محمود عبد اللطيف
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الجامع لأحكام الصلاة 12 الطبعة الأخيرة ❝ الناشرين : ❞ دار الوضاح للنشر والتوزيع ❝ ❱تم إيجاد له: كتاب واحد.
محمود عبد اللطيف محمد الذي اتهم ظلما ليلة 26 أكتوبر 1954م بعد حادثة المنشية، يعمل سمكري ويسكن بإمبابة في غرفة علي السطوح، متزوج وله من الأبناء ثلاثة، درس في الابتدائية أربع سنوات في القسم الليلي ، انضم إلي الإخوان المسلمين عام 1943، تطوع في حرب فلسطين في أواخر عام 1947 والتحق بالنظام الخاص ، وتعرف علي الأستاذ هنداوي دوير عام 1951، وعلي الأستاذ صلاح شادي عام 1952، ، وكان له دور كبير وكان من ضمن أول سبعة حكم عليهم بالإعدام من الإخوان المسلمين أمام محكمة الشعب وهم:
- محمود عبد اللطيف.
- يوسف طلعت.
- إبراهيم الطيب.
- هنداوي دوير.
- محمد فرغلي.
- عبد القادر عودة.
- حسن الهضيبي "خفف عنه الحكم بعد ذلك للأشغال الشاقة المؤبدة".
وكانت هذه المحكمة حينها ذات طبيعة عسكرية، وكانت برئاسة جمال سالم وعضوية حسين الشافعي وأنور السادات، وانتهت هذه القضية في 4 ديسمبر 1954.
عبداللطيف وعبدالناصر
تعرف جمال عبدالناصر على محمود عبداللطيف قبل قيام الثورة بفترة حيث طلب من الإخوان فدائي يقوم بمهمة فرشح الإخوان له محمود عبداللطيف لحبه للجهاد وبراعته في التنشين، يقول الأستاذ حسن العشماوي في كتابه مذكرات هارب:
- "في ديسمبر سنة 1951 طلب مني عبد الناصر أن نقدم له شابًا من الإخوان فدائيًا ميت القلب كما نقول في مصر، ونعني شجاعًا لا يخاف، ثابتا لا يضطرب، وكان يريده ليقوم بعملية خطيرة في بورسعيد، فقدمنا له المرحوم عبد اللطيف الذي كان قد أبدى شجاعة وثباتا فائقين في حرب فلسطين عام 1949، والذي أعدمه عبد الناصر بعد ذلك بثلاثة أعوام بتهمة الشروع في قتله بالإسكندرية.
- سافر محمود محمود عبد اللطيف إلى بورسعيد ونحن لا نعلم بعد ما هي العملية الخطيرة التي سيقوم بها هناك، وحين لحقت به مع بعض زملائي تبين أن العملية هي تسميم الجنود البريطانيين في معسكر بورسعيد، وكان ذلك سيتم بأن يلتحق محمود عبد اللطيف كأحد العمال بناء على توصية شخص موثوق فيه ممن يشرفون على المعسكر، ثم يضع كمية من السم في اللحوم المخزونة بالثلاجات وليكن ضحاياها من يكون ممن سيأكل هذا اللحم.
- ورفضنا العملية لأن القتل بالسم أمر غير إنساني ولو كان ضد الأعداء.. وعدنا بالمرحوم محمود عبد اللطيف إلى القاهرة على أن نعيد بحث الأمر بعد الرجوع للأستاذ الهضيبي الذي رفض بشدة هذا الأسلوب في المعارك، وبقي اسم عند مندوب عبد الناصر في بورسعيد، واتجهنا نحن إلى القتال الصريح في معارك القناة".
- كانت هذه بداية المعرفة لدى جمال بمحمود عبداللطيف والذي عرف مهارته وق
عبد الناصر بالمنشية عقب إطلاق النار
وقعت حادثة المنشية يوم 26 أكتوبر من عام 1954م الساعة الثامنة وثلث تقريبا، وأذاعت الإذاعة أن الجاني اسمه محمود عبداللطيف من إخوان إمبابة، وأثناء خطاب عبدالناصر هاجمت سيارات الشرطة العسكرية والبوليس منازل الإخوان واعتقلت الآلاف منهم.
وأثناء القبض على محمود عبداللطيف تعرض للضرب الشديد والمبرح من قبل رجال هيئة التحرير الذين أحاطوا به.
ولندع للأستاذ محمد نجيب صديق محمود عبداللطيف وزميله في الأسرة التربوية والنظام الخاص يقص علينا ما حدث:
- الأخ محمود عبد اللطيف كان عضوًا في أسرتي؛ وكنا معًا.. حياتنا كلها كانت مع بعض، وقد تطوعنا معًا في حرب فلسطين، ولكن كنت أصغر منه بكثير، كُنَا في أواخر عام 1947 فكان عمري حينها 17 سنةً وكان عمره 23 سنة، فقبلوه ورجعت أنا، وأنا عائد قال لي: (وصيهم في البيت وخلي بالك دائمًا منهم واسأل عليهم وقل لهم إني الحمد لله أتقبلت)؛ فذهبت للبيت وناديت على زوجته وقلت لها: (محمود قبلوه)، فسألتني (من أنت)؟ قلت لها: (أنا نجيب)، قالت لي: "يا نجيب معقول لو دا عندكم أنتم كنت تسيب عيالك وتروح تجاهد في سبيل الله"، قلت لها: لا حتى لا أضايقها، ولم تكن تعرف بعد أنني من الإخوان .
- لكن هو حارب في فلسطين وكان له دور كبير جدًّا ووقع في الأسر وبعد الإفراج عنه عاد إلى وضعه وعاد إلى جنديته وشعبته وعشنا معًا حياةً طويلةً، وله مواقف لا تنتهي وأذكر أنه تغيب يومًا عن لقاء الأسرة وكان عهدنا به أنه لا يغيب أبدًا فقلت للإخوة: "تلاقوا والده مريض وذهب به للدكتور"، فذهبنا له للاطمئنان عليه ووجدناه يستبدل ملابسه وقال لنا: (أنا لسه جاي من عند الدكتور كنت مع الوالد وهو الحمد لله كويس)، وهو يعلم أننا نذهب للأخ الغائب حتى نطمئن عليه ؛ فقلت له: (الحمد لله إننا اطمئنانا عليك وطمئنانا على العيش والفرن والحاجات اللي رائحتها حلوة دي)، فقال لنا: (طيب اقعدوا)، ودخل وأحضر لكل منا: (نصف رغيف) وكانت تسمى حينئذٍ (بالشقة)، وكانت ضخمةً ثم ذهب إلى داخل المنزل وظل فترة ثم رجع إلينا ومعه (سلطانية عسل)، ووضعه أمامنا، وقال: (ما تأكلوا)، قلنا له: (إحنا أكلنا العيش (حاف) من ساعتها، كنت قلت إنك هتيجب عسل) فقال لي: (طيب ولا تزعلوا، هجيب لكل واحد كمان شقة)، ولكنه هذه المرة أخذ العسل معاه.
- وقد عشت معه وكنت معه في فصيلته وكنت معه قبل الحادث وبعده، وله مواقف لا تنتهي، وكما قلت: إنه لم يذهب إلى المنشية وأُمسك به في القطار في محطة الإسكندرية، وهو رجل عظيم وأفضل ما أعجبني جدًّا في آخرته، عندما سألت زوجته عن آخر مرة زاروه فيها قبل استشهاده، فقالت: ذهبت أنا وأخته وأمه وأولاده وعندما رأى حنفي أصغر الأبناء أباه وكان قد مضى على اعتقاله شهرين، وصدر في حقه حكم الإعدام ارتمى في أحضانه، وأخذ يقبله ومحمود يضحك مع ابنه؛ فسألتها: ألم يتأثر أبدًا؟ فقالت لي زوجته: (لم يتأثر أبدًا)، وعندما رأى أمه تبكي غضب منها وقال لها: (يا أمي أنا شهيد، لكي أن تفخري أني مظلوم وشهيد لله رب العالمين؛ لكي أن تفرحي وكل يوم يموت الناس ولكن الحمد لله أنني سأموت شهيدًا، أموت حيًّا وألقى الله، وكان موقفًا عظيمًا، وقال لهم: (إن شاء الله سيحفظكم الله من أجلي).
كان هذا كلام صديقه لكن ما حقيقة حادثة المنشية والتي كان بطلها محمود عبداللطيف، يقول حسن العشماوي في (مذكرات هارب):
- وعدنا إلى الصمت ثانية حتى قطعه عينا جرس الباب معلناً في أسلوب رنينه مجيء المرحوم يوسف طلعت، جاء يسألنا الأخبار، فقد سمع هو الآخر ما أذاعه الراديو ففوجئ به، وجاء يطلب مزيدًا من إيضاح، ولم يكن لدينا ما نقوله، وطلبنا منه هو البيان فهو رئيس الجهاز السري المسؤول عنه.
ولكنه أكد لنا أن لا علم له بشيء، وأنه لم يصدر أمرًا ولم يأذن بالقتل الفردي، وكيف يعقل أن يقدم على شيء، وأنه لم يصدر أمرًا ولم يأذن بالقتل الفردي، وكيف يعقل أن يقدم على شيء من ذلك وهو يعلم المرشد بالإسكندرية، وأن اجتماع الهيئة التأسيسية بعد غد، وأنه سيعقبه مظاهرة سيقوم الجهاز السري برئاسته بحمايتها أثناء سيرها، هذه هي الخطة الوحيدة الموضوعة موضع التنفيذ.
أما محاولة الاغتيال الفردي فهو واثق أن لا صلة للإخوان بها وخرج على أن يعود ظهر الغد بما يجد لديه من أخبار.
- ومع الصباح علمنا أن الذي أطلق النار هو المرحوم محمود عبد اللطيف، وأنه اعترف بأن محرضه هو المرحوم هنداوي دوير المحامي بأمبابة، وأنا أعرف محمود عبد اللطيف منذ كان يعلم في معركة قناة السويس عام 1951، وأعلم أنه انضم إلى الجهاز السري أيضًا، وأعرف مهارته في إصابة الهدف بالمسدس على نحو غير طبيعي، ثم أنا أعرف الأستاذ هنداوي دوير، ولكني ما كنت أتصور أنه رئيس مسؤول بالجهاز السري، لأنه رحمه الله عصبي المزاج، سريع الانفعال، بحيث لا يصح وضعه كمسؤول في أي نظام سري.
- وجاءنا المرحوم يوسف طلعت مع الظهر والنار تشتعل في قلب القاهرة بالمركز العام للإخوان المسلمين، أشعلتها مظاهرة يقودها ثلاثة ضباط ويحميها البوليس.
- جاء يوسف ليؤكد أن الأستاذ إبراهيم الطيب المحامي والمسؤول عن الجهاز السري في القاهرة كلها لم يكلف الأستاذ هنداوي بالإقدام على اغتيال جمال عبد الناصر أو غيره اغتيالا فرديًا.. وأنه يفهم كيف يمكن أن يكون الحادث قد وقع على هذه الصورة، وكانت مفاجأة له حين علم باعتراف محمود عبد اللطيف على هنداوي دوير، واشتدت به المفاجأة حين علم أن المرحوم هنداوي بدأ يتكلم وهكذا انقضى يوم الأربعاء في مفاجأة ترد إلينا أولا بأول عن سير التحقيق.
ويقول حسين حمودة في (أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمين):
- وقد حاولت تقصى الحقائق في موضوع الشروع في قتل جمال عبد الناصر في ميدان المنشية سنة 1954 فما وجدت أحد من المحكوم عليهم والذين كانوا معي في السجن له يد في جريمة الشروع في قتل عبد الناصر من قريب أو بعيد مما يغلب على الظن أن الحادث كان مدبرا بإحكام وبتخطيط جيد لدفع جمال عبد الناصر للانقضاض على جماعة الإخوان المسلمين والفتك بهم على هذه الصورة الوحشية وتبين لي أن محكمة الشعب التي شكلها مجلس الثورة لم تكن تستهدف عدلا ولا يعنيها أن تجري إنصافا أو تتحرى الحقيقة وإنما قصدها توقيع أحكام معينة لتصفية جماعة الإخوان تصفية نهائية فهي أشبه بمذبحة القلعة التي نفذها محمد على ضد المماليك.
ويقول أليعازر بعيري في كتابه (ضباط الجيش في السياسة والمجتمع العربي)، والذي ترجمة: بدر الرفاعي:
- في صيف 1954، بدأت المحادثات الإنجليزية المصرية للاتفاق حول جلاء القوات البريطانية عن قواعدها في منطقة قناة السويس، وتم توقيع اتفاقية الجلاء في 19 أكتوبر، وهكذا تحققت لمصر واحدة من أغلى أمانيها القومية على مدى 72 عاما، وقدمت الاتفاقية في جميع أنحاء العالم باعتبارها أعظم إنجاز للحكم المصري الجديد، لكن الاتفاقية لاقت معارضة قوية في مصر، لأن ذبابة سقطت في العسل، فالفقرة الرابعة * تتضمن أنه "في حالة وقوع هجوم مسلح من دولة من الخارج على أي بلد يكون طرفا في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية أو على تركيا، تقدم مصر لبريطانيا من التسهيلا ما قد يكون لازما لتهيئة القاعدة للحرب وإدارتها" (46) وبمعنى آخر، فإن ناصر وقع معاهدة يمكن لمصر بمقتضاها أن تقع تحت الاحتلال مرة أخرى إذا ما نشبت حرب عالمية ثالثة، وعلى أية حال، فقد أصبحت هذه المعاهدة لاغية بعد الغزو البريطاني في 1956، لكنها كانت تعني في 1954 ربط مصر بالغرب، ومرة أخرى، يشن الإخوان والشيوعيون والوفد حملة شرسة ضد المعاهدة باعتبارها خيانة، وفي 26 أكتوبر، وبينما كان ناصر يخطب في حشد جماهيري بالإسكندرية، أطلق عليه محمود عبد اللطيف من الإخوان، ثماني رصاصات من مسدسه على مسافة قريبة وأخطأت الرصاصات ناصر وألقي القبض على الجاني في الحال.
- وانتهز ناصر تلك الفرصة ليسوي حسابه مع الإخوان، فحلت الجماعة واعتقل قادتها، وعذبوا، وقدموا إلى المحاكمة، وصدر الحكم على سبعة منهم بالإعدام، وشنقوا..
ويقول عبدالعظيم رمضان في كتابه (التنظيم السري للإخوان المسلمين):
- كان شعور جماهير الإسكندرية عند إلقاء عبد الناصر خطابه معبا ضد اتفاقية الجلاء مع بريطانيا التى عارضتها كل القوي السياسية فى مصر وضد عبد الناصر الذى وقعها وضد نظام الحكم الاستبدادي الذى أرساه وعندما أقيم سرادق الاحتفال فى ميدان المنشية احتلته جماهير الإسكندرية وأخذت هتافاتها تتعالي بالحرية وسقوط الظلم مما اضطر السلطات إلى إخلاء السرادق من هذه الجماهير فى الخامسة مساء وإعادة ملئه من جديد بجماهير مأجورة تتكون من عشرة آلاف عمال مديرية التحرير الموالية.
ويقول إبراهيم زهمول في رسالته العلمية (الإخوان المسلمون):
- على صفحات جريدة La Suisse السويسرية الصادرة في 27 أكتوبر 1954 ، كذلك صحيفة Le Monde الفرنسية الصادرة في 28 أكتوبر 1954 نقرأ «بينما جمال عبد الناصر يلقي خطابه في حشد جماهيري إذ بشاب يطلق ست رصاصات في اتجاهه» وتؤكد الصحيفة السويسرية أن هناك أربعة أفراد يدعى الحسيني السيد عرام موظف بوزارة التربية والتعليم كان ممسكا بمسدس وهو يؤكد عثوره عليه ملقيا على الأرض حيث يبدو أن أحد العسكريين قد تركه يسقط عمدا ، بيد أن بعض الشهود -كما تقول الصحيفة السويسرية- يؤكدون أنه مطلق النار.
واتهم بعض الشهود شخصا ثانيا يدعى محمد إبراهيم دردير بأنه الفاعل ، وفرد ثالث يدعى محمد عامر حماد أوقف عندما حاول الهرب ، أما الشخص الرابع (لم تذكر الصحيفة اسمه) فيظن بأنه قد استعمل سلاحا وجد في حوزته لإطلاقه في الهواء تعبيرًا عن الفرحة ، وهو سمكري يقطن القاهرة واشترك في حرب فلسطين ، ذكر بأنه من الإخوان المسلمين».
إزاء هذا التضارب يصرح هذا الأخير الذي تبين أن اسمه محمود عبد اللطيف بأنه قد أطلق ثمان رصاصات لتحية وصول البكباشي جمال عبد الناصر.
وهو في قوله ذلك يخالف ما ذهبت إليه الصحيفتان السويسرية والفرنسية من أن العدد هو ست رصاصات ، كما يخالف الحقيقة المسجلة على شريط من أرشيف الإذاعة المصرية.
أوقع عليه إكراه أو ضغط؟ ربما ، إذ أن المنطق لم يخدم أيضا السلطة آنئذ بما قدمته من نبأ عثور عامل البناء على السلاح ، بينما نقرأ في موسوعة الأسلحة الخفيفة العالمية (الطبعة الفرنسية) أن عدد طلقات هذا النوع هو ست طلقات ، ومطلق الرصاص قيل بأنه كان معروفًا شخصيًا لدى جمال عبد الناصر ، فهل وعد بمقابل لاعتراف ملفق؟ وهل كان تكرار الرئيس لعبارة «أيها الرجال ، فليبق كل في مكانه» حيث كررها غير مرة تعني تمثيل القبض عليه.
- والرواية الرسمية التي أذاعتها السلطة من أن المتهم بإطلاق النار قد أتى مبكرا إلى مكان الحفل حيث اتخذ مكانه على بعد خمسة عشر مترا تناقضها شهادة الصاغ السابق إبراهيم الطحاوي مسئول هيئة التحرير في هذه الفترة (كان سكرتيرًا عامًا مساعدًا ، بينما عبد الناصر كان يشغل سكرتيرها العام) الذي ذكر بأن الثلاثين صفا الأولى قد خصصت لهيئة التحرير ومنظمة الشباب التابعة للهيئة والحرس الوطني.
محمود عبد اللطيف بعد القبض عليه
ويقول يقول إسماعيل المهداوي :
- ".. كان مجلس قيادة الثورة قد استشار أحد خبراء الدعاية الأمريكيين في كيفية تحويل جمال عبد الناصر إلى زعيم قومي محبوب فاقترح عليهم هذا الخبير أن يدبروا محاولة فاشلة لاغتيال عبد الناصر على أن يظهر بصورة قوية أثناء تنفيذ هذه المحاولة الوهمية لأن الشعب المصري عاطفي بطبعه وبالتالي فإن هذا الحادث سوف يدفع الجماهير إلى الشعور بأن رئيسهم يتعرض لخطر شديد وبأنه قد واجه الخطر بشجاعة وصلابة مما يدفعهم إلى الإعجاب به ويؤهله للحكم العاطفي ويزيد من شعبيته، واشتركت المخابرات المركزية الأمريكية في الترتيب لهذه العملية عن طريق فؤاد جلال وكيل جمعية الفلاح فأرسلت لعبد الناصر قميصا واقيا من الرصاص استلمه مدير مكتبه آنذاك عبد الرحمن مخيون.
- كان جمال عبد الناصر قد نجح في احتواء بعض العناصر المؤثرة داخل جماعة الإخوان المسلمين مثل أحمد حسن الباقوري وصالح عشماوي وعبد الرحمن السندي وأتباعهم ورغم أن قيادة الجماعة قامت بفصلهم من صفوفها عندما أدركت ارتباطهم بعبد الناصر إلا أنه ظل لكل منهم رجال وأتباع داخل صفوف الجماعة يدينون له بالولاء الشخصي و من بين هؤلاء الرجال كان المحامي هنداوي دوير أحد أتباع عبد الرحمن السندي يتولى رئاسة منطقة إمبابة في الجهاز العسكري الخاص حتى أن هذه العلاقة الخاصة بين دوير والسندي قد تسببت في تعامل قيادات الجهاز العسكري الخاص مع دوير بدرجة عالية من الحذر وصلت إلى أن رئيسه المباشر في الجهاز " إبراهيم الطيب " كان يرفض إخطاره بالأماكن التي يقيم فيها رغم أهمية ذلك في الاتصالات التنظيمية وقد قام عبد الرحمن السندي بتسليم هنداوي دوير إلى صلاح دسوقي أحد ضباط البوليس ليقوم بتوجيهه حسب تعليمات السلطة العسكرية وفي يوم 25/ 10/ 1954 قام دسوقي باصطحاب هنداوي دوير في زيارة سرية إلى منزل جمال عبد الناصر.
حيث دبروا معا عملية الاغتيال الوهمية واستلم دوير مسدسا وخمس عشرة طلقة مزيفة (فشنك) لتنفيذ العملية حيث قام بدوره بتسليمها إلى مرؤوسه في الجهاز العسكري الخاص محمود عبد اللطيف الذي كان من أمهر رماة المسدس في جماعة الإخوان المسلمين على اعتبار أنها طلقات حقيقية وأمره بأن يقوم باغتيال جمال عبد الناصر أثناء إلقائه خطابا سياسيا بمناسبة إتمام توقيع اتفاقية الجلاء مع بريطانيا في ميدان المنشية بالإسكندرية يوم 26/ 1954/10 مستغلا في ذلك ضعف شخصية محمود عبد اللطيف وطاعته العمياء لأوامر رؤسائه، ورغم وجود مئات الإخوان في الجهاز العسكري الخاص بالإسكندرية إلا أن محمود عبد اللطيف سافر من إمبابة بالقاهرة لاغتيال عبد الناصر في منشية الإسكندرية!!
- وفي اليوم المحدد لإلقاء الخطاب وهو يوم 26/ 1954/10 قام رجال الأمن بطرد الجماهير من السرادق المعد للخطاب وكانوا من أهالى الإسكندرية ثم أعادوا حشوه من جديد بعشرة آلاف مواطن تم جلبهم خصيصا من مديرية التحرير في سيارات نقل كبيرة لتمرير المسرحية بينما سمحت سلطات الأمن لمحمود عبد اللطيف بالدخول بل وبالجلوس على " مقعد متقدم في مواجهة رئيس مجلس قيادة الثورة !!
ومن الجهة المقابلة فقد قام عبد الرحمن مخيون بإلباس جمال عبد الناصر القميص الواقي من الرصاص في مبنى البورصة بالإسكندرية و كان قد تلقاه من المخابرات الأمريكية. وأثناء قيام عبد الناصر بإلقاء خطابه أطلق محمود عبد اللطيف تسع طلقات في صدره إلا أن عبد الناصر لم يصب بأية إصابة ولو سطحية وفي نفس ، الوقت قام صلاح دسوقي بإطلاق عدة رصاصات دقيقة التصويب على ميرغني حمزة وأحمد بدر وعلى جوانب المنصة وجدران السرادق حتى يبدو للجماهير أن الذي أطلق على قائد الثورة هو رصاص حقيقي لأن هناك إصابات حقيقية وخدوشا وآثار رصاص حقيقى .
وبمجرد أن بدأ عبد اللطيف يطلق رصاصة الزائف حتى رفع عبد الناصر هامته مواجها الرصاص بصدره وهو يقول " أيها الأخوة… إخواني المواطنين فليبق كل منكم في مكانه… إنني حي ولم أمت وإذا مت فإن كلأ منكم هو جمال عبد الناصر… لقد زرعت فيكم القوة والعزة والكرامة ولن تسقط الراية أبدا !!. وبعد أن أفرغ محمود عبد اللطيف مسدسه ألقى به على الأرض كما ألقى دسوقي بمسدسه أيضا على الأرض، وضبط المواطنون مسدس عبد اللطيف! وسلموه إلى السلطات كما ضبط أحدهم وهو نوبي يدعي آدم مسدس دسوقي " وسلمه بدوره إلى السلطات وإزاء إعلان التحليل المعملي في الطب الشرعي بأن مسدس عبد اللطيف كان محشوا بالرصاص الزائف فقد اضطرت سلطات الأمن إلى الكشف عن مسدس دسوقي بدعوى أنه المسدس الذي استخدمه عبد اللطيف وبررت سبب هذا التضارب وهذا التأخير في الإعلان عن أداة الجريمة بأن المواطن الذي عثر على المسدس قد أبى إلا أن يقوم بتسليمه شخصيا إلى جمال عبد الناصر ولما كان لا يملك قيمة السفر من الإسكندرية حيث وقع الحادث للقاهرة حيث يقيم عبد الناصر فقد أضطر إلى السفر مشيا على الأقدام حتى سلمه يدا بيد إلى قائد الثورة مما تسبب تأخير الكشف عن أداة الجريمة الحقيقية!!!
📚 🏆 عرض أشهر كتب لـ محمود عبد اللطيف:
الجامع لأحكام الصلاة 12 الطبعة الأخيرة PDF
قراءة و تحميل كتاب الجامع لأحكام الصلاة 12 الطبعة الأخيرة PDF مجانا
مناقشات واقتراحات حول صفحة محمود عبد اللطيف: