📘 قراءة رواية المخطوطة السرية لجلابي ود عربي .. الجزء الأول أونلاين
في تجاعيد ذاكرة البنجوس، الجزء الثالث من لا وطن في الحنين، نقرأ:
”ساد بينهما صمت عميق، بدى خلاله حفيف أوراق الشجر، كخربشة قطة متوحشة، تسلخ لحاء الأشجار. وبدى فيه خرير الجدول، كنعيق مدوي لطائر البوم! استلقى البنجوس على بساط العشب الحائل اللون، واتكأت كيرا على ضلعه الأيسر.
تنهدت في عذوبة وهي تحلم به:
"آه يا شقيق دمي"
غردت طيور الدغل لحظتها، في صوت موحد، فهم بها:
"آه يا شقيقة دمي.."
كان (البنجوس) يدرك فداحة جرحه، وطيفها يخرج من جسده، ويتلاشى في فضاء المكان..
أنهد صوت البنجوس، وران الصمت على الغرفة الغارقة في الذكريات.. المشدوهة في الصمت والصدى والحنين.
انسحبت (راوية) من تجاعيد ذاكرته وتغضناتها المدهشة، تنضو تلافيفها.. تختلس أفكاره وتسترق أحاسيسه، ومشاعره الخبيئة الدافئة. رغم مرور السنوات الطوال، منذ آخر مرة رآها.
كانت الغيوم تتلبد، و(البرق العبادي) يشيل ويخت في الأفق، عندما رأى البنجوس نفسه، ممتطياً جواداً كميتاً. توغل في صهيل الكميت، وتوغله الصهيل، والكميت يشق بجسده الأملس، لجة البحيرَّة الوردية، ويغيب في أعماقها. يحاصره صوت عميق كالدوَّامة:
"ساو.. صولمنج.. صولمنج..“..
في الجزء الثاني من لا وطن في الحنين (الكنداكة.. ساورا مملكة الجبل).. نقرأ عن مملكة ساورا التي كان إنشاؤها بعد سقوط مملكة الجبل محملا بأحلام بددتها الصراعات على الحكم والفتن وآثار الجفاف والوباء والخراب الذي خلفه الغزاة. حيث يتعرف أبناء الحاضر في قراءتهم لتاريخ تلك المملكة على المأساة التي مازالت تتكرر حتى الآن، لمقاومة كل هذا الدمار والموت؟
مجلة الكلمة، العدد 160 أغسطس 2020
جاء فيها: ”وهو في النزع الأخير على حجر ابنته كيرا، تراءت له وقائع حياته مع سابا، صديقة الجنيات في ادق تفاصيلها.. تراءى له.. شبابهما وذكرياتهما معا! ولفظ أنفاسه، وهو يرى نفسه على احضانها، في تلك اللحظة البعيدة! عندما أمسك بكنفوسها الجلدي القديم في يده. وتفرّس فيه. فهاجه التوق والوجد، وتدفقت في عروقه حرّق، كتلك التي تندفع من جوف جبل الميدوب!
في ذلك الوقت كانت سابا؛ قد بدأت تألفه وتعتاد عليه. فعنّ له أن يقترِّب أكثر، من تلك الرؤيا التي تسكنه.. رؤيا العرش خلف طيفها الغامض!
دنا منها وهما ينهيان حماميهما، في ذلك الوادي. أراد أن يتوحد معها، خبّت الألفة في عيونها، وانبعث محلها شرّر. كشرّت عن اللبوة داخلها. نظر في أعماق عينيها بقوّة، فتنمرّت أكثر.
دنا منها. فمدّت يديها كحيوان كاسر، لتنتزع خاصِّرته، فتراجع بزاوية حادة، أطاحت بزراعيها في الهواء، أختل توازنها، فباغتها من الخلف، وأحتضنها مقيدا يديها الى ظهرها، وشابكا ساقيه في ساقيها!
أخذت تحرِّك رأسها وقدميها في عنفٍ، تشققّت له تربة الوادي الرملية الرطبة، وهي تزأر بوحشية جعلت الطيور، التي في أعلا التّل ترتاع وتهرب من وكناتها، لا تلوي على شيء!
ظل سورِّنق ممسكا بسابا، إلى أن خارت قوّاها، فكفت عن المقاومة، فتركها!
وقبل أن تتهاوّى كقلعة مهدّمة، سندها برِّفق وأتكأها على حافة الوادي، وأبتعد عنها قليلا ينظر إليها.. حدقت فيه بدهشة، وغابت بعيدا.. بعيدا“.
نبذة عن المخطوطة السرية
نشرت رواية المخطوطة السرية عن مجلة الكلمة اللندنية العدد ¹¹³ عدد سبتمبر ²⁰¹⁶، كجزء أول من ثلاثية لا وطن في الحنين، وجاء في تقديم محرر الكلمة لهذا الجزء ”تنشر الكلمة الجزء الأول من ثلاثية أحمد ضحية التي يحاول فيها تصوير الواقع والتاريخ السوداني من خلال شخصيات معاصرة تعاني من الصراعات الأثنية والدينية، ليتغلغل في تاريخ المكان وماضيه الأسطوري من أجل أنشاء الدولة والممالك بحكّام يتآمرون على بعض ويشعلون الحروب بصورة تعكس ما يجري الآن في الواقع المعاصر“.
وقد نشرت الاجزاء الثلاثة من هذه الثلاثية ورقيا للمرة الأولى عن دار ويلوز هاوس جوبا جمهورية جنوب السودان، ²⁰²⁰. بعد أن ظلت مخطوطة لأكثر من عقدين من الزمان.
مما جاء فيها ”على مسرح جلابي المنصوب في العراء، قدم مسرحييها الذين حصل أغلبهم على جوائز عالمية كبيرة، في التمثيل والإخراج والتأليف، لكن لم تسمح لهم الدولة بالسفر للحصول عليها!
من هذا المسرح خرجت روائع المسرح الوطني، التي أصبحت تُدرَّس لتلامذة المسرح في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وكل مراكز الآداب والفنون العالمية، منذ الانحسار الهليني على أيام مملكة ساورا!
فأهم السمات التي حملتها مدرسة ”جلابي“ المسرحية، أنها استفادت من عصر ”الباروك“ في تعابيرها الحسية، وأخذت عن ”البيكيتية“ عبثية هذا العالم في البلاد الكبيرة، وعلى هدى ”كنط“ حاولت اشتراع عقلانية جذرية في الإبداعي!
هذا المزيج الغريب، أدهش العالم، وأوقف ضربات قلب المشاهدين، الذين كانوا يحبسون أنفاسهم منذ لحظة رفع الستار حتى إسداله!
قدمت جلابي دراما غير معقولة البتة، استطاعت أن تعكس خلالها مباهج ”الإنسان“ وآلامه، في هذا المكان المعزول عن العالم والمسمى ”جلابي ود عربي“ ما جعل أحلام الأهالي تتجاوز مجرد طرد حكومات الإستعمار المحلي الجنكويزية، إلى نوع من الحلم الصوفي، بالخلاص والفردوس المفقود والمدن الفاضلة.
هذا المسرح الذي قدمته جلابي، استطاع أن يضخ معان وقيم جديدة، جددت دماء العروق الجافة للمسرح العالمي، خاصة بعد المرحلة الشكسبيرية الباروكية، التي استمرت لوقت طويل رغم أنف التاريخ الفني!“.
سنة النشر : 2020م / 1441هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 0.8 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'