حسن البنا
حسن البنا (14 أكتوبر 1906 - 12 فبراير 1949م ) (1324هـ - 1368هـ) واسمه بالكامل حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا الساعاتي، وهو مؤسس جماعة الإخوان المسلمين سنة 1928 في مصر والمرشد الأول لها ورئيس تحرير أول جريدة أصدرتها الجماعة سنة 1933، نشأ في أسرة متعلمة مهتمة بالإسلام كمنهج حياة حيث كان والده عالماً ومحققاً في علم الحديث، تأثر بالتصوف عن طريق احتكاكه بالشيخ عبد الوهّاب الحصافي شيخ الطريقة الحصافية الشاذلية في عام 1923 وكان له أثر كبير في تكوين شخصيته، كما تأثر بعدد من الشيوخ منهم والده الشيخ أحمد والشيخ محمد زهران - صاحب مجلة الإسعاد وصاحب مدرسة الرشاد التي التحق بها لفترة وجيزة بالمحمودية - ومنهم أيضًا الشيخ طنطاوي جوهري صاحب تفسير القرآن الجواهر. تخرج في دار العلوم عام 1927 ثم عين مدرساً في مدينة الإسماعيلية في نفس العام ونقل إلى مدينة قنا بقرار إداري عام 1941 ثم ترك مهنة التدريس في عام 1946 ليتفرغ لإدارة جريدة الشهاب.❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ المرأة المسلمة (ت: الألباني) ❝ ❞ الله في العقيده الاسلامي ❝ ❞ نظرات في كتاب الله ❝ الناشرين : ❞ دار الكتب السلفية ❝ ❞ شركة الامل للتجهيزات الفنية ❝ ❱تم إيجاد له: 3 كتب.
حسن البنا (14 أكتوبر 1906 - 12 فبراير 1949م ) (1324هـ - 1368هـ) واسمه بالكامل حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا الساعاتي، وهو مؤسس جماعة الإخوان المسلمين سنة 1928 في مصر والمرشد الأول لها ورئيس تحرير أول جريدة أصدرتها الجماعة سنة 1933، نشأ في أسرة متعلمة مهتمة بالإسلام كمنهج حياة حيث كان والده عالماً ومحققاً في علم الحديث، تأثر بالتصوف عن طريق احتكاكه بالشيخ عبد الوهّاب الحصافي شيخ الطريقة الحصافية الشاذلية في عام 1923 وكان له أثر كبير في تكوين شخصيته، كما تأثر بعدد من الشيوخ منهم والده الشيخ أحمد والشيخ محمد زهران - صاحب مجلة الإسعاد وصاحب مدرسة الرشاد التي التحق بها لفترة وجيزة بالمحمودية - ومنهم أيضًا الشيخ طنطاوي جوهري صاحب تفسير القرآن الجواهر.
تخرج في دار العلوم عام 1927 ثم عين مدرساً في مدينة الإسماعيلية في نفس العام ونقل إلى مدينة قنا بقرار إداري عام 1941 ثم ترك مهنة التدريس في عام 1946 ليتفرغ لإدارة جريدة الشهاب.
أسس في عام 1928 جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة سياسية إسلامية تهدف إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة اليومية وإعادة الحكم الإسلامي مستنداً إلى آرائه وأطروحاته لفهم الإسلام المعاصر حيث قال:«إن الإسلام عقيدة وعبادة ووطن وجنسية ودين ودولة وروحانية ومصحف وسيف.» في ظل تشتت الأمة الإسلامية ووقوعها تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والغزو الفكري الأوروبي للوطن العربي والعالم الإسلامي أخذ يدعو الناس إلى العودة إلى السلام ونشر مبادئ الإسلام في جميع المدن المصرية والريف.
له نتاج أدبي ومؤلفات منها رسائل الإمام الشهيد حسن البنا وتعتبر مرجعًا أساسيًّا للتعرُّف على فكر ومنهج جماعة الإخوان بصفة عامة، ومذكرات مطبوعة عدة طبعات أيضًا بعنوان مذكرات الدعوة والداعية ولكنها لا تغطِّي كل مراحل حياته وتتوقف عند سنة 1942. وله عدد كبير من المقالات والبحوث القصيرة جميعها منشورة في صحف ومجالات الإخوان المسلمين التي كانت تصدر في الثلاثينيات والأربعينيات، أوّل مقال نشره كان سنة 1928 في جريدة الفتح تحت عنوان الدعوة إلى الله وآخر مقال نشره قبل اغتياله كان بين المنعة والمحنة ونشر في كانون أول عام 1948 في جريدة الإخوان اليومية قبيل صدور قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين في نفس الشهر.
حسن البنا في شبابه
وُلِد البنا في المحمودية من أعمال محافظة البحيرة بدلتا النيل في يوم الأحد 25 من شعبان سنة 1324 هـ وهو ينتسب إلى أسرة ريفية متوسطة الحال، كانت تعمل بالزراعة في إحدى قرى الدلتا هي قرية شمشيرة قرب مدينة رشيد الساحلية. كان جَدُّه عبد الرحمن فلاحًا، ونشأ والده أحمد بعيدا عن العمل بالزراعة، فدرس علوم الشريعة في جامع إبراهيم باشا بالإسكندرية. والتحق أثناء دراسته بمحلٍّ لإصلاح الساعات في الإسكندرية، وأصبحت بعد ذلك حرفة له وتجارة، ومن هنا جاءت شهرته بالساعاتي. أصبح والده من علماء الحديث وله فيه مصنفات عديدة أهمها "ترتيب مسند الإمام أحمد" مع مفتاح له يسهل الوصول إلى أحاديثه، وله أيضاً كتاب بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي وفي كنفه نشأ حسن البَنَّا فتطبع بالكثير من طباعه، كما درس البنا على أبيه العلوم الشرعيَّة، وقد كان والده يدرك الأهميَّة الإيجابيَّة للاختلافات الفقهيَّة بين أصحاب المذاهب المتعددة، فجعل كل واحد من أبناءه يدرس واحدا من المذاهب الفقهيَّة، فكان المذهب الحنفي من نصيب حسن، وكان يعلمه دروس الفقه في المنزل، وكان يحثُّه على حفظ المتون في فروع العلوم الشرعيَّة، ويشجعه على القراءة واقتناء الكتب، وبالإضافة إلى هذا فقد علَّمه صنعة الساعات، وحرفة تجليد الكتب.
اشترك حسن البنا منذ وقت مبكر من عمره في بعض الجمعيات الدينية، وانضم لطريقة صوفية تُعرف بالطريقة الحصافية، حتى صار سكرتيراً للجمعية الحصافية للبر وهو في الثالثة عشرة من عمره. تميز حسن البنا بفهم واسع، وذكاء متقد، وذاكرة قوية، وكان حريصًا على الصلاة وأدائها في المسجد، مداومًا على تلاوة القرآن الكريم، يهتم بأداء الشعائر الدينية ويدعو زملاءه إليها، يُجيد فنَّ الحوار والإقناع، ويتميز بالشجاعة الأدبية واللباقة في الأسلوب، والأهم كانت لديه فكرة لتغيير النظم بما يتوافق مع رؤيته للإسلام.
التعليم
دخل حسن البنا الكتاب في الثامنة من عمره، وبدأ تعليمه في مكتب تحفيظ القرآن بالمحمودية، وتنقل بين أكثر من كُتَّاب حتى إن أباه أرسله إلى كتّاب في بلدة مجاورة، وكانت المدة التي قضاها في الكتاتيب وجيزة فحفظ نصف القرآن الكريم، كما تعلم القراءة والكتابة على يد معلمه الشيخ محمد زهران المحمودي صاحب كتّاب مدرسة الرشاد الدينيَّة وتأثر به، وكان دائم التبرُّم من نظام الكُتّاب ولم يُطِق أن يستمر فيه فالتحق بالمدرسة الإعدادية رغم معارضة والده الذي كان يحرص على أن يحفِّظه القرآن ولم يوافق على التحاقه بالمدرسة إلا بعد أن تعهّد له حَسَن بأن يُتِمَّ حفظ القرآن في منزله.
كون مع زملائه الذين كانوا يشتركون معه في الصلاة جمعية سماها "جمعية محاربة المنكرات"، فكانوا يرسلون خطابات للمخطئين لنصحهم وإرشادهم حتى يعودوا إلى الطريق الصحيح. وبعد إتمامه المرحلة الإعدادية التحق بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور وهو في الرابعة عشرة من عمره، واصل البنا دعوته إلى التمسك بالإسلام فكان يوضح لزملائه في المدرسة فضل الصلاة المفروضة وأدار حلقة لقراءة القرآن الكريم قبل دخول التلاميذ لفصولهم ولم يمنعه ذلك من الاهتمام بدروسه بل كان متفوقًاً في دراسته.
ثم التحق البنا سنة 1923 وهو في السادسة عشرة من عمره بكلية دار العلوم بالقاهرة، بعد أن حصل في السنة النهائية من مدرسة المعلمين على المركز الأول فكان ترتيبه الخامس بين جميع طلاب مصر. وعندما دخل دار العلوم وتقدم لامتحانها كان يحفظ ثمانية عشر ألف بيت من الشعر وكثيرًا من النثر. أعجب البنا بالدراسة في دار العلوم وأساتذتها وأخذ يذاكر بجد ونشاط ويجتهد في دراسته فكان الأول فيها. وتلقى دروس علم الحياة ونظم الحكومات والاقتصاد السياسي إلى جانب الدروس الأخرى في اللغة والأدب والشريعة وفي الجغرافيا والتاريخ. حتى تخرَّج منها سنة 1927. وفي هذه الفترة اتصل البنا بالشيخ محب الدين الخطيب و رشيد رضا، جمع البنا مكتبة ضخمة تحتوي على عدة آلاف من الكتب في المجالات المذكورة إضافةً إلى أعداد أربع عشرة مجلة من المجلات الدورية التي كانت تصدر في مصر مثل مجلة المقتطف ومجلة الفتح ومجلة المنار وغيرها، ولا تزال مكتبته إلى الآن في حوزة ابنه سيف الإسلام.
العمل
عُين البنا مدرساً للغة العربية بإحدى المدارس الابتدائية بالإسماعيلية، ومنها إنطلق بدعوة الإخوان المسلمين، ثم عاد البنا في عام 1932 إلى القاهرة مرة أخرى ليزاول عمله مدرسا بمدرسة عباس بالسبتية، وأخذ يؤسس لجماعته تأسيساً واسع النطاق وينتقل بها من مرحلة إلى مرحلة. أمضى البَنّا ما يقرب تسعة عشر عامًا مُدرِّسًا بالمدارس الابتدائية؛ في الإسماعيلية ثم في القاهرة، وعندما استقال من وظيفته كمدرس في سنة 1946. كان قد نال الدرجة الخامسة في الكادر الوظيفي الحكومي، وبعد استقالته عمل لمدة قصيرة في جريدة الإخوان المسلمون اليومية، ثم أصدر مجلة الشهاب الشهرية ابتداءً من سنة 1947؛ لتكون مصدرًا مستقلاًّ لرزقه ولكنها أغلقت بحل جماعة الإخوان المسلمين في 8 من ديسمبر 1948.
مساهمة البنا في العمل الدعوي
عندما تألفت جمعية الأخلاق الأدبية وقع اختيار زملائه عليه ليكون رئيسًا لمجلس إدارة هذه الجمعية، ثم أنشأوا جمعية أخرى خارج نطاق مدرستهم سموها جمعية منع المحرمات، ثم تطورت الفكرة في رأسه بعد أن التحق بمدرسة المعلمين بدمنهور. فأنشأ الجمعية الحصافية الخيرية التي زاولت عملها في حقلين أساسيين هما: نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة ومقاومة المنكرات والمحرمات المنتشرة. والثاني: مقاومة الإرساليات التبشيرية. بعد انتهائه من الدراسة في مدرسة المعلمين انتقل إلى القاهرة وانتسب إلى مدرسة دار العلوم العليا فاشترك في جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية. ويبدو أن فكرة تكوين جماعة الإخوان قد تبلورت في رأسه أول ما تبلورت وهو طالب بدار العلوم، فقد كتب موضوعًا إنشائيًا كان عنوانه ما هي آمالك في الحياة بعد أن تتخرج؟ فقال فيه:
«إن أعظم آمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أمل خاص وأمل عام. فالخاص: هو إسعاد أسرتي وقرابتي مااستطعت إلى ذلك سبيلاً. والعام: هو أن أكون مرشدًا معلمًا أقضي سحابة النهار في تعليم الأبناء وأقضي ليلي في تعليم الآباء أهداف دينهم ومنابع سعادتهم، تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة.»
تأسيس جماعة الإخوان المسلمين
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الإخوان المسلمون
بعد إلغاء الخلافة الإسلامية سنة 1924 أصبح الدين من وجهة نظر البعض علامة على الجهل والتأخر والبعد عن الحضارة، وخلع الكثير من نساء مصر الحجاب، فعمل حسن البنا على تكوين جماعة من الدعاة المتحمسين من طلبة دار العلوم والأزهر، وخرجوا إلى الناس في المساجد والمقاهي يخاطبونهم بأسلوب بسيط، ويرشدونهم إلى التمسك بدينهم واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى عندما تم تعيينه مدرساً عام 1927 بمدارس الإسماعيلية للبنين، لم يتوقف عن دعوته، واختار أن يتوجه بالدعوة للناس في المقاهي التي تزدحم بهم فكان يصور لهم الحياة الإسلامية على أنَّها بناء يقوم على أربعة أعمدة؛ الحكومة، والأمة، والأسرة، والفرد. تأثر بدعوته الكثيرون، فأسس البنا جمعية الإخوان المسلمون في الإسماعيلية، ثم تم نقله ليعمل مدرساً في القاهرة، وأخذ يدعو المسلمين إلى العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى عظم أمر الإخوان المسلمين وبلغ عددهم في ذلك الوقت أكثر من نصف مليون فرد.
سبب التأسيس والنواة
تأسست جماعة الإخوان في مارس - آذار سنة 1928، حيث زار حسن البنا في منزله، حافظ عبد الحميد، أحمد الحصري، فؤاد إبراهيم، عبد الرحمن حسب الله، إسماعيل عز، وزكي المغربي، الذين تأثّروا من محاضراته، وقالوا له - كما يروي البنا في مذكراته -:
«لقد سمعنا ووعينا، وتأثّرنا ولا ندري ما الطريق العملية إلى عزة الإسلام وخير المسلمين. لقد سئمنا هذه الحياة، حياة الذلة والقيود. وها أنت ترى أنّ العرب والمسلمين في هذا البلد لا حظّ لهم من منزلة أو كرامة، وأنهم يعدّون مرتبة لأجراء التابعين لهؤلاء الأجانب... وكل الذي نريده الآن أن نقدّم لك ما نملك لنبرأ من التبعة بين يديّ الله. وتكون أنت المسؤول بين يديه عنا. كما يجب أن نعمل جماعة تعاهد الله مخلصة على أن تحيا لدينه وتموت في سبيله، لا تبغي بذلك إلا وجهه وجديرة أن تنصر، وإن قلّ عددها وقلّت عُدَّتها".»
وافق البنا، وكانت البيعة، فتم تأسيس مدرسة التهذيب لحفظ القرآن وشرح السور، وحفظ وشرح الأحاديث النبوية وآداب الإسلام، فصارت المدرسة مقراً للإخوان، وخرّجت الدفعة الأولى من الإخوان وكان عددهم أكثر من سبعين، بدأ عمل الإخوان ينتشر في نواحي حياتية واسعة مثل بناء المساجد ونشر العلم ومساعدة المحتاجين، وجاء في خطبة البنا الأولى في مسجد الإخوان:
«إذا كان أحدنا يحرص على محبة الكبراء وإرضاء الرؤساء، والأمة تجتلب مرضاة الدول، وتوثيق العلائق فيما بينها وبين الحكومات الأخرى، وتنفق في ذلك الأموال، وتنشىء له السفارات والقنصليات، أفلا يجدر بنا ويجب علينا أن نترضّى دولة السماء، وعلى رأسها رب العالمين الذي له جنود السموات والأرض، وبيده الأمر كله؟! نترضاه بإنشاء المساجد وعمارتها، وأداء الصلوات فيها لأوقاتها فيمدّنا بجنده الذي لا يغلب وجيشه الذي لا يقهر.»
ما أوجد للبنا ولأصحابه أعداءا حاولوا دسّ الدسائس بواسطة تقديم عرائض إلى رئيس الحكومة آنذاك، صدقي باشا، تتهمه بأنّه مدرّس شيوعي يتصل بموسكو، أو وفدي يسعى للإطاحة بالحكومة، أو يتفوّه ضد الملك فؤاد، أو يجمع المال بصورة غير قانونية.
الإنتشار والهدف
البنا في مؤتمر عام 1947 ويظهر المفكر القومي عزيز علي المصري.
تطورت جماعة الإخوان وانتشرت في مختلف فئات المجتمع، حتى أصبحت في أواخر الأربعينيات أقوى قوة اجتماعية سياسية منظمة في مصر، كما أصبح لها فروع في عدد من البلدان العربية والإسلامية، كان البَنّا يؤكِّد دومًا على أن جماعته ليست حزبًا سياسيًّاٍ، بل هي فكرة تجمع كل الأفكار الإصلاحية، وتسعى إلى العودة للإسلام واتخاذه منهجًا شاملاً للحياة، ويقوم منهجه الإصلاحي على التربية والتدرج في إحداث التغيير ويتلخص هذا المنهج في تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة ثم المجتمع المسلم ثم الحكومة المسلمة فالدولة فالخلافة الإسلامية وأخيرًا الوصول إلى أستاذية العالم. والمعنى هو أن يكون الإخوان هم القدوة والقِبلة التي يجب أن تتجه إليها كافة الأنظار لتتعلم منها وتنهل من علومها وتجاربها.
العمل السياسي
خاض البنا وجماعة الإخوان المسلمين على مدى عقدين من الزمان (1928 - 1949) العديد من المعارك السياسية مع الأحزاب الأخرى، وخاصةً حزب الوفد والحزب السعدي. فقد قاومت الأحزاب المصرية فكر حسن البنا وحالت دون توسع الإخوان المسلمين سياسياً، كما خاض البنا الانتخابات المصرية أكثر من مرة بدائرة الدرب الأحمر بالقاهرة، وكان بها المركز العام لجماعته وكان يقطن بها بـحي المغربلين، لكنه لم يفز في أي مرة في أي دائرة لا هو ولا زملاؤه بما فيهم أحمد السكري سكرتير الجماعة وكان مرشحًا بالمحمودية مقر ولادته.
في الأعوام التالية لنهاية الحرب العالمية الأخيرة اتجه إلى القيادة الشعبية العامة وعدم انحصاره في دائرة جماعته حيث إنه كان يخاطب جماهير الشعب ويحثها على الالتزام بتعاليم الإسلام والعمل له تحت لواء جماعته، على أن الترشيح للانتخابات البرلمانية سنة 1944 كان بداية للتحرك بين جماهير الشعب، استفاد البنا من الظروف السياسية في مصر عقب الحرب العالمية خاصة بعدما اهتزت زعامة حزب الوفد الشعبية بعد قبوله الحكم نتيجة للتدخل البريطاني سنة 1942 ولم تستطع الأحزاب السياسية الأخرى أن ترث هذه الزعامة، في حين تزايدت أعداد الإخوان ومناصريهم وبرزت مطالب قومية عامة بعد انتهاء الحرب، وتطلع الشعب لمن يقوده لتحقيق جلاء الإنجليز عن البلاد، ثم جاءت قضية فلسطين وقرار تقسيمها والإحتلال الصهيوني فزاد من سخط الشعب وهياجه.
فانطلق البنا يقود المظاهرات الشعبية العامة التي خرجت من الأزهر بعد قطع المفاوضات وعرض قضية مصر على مجلس الأمن وخطب في الجموع إلى جانب كبار رجالات مصر والعروبة عام 1947 وقد جرح في إحداها. وفي المظاهرة الشعبية الكبرى التي تجمعت بميدان الأوبرا في القاهرة تأييداً لفلسطين في ديسمبر 1947 بعد تقسيم فلسطين خطب البنا إلى جانب رياض الصلح والأمير فيصل بن عبد العزيز والشيخ محمود أبو العيون وجميل مردم وصالح حرب وإسماعيل الأزهري والقمص متياس الأنطوني مندوب بطريركية الأقباط الأرثوذكس.
الإخوان وفلسطين
مجاهدين من الإخوان في حرب 1948 بين الكيان الصهيوني والعرب.
اهتم البنا بقضية فلسطين واعتبرها قضية العالم الإسلامي بأسره ودعى إلى الثورة والقوة والدم، في مواجهة ما يسميه التحالف الغربي الصهيوني ضد الأمة الإسلامية ودعا إلى رفض قرار تقسيم فلسطين الذي صدر عن الأمم المتحدة سنة 1947 ونادى بالجهاد في فلسطين؛ "حتى يمكن الاحتفاظ بها عربية مسلمة"، وقال:
«إن الإخوان المسلمين سيبذلون أرواحهم وأموالهم في سبيل بقاء كل شبر من فلسطين إسلاميًّا عربيًّا، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.»
بدأت صلة البنا بفلسطين بصداقته للحاج أمين الحسيني عندما كان طالباً في القاهرة فكانا يتجاذبان أطراف الحديث عن فلسطين، فشرع البنا يرسل شباب الإخوان في مساجد القاهرة والمحافظات يحدثون الناس عن ظلم الإنجليز وبطشهم وتآمرهم على أهل فلسطين، ثم دعا بعد ذلك إلى مقاطعة المجلات اليهودية في القاهرة، فطبع قائمة كشوف بأسماء هذه المجلات وعناوينها، والأسماء الحقيقية لأصحابها وذيلت الكشوف بعبارة إن القرش الذي تدفعه لمجلة من هذه المجلات، إنما تضعه في جيب يهود فلسطين ليشتروا به سلاحاً يقتلون به إخوانك المسلمين في فلسطين.
دعى البنا إلى عقد أول مؤتمر عربي من أجل نصرة فلسطين، وجمع التبرعات للحركة الجهادية الفلسطينية، ومن الوسائل التي ابتكرها إصدار طابع بقيمة قرش وتوزيعه على الناس. آمن البنا بالحل باستخدام القوة، وبدأ البنا بإرسال شباب الإخوان من مصر إلى فلسطين في بداية الثلاثينيات خلسة، حيث تسللوا من شمال فلسطين شاركوا مع عز الدين القسام، ودخل قسم من الإخوان تحت قيادة الجيوش العربية التابعة لجامعة الدول العربية، وبلغ مجموع الإخوان المسلمين الذين استطاعوا أن يدخلوا أرض فلسطين بشتى الوسائل 10 آلاف مجاهد، وقاموا بنسف مقر قيادة اليهود وقاتلوا في مدينة الفالوجة.
بعد قضية تزويد الجيش المصري بأسلحة فاسدة، تيقن البنا من عدم جدية الدول العربية في القتال، وأنها تخضع لرغبات الدول الاستعمارية وقال حينها:
« إن الطريق طويل والمعركة الكبرى معركة الإسلام التي ربينا لها هذا الشباب لا تزال أمامه، أما إسرائيل فستقوم، وستظل قائمة إلى أن يبطلها الإسلام.»
وقاد بعدها البنا مظاهرة في مصر خرج فيها نصف مليون شخص في عام 1947 - قبل اغتياله بسنتين - ووقف فيهم خطيباً وقال:
دماؤنا فداء فلسطين أرواحنا فداء فلسطين
في شهر رجب 1358هـ الموافق أغسطس 1939 أعلن الإخوان المسلمون يوم 27 رجب يوم فلسطين وذكرى الإسراء والمعراج منطلقًا لبدء حملة كبيرة لنصرة فلسطين. وفي هذه الأثناء كان حسن البنا يقوم بجولته ورحلته الصيفية الطويلة والمعتادة في مدن وقرى الصعيد، ومن هناك بعث إلى الإخوان يُذكِّرهم بالقضية، ويحملهم التبعة والمسؤولية، ويحفِّزهم للحركة والجهاد والتضحية.
اعتاد البنا إرسال رسائل إلى الحكومة المصرية حول قضايا عديدة، ومما جاء في رسