الحديث من أبي الحسن بن سلمة القطان، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وعبد الله بن جعفر بن فارس، والزبير بن عبد الواحد الأسدأبادي وغيرهم. روى عنه القاضي أبو يوسف عبد السلام بن محمد ابن يوسف القزويني المفسر المعتزلي، وأبو عبد الله الحسن بن علي الصَّيْمَرِي، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي.
أساتذته
أما أستاذه في الاعتزال فهو أبو إسحاق بن عياش إبراهيم بن عياش البصري، قال عنه القاضي عبد الجبار : “وهو الذي درسنا عليه أولا”، وهو من الورع والزهد والعلم على قدرعظيم. وقد رحل إليه من بغداد قوم يجمعون مجلسه إلى مجلس أبي عبدا. استدعاه الصاحب بن عباد إلى الري، واشتغل بالتدريس والقضاء، وقد عينه الصاحب في منصب قاضي القضاة في الري. وتوفي بها. وقف عمره على التدريس والإملاء، وإليه انتهت رئاسة المعتزلة حتى صار شيخها وعالمها غير مُدافَع. قال عنه ابن المرتضى: “نسخت كتبه كتب من تقدمه من المشايخ”.
كتبه
من أشهر كتبه في الكلام الدواعي والصواري؛ الخلاف والوفاق؛ الخاطر؛ الاعتماد. ومن أماليه المغني؛ الفعل؛ الفاعل؛ المحيط؛ وكتابه المشهور في مبادئ الاعتزال شرح الأصول الخمسة. له مصنفات في الشروح مثل شرح الجامعين؛ شرح الأصول؛ ومن كتبه في أصول الفقه: النهاية؛ وكتب في النقض مثل نقض اللمع؛ نقض الإمامة، ومنها ردود على مسائل وردت عليه من الآفاق. مثل: الرازيات؛ العسكريات؛ الخوارزميات؛ النيسابوريات. وقد كان القاضي عبد الجبار من أكثر شيوخ المعتزلة إملاء وتدريساً.
وفاته
مات في شهر ذي القعدة سنة 415 هـ، وهو من أبناء التسعين. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ المغني في أبواب التوحيد والعدل (التكليف) ❝ ❞ شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار / ج2 ❝ ❞ شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار / ج1 ❝ ❞ المغني في أبواب التوحيد والعدل (إعجاز القرآن) ❝ ❞ المغني في أبواب التوحيد والعدل (خلق القرآن) ❝ ❞ المغني في أبواب التوحيد والعدل (الإرادة) ❝ ❞ المغني في أبواب التوحيد والعدل (الشرعيات) ❝ ❞ المغني في أبواب التوحيد والعدل (النظر والمعارف) ❝ ❞ المغني في أبواب التوحيد والعدل (المخلوق) ❝ الناشرين : ❞ مطبوعة البلاد التركية ❝ ❱
من الإعجاز في القرآن الكريم والسنة النبوية الإعجاز في القرآن والسنة - مكتبة كتب إسلامية.