❞ رسالة النظرية السياسية عند ابن تيمية (دكتوراه) ❝  ⏤ حسن كوناكاتا

❞ رسالة النظرية السياسية عند ابن تيمية (دكتوراه) ❝ ⏤ حسن كوناكاتا

يركز ابن تيمية على حرمة ترك (نصب الإمام) وقد عقد لذلك فصلا سماه (منزلة الولاية)، بل ذهب إلى أنها من أعظم الواجبات الدينية، قال:”يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها”، ثم استدل على ذلك بالشرع لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا كنتم ثلاثة فأمروا) ثم استنبط من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم” أوجب تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع”.

ثم ساق أدلة عقلية على وجوب التأمير منها أنها من ما يتم به أداء الواجب فلذلك وجبت، فلا بد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجبين بنص الشرع من (قوة وإمارة)، “وكذلك سائر ما أوجبه الله من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود”.

ويجب تقديم الأصلح للولاية ويحرم العدول عنه إلى من هو أقل منه صلاحية، لأن في ذلك توسيد الأمر إلى غير أهله الذي عده النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة.

طبيعة الحكم التنافس وطلب المنزلة

يناقش ابن تيمية بواقعيته المعهودة (طبيعة الحكم) ويقرر دنيويته أولا، وأن الدافع الأصلي لطلب الإمارة لا يكون دينيا بل “أكثر من يدخل فيها لا يقصد العبادة والتقرب، بل لما في النفوس من حب الشرف والعلو”، ويرى أن هذه الطبيعة لا تخدش أهميته ومكانته في الدين.

ويحاول بجدله القوي أن يجعل تعدد القصد ملابسا لأكثر تصرفات المرء العادية في غير العبادات المحضة، يقول” فكما أن أكثر من يأكل ويشرب وينكح لا يقصد العبادة المحضة ـ وهو من الواجبات ـ. بل أكثر من يؤدي الأمانات الظاهرة، كقضاء دين الناس، وما عنده من أموال المضاربات والشركات إنما يقصد بها قيام حرمته وجاهه عندهم ـ وهي من الواجبات ـ فنظيره كثير.” ص 235

وبعد تحليله لطبيعة الدوافع النفسية التي تقف خلف كثير من تصرفات العبد ومنها طلبه الإمارة؛ يؤكد أنه لا بد للأمير من السعي للتغلب على ذلك الدافع الدنيوي وتغليب دافع القربة والدين، يقول:” فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها بالعمل الصالح فيها إلى الله تعالى، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات” ص 235. ثم يحلل أسباب الفساد في الأمراء والولاة وأن أكثر ذلك إنما هو لتمحض الدافع الدنيوي عنده لطلب الإمارة، يقول:”وإنما فسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرئاسة أو المال بها فقط”.

الكتاب الهادي والحديد الناصر

ثنائية الدستور الحاكم والقوة الرادعة حاضرة في الفكر السياسي لابن تيمية، وهي فكرة مستنبطة من آية الحديد:(.. وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد)، وهي إحدى كبريات الفكر السياسي العالمي المعاصر، حيث يمنع الدستور الحاكم (الراعي) أن يستبد وتحجز القوة والحزم (الرعية) أن تخالف القانون فينفلت الأمن، وإذا اختل أحد العنصرين انهار أساس الدولة.

والدستور في الدولة الإسلامية هو القرآن(الكتاب الهادي)، وقد حدد العلاقة بين الراعي والرعية في آية الأمراء التي بنى عليها ابن تيمية كتابه، وهي تقدم تصورا ثلاثيا الأبعاد لأركان الدولة، كالتالي:

1 ـ أولو الأمر(الأمراء والعلماء) وواجبهم أداء الأمانات وتحقيق العدل وحقهم الطاعة في المعروف

2 ـ الرعية وواجبها الطاعة والنصيحة والنصرة وحقها أن تُحْكم بالعدل

3 ـ الشريعة وهي منطلق الأحكام والمرجع عند التنازع.

