❞ كتاب وداعا محفوظ نحناح ( رمز الإسلام المعتدل فى الجزائر ) ❝ ⏤ وصفي عاشور أبوزيد
الكتاب عبارة عن جمع لما كُتِبَ عن الشيخ محفوظ نحناح< بعد وفاته، حيث شملت الكتابات كتَّاباً ومفكرين من مختلف أقطار العالم الإسلامي، واحتوت هذه الكتابات على مواقف ووقائع في الفكر الإسلامي وفقه الدعوة مما لا يوجد في كتب الشيخ نحناح وبين من كتب عنه من كتَّاب ومفكرين مما يزيد من أهمية جمعها كشيء وثائقي عن الفقيد الراحل.
وجاء في بدء الكتاب بعد التقديم، كلمة وافية، ألقت الضوء على شخصية الشيخ محفوظ نحناح ونشأته، وتعليمه، وتكوينه، ونشاطاته، وآرائه، ومعتقداته، كما احتوى على إضاءات على الحركة الإسلامية في الجزائر.
- خسارة للأمة الإسلامية التي عرفت فيه صورة التوازن والتكامل، وأدركت، من خلال فكره وتعامله مع الجميع معنى الوسطية والاعتدال، وفهمت التيارات الإسلامية ( للأسف بعد وفاته )
إن الرجل كان سابقاً لزمانه ومتشرفاً لمستقبل لا تنفع معه "فتاوى" الاستحلال ولا تصمد أمام عواصف فكره المعولم مناهج اللائذين بكهوف التكفير والتفجير.
- وخسارة للإنسانية التي لو التفتت لما كان يقول ويكتب ويتواصل – عبر نشاطه العالمي الواسع – لأمكنها أن تتلافى كثيراً من التوترات، وتتجاوز العديد من الاحتقانات التس صارت حديث العام والخاص بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001 حيث كان فضيلة الشيخ ضد أوشك على إنهاء "دورته" الحياتية
ولم ينهي بعد دورته الحضارية في التعريف بحركة إسلامية أرادها " حماس ا" أي حركة المجتمع الإسلامي " حماس " أرادوها "حمساً" أي حركة مجتمع السلم، وكلتاهما دعوة إلى الدخول في السلم كافة.
لقد أحسست بهذه الخسارة الرباعية الفادحة وأنا أعيد قراءة رسائل التعازي وبرقيات التأبين و "شهادات" الذين عرفوه عن قرب ..
حيث تكدست آلاف الرسائل حتى ليخيل إليك أن الذي فقدته الجزائر يوم الخميس 19 جوان 2003 لم يكن مجرد داعية قال للناس "ناقشوا القضايا الساخنة بأعصاب باردة"، ولم يكن كذلك مجد رئيس حزب إسلامي يقول للناس: "لو خيرت بين الجزائر وحركة مجتمع السلم لاخترت الجزائر "،
ولم يكن أيضاً مجرد شخصية مرموقة تحاور الجميع وتدعو إلى فتح أبواب الحوار "حتى مع الشيطان !؟" لأنها تدرك أن الشيطان لا حجة له، وأن "وسوساته" غثاء وزبد، إذا ضُرب الباطل بالحق ذهب جفاء، ﴿ كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ﴾. الرعــد الآية 17.
لقد كان الرجل يحمل مشروع "تجديد" كامل يمهد لبناء مدرسة فكرية جديدة مفتاحها: "نتعاون فيما اتفقنا عليه نتحاور فيما اختلفنا فيه" وليس الذهاب إلى التماس الأعذار حول المختلف فيه، فالتماس الأعذار صار "تكتيكياً" يلعب البعض عليه لتحقيق هدفين في آن واحد:
- تضييع الوقت لكسب المزيد من الهوامش المختلف فيها.
- التملص من واجبات التعاون بحجة الاختلاف.
عندما عرفت الجزائر هذا الرجل ـ كداعية وإمام وواعظ متجول وأستاذ جامعي ـ سنوات 1969، 1989 أوجست منه خيفة ككل رجل يطرح "فكراً غريباً" على حياة الناس وما ألفوه من ممارسات،
ولذلك حكم عليه بالسجن 12 سنة عام 1976 عندما عارض التوجهات الاشتراكية وقال إنها دخيلة على طبيعة المجتمعات الإسلامية، وتبين للناس ـ بعد تجربة دامت ربع قرن ـ أن الطريق إلى الاشتراكية لم تكن طريقاً سالكة.
وجاءت أحداث 5 أكتوبر 1988 لتطيح بالمنظومة السياسية كلها، وتذهب رياح الحزب الواحد وبأتي دستور 23 فبراير 1989 بالتعددية وينخرط هذا الرجل الرمز في مسار "تجديد متدرج" كان بحاجة إلى 20 عاماً ليعطي ثماره ولكن الموت عاجله بعد أن قطع من العشرين سنة نصفها فقط، فانتقل إلى جوار ربه تاركاً "جماعته" في منتصف الطريق:
- التأسيس لم يكتمل بالمفهوم الثقافي.
- والمؤسسات لم تبدأ بالمفهوم الحضاري.
وهكذا اضطربت في أيدي أنصاره ـ بعد موته ـ خارطة الطريق التي كشفت مجموعة من الرسائل (التي أبرق إلينا أصحاب الشيخ بمناسبة انتقاله إلى رحمة الله) عن معالم طريق جديد يمكن أن يتلمسها القارئ النبيه في العناوين الكبرى والمعاني المشتركة الواردة في سياقات التأبين لرجل كانت له أفكار "مغناطيسية" تلتصق وتجذب و "تمغنط" كل من عرفه وجالسه وتحدث إليه في هموم الأمة وقضاياها الاستراتيجية.
بقيت كلمة لابد منها،
وهي أن الرجل كان معتدلاً في أقواله وأفعاله وعلاقاته ومحيطه العاطفي، وفي كل فضاءاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتنظيمية ..إلخ ولكنه كان متطرفاً في مسألتين هما:
- حبه للجزائر بوطنية صادة.
- ومناصراته لفلسطين بصك على بياض.
هذه النماذج هي "مفرزة" من سيل عارم من الرسائل اخترناها على قاعدة: من كل عين دمعة، ومن كل قطرة زفرة، ومن كل آهة إحساس بأمل جديد، وهي في كل الأحوال "شهادات" صادقة من رجال كبار عرفوا الشيخ وأحبوه وكانوا يعقدون عليه الأمل في المساهمة بإخراج الأمة الإسلامية من نفق ليل طويل، لكن مشيئة الله سابقة وقدرته غالبة وإرادته ماضية ﴿لله الأمر من قبل ومن بعدُ﴾
رحم الله الشيخ محفوظ نحناح وأسكنه فسيح الجنان، فقد كان أمة في رجل، ولكنه ترك رجالاً برهنوا للناس أن البناء الذي تركه كان قد أسسه على تقوى من الله ورضوان، فجزاه الله خيراً عنا وعن الإسلام والمسلمين.
وصفي عاشور أبوزيد - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ في ظلال سيد قطب : لمحات من حياته وأعماله ومنهجه التفسيري ❝ ❞ المحاولات التجديدية المعاصرة فى اصول الفكر دراسة تحليلية ❝ ❞ الليبرالية في السعودية والخليج دراسة وصفية نقدية ❝ ❞ وداعا محفوظ نحناح ( رمز الإسلام المعتدل فى الجزائر ) ❝ الناشرين : ❞ دار التوزيع والنشر ❝ ❞ دار الروافد الثقافية ❝ ❞ صوت القلم العربي ❝ ❱
من التراجم والأعلام - مكتبة كتب إسلامية.