📘 قراءة كتاب أحكام تأديب الزوجة في الفقه الإسلامي أونلاين
تاديب الزوج لزوجته
مراحل تاديب الزوجة
حكم ضرب الزوجة الحامل
حكم الدين فى ضرب الزوجة لزوجها
الزوجة الملعونة
ما حكم المراة التي لا تطيع زوجها في الفراش
عقاب الزوجة فى الاسلام
تقويم سلوك الزوجة
ولاية الزوج في تأديب الزوجة
فيه فرعان:
الفرع الأول: ولاية الزوج في تأديب زوجته لحق الله تعالى.
الفرع الثاني: ولاية الزوج في تأديب زوجته لحق نفسه.
الفرع الأول: ولاية الزوج في تأديب زوجته لحق الله تعالى[1]:
تحرير محل النزاع: اتفق العلماء - رحمهم الله - على أن الزوج مطالب ومسؤول عن أمر زوجته بفرائض الله عز وجل كالصلاة والصيام ونحوهما، ونهيها عن معاصي الله كشرب الخمر ونحوه[2] لعموم الأدلة الآمرة بالمعروف، والناهية عن المنكر كقوله تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾[3]، وقوله: ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ﴾[4]، وقوله - عليه الصلاة والسلام -: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته..." [5] ونحوها، ولكن هل يجب على الزوج تأديب زوجته على ترك الفرائض أو لا؟
لم أقف - بعد البحث القاصر - على قول للفقهاء يوجب على الزوج تأديب زوجته على ترك الفرائض، بل المفهوم من عباراتهم أن ترك التأديب أولى، إلا ما نقل عن ابن البَزْري[6] من الشافعية أنه أوجب على الزوج ضرب زوجته على ترك الصلاة[7].
وإنما اختلفوا في جواز تأديب الزوج لزوجته في حق الله تعالى، كترك الصلاة ونحوها على قولين مشهورين:
القول الأول: أنه يجوز للزوج تأديب زوجته لحق الله تعالى كتأديبها على ترك الطهارة والصلاة والصيام ونحوها.
وإلى هذا ذهب المالكية[8] وهو قول عند الحنفية[9] والحنابلة[10] واختار هذا القول الصنعاني[11].
ويمكن أن يستدل لأصحاب هذا القول بما يأتي:
1- الأدلة العامة على مشروعية تأديب الرجل زوجته كقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾[12].
ففي الآية دلالة على جواز تأديب الزوجة على ترك الفرائض لوقايتها من النار؛ لأنها داخلة في مسمى الأهل"[13].
وعن جابر[14] رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رحم الله عبداً علَّق في بيته سوطاً يؤدب به أهله" [15]، فهذا التأديب عام فيما يتعلق بالتقصير في الحقوق الزوجية، أو حقوق الله تعالى.
2- كما أنه ورد في أصل الشرع معاقبة المتهاون في أداء الصلاة بالضرب، إذ قد ورد الأمر بضرب الصبيان إذا بلغوا عشر سنين[16] لحملهم على الالتزام بأداء الصلاة.
وهذه الدلالة وإن كانت صريحة في حق الصبيان المتهاونين إلا أنها في حق الكبار واردة، إذ الكبار أكثر حاجة إلى الردع عن التهاون بها، والزوجة داخلة في هذا المعنى.
قال الخطابي رحمه الله عند شرحه لحديث أمر الغلام بالصلاة: "ونقول: إذا استحق الصبي الضرب، وهو غير بالغ فقد عُقل أنه بعد البلوغ يستحق من العقوبة ما هو أشد من الضرب"[17].ا.هـ.
3- روى الأشعث[18] عن عمر رضي الله عنه أنه قال: يا أشعث احفظ عني شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسأل الرجل فيم ضرب امرأته"[19].
وجه الدلالة: إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب الرجل زوجته، وعدم مساءلته في السبب الباعث على تأديبها سواء أكان ذلك متعلقاً بحق الزوج أم بحق الله تعالى.
4- إن تأديب الزوجة على ذلك إنما هو "من باب إنكار المنكر، والزوج من جملة من يكلف بالإنكار باليد أو اللسان أو الجنان، والمراد هنا الأولان"[20].
القول الثاني: إنه ليس للزوج تأديب زوجته لحق الله تعالى، وهو مذهب الشافعية[21] والقول الآخر للحنفية[22] والحنابلة[23].
واستدل أصحاب هذا القول بالآتي:
1- قوله تعالى: ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾[24].
وجه الدلالة: أن الله عز وجل قد رتب التأديب على خوف النشوز، و"نشوز المرأة: تعاليها على زوجها وإساءتها معاملته"[25]، وأما تركها لحقوق الله تعالى، فليس في اصطلاح الفقهاء نشوز.
2- وقالوا أيضاً: إن هذا النوع من التأديب لا يتعلق بحق الزوج، ولا ترجع المنفعة إليه بل إليها، فليس له الحق في التأديب[26].
الترجيح:
والراجح من هذين القولين - والله أعلم بالصواب - القول بجواز تأديب الزوج زوجته على ترك فرائض الله؛ لظهور أدلة أصحاب هذا القول وقوتها؛ ولأنه أمكن مناقشة أدلة أصحاب القول الثاني، وذلك على النحو الآتي:
أما وجه استدلالهم بالآية الكريمة فيجاب عنه من وجهين:
أ- أن يقال لهم: إن الآية الكريمة قد نصت على مشروعية التأديب حال النشوز، ولم تتعرض للتصريح بالتأديب على ترك فرائض الله، وعدم الذكر ليس فيه ما يدل على منع التأديب لترك الصلاة والطهارة، إذ استفيد من أدلة أخرى.
ب- ثم يقال لهم: إن النشوز لم يتمحض مقصده في معنى واحد عند أهل العلم، بل توصف به المرأة التاركة لحقوق الله تعالى كغسل الجنابة وصيام رمضان كما نص عليه فريق من أهل العلم[27].
وأما قولهم: إن هذا النوع من التأديب لا يتعلق بحق الزوج، ولا ترجع المنفعة إليه بل إليها، فليس له الحق في التأديب[28].
فيجاب عنه: بأن الأمر على خلاف ذلك؛ بل للزوج في ذلك منفعة ظاهرة، إذ يؤدي التزام المرأة بطاعة الله، حرصها على طاعة زوجها وعنايته به وبأولاده، وأنه يحصل للزوج بذلك مزيد إقبال عليها[29] لأجل ما اتصفت به من طهارة باطنة وظاهرة، فالصلاة في أوقاتها ينشأ عنه مزيد نظافة وطهارة تجعل الزوج يقبل على زوجته ويحرص على دوام الألفة المطلوبة بينهما.
وكذا يجري الحال في سائر حقوق الله تعالى. والله أعلم.
سنة النشر : 2011م / 1432هـ .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'