توني ماغواير
توني ماغواير هي كاتبة بريطانية نالت شهرة عظيمة في كتابة السير الشخصية وكانت سيرتها الذاتية "لا تخبري ماما" وهي كتابها الأول من الكتب الأكثر مبيعاً في المملكة المتحدة في عام 2007 مما شجعها على إصدار الجزء الثاني من سيرتها الذاتية "حين يعود أبي إلى المنزل" والتي عززت شهرة ماغواير التي نالتها على كتابها الأول. وكان نجاحها الباهر في كتابيها الأولين ❰ لها مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ لا تخبرى ماما ❝ ❞ تركوا بابا يعود ❝ الناشرين : ❞ المركز الثقافي العربي ❝ ❱1944 م.
تم إيجاد لها: كتابين.
توني ماغواير هي كاتبة بريطانية نالت شهرة عظيمة في كتابة السير الشخصية وكانت سيرتها الذاتية "لا تخبري ماما" وهي كتابها الأول من الكتب الأكثر مبيعاً في المملكة المتحدة في عام 2007 مما شجعها على إصدار الجزء الثاني من سيرتها الذاتية "حين يعود أبي إلى المنزل" والتي عززت شهرة ماغواير التي نالتها على كتابها الأول. وكان نجاحها الباهر في كتابيها الأولين واللذان كانا عن تعرضها للإستغلال الجنسي من طرف أبيها مشجعاً للكثيرين كي يحكوا حكاياتهم عن الإستغلال الجنسي لماغواير مما شكل لديها مكتبة في الموضوع لتصدر بعد ذلك خمسة كتب إضافية كلها سير شخصية لأفراد تعرضوا للإستغلال الجنسي من ذويهم. وهي الآن بصدد نشر روايتها الأولى. بعد هذه الرحلة من النجاح في عالم السير الشخصية.
ولربما لا بد لي من تبيان الفرق بين السيرة الذاتية والسيرة الشخصية. السيرة الذاتية هي حكاية حياة الكاتب ذاته.. يكتبها على شكل سردي يشبه الرواية إلى حد ما.. بينما السيرة الشخصية هي حكاية حياة شخص آخر عدا الكاتب.. يكتبها بشكل يراه الكاتب مناسباً.
مما لا شك فيه مأساوية هذا الكتاب. وحقيقة أنه سيرة ذاتية لا رواية يعزز من التأثير العاطفي لموضوعه على القاريء. وقد عبر هذا الكتاب عن مكنونات صدر ماغواير التي تعرضت للإعتداء الجنسي من قبل والدها في طفولتها لمدة سبع سنين وقد بدأت هذه الإعتداءات منذ أن كانت في السادسة من عمرها واستمرت إلى عمر الثالثة عشر وتعرضت للإجهاض مرة واحدة.. وفي سن الخامسة عشر كانت قد أقدمت على محاولتي إنتحار فاشلتين.. وقضت ثلاث سنين في مشفى للأمراض العقلية للمعالجة من الإكتئاب.
توجد في هذا الكتاب ثلاث شخوص رئيسية؛ أنطوانيت ماغواير.. والدتها "روث" ووالدها "بيدي". ولنحلل معاً أركان هذه المأساة العائلية:
روث هي امرأة إنجليزية من الطبقة المتوسطة.. وهي تكبر زوجها بيدي بخمس سنوات.. بينما كان بيدي رجلاً من رجال الطبقة المتوسطة من إيرلندا الشمالية وهي بالنسبة لنظيرتها الإنجليزية تعتبر أدنى منزلة بكثير. هناك كراهية عامة للإنجليز في إيرلندا بشطريها الشمالي والجنوبي.. ولكن هذا لن يمنع رجلاً من أمثال بيدي من النظر لامرأة كروث نظرة الغنيمة.. فهي أعلى منزلة من بيدي كما ذكرنا.. وهذا يرتبط بشعور السيادة لدى الذكر بشكل عام.. كما أن الحصول على امرأة كهذه سيعزز مكانته أمام أقرانه الإيرلنديين.. رغم كراهيتهم الظاهرة للإنجليز.. إلا أن فعله هذا سيصبح حتماً موضع مفخرة.. إنه كأن يتزوج ابن عائلة عربية من أمريكية وياتي بها لبلاده.. سيكرهها الجميع.. لكنها سيتفاخرون بفحولة ابنهم الذي جاءتهم بأمريكية إلى بلادهم !
في الجانب الآخر، حقيقة أن روث أصغر من بيدي بخمس سنوات جعلتها تشعر أنه من الممكن جداً لبيدي أن يتخلى عنها في سبيل امرأة أصغر وأجمل.. وما أكثرهن ! ولهذا السبب.. فهي تحاول بشكل يائس أن ترضيه بأي طريقة ممكنة. فهو الشاب الوسيم، والذي ترك فتيات أصغر منها وأجمل في سبيل أن يتزوج منها.. وهذا يعني أنها امرأة مرغوبة.. تلك الفكرة الأساسية الكامنة في عقل كل فرد إنساني؛ "الرغبة".. أن تشعر بأنك شخص مرغوب به من الجنس الآخر.. وكلما كانت قيمة الفرد الراغب فيك أكبر بالنسبة للجنس الآخر.. كان شعورك هذا أطغى وأكبر. إنه يتحول إلى نوع من أنواع الهوس. روث مهووسة ببيدي. إنها لا ترى حقيقة أنه رجل سكير.. عربيد.. ومن المرجح أنه خانها مئات المرات.. إنها لا ترى حقيقة أنه يعتدي على ابنتهما.. أو بالأحرى إنها لا تريد أن ترى ذلك. وحتى حينما جاءتها ابنتها ذات الستة أعوام لتخبرها بقبلة أبيها المحمومة لها.. نهرتها.. ومن ثم أهملتها.. كأنها ترى بذلك أن ابنتها ذات الأعوام الستة ستتوقف عن كونها جذابة "جنسياً" في عين أبيها فيتوقف عن الرغبة فيها.. وتنتهي منافسة ابنتها لها في أبيها ! من مثل هذا السلوك "المرضي" لروث يبدو لها في غاية المنطقية ! فمن ذلك الرجل السوي الذي قد يعتدي على طفلة مهملة غير جميلة ؟ المسكينة، لا تدري بأنه ذات الرجل الذي تبدو له فكرة الإعتداء على طفلة من الأساس لن يشكل له جمالها أو نظافتها فرقاً كبيراً. هذا الرجل الذي لم يعترض على فعل صديقه بالإعتداء على ابنته إلا لأنه يكره أن تفعل هذا الفعل مع أحد سواه ! إنه لم يعد ينظر لابنته على أنها ابنته. بل ينظر إليها بعقلية الرجل البدائي في الزمن الحجري.. والذي كل ما يهمه هو السيادة والإستحواذ على "الأنثى" ! بغض النظر عن كون هذه الأنثى طفلة.. وبغض النظر عن أن تتوجه هذه السيادة إلى مؤخرة أقرانه من الرجال. لا يهم، كل ما يهمه هو أن يظهر بمظهر السيد. المسيطر، ولهذا السبب فهو يميل لاستخدام عنف غير مبرر.. لا لشيء، سوى لإستعراض القوة. إنه السيد، لا منازع له. إنه يستطيع أن ينكح ما يشاء من النساء.. ولا أحد يستطيع أن ينكره ذلك الحق. إن خياله المريض يهيء له أن ابنته تحب أن يعتدي عليها ! إنها تستمتع في أن يعتليها. تماماً كما يشير التحليل النفسي لتلك المبررات التي سعطيها المتحرش لنفسه قبل أن يعتدي على طفلة؛ إنها تستطيع أن تتوقف متى ما رغبت بذلك. لكن، هل ترك لها أي فرصة للخيار ؟ إطلاقاً، إنه يوجه إليه سلوكه السيادي بشكل متسلط ويهددها بأنه لن يصدقها أحد.. بل ستكرهها أمها -والتي يبدو أنه حفظها عن ظهر قلب- وسيكرهها المتجتمع ويدينها. وقد صدق في كل ذلك. أنى لطفلة لم تتجاوز الثالثة عشر أن تصمد أمام كل ذلك ؟ حتى اللحظة الأخيرة، وروث لا تزال تعيش حالة النكران التي ظلت طوال حياتها تفرضها على ذاتها. إنه زوج جيد. وكل شيء سيكون على ما يرام.. بمجرد أن تتوقف أنطوانيت عن استفزازه !
صحيح أنه يبدو هناك الكثير من التشويش على حقائق السرد في رواية توني. لكن هذا أمر طبيعي، فنحن لا نتحدث عن كاتبة محترفة، بل هذه أول تجربة لها. هذا بالإضافة إلى أنها تتحدث عن أحداث قديمة بالنسبة للزمن الذي كتبت فيه هذه السيرة.. وعليه فإن شكل الأحداث قد يبدو مخادعاً في الذاكرة عما كان عليه في الواقع. ولربما لهذا السبب قد تختلط بعض التفاصيل على توني فيكون سردها له لا منطقياً. ما يهم هنا هو أن حقيقة الإعتداءات الجنسية المتكررة عليها من قبل والدها.. كانت حقيقية.. وأن والدتها كانت تعلم، ولم تفعل شيئاً. ما هي الظروف ؟ هذا لا يهم. ما هي التفاصيل ؟ قد تختلف.. ما هي النتيجة ؟ أن توني حبلت من أبيها وهي في الثالثة عشر من عمرها.. وأجهضت بعد الشهر الثالث من الحمل.. وكاد ذلك أن يودي بحياتها. ثم دخلت في دوامة من الرفض والإدانة الإجتماعية.. وتخلت عنها عائلتها.. حتى أمها أدانتها بصمتها. فدخلت حالة عميقة من الإكتئاب وحاولت الإنتحار.. لتعود من مشفى الأمراض العقلية أقوى.. وتعاود الدخول لسوق العمل.. إنما بروح قتالية هذه المرة فتعمل كنادلة ثم في المبيعات.. ثم كوكيلة رهن وتنجح في هذا الأخير بشكل ممتاز. وتجلس بعد ذلك، لتطلق رصاصة الرحمة على ماضيها بكل ما فيه من قباحة وألم.. بكتابة هذه السيرة الذاتية الفظيعة.
إن للحب أشكالاً مضرة كثيرة، وحب روث وبيدي.. هو مجرد واحد منها.
إن قيمة هذه السيرة لا تكمن فيما تحتويه من أدب، بل ما تحتويه من مأساة أخلاقية وإنسانية.. وكل ذلك بشكل أو بآخر باسم الحب. وأختم بهذا الإقتباس الذي يلخص كل شيء: الحب عادة من الصعب التخلص منها. إسألي النساء اللواتي تحملن علاقة مؤذية لفترة طويلة رغم اقتناعهن بفشلها. والنساء اللواتي تنجحن في العثور على ملاذ خارج بيوتهن، يعدن في الغالب إلى العيش مع أزواجهن رغم تعنيفهن. لماذا ؟ لأنهن متعلقات، ليس بالرجل الذي يعنفهن، بل بذاك الذي اعتقدن أنهن تزوجنه. ستواصلن البحث عن هذا الرجل إلى الأبد.
مناقشات واقتراحات حول صفحة توني ماغواير: