📘 قراءة كتاب إسلامية لا وهابية الفصل الثالث 6 أونلاين
ففي أول الدعوة لم تَشْرَع في القتال، ولم تستحله أصلاً، لأنها لم تتمكن، ولم يكن لها سلطان ومن ثم لم يكن لها مبرر شرعي يجيز لها أن تستعمل القوة.
فلما اشتهرت الدعوة، وشرع الإمام محمد بن عبدالوهاب وأتباعه وأنصاره بالصدع بالحق، ظهرت ردود الأفعال من الخصوم والمخالفين والمعارضين قوية وعنيفة، وصارت تعتدي وتستعدي الدول والحكام والأمراء وشيوخ القبائل والرؤساء وسائر الناس كذلك.
فنتج عن هذه الجهود المضادة أنواع من العنف ضد الدعوة ومؤيديها بشتى أصنافه من الطرد والحبس والقتل، وقبله التشهير والبهتان.
وفي الوقت نفسه تجذرت الأصول الشرعية لإمارة محمد بن سعود حامل لواء الدعوة، وكثر أنصاره وقويت شوكته، وبايعته كثير من الأقاليم المجاورة، وبدأت مواجهة خصوم الدعوة، من قِبَل جيرانها أمثال (دهام بن دوَّاس) وغيره.
ومن هنا نشأت بالضرورة شرعية القتال للدفاع عن النفس والكيان فصارت إمارة آل سعود (الأمير محمد بن سعود) بتوجيه من الإمام محمد بن عبدالوهاب هي القوة المدافعة عن الدعوة وبلادها، مما جعل مركزها السياسي والعسكري والاقتصادي يتنامى ويتقوى بسرعة مذهلة. وتكون ذات كيان معتبر في المنطقة وما حولها.
وأتاحت لـها هذه الظروف بتوفيق الله تعالى، أن تكون دولة ذات رسالة وحامله لواء التوحيد والسنة، وهذا مما سوغ لها أن تقوم بواجب الجهاد لنشر الدين، ونصرة الحق وأهله، وبعد توافر الشروط الشرعية للجهاد: من الدولة والإمارة والبيعة والأنصار والجيوش، والمركز السياسي والاجتماعي وعليه فإن الدعوة ودولتها لم تبدأ القتال ولم تتجاوز موقف الدفاع إلا حينما تقوَّت، واشتد ساعدها في حلبة الصراع، وصارت لها إمامة شرعية وبيعة وكيان.
فإن الخصوم من رؤساء بعض الأقاليم المجاورة، وأمراء الأحساء، وأمراء نجران قد بدؤوا بالهجوم المسلح على الدرعية.
وكذلك أمراء مكة وقد أعلنوا موقفهم العدائي للدعوة وإمامتها ودولتها وأتباعها في وقت مبكر، ومنعوهم من أبسط حقوقهم وهو الحج.
قال محمود فهمي باشا المهندس المصري في الجزء الأول من تاريخه (البحر الزاخر) في سياق الكلام على الدعوة وأهلها التي سماها: الوهابية.
« ومن بعد مدة استمرت في محاربات شديدة، ووقائع عتيدة، دخل جميع بلاد العرب في العقائد الوهابية، أي العقائد الإصلاحية للديانة الإسلامية، وصارت نجد أيضاً في حالة سياسية مدنية جديدة، وبدل أن كانت جهاتها منقسمة إلى عدة عشائر، وشعوب صغيرة منفصلة عن بعضها ومستمرة في حروب وكروب بين بعضها صارت مقر دولة قوية، وسلطنة سياسية، مثال سلطنة الخلفاء القدماء ولرئيس هذه الدولة السلطة في الأعمال الدينية، والدنيوية ».
« ومع ما كان عليه الوهابيون من الحروب والمبارزات في بلاد العرب لم يعتدوا على حقوق الحكومتين المجاورتين لهم، وهما حكومة بغداد والحجاز، وكانت قوافل الحجاج تمر من وسط أراضيهم من غير أن يحصل لأي قافلة ضرر أو انزعاج، وكانوا في أحوال أخوية ودية مع الشريف سرور شريف مكة، وفي سنة (1781) بعد الميلاد استحصلوا على رخصة منه في أداء حجهم وطوافهم بالكعبة، فتولد من زيادة قوتهم، ونفوذ شوكتهم اشتعال نار الحسد في قلب الشريف غالب، وفي ظرف بضع سنين من تقلده الحكومة وتوظفه شريف مكة بعد الشريف سرور أعلن حرباً على الوهابية وكانت طرائق هذا الحرب مثل طرائق حرب البدو متقطعاً بهدنات صغيرة قصيرة المدة، ولما انتظمت مخابرات الشريف غالب مع الدولة التركية العثمانية لم يهمل أدنى طريقة يمكنه إجراؤها في تمكين الدولة العثمانية من دخول عساكرها في بلاد العرب لأجل الوقوع بالوهابيين إلا وأجراها، وأثبت( ) أنهم من الملحدين الكافرين، وأن معاملتهم مع قوافل الحجاج التركية من أقبح الأعمال الفاسدة المضرة بالدين » اهـ.
« ثم قد أعقب هذا الافتراء والإفساد أن أمرت الدولة العثمانية حكومة بغداد قتال الوهابيين ففعلت فلما اشتغل الوهابيون بقتال الدولة، ودخلوا العراق زحف الشريف غالب على نجد، واستولى على قرية فيها فكان هذا هو السبب لزحف الوهابيين على الحجاز وفتحه »
نوع الكتاب : doc.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات doc
يمكن تحميلة من هنا 'http://www.microsoftstore.com/store/msmea/ar_EG/pdp/Office-365-Personal/productID.299498600'