وتتفرع عن هذا ثنائيات أخرى هي:

أ ـ القوة والأمانة: وهما شرطان للتولية، وتعني (القوة) الأهلية الإدارية والبدنية والسياسية للوالي، بينما تعني (الأمانة) مسؤولية الضمير النابعة من قوة التدين التي تصدر عنها أحكام العدل، فهما متعلقتان ببناء السلطة. وتشمل القوة كما يقول المؤلف:”قوة المرء على نفسه وقوته على غيره”.

وتختلف القوة بحسب طبيعة الولاية فقوة القائد العسكري هي الشجاعة والخبرة العسكرية، وقوة القاضي في علمه وفهمه لأحوال الناس مما يعين على فض الخصومات إلخ. وكما عبر عن ذلك ابن تيمية فإن:”معرفة الأصلح تتم بمعرفة مقصود الولاية”

ب ـ القوة والعدل: وهما وسيلتان لتنفيذ الأحكام أي يلزم الأمير أن يعتمدهما في أدائه السلطوي، فلا يمكن تطبيق الأحكام الشرعية دون قوة تلزم وتردع، ولكنه يلزم مع تلك القوة عدل ورحمة.

المال للرعية وليس ملكا للأمير

حين بدأ ابن تيمية كلامه في فصل الأموال على أداء الأمانات قال:”وهذا القسم يتناول الرعاة والرعية، فعلى كل واحد منهما أن يؤدي إلى الآخر ما يجب أداؤه إليه”، ثم عرض لحرمة طلب الرعية من الولاة مالا لا تستحقه، فإن ذلك سحت حرام.

ويقدم ابن تيمية تكييفا لمنصب الأمير في علاقته بالرعية وأموال الدولة ومصالحها، إنه أمين أو نائب أو وكيل، لا يخرج عن أحد هذه الثلاثة، ولا يجوز لأحد من هؤلاء الثلاثة أن يتصرف في ما جعل تحت يده إلا وفق ما شرطه أصحاب الملك الأصلي وهم (الرعية)، من أجر وأعطية معلومة، يقول:”..ليس لولاة الأموال أن يقسموها حسب أهوائهم كما يقسم المالك ملكه، فإنما هم نواب ووكلاء، وليسوا ملاكا” ص 44.

تلك بعض القضايا الكبرى التي عرض لها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه(السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) الذي نهج فيه نهجا مغايرا لمن سبقوه ثم رتبه ونظم أبوابه بطريقة بديعة، وهو عرض لا يغني عن قراءة الكتاب نفسه.

أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراة. يدور الكتاب حول النظرية السياسية عند ابن تيمية من السياسة الشرعية
حسن كوناكاتا - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ النظرية السياسية عند ابن تيمية (دكتوراه) ❝ ❱
من بحوث ورسائل ماجستير ودكتوراه في التخصصات الإسلامية كتب الدراسات العليا - مكتبة الكتب العلمية.

نبذة عن الكتاب:
النظرية السياسية عند ابن تيمية (دكتوراه)

1994م - 1445هـ
يركز ابن تيمية على حرمة ترك (نصب الإمام) وقد عقد لذلك فصلا سماه (منزلة الولاية)، بل ذهب إلى أنها من أعظم الواجبات الدينية، قال:”يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها”، ثم استدل على ذلك بالشرع لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا كنتم ثلاثة فأمروا) ثم استنبط من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم” أوجب تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع”.

ثم ساق أدلة عقلية على وجوب التأمير منها أنها من ما يتم به أداء الواجب فلذلك وجبت، فلا بد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجبين بنص الشرع من (قوة وإمارة)، “وكذلك سائر ما أوجبه الله من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود”.

ويجب تقديم الأصلح للولاية ويحرم العدول عنه إلى من هو أقل منه صلاحية، لأن في ذلك توسيد الأمر إلى غير أهله الذي عده النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة.

طبيعة الحكم التنافس وطلب المنزلة

يناقش ابن تيمية بواقعيته المعهودة (طبيعة الحكم) ويقرر دنيويته أولا، وأن الدافع الأصلي لطلب الإمارة لا يكون دينيا بل “أكثر من يدخل فيها لا يقصد العبادة والتقرب، بل لما في النفوس من حب الشرف والعلو”، ويرى أن هذه الطبيعة لا تخدش أهميته ومكانته في الدين.

ويحاول بجدله القوي أن يجعل تعدد القصد ملابسا لأكثر تصرفات المرء العادية في غير العبادات المحضة، يقول” فكما أن أكثر من يأكل ويشرب وينكح لا يقصد العبادة المحضة ـ وهو من الواجبات ـ. بل أكثر من يؤدي الأمانات الظاهرة، كقضاء دين الناس، وما عنده من أموال المضاربات والشركات إنما يقصد بها قيام حرمته وجاهه عندهم ـ وهي من الواجبات ـ فنظيره كثير.” ص 235

وبعد تحليله لطبيعة الدوافع النفسية التي تقف خلف كثير من تصرفات العبد ومنها طلبه الإمارة؛ يؤكد أنه لا بد للأمير من السعي للتغلب على ذلك الدافع الدنيوي وتغليب دافع القربة والدين، يقول:” فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها بالعمل الصالح فيها إلى الله تعالى، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات” ص 235. ثم يحلل أسباب الفساد في الأمراء والولاة وأن أكثر ذلك إنما هو لتمحض الدافع الدنيوي عنده لطلب الإمارة، يقول:”وإنما فسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرئاسة أو المال بها فقط”.

الكتاب الهادي والحديد الناصر

ثنائية الدستور الحاكم والقوة الرادعة حاضرة في الفكر السياسي لابن تيمية، وهي فكرة مستنبطة من آية الحديد:(.. وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد)، وهي إحدى كبريات الفكر السياسي العالمي المعاصر، حيث يمنع الدستور الحاكم (الراعي) أن يستبد وتحجز القوة والحزم (الرعية) أن تخالف القانون فينفلت الأمن، وإذا اختل أحد العنصرين انهار أساس الدولة.

والدستور في الدولة الإسلامية هو القرآن(الكتاب الهادي)، وقد حدد العلاقة بين الراعي والرعية في آية الأمراء التي بنى عليها ابن تيمية كتابه، وهي تقدم تصورا ثلاثيا الأبعاد لأركان الدولة، كالتالي:

1 ـ أولو الأمر(الأمراء والعلماء) وواجبهم أداء الأمانات وتحقيق العدل وحقهم الطاعة في المعروف

2 ـ الرعية وواجبها الطاعة والنصيحة والنصرة وحقها أن تُحْكم بالعدل

3 ـ الشريعة وهي منطلق الأحكام والمرجع عند التنازع.

وتتفرع عن هذا ثنائيات أخرى هي:

أ ـ القوة والأمانة: وهما شرطان للتولية، وتعني (القوة) الأهلية الإدارية والبدنية والسياسية للوالي، بينما تعني (الأمانة) مسؤولية الضمير النابعة من قوة التدين التي تصدر عنها أحكام العدل، فهما متعلقتان ببناء السلطة. وتشمل القوة كما يقول المؤلف:”قوة المرء على نفسه وقوته على غيره”.

وتختلف القوة بحسب طبيعة الولاية فقوة القائد العسكري هي الشجاعة والخبرة العسكرية، وقوة القاضي في علمه وفهمه لأحوال الناس مما يعين على فض الخصومات إلخ. وكما عبر عن ذلك ابن تيمية فإن:”معرفة الأصلح تتم بمعرفة مقصود الولاية”

ب ـ القوة والعدل: وهما وسيلتان لتنفيذ الأحكام أي يلزم الأمير أن يعتمدهما في أدائه السلطوي، فلا يمكن تطبيق الأحكام الشرعية دون قوة تلزم وتردع، ولكنه يلزم مع تلك القوة عدل ورحمة.

المال للرعية وليس ملكا للأمير

حين بدأ ابن تيمية كلامه في فصل الأموال على أداء الأمانات قال:”وهذا القسم يتناول الرعاة والرعية، فعلى كل واحد منهما أن يؤدي إلى الآخر ما يجب أداؤه إليه”، ثم عرض لحرمة طلب الرعية من الولاة مالا لا تستحقه، فإن ذلك سحت حرام.

ويقدم ابن تيمية تكييفا لمنصب الأمير في علاقته بالرعية وأموال الدولة ومصالحها، إنه أمين أو نائب أو وكيل، لا يخرج عن أحد هذه الثلاثة، ولا يجوز لأحد من هؤلاء الثلاثة أن يتصرف في ما جعل تحت يده إلا وفق ما شرطه أصحاب الملك الأصلي وهم (الرعية)، من أجر وأعطية معلومة، يقول:”..ليس لولاة الأموال أن يقسموها حسب أهوائهم كما يقسم المالك ملكه، فإنما هم نواب ووكلاء، وليسوا ملاكا” ص 44.

تلك بعض القضايا الكبرى التي عرض لها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه(السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) الذي نهج فيه نهجا مغايرا لمن سبقوه ثم رتبه ونظم أبوابه بطريقة بديعة، وهو عرض لا يغني عن قراءة الكتاب نفسه.

أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراة. يدور الكتاب حول النظرية السياسية عند ابن تيمية من السياسة الشرعية

.
المزيد..

تعليقات القرّاء:

يركز ابن تيمية على حرمة ترك (نصب الإمام) وقد عقد لذلك فصلا سماه (منزلة الولاية)، بل ذهب إلى أنها من أعظم الواجبات الدينية، قال:”يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها”، ثم استدل على ذلك بالشرع لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا كنتم ثلاثة فأمروا) ثم استنبط من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم” أوجب تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع”.

ثم ساق أدلة عقلية على وجوب التأمير منها أنها من ما يتم به أداء الواجب فلذلك وجبت، فلا بد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجبين بنص الشرع من (قوة وإمارة)، “وكذلك سائر ما أوجبه الله من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود”.

ويجب تقديم الأصلح للولاية ويحرم العدول عنه إلى من هو أقل منه صلاحية، لأن في ذلك توسيد الأمر إلى غير أهله الذي عده النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة.

طبيعة الحكم التنافس وطلب المنزلة

يناقش ابن تيمية بواقعيته المعهودة (طبيعة الحكم) ويقرر دنيويته أولا، وأن الدافع الأصلي لطلب الإمارة لا يكون دينيا بل “أكثر من يدخل فيها لا يقصد العبادة والتقرب، بل لما في النفوس من حب الشرف والعلو”، ويرى أن هذه الطبيعة لا تخدش أهميته ومكانته في الدين.

ويحاول بجدله القوي أن يجعل تعدد القصد ملابسا لأكثر تصرفات المرء العادية في غير العبادات المحضة، يقول”  فكما أن أكثر من يأكل ويشرب وينكح لا يقصد العبادة المحضة ـ وهو من الواجبات ـ. بل أكثر من يؤدي الأمانات الظاهرة، كقضاء دين الناس، وما عنده من أموال المضاربات والشركات إنما يقصد بها قيام حرمته وجاهه عندهم ـ وهي من الواجبات ـ فنظيره كثير.” ص 235

وبعد تحليله لطبيعة الدوافع النفسية التي تقف خلف كثير من تصرفات العبد ومنها طلبه الإمارة؛ يؤكد أنه لا بد للأمير من السعي للتغلب على ذلك الدافع الدنيوي وتغليب دافع القربة والدين، يقول:”  فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها بالعمل الصالح فيها إلى الله تعالى، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات” ص 235. ثم يحلل أسباب الفساد في الأمراء والولاة وأن أكثر ذلك إنما هو لتمحض الدافع الدنيوي عنده لطلب الإمارة، يقول:”وإنما فسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرئاسة أو المال بها فقط”.

الكتاب الهادي والحديد الناصر

ثنائية الدستور الحاكم والقوة الرادعة حاضرة في الفكر السياسي لابن تيمية، وهي فكرة مستنبطة من آية الحديد:(.. وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد)، وهي إحدى كبريات الفكر السياسي العالمي المعاصر، حيث يمنع الدستور الحاكم (الراعي) أن يستبد وتحجز القوة والحزم (الرعية) أن تخالف القانون فينفلت الأمن، وإذا اختل أحد العنصرين انهار أساس الدولة.

والدستور في الدولة الإسلامية هو القرآن(الكتاب الهادي)، وقد حدد العلاقة بين الراعي والرعية في آية الأمراء التي بنى عليها ابن تيمية كتابه، وهي تقدم تصورا ثلاثيا الأبعاد لأركان الدولة، كالتالي:

1 ـ أولو الأمر(الأمراء والعلماء) وواجبهم أداء الأمانات وتحقيق العدل وحقهم الطاعة في المعروف

2 ـ الرعية وواجبها الطاعة والنصيحة والنصرة وحقها أن تُحْكم بالعدل

3 ـ الشريعة وهي منطلق الأحكام والمرجع عند التنازع.

وتتفرع عن هذا ثنائيات أخرى هي:

أ ـ القوة والأمانة: وهما شرطان للتولية، وتعني (القوة) الأهلية الإدارية والبدنية والسياسية للوالي، بينما تعني (الأمانة) مسؤولية الضمير النابعة من قوة التدين التي تصدر عنها أحكام العدل، فهما متعلقتان ببناء السلطة. وتشمل القوة كما يقول المؤلف:”قوة المرء على نفسه وقوته على غيره”.

وتختلف القوة بحسب طبيعة الولاية فقوة القائد العسكري هي الشجاعة والخبرة العسكرية، وقوة القاضي في علمه وفهمه لأحوال الناس مما يعين على فض الخصومات إلخ. وكما عبر عن ذلك ابن تيمية فإن:”معرفة الأصلح تتم بمعرفة مقصود الولاية”

ب ـ القوة والعدل: وهما وسيلتان لتنفيذ الأحكام أي يلزم الأمير أن يعتمدهما في أدائه السلطوي، فلا يمكن تطبيق الأحكام الشرعية دون قوة تلزم وتردع، ولكنه يلزم مع تلك القوة عدل ورحمة.

المال للرعية وليس ملكا للأمير

حين بدأ ابن تيمية كلامه في فصل الأموال على أداء الأمانات قال:”وهذا القسم يتناول الرعاة والرعية، فعلى كل واحد منهما أن يؤدي إلى الآخر ما يجب أداؤه إليه”، ثم عرض لحرمة طلب الرعية من الولاة مالا لا تستحقه، فإن ذلك سحت حرام.

ويقدم ابن تيمية تكييفا لمنصب الأمير في علاقته بالرعية وأموال الدولة ومصالحها، إنه أمين أو نائب أو وكيل، لا يخرج عن أحد هذه الثلاثة، ولا يجوز لأحد من هؤلاء الثلاثة أن يتصرف في ما جعل تحت يده إلا وفق ما شرطه أصحاب الملك الأصلي وهم (الرعية)، من أجر وأعطية معلومة، يقول:”..ليس لولاة الأموال أن يقسموها حسب أهوائهم كما يقسم المالك ملكه، فإنما هم نواب ووكلاء، وليسوا ملاكا” ص 44.

تلك بعض القضايا الكبرى التي عرض لها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه(السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) الذي نهج فيه نهجا مغايرا لمن سبقوه ثم رتبه ونظم أبوابه بطريقة بديعة، وهو عرض لا يغني عن قراءة الكتاب نفسه.

 أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراة. يدور الكتاب حول النظرية السياسية عند ابن تيمية من السياسة الشرعية 

- أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراة. النظرية السياسية عند ابن تيمية من السياسة الشرعية



سنة النشر : 1994م / 1415هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 4.3 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة النظرية السياسية عند ابن تيمية (دكتوراه)

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل النظرية السياسية عند ابن تيمية (دكتوراه)
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
حسن كوناكاتا - HSN KONAKATA

كتب حسن كوناكاتا ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ النظرية السياسية عند ابن تيمية (دكتوراه) ❝ ❱. المزيد..

كتب حسن كوناكاتا