❞ كتاب حياة البخاري ❝  ⏤ محمد جمال الدين القاسمي

❞ كتاب حياة البخاري ❝ ⏤ محمد جمال الدين القاسمي




أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (13 شوال 194 هـ - 1 شوال 256 هـ) / (20 يوليو 810 م - 1 سبتمبر 870 م). أحد كبار الحفّاظ(1) الفقهاء من أهم علماء الحديث وعلوم الرجال والجرح والتعديل والعلل عند أهل السنة والجماعة، له مصنّفات كثيرة أبرزها كتاب الجامع الصحيح، المشهور باسم صحيح البخاري، الذي يعد أوثق الكتب الستة الصحاح والذي أجمع علماء أهل السنة والجماعة أنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم. وقد أمضى في جمعه وتصنيفه ستة عشر عاماً.

نشأ يتيماً وطلب العلم منذ صغره ورحل في أرجاء العالم الإسلامي رحلة طويلة للقاء العلماء وطلب الحديث وسمع من قرابة ألف شيخ، وجمع حوالي ستمائة ألف حديث. اشتهر شهرة واسعة وأقرّ له أقرانه وشيوخه ومن جاء بعده من العلماء بالتقدّم والإمامة في الحديث وعلومه، حتّى لقّب بأمير المؤمنين في الحديث.

وتتلمذ عليه كثير من كبار أئمة الحديث كمسلم بن الحجاج وابن خزيمة والترمذي وغيرهم، وهو أول من وضع في الإسلام كتاباً مجرّداً للحديث الصحيح. ومن أوّل من ألّف في تاريخ الرجال. امتُحن أواخر حياته وتُعصّب عليه حتى أُخرج من نيسابور وبخارى فنزل إحدى قرى سمرقند فمرض وتوفيّ بها.

كتبه ومصنفاته
صنّف الإمام البخاري وألّف كتباً كثيرة، وقد هيّأه للتأليف والكتابة وأعانه عليها ذكاؤه الحاد، وسعة حفظه، وذاكرته القوية، ومعرفته الواسعة بالحديث النبوي وأحوال رجاله من تعديل وتجريح، وخبرته التامّة بالأسانيد من صحيح وضعيف. وقد وصلنا بعض كتبه وطُبعت بينما لا يزال بعضها مفقوداً. وجُلّ مصنّفاته وكتبه لا تخرج عن السُنّة والحديث وعلومه من رواية ودراية ورجال وعلل. ومن هذه المصنّفات:

في الحديث والفقه


صحيح البخاري والذي يعتبر عند أهل السنة والجماعة أصح كتاب بعد القرآن الكريم
الجامع الصحيح: والمشهور باسم صحيح البخاري، أشهر مصنّفاته وأشهر كتب الحديث النبوي على الإطلاق عند أهل السنة والجماعة. مكث في تصنيفه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عاماً. قال البخاري في سبب تصنيفه للكتاب: «كنت عند إسحاق ابن راهويه، فقال: لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب.»

وقد جمع فيه البخاري حوالي 7593 حديثاً حسب عدّ محمد فؤاد عبد الباقي، اختارها الإمام البخاري من بين ستمائة ألف حديث يحفظها. حيث إنه كان مدقِّقاً في قبول الرواية، واشترط شروطاً خاصة دقيقة في رواية راوي الحديث، وهي أن يكون معاصراً لمن يروي عنه، وأن يسمع الحديث منه، أي أنه اشترط الرؤية والسماع معاً، هذا إلى جانب وجوب اتصاف الراوي بالثقة والعدالة والضبط والإتقان والورع.

وقد روى المؤرخون أن البخاري لمّا فرغ من تصنيف كتاب الصحيح عرضه على عدد من أكابر علماء عصره مثل أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، فشهدوا له بصحة ما فيه من الحديث، روي عن مسلمة بن قاسم قال: «سمعت من يقول عن أبي جعفر العقيلي قال: لما ألف البخاري كتابه في صحيح الحديث عرضه على علي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم فامتحنوه فكلمهم قال له كتابك صحيح إلا أربعة أحاديث. قال العقيلي: والقول فيها البخاري وهي صحيحة.»

ثم تلقته الأمة بعدهم بالقبول باعتباره أصح كتاب بعد القرآن الكريم. وأقبل العلماء على كتاب الجامع الصحيح واعتنوا به عناية فائقة بالشرح والتعليق والدراسة في مصنّفات كثيرة جداً. قال محمد يوسف البنوري: «أضحى كالشمس في كبد السماء بلغ إلى أقصى القبول والمجد والثناء، فانتهض أعيان الأمة وأعلام العلم في كل عصر من أقدم العصور إلى اليوم لشرحه والتعليق عليه، وتلخيصه، واختصاره أو ترتيبه، وتأليف أطرافه، أو شرح تراجمه، أو ترجمة رجاله، أو بيان غريبه، أو وصل مرسله، وتعليقاته أو مبهمه، وإبراز فوائده، ولطائفه، حديثاً وفقهاً وعربية وبلاغة ووضعاً وترتيباً وتوزيعاً وتبويباً حتى في تعديد حروفه وكلماته وما إلى ذلك.»

الأدب المفرد: بوّبه في عدّة مواضيع تُعنى بتهذيب الأخلاق وتقويم السلوك.
رفع اليدين في الصلاة: وساق فيه كثيراً من الروايات والأحاديث التي تبين أن رفع اليدين في الصلاة سُنّة ثابتة. وردّ على من أنكر ذلك.
القراءة خلف الإمام: أورد فيه الأدلة التي تُثبت وجوب قراءة القرآن للمأموم في الصلاة، وردّ على المخالفين في هذه المسألة.
كتاب الهبة: وهو مفقود. ذكره ورّاقه محمد بن أبي حاتم.
المسند الكبير: وهو مفقود. ذكره تلميذه محمد بن يوسف الفربري على ما نقله حاجي خليفة.
المبسوط: وهو مفقود. صنّفه البخاري قبل الجامع الصحيح وجمع فيه جميع حديثه على الأبواب، ثم نظر إلى أصحّ الحديث على ما يرسِمه فأخرجه بجميع طرقه. ذكره أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي.
الوحدان: ذكر فيه الصحابة الذين رُوي عنهم حديث واحد فقط. ذكره ابن حجر العسقلاني وحاجي خليفة.
الفوائد: وهو مفقود. ذكره الترمذي في سننه.
العلل: وهو مفقود. ذكره ابن منده.

في التاريخ والرجال

التاريخ الكبير: وهو موسوعة كبرى في التراجم، رتب فيه أسماء رواة الحديث على حروف المعجم، وقد اقترب فيه البخاري من استيعاب أسماء من رُوي عنهم الحديث من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى زمنه.
التاريخ الأوسط: بدأه بقصة الهجرة إلى الحبشة، وطرف من السيرة النبوية في المرحلتين المكية والمدنية وترجم لمن توفي من الصحابة في عهد النبي محمد، ثم المتوفين في عهد الخلفاء الراشدين، ثم تكلّم على الرواة وأخبارهم ووفياتهم إلى زمنه.
التاريخ الصغير: وهو خاصّ بالصحابة، وهو أوّل مصنّف في ذلك.
الكُنى: وغالب من أورده البخاري في هذا الكتاب من الرواة الذين اشتهروا بكناهم ولم تُعرف أسمائهم.
الضعفاء الصغير: ذكر فيه الضعفاء من الرواة وترجم لهم بتراجم قصيرة مقتضبة.
الضعفاء الكبير: توسّع فيه في ترجمة الضعفاء من الرواة كما زاد عدد المترجم لهم.

في التفسير والعقيدة

التفسير الكبير: وهو مفقود. قال تلميذه محمد بن يوسف الفربري أنه صنّفه في فربر. وذكره ابن حجر العسقلاني وحاجي خليفة.
خلق أفعال العباد: بيّن فيه الفرق بين كلام الله وكلام العِباد وأن كلام الله صفة من صفاته وليس بمخلوق. وردّ على المعتزلة والجهمية.

مذهبه الفقهي

اختلف العلماء في تعيين مذهب الإمام البخاري الفقهي. فنسبوه إلى مذاهبهم. وللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:

أنه من الحنابلة، حيث ذكره ابن أبي يعلى في كتابه طبقات الحنابلة، وقال ابن القيّم: «البخاري ومسلم وأبو داود والأثرم وهذه الطبقة من أصحاب أحمد أتبع له من المقلدين المحض المنتسبين إليه.»

أنه من الشافعية، فذكره تاج الدين السبكي في كتاب طبقات الشافعية الكبرى، وعدّه صديق حسن خان من أئمة الشافعية في كتاب أبجد العلوم. وقال ابن حجر العسقلاني: «أن البخاري في جميع ما يورده من تفسير الغريب إنما ينقله عن أهل ذلك الفن كأبي عبيدة والنضر بن شميل والفراء وغيرهم وأما المباحث الفقهيه فغالبها مستمدة من الشافعي وأبي عبيد وأمثالهما.»

أنه مجتهد مستقلّ، ولم يكن مقلّداً لأي من مذاهب الأئمة الأربعة المشهورة، وهو ما رجّحه عدد كبير من العلماء من المتقدّمين والمعاصرين. قال ابن تيمية: «أما البخاري؛ وأبو داود فإمامان في الفقه من أهل الاجتهاد.» وقال الذهبي:«كان إماماً حافظاً حجة رأساً في الفقه والحديث مجتهداً من أفراد العالم.» وقال محمد أنور الكشميري: «أن البخاري عندي سلك مسلك الاجتهاد ولم يقلد أحداً في كتابه.»

وقال الدكتور نور الدين عتر: «أما البخاري فكان في الفقه أكثر عمقاً وغوصاً، وهذا كتابه كتاب إمام مجتهد غواص في الفقه والاستنباط، بما لا يقل عن الاجتهاد المطلق، لكن على طريقة فقهاء المحدثين النابهين، وقد قرأ منذ صغره كتب ابن المبارك وهو من خواص تلامذة أبي حنيفة، ثم اطلع على فقه الحنفية وهو حدث – كما أخبر عن نفسه -، واطلع على فقه الشافعي من طريق الكرابيسي، كما أخذ عن أصحاب مالك فقهه، فجمع طرق الاجتهاد إحاطة واطلاعاً، فتهيأ له بذلك مع ذكائه المفرط وسيلان ذهنه أن يسلك طريق المجتهدين، ويبلغ شأوهم.

وهذا كتابه شاهد صدق على ذلك، حيث يستنبط فيه الحكم من الأدلة، ويتبع الدليل دون التزام مذهب من المذاهب، والأمثلة التي ضمها بحثنا عن فقهه وما أوجزنا من القول في عمق تراجمهم وتنوع طرق استنباطه، يدل على أنه مجتهد بلغ رتبة المجتهدين، وليس مقلداً لمذهب ما كما يدعي بعض أتباع المذاهب.» وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: «كان مجتهداً في الفقه، وله دقة عجيبة في استنباطه من الحديث.»

وقال الشيخ عبد الكريم الخضير: «أبدى رحمه الله تعالى براعة فائقة في دقة الاستنباط مما يدل على أنه إمام فقيه مجتهد.» واستدلوا على ذلك بما روي عن كثير من الأئمة من معاصري الإمام البخاري وشيوخه في بيان سعة علمه وفقهه. روي عن نعيم بن حماد أنه قال:«محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة.» وعن إسحاق بن راهويه أنه قال: «لو كان محمد بن إسماعيل في زمن الحسن بن أبي الحسن (الحسن البصري) لاحتاج الناس إليه، لمعرفته بالحديث وفقهه.»

وعن قتيبة بن سعيد أنه قال: «جالست الفقهاء والعباد والزهاد فما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل وهو في زمانه كعمر في الصحابة.» وقال محمد بن أبي حاتم: «سمعت حاشد بن عبد الله يقول: قال لي أبو مصعب أحمد بن أبي بكر المديني: محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر من ابن حنبل. فقال رجل من جلسائه: جاوزت الحد.

فقال أبو مصعب: لو أدركت مالكاً ونظرت إلى وجهه ووجه محمد بن إسماعيل لقلت كلاهما واحد في الفقه والحديث.» وعن محمد بن يوسف الفربري قال: «كنا مع أبي عبد الله عند محمد بن بشار، فسأله محمد بن بشار عن حديث، فأجابه. فقال: هذا أفقه خلق الله في زماننا، وأشار إلى محمد بن إسماعيل.» وقال حاشد بن إسماعيل: «كنت بالبصرة فسمعت قدوم محمد بن إسماعيل، فلما قدم، قال: محمد بن بشار: دخل اليوم سيد الفقهاء.»

وقال: «سمعت علي بن حجر، يقول: أخرجت خراسان ثلاثة: أبا زرعة الرازي بالري، ومحمد بن إسماعيل البخاري ببخارى، وعبد الله بن عبد الرحمن بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل عندي أبصرهم، وأعلمهم، وأفقههم.» محمد جمال الدين القاسمي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ تفسير القاسمي (محاسن التأويل) ❝ ❞ شرف الأسباط ❝ ❞ موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين ❝ ❞ إصلاح المساجد من البدع والعوائد (ت: الألباني) ❝ ❞ دلائل التوحيد للقاسمي ❝ ❞ رسالة في الشاي والقهوة والدخان ❝ ❞ حياة البخاري ❝ ❞ قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث (ط الحلبي) ❝ ❞ قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث (ط الرسالة) ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ المكتب الإسلامي للطباعة والنشر ❝ ❞ دار النفائس للنشر والتوزيع ❝ ❞ مطبعة مصطفى البابي الحلبي ❝ ❞ دار ابن القيم ❝ ❞ دار إحياء الكتب العربية ❝ ❞ كتب تراث ❝ ❱
من التراجم والأعلام - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
حياة البخاري

1992م - 1446هـ



أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (13 شوال 194 هـ - 1 شوال 256 هـ) / (20 يوليو 810 م - 1 سبتمبر 870 م). أحد كبار الحفّاظ(1) الفقهاء من أهم علماء الحديث وعلوم الرجال والجرح والتعديل والعلل عند أهل السنة والجماعة، له مصنّفات كثيرة أبرزها كتاب الجامع الصحيح، المشهور باسم صحيح البخاري، الذي يعد أوثق الكتب الستة الصحاح والذي أجمع علماء أهل السنة والجماعة أنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم. وقد أمضى في جمعه وتصنيفه ستة عشر عاماً.

نشأ يتيماً وطلب العلم منذ صغره ورحل في أرجاء العالم الإسلامي رحلة طويلة للقاء العلماء وطلب الحديث وسمع من قرابة ألف شيخ، وجمع حوالي ستمائة ألف حديث. اشتهر شهرة واسعة وأقرّ له أقرانه وشيوخه ومن جاء بعده من العلماء بالتقدّم والإمامة في الحديث وعلومه، حتّى لقّب بأمير المؤمنين في الحديث.

وتتلمذ عليه كثير من كبار أئمة الحديث كمسلم بن الحجاج وابن خزيمة والترمذي وغيرهم، وهو أول من وضع في الإسلام كتاباً مجرّداً للحديث الصحيح. ومن أوّل من ألّف في تاريخ الرجال. امتُحن أواخر حياته وتُعصّب عليه حتى أُخرج من نيسابور وبخارى فنزل إحدى قرى سمرقند فمرض وتوفيّ بها.

كتبه ومصنفاته
صنّف الإمام البخاري وألّف كتباً كثيرة، وقد هيّأه للتأليف والكتابة وأعانه عليها ذكاؤه الحاد، وسعة حفظه، وذاكرته القوية، ومعرفته الواسعة بالحديث النبوي وأحوال رجاله من تعديل وتجريح، وخبرته التامّة بالأسانيد من صحيح وضعيف. وقد وصلنا بعض كتبه وطُبعت بينما لا يزال بعضها مفقوداً. وجُلّ مصنّفاته وكتبه لا تخرج عن السُنّة والحديث وعلومه من رواية ودراية ورجال وعلل. ومن هذه المصنّفات:

في الحديث والفقه


صحيح البخاري والذي يعتبر عند أهل السنة والجماعة أصح كتاب بعد القرآن الكريم
الجامع الصحيح: والمشهور باسم صحيح البخاري، أشهر مصنّفاته وأشهر كتب الحديث النبوي على الإطلاق عند أهل السنة والجماعة. مكث في تصنيفه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عاماً. قال البخاري في سبب تصنيفه للكتاب: «كنت عند إسحاق ابن راهويه، فقال: لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب.»

وقد جمع فيه البخاري حوالي 7593 حديثاً حسب عدّ محمد فؤاد عبد الباقي، اختارها الإمام البخاري من بين ستمائة ألف حديث يحفظها. حيث إنه كان مدقِّقاً في قبول الرواية، واشترط شروطاً خاصة دقيقة في رواية راوي الحديث، وهي أن يكون معاصراً لمن يروي عنه، وأن يسمع الحديث منه، أي أنه اشترط الرؤية والسماع معاً، هذا إلى جانب وجوب اتصاف الراوي بالثقة والعدالة والضبط والإتقان والورع.

وقد روى المؤرخون أن البخاري لمّا فرغ من تصنيف كتاب الصحيح عرضه على عدد من أكابر علماء عصره مثل أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، فشهدوا له بصحة ما فيه من الحديث، روي عن مسلمة بن قاسم قال: «سمعت من يقول عن أبي جعفر العقيلي قال: لما ألف البخاري كتابه في صحيح الحديث عرضه على علي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم فامتحنوه فكلمهم قال له كتابك صحيح إلا أربعة أحاديث. قال العقيلي: والقول فيها البخاري وهي صحيحة.»

ثم تلقته الأمة بعدهم بالقبول باعتباره أصح كتاب بعد القرآن الكريم. وأقبل العلماء على كتاب الجامع الصحيح واعتنوا به عناية فائقة بالشرح والتعليق والدراسة في مصنّفات كثيرة جداً. قال محمد يوسف البنوري: «أضحى كالشمس في كبد السماء بلغ إلى أقصى القبول والمجد والثناء، فانتهض أعيان الأمة وأعلام العلم في كل عصر من أقدم العصور إلى اليوم لشرحه والتعليق عليه، وتلخيصه، واختصاره أو ترتيبه، وتأليف أطرافه، أو شرح تراجمه، أو ترجمة رجاله، أو بيان غريبه، أو وصل مرسله، وتعليقاته أو مبهمه، وإبراز فوائده، ولطائفه، حديثاً وفقهاً وعربية وبلاغة ووضعاً وترتيباً وتوزيعاً وتبويباً حتى في تعديد حروفه وكلماته وما إلى ذلك.»

الأدب المفرد: بوّبه في عدّة مواضيع تُعنى بتهذيب الأخلاق وتقويم السلوك.
رفع اليدين في الصلاة: وساق فيه كثيراً من الروايات والأحاديث التي تبين أن رفع اليدين في الصلاة سُنّة ثابتة. وردّ على من أنكر ذلك.
القراءة خلف الإمام: أورد فيه الأدلة التي تُثبت وجوب قراءة القرآن للمأموم في الصلاة، وردّ على المخالفين في هذه المسألة.
كتاب الهبة: وهو مفقود. ذكره ورّاقه محمد بن أبي حاتم.
المسند الكبير: وهو مفقود. ذكره تلميذه محمد بن يوسف الفربري على ما نقله حاجي خليفة.
المبسوط: وهو مفقود. صنّفه البخاري قبل الجامع الصحيح وجمع فيه جميع حديثه على الأبواب، ثم نظر إلى أصحّ الحديث على ما يرسِمه فأخرجه بجميع طرقه. ذكره أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي.
الوحدان: ذكر فيه الصحابة الذين رُوي عنهم حديث واحد فقط. ذكره ابن حجر العسقلاني وحاجي خليفة.
الفوائد: وهو مفقود. ذكره الترمذي في سننه.
العلل: وهو مفقود. ذكره ابن منده.

في التاريخ والرجال

التاريخ الكبير: وهو موسوعة كبرى في التراجم، رتب فيه أسماء رواة الحديث على حروف المعجم، وقد اقترب فيه البخاري من استيعاب أسماء من رُوي عنهم الحديث من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى زمنه.
التاريخ الأوسط: بدأه بقصة الهجرة إلى الحبشة، وطرف من السيرة النبوية في المرحلتين المكية والمدنية وترجم لمن توفي من الصحابة في عهد النبي محمد، ثم المتوفين في عهد الخلفاء الراشدين، ثم تكلّم على الرواة وأخبارهم ووفياتهم إلى زمنه.
التاريخ الصغير: وهو خاصّ بالصحابة، وهو أوّل مصنّف في ذلك.
الكُنى: وغالب من أورده البخاري في هذا الكتاب من الرواة الذين اشتهروا بكناهم ولم تُعرف أسمائهم.
الضعفاء الصغير: ذكر فيه الضعفاء من الرواة وترجم لهم بتراجم قصيرة مقتضبة.
الضعفاء الكبير: توسّع فيه في ترجمة الضعفاء من الرواة كما زاد عدد المترجم لهم.

في التفسير والعقيدة

التفسير الكبير: وهو مفقود. قال تلميذه محمد بن يوسف الفربري أنه صنّفه في فربر. وذكره ابن حجر العسقلاني وحاجي خليفة.
خلق أفعال العباد: بيّن فيه الفرق بين كلام الله وكلام العِباد وأن كلام الله صفة من صفاته وليس بمخلوق. وردّ على المعتزلة والجهمية.

مذهبه الفقهي

اختلف العلماء في تعيين مذهب الإمام البخاري الفقهي. فنسبوه إلى مذاهبهم. وللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:

أنه من الحنابلة، حيث ذكره ابن أبي يعلى في كتابه طبقات الحنابلة، وقال ابن القيّم: «البخاري ومسلم وأبو داود والأثرم وهذه الطبقة من أصحاب أحمد أتبع له من المقلدين المحض المنتسبين إليه.»

أنه من الشافعية، فذكره تاج الدين السبكي في كتاب طبقات الشافعية الكبرى، وعدّه صديق حسن خان من أئمة الشافعية في كتاب أبجد العلوم. وقال ابن حجر العسقلاني: «أن البخاري في جميع ما يورده من تفسير الغريب إنما ينقله عن أهل ذلك الفن كأبي عبيدة والنضر بن شميل والفراء وغيرهم وأما المباحث الفقهيه فغالبها مستمدة من الشافعي وأبي عبيد وأمثالهما.»

أنه مجتهد مستقلّ، ولم يكن مقلّداً لأي من مذاهب الأئمة الأربعة المشهورة، وهو ما رجّحه عدد كبير من العلماء من المتقدّمين والمعاصرين. قال ابن تيمية: «أما البخاري؛ وأبو داود فإمامان في الفقه من أهل الاجتهاد.» وقال الذهبي:«كان إماماً حافظاً حجة رأساً في الفقه والحديث مجتهداً من أفراد العالم.» وقال محمد أنور الكشميري: «أن البخاري عندي سلك مسلك الاجتهاد ولم يقلد أحداً في كتابه.»

وقال الدكتور نور الدين عتر: «أما البخاري فكان في الفقه أكثر عمقاً وغوصاً، وهذا كتابه كتاب إمام مجتهد غواص في الفقه والاستنباط، بما لا يقل عن الاجتهاد المطلق، لكن على طريقة فقهاء المحدثين النابهين، وقد قرأ منذ صغره كتب ابن المبارك وهو من خواص تلامذة أبي حنيفة، ثم اطلع على فقه الحنفية وهو حدث – كما أخبر عن نفسه -، واطلع على فقه الشافعي من طريق الكرابيسي، كما أخذ عن أصحاب مالك فقهه، فجمع طرق الاجتهاد إحاطة واطلاعاً، فتهيأ له بذلك مع ذكائه المفرط وسيلان ذهنه أن يسلك طريق المجتهدين، ويبلغ شأوهم.

وهذا كتابه شاهد صدق على ذلك، حيث يستنبط فيه الحكم من الأدلة، ويتبع الدليل دون التزام مذهب من المذاهب، والأمثلة التي ضمها بحثنا عن فقهه وما أوجزنا من القول في عمق تراجمهم وتنوع طرق استنباطه، يدل على أنه مجتهد بلغ رتبة المجتهدين، وليس مقلداً لمذهب ما كما يدعي بعض أتباع المذاهب.» وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: «كان مجتهداً في الفقه، وله دقة عجيبة في استنباطه من الحديث.»

وقال الشيخ عبد الكريم الخضير: «أبدى رحمه الله تعالى براعة فائقة في دقة الاستنباط مما يدل على أنه إمام فقيه مجتهد.» واستدلوا على ذلك بما روي عن كثير من الأئمة من معاصري الإمام البخاري وشيوخه في بيان سعة علمه وفقهه. روي عن نعيم بن حماد أنه قال:«محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة.» وعن إسحاق بن راهويه أنه قال: «لو كان محمد بن إسماعيل في زمن الحسن بن أبي الحسن (الحسن البصري) لاحتاج الناس إليه، لمعرفته بالحديث وفقهه.»

وعن قتيبة بن سعيد أنه قال: «جالست الفقهاء والعباد والزهاد فما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل وهو في زمانه كعمر في الصحابة.» وقال محمد بن أبي حاتم: «سمعت حاشد بن عبد الله يقول: قال لي أبو مصعب أحمد بن أبي بكر المديني: محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر من ابن حنبل. فقال رجل من جلسائه: جاوزت الحد.

فقال أبو مصعب: لو أدركت مالكاً ونظرت إلى وجهه ووجه محمد بن إسماعيل لقلت كلاهما واحد في الفقه والحديث.» وعن محمد بن يوسف الفربري قال: «كنا مع أبي عبد الله عند محمد بن بشار، فسأله محمد بن بشار عن حديث، فأجابه. فقال: هذا أفقه خلق الله في زماننا، وأشار إلى محمد بن إسماعيل.» وقال حاشد بن إسماعيل: «كنت بالبصرة فسمعت قدوم محمد بن إسماعيل، فلما قدم، قال: محمد بن بشار: دخل اليوم سيد الفقهاء.»

وقال: «سمعت علي بن حجر، يقول: أخرجت خراسان ثلاثة: أبا زرعة الرازي بالري، ومحمد بن إسماعيل البخاري ببخارى، وعبد الله بن عبد الرحمن بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل عندي أبصرهم، وأعلمهم، وأفقههم.»
.
المزيد..

تعليقات القرّاء:


أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (13 شوال 194 هـ - 1 شوال 256 هـ) / (20 يوليو 810 م - 1 سبتمبر 870 م). أحد كبار الحفّاظ(1) الفقهاء من أهم علماء الحديث وعلوم الرجال والجرح والتعديل والعلل عند أهل السنة والجماعة، له مصنّفات كثيرة أبرزها كتاب الجامع الصحيح، المشهور باسم صحيح البخاري، الذي يعد أوثق الكتب الستة الصحاح والذي أجمع علماء أهل السنة والجماعة أنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم. وقد أمضى في جمعه وتصنيفه ستة عشر عاماً.

 نشأ يتيماً وطلب العلم منذ صغره ورحل في أرجاء العالم الإسلامي رحلة طويلة للقاء العلماء وطلب الحديث وسمع من قرابة ألف شيخ، وجمع حوالي ستمائة ألف حديث. اشتهر شهرة واسعة وأقرّ له أقرانه وشيوخه ومن جاء بعده من العلماء بالتقدّم والإمامة في الحديث وعلومه، حتّى لقّب بأمير المؤمنين في الحديث.

  وتتلمذ عليه كثير من كبار أئمة الحديث كمسلم بن الحجاج وابن خزيمة والترمذي وغيرهم، وهو أول من وضع في الإسلام كتاباً مجرّداً للحديث الصحيح. ومن أوّل من ألّف في تاريخ الرجال. امتُحن أواخر حياته وتُعصّب عليه حتى أُخرج من نيسابور وبخارى فنزل إحدى قرى سمرقند فمرض وتوفيّ بها.

كتبه ومصنفاته
صنّف الإمام البخاري وألّف كتباً كثيرة، وقد هيّأه للتأليف والكتابة وأعانه عليها ذكاؤه الحاد، وسعة حفظه، وذاكرته القوية، ومعرفته الواسعة بالحديث النبوي وأحوال رجاله من تعديل وتجريح، وخبرته التامّة بالأسانيد من صحيح وضعيف. وقد وصلنا بعض كتبه وطُبعت بينما لا يزال بعضها مفقوداً. وجُلّ مصنّفاته وكتبه لا تخرج عن السُنّة والحديث وعلومه من رواية ودراية ورجال وعلل. ومن هذه المصنّفات:

في الحديث والفقه


صحيح البخاري والذي يعتبر عند أهل السنة والجماعة أصح كتاب بعد القرآن الكريم
الجامع الصحيح: والمشهور باسم صحيح البخاري، أشهر مصنّفاته وأشهر كتب الحديث النبوي على الإطلاق عند أهل السنة والجماعة. مكث في تصنيفه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عاماً. قال البخاري في سبب تصنيفه للكتاب: «كنت عند إسحاق ابن راهويه، فقال: لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب.»

 وقد جمع فيه البخاري حوالي 7593 حديثاً حسب عدّ محمد فؤاد عبد الباقي، اختارها الإمام البخاري من بين ستمائة ألف حديث يحفظها. حيث إنه كان مدقِّقاً في قبول الرواية، واشترط شروطاً خاصة دقيقة في رواية راوي الحديث، وهي أن يكون معاصراً لمن يروي عنه، وأن يسمع الحديث منه، أي أنه اشترط الرؤية والسماع معاً، هذا إلى جانب وجوب اتصاف الراوي بالثقة والعدالة والضبط والإتقان والورع.

 وقد روى المؤرخون أن البخاري لمّا فرغ من تصنيف كتاب الصحيح عرضه على عدد من أكابر علماء عصره مثل أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، فشهدوا له بصحة ما فيه من الحديث، روي عن مسلمة بن قاسم قال: «سمعت من يقول عن أبي جعفر العقيلي قال: لما ألف البخاري كتابه في صحيح الحديث عرضه على علي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم فامتحنوه فكلمهم قال له كتابك صحيح إلا أربعة أحاديث. قال العقيلي: والقول فيها البخاري وهي صحيحة.» 

ثم تلقته الأمة بعدهم بالقبول باعتباره أصح كتاب بعد القرآن الكريم. وأقبل العلماء على كتاب الجامع الصحيح واعتنوا به عناية فائقة بالشرح والتعليق والدراسة في مصنّفات كثيرة جداً. قال محمد يوسف البنوري: «أضحى كالشمس في كبد السماء بلغ إلى أقصى القبول والمجد والثناء، فانتهض أعيان الأمة وأعلام العلم في كل عصر من أقدم العصور إلى اليوم لشرحه والتعليق عليه، وتلخيصه، واختصاره أو ترتيبه، وتأليف أطرافه، أو شرح تراجمه، أو ترجمة رجاله، أو بيان غريبه، أو وصل مرسله، وتعليقاته أو مبهمه، وإبراز فوائده، ولطائفه، حديثاً وفقهاً وعربية وبلاغة ووضعاً وترتيباً وتوزيعاً وتبويباً حتى في تعديد حروفه وكلماته وما إلى ذلك.»

الأدب المفرد: بوّبه في عدّة مواضيع تُعنى بتهذيب الأخلاق وتقويم السلوك.
رفع اليدين في الصلاة: وساق فيه كثيراً من الروايات والأحاديث التي تبين أن رفع اليدين في الصلاة سُنّة ثابتة. وردّ على من أنكر ذلك.
القراءة خلف الإمام: أورد فيه الأدلة التي تُثبت وجوب قراءة القرآن للمأموم في الصلاة، وردّ على المخالفين في هذه المسألة.
كتاب الهبة: وهو مفقود. ذكره ورّاقه محمد بن أبي حاتم.
المسند الكبير: وهو مفقود. ذكره تلميذه محمد بن يوسف الفربري على ما نقله حاجي خليفة.
المبسوط: وهو مفقود. صنّفه البخاري قبل الجامع الصحيح وجمع فيه جميع حديثه على الأبواب، ثم نظر إلى أصحّ الحديث على ما يرسِمه فأخرجه بجميع طرقه. ذكره أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي.
الوحدان: ذكر فيه الصحابة الذين رُوي عنهم حديث واحد فقط. ذكره ابن حجر العسقلاني وحاجي خليفة.
الفوائد: وهو مفقود. ذكره الترمذي في سننه.
العلل: وهو مفقود. ذكره ابن منده.

في التاريخ والرجال

التاريخ الكبير: وهو موسوعة كبرى في التراجم، رتب فيه أسماء رواة الحديث على حروف المعجم، وقد اقترب فيه البخاري من استيعاب أسماء من رُوي عنهم الحديث من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى زمنه.
التاريخ الأوسط: بدأه بقصة الهجرة إلى الحبشة، وطرف من السيرة النبوية في المرحلتين المكية والمدنية وترجم لمن توفي من الصحابة في عهد النبي محمد، ثم المتوفين في عهد الخلفاء الراشدين، ثم تكلّم على الرواة وأخبارهم ووفياتهم إلى زمنه.
التاريخ الصغير: وهو خاصّ بالصحابة، وهو أوّل مصنّف في ذلك.
الكُنى: وغالب من أورده البخاري في هذا الكتاب من الرواة الذين اشتهروا بكناهم ولم تُعرف أسمائهم.
الضعفاء الصغير: ذكر فيه الضعفاء من الرواة وترجم لهم بتراجم قصيرة مقتضبة.
الضعفاء الكبير: توسّع فيه في ترجمة الضعفاء من الرواة كما زاد عدد المترجم لهم.

في التفسير والعقيدة

التفسير الكبير: وهو مفقود. قال تلميذه محمد بن يوسف الفربري أنه صنّفه في فربر. وذكره ابن حجر العسقلاني وحاجي خليفة.
خلق أفعال العباد: بيّن فيه الفرق بين كلام الله وكلام العِباد وأن كلام الله صفة من صفاته وليس بمخلوق. وردّ على المعتزلة والجهمية.

مذهبه الفقهي

اختلف العلماء في تعيين مذهب الإمام البخاري الفقهي. فنسبوه إلى مذاهبهم. وللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:

أنه من الحنابلة، حيث ذكره ابن أبي يعلى في كتابه طبقات الحنابلة، وقال ابن القيّم: «البخاري ومسلم وأبو داود والأثرم وهذه الطبقة من أصحاب أحمد أتبع له من المقلدين المحض المنتسبين إليه.»

أنه من الشافعية، فذكره تاج الدين السبكي في كتاب طبقات الشافعية الكبرى، وعدّه صديق حسن خان من أئمة الشافعية في كتاب أبجد العلوم. وقال ابن حجر العسقلاني: «أن البخاري في جميع ما يورده من تفسير الغريب إنما ينقله عن أهل ذلك الفن كأبي عبيدة والنضر بن شميل والفراء وغيرهم وأما المباحث الفقهيه فغالبها مستمدة من الشافعي وأبي عبيد وأمثالهما.»

أنه مجتهد مستقلّ، ولم يكن مقلّداً لأي من مذاهب الأئمة الأربعة المشهورة، وهو ما رجّحه عدد كبير من العلماء من المتقدّمين والمعاصرين. قال ابن تيمية: «أما البخاري؛ وأبو داود فإمامان في الفقه من أهل الاجتهاد.» وقال الذهبي:«كان إماماً حافظاً حجة رأساً في الفقه والحديث مجتهداً من أفراد العالم.» وقال محمد أنور الكشميري: «أن البخاري عندي سلك مسلك الاجتهاد ولم يقلد أحداً في كتابه.» 

وقال الدكتور نور الدين عتر: «أما البخاري فكان في الفقه أكثر عمقاً وغوصاً، وهذا كتابه كتاب إمام مجتهد غواص في الفقه والاستنباط، بما لا يقل عن الاجتهاد المطلق، لكن على طريقة فقهاء المحدثين النابهين، وقد قرأ منذ صغره كتب ابن المبارك وهو من خواص تلامذة أبي حنيفة، ثم اطلع على فقه الحنفية وهو حدث – كما أخبر عن نفسه -، واطلع على فقه الشافعي من طريق الكرابيسي، كما أخذ عن أصحاب مالك فقهه، فجمع طرق الاجتهاد إحاطة واطلاعاً، فتهيأ له بذلك مع ذكائه المفرط وسيلان ذهنه أن يسلك طريق المجتهدين، ويبلغ شأوهم.

 وهذا كتابه شاهد صدق على ذلك، حيث يستنبط فيه الحكم من الأدلة، ويتبع الدليل دون التزام مذهب من المذاهب، والأمثلة التي ضمها بحثنا عن فقهه وما أوجزنا من القول في عمق تراجمهم وتنوع طرق استنباطه، يدل على أنه مجتهد بلغ رتبة المجتهدين، وليس مقلداً لمذهب ما كما يدعي بعض أتباع المذاهب.» وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: «كان مجتهداً في الفقه، وله دقة عجيبة في استنباطه من الحديث.» 

وقال الشيخ عبد الكريم الخضير: «أبدى رحمه الله تعالى براعة فائقة في دقة الاستنباط مما يدل على أنه إمام فقيه مجتهد.» واستدلوا على ذلك بما روي عن كثير من الأئمة من معاصري الإمام البخاري وشيوخه في بيان سعة علمه وفقهه. روي عن نعيم بن حماد أنه قال:«محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة.» وعن إسحاق بن راهويه أنه قال: «لو كان محمد بن إسماعيل في زمن الحسن بن أبي الحسن (الحسن البصري) لاحتاج الناس إليه، لمعرفته بالحديث وفقهه.» 

وعن قتيبة بن سعيد أنه قال: «جالست الفقهاء والعباد والزهاد فما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل وهو في زمانه كعمر في الصحابة.» وقال محمد بن أبي حاتم: «سمعت حاشد بن عبد الله يقول: قال لي أبو مصعب أحمد بن أبي بكر المديني: محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر من ابن حنبل. فقال رجل من جلسائه: جاوزت الحد. 

فقال أبو مصعب: لو أدركت مالكاً ونظرت إلى وجهه ووجه محمد بن إسماعيل لقلت كلاهما واحد في الفقه والحديث.» وعن محمد بن يوسف الفربري قال: «كنا مع أبي عبد الله عند محمد بن بشار، فسأله محمد بن بشار عن حديث، فأجابه. فقال: هذا أفقه خلق الله في زماننا، وأشار إلى محمد بن إسماعيل.» وقال حاشد بن إسماعيل: «كنت بالبصرة فسمعت قدوم محمد بن إسماعيل، فلما قدم، قال: محمد بن بشار: دخل اليوم سيد الفقهاء.»

 وقال: «سمعت علي بن حجر، يقول: أخرجت خراسان ثلاثة: أبا زرعة الرازي بالري، ومحمد بن إسماعيل البخاري ببخارى، وعبد الله بن عبد الرحمن بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل عندي أبصرهم، وأعلمهم، وأفقههم.»
 

حياة البخاري

التراجم والأعلام

قصة الإمام البخاري

بحث عن الإمام البخاري

ترجمة الإمام البخاري سير أعلام النبلاء

والده الإمام البخاري

من أقوال ابن حجر رحمه الله عن الإمام البخاري

مواقف من حياة البخاري

ترجمة الإمام البخاري PDF

من أقوال ابن حجر عن الإمام البخاري



سنة النشر : 1992م / 1412هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 1.5 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة حياة البخاري

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:


شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
محمد جمال الدين القاسمي - Muhammad Jamal Al Din Al Qasimi

كتب محمد جمال الدين القاسمي ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ تفسير القاسمي (محاسن التأويل) ❝ ❞ شرف الأسباط ❝ ❞ موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين ❝ ❞ إصلاح المساجد من البدع والعوائد (ت: الألباني) ❝ ❞ دلائل التوحيد للقاسمي ❝ ❞ رسالة في الشاي والقهوة والدخان ❝ ❞ حياة البخاري ❝ ❞ قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث (ط الحلبي) ❝ ❞ قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث (ط الرسالة) ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ المكتب الإسلامي للطباعة والنشر ❝ ❞ دار النفائس للنشر والتوزيع ❝ ❞ مطبعة مصطفى البابي الحلبي ❝ ❞ دار ابن القيم ❝ ❞ دار إحياء الكتب العربية ❝ ❞ كتب تراث ❝ ❱. المزيد..

كتب محمد جمال الدين القاسمي
الناشر:
دار النفائس للنشر والتوزيع
كتب دار النفائس للنشر والتوزيع"دار النفائس في لبنان" مؤسسة ثقافية وفكرية، أسسها أحمد راتب عرموش في بيروت سنة 1390ه/1970م. وكانت ومازالت طموحاتها أكبر من إمكاناتها، فهي ترى العمل في النشر رسالة لا تجارة. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ أحكام التلاوة والتجويد الميسرة ❝ ❞ قواعد اللغة العربية (النحو والصرف الميسر) ❝ ❞ تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ ❞ تاريخ الدولة الأموية 41-132هـ ❝ ❞ تاريخ الدولة الصفوية في إيران ❝ ❞ حكومة العالم الخفية ❝ ❞ قاموس الغذاء والتداوي بالنبات - موسوعة غذائية صحية عامة ❝ ❞ قصص القرآن الكريم ❝ ❞ شرح ابن القيم لأسماء الله الحسنى ❝ ❞ تاريخ العرب قبل الإسلام ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ محمد ابن قيم الجوزية ❝ ❞ عمر سليمان عبد الله الأشقر ❝ ❞ محمد سهيل طقوش ❝ ❞ نجيب الكيلانى ❝ ❞ مجموعة من المؤلفين ❝ ❞ عبد الرحمن رأفت الباشا ❝ ❞ بسام العسلي ❝ ❞ د. فضل حسن عباس ❝ ❞ شوقي أبو خليل ❝ ❞ محمد بن يوسف الجوراني ❝ ❞ محمد جمال الدين القاسمي ❝ ❞ محمد عثمان شبير ❝ ❞ وحيد الدين خان ❝ ❞ عماد علي جمعة ❝ ❞ محمد رواس قلعه جي ❝ ❞ فهد خليل زايد ❝ ❞ محمد فتحي عثمان ❝ ❞ محمد باسل الطائي ❝ ❞ محمد عبد الحميد الطرزى ❝ ❞ ظفر الإسلام خان ❝ ❞ أبو منصور الثعالبي ❝ ❞ أحمد قدامة ❝ ❞ شهاب أحمد سعيد العزازي ❝ ❞ شيريب سبيريدوفيتش ❝ ❞ عبد الرحمن الكواكبي ❝ ❞ محمد توفيق أبو علي ❝ ❞ عباس أحمد محمد الباز ❝ ❞ أسامة عمر الأشقر ❝ ❞ د.جيلرد هَوزر ❝ ❞ عبد الله بن الصديق الغماري ❝ ❞ محمد الطيب الإبراهيم ❝ ❞ عبد الرزاق ديار بكرلي ❝ ❞ خالد عبد الرحمن العك ❝ ❞ محمد حميد الله ❝ ❞ محمد فريد ❝ ❞ سهيل ديب ❝ ❞ أسعد السحمراني ❝ ❞ زياد صبحي ذياب ❝ ❞ هرمن بوميرانز ❝ ❞ جاسم رمضان الهلالى ❝ ❞ طه أحمد الزيدي ❝ ❞ عبد اللطيف محمود آل محمود ❝ ❞ حارث سليمان الضاري ❝ ❞ أحمد بن محمد الأنصاري اليمني الشرواني ❝ ❞ د. احسان حقي ❝ ❞ د.عبدالكريم نوفان عبيدات ❝ ❞ عكرمة سعيد صبري ❝ ❞ محمد أحمد مفلح القضاة أحمد خالد شكري محمد خالد منصور ❝ ❞ أكرم يوسف عمر القواسمي ❝ ❞ محمد علي قاسم العمري ❝ ❞ سيف بن عمر الأسدي التميمي ❝ ❞ محمد أبو الليث الخير آبادي ❝ ❞ د. نعمان جغيم ❝ ❞ د. احمد كنعان ❝ ❞ د. محمد بهاء الدين ❝ ❞ إبراهيم بن محمد العلي ❝ ❞ سعيد فايز الدخيل ❝ ❞ نعمان جغيم ❝ ❞ د. محمد أبو الوفا ❝ ❞ أبى أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسى ❝ ❞ تمام عرموش ❝ ❞ علي بن عبد العزيز بن علي الشبل ❝ ❞ خليفة علي الكعبي ❝ ❞ برهان نمر ❝ ❞ محمد خالد منصور ❝ ❞ أمجد عاطف الحلو ❝ ❱.المزيد.. كتب دار النفائس للنشر والتوزيع