📘 قراءة كتاب الأثر الرجعى للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا أونلاين
وهذا من غير شك لا يعد إضافة من المحكمة لحقوق لم يقصدها المشرع الدستوري أو تعمد إغفالها أو تجاوزاً من المحكمة باعتبار ذلك تعديلا للدستور بجهة غير مختصة لإجرائه، وانما جاء اجتهاداً صائباً وتعبيراً عن الرؤية المتكاملة والشاملة لمبادئ حقوق الإنسان وحرياته وتفسيراً واجباً للمبادئ التى نص عليها الدستور والتى لا يجوز أن تنقطع أوصالها أو ينفصم عُراها تحت تأثير قيود حرفية أو قوالب لفظية تحول دون الوصول للمقاصد الحقيقة والمضامين المعنية والغايات النهائية للنصوص الدستورية الخاصة بحقوق الإنسان وحرياته والتى يتعين أن ينظر إليها دائماً من منظور البعد الدولى لها الذى صاغها ووضع ملامحها وحدد نطاقها.
لعل من أبرز الأمور القانونية التى تعرضت لها المحكمة الدستورية فى قضائها هى الأثر الرجعى للأحكام الصادرة بعدم الدستورية بتقريرها أن إبطال المحكمة الدستورية للنصوص القانونية المخالفة للدستور يعتبر تقريراً لزوالها نافياً لوجودها منذ ميلادها لكون القضاء الدستورى قضاءاً كاشفاً وليس قضاءاً منشئا.
وقد أورد نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 ما يتعلق بالأثر الرجعى للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية، مقرراً ما يلى:
" أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها فى الفقرة السابقة بالجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها ويترتب على الحكم بعدم الدستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائى تعتبر الأحكام التى صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه ".
وقد تناولت المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية هذا الشأن، حيث أوردت أن القانون تناول أثر الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة فنص على عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى للحكم، وهو نص ورد فى بعض القوانين المقارنة واستقر الفقه والقضاء على أن مؤداه هو عدم تطبق النص ليس فى المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى قد تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم، أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائى، فإن جميع الأحكام التى صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص تعتبر: كأن لم تكن، حتى ولو كانت أحكاماً باتة.
وقد عبرت المحكمة الدستورية فى أحكام لها عن ذلك بأن أوردت بأحكامها ما يلى:
" وحيث أن ما نصت عليه المادة 49 من قانون هذه المحكمة من أن النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها، لا يجوز تطبيقها اعتباراً من نشر الأحكام الصادرة بشأنها فى الجريدة الرسمية، لا يعنى أن لهذه الأحكام أثر مباشر لا تتعداه، وأنها بذلك لا ترتد إلى الأوضاع والعلائق السابقة عليها، ذلك ان كل ما قصد إليه هذا القانون بنص المادة 49 المشار إليها، لا يعدو تجريد النصوص القانونية التى قضى بعدم دستوريتها من قوة نفاذها التى صاحبتها عند إقراراها أو إصدارها، لتفقد بالتالى خاصية الإلزام التى تتسم بها القواعد القانونية جميعها، فلا يقوم من بعد ثمة مجال لتطبيقها ".
ويؤيد ذلك أن الآثار التى ترتبها الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية، لا يمكن فصلها عن الأوضاع والعلائق السابقة عليها بعد أن مسهـا النص المطعون فيه مؤثراً فى بنيانها، ومن ثم كان تصويبها من خلال الدعوى الدستورية لازماً لرد الأضرار التى لحقتها أو التى تتهددها، ويقتضى ذلك بالضرورة أن يكون قضاء المحكمة الدستورية العليا بإبطال النص المطعون فيه، منسحباً إليها، ليعيدها إلى الحالة التى كانت عليها قبل سريان النص الباطل فى شـأنها ".
" ولا مجافاة فى ذلك لقواعد الرقابة القضائية على الشرعية الدستورية، ولا لمقاصد الدستور، ذلك أن مباشرة هذه المحكمة لتلك الرقابة، غايتها تقرير اتفاق النصوص القانونية المطعون عليها مع الدستور أو مجازاتها للضوابط التى فرضها، وتقييمها لهذه النصوص لا ينفصل عما يكون قد اعتراها من عوار عند إقراراها أو إصدارها، فلا تكون عيوبها أمراً طارئاً عارضاً عليها، بل كامناً فيها، ولصيقاً بها منذ ميلادها، ومتصلاً بها ـ لزوماً ـ اتصال قرار بما يشوهها، وكشفها عن عيوبها هذه ليس إلا إعلاناً عن حقيقتها، وإثباتاً لها، ولا يتصور بالتالى أن تضيفها، ولا أن تكون من خلقها أو تصورها، ولا أن تقحمها على نصوص قانونية خلت منها، بل هى تجليها، محددة من خلال حكمها ـ وعلى ضوء احكام الدستور ـ القاعدة القانونية التى يجب تطبيقها فى النزاع الموضوعى، وهى بعد قاعدة ينبغى إعمالها بافتراض أن النص الباطل منعدم ابتداءً لا إنتهاءً، فلا يكون قابلاً للتطبيق أصلاً منذ أن نشأ معيباً ".
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة:
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
شكرًا لمساهمتكم
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
قبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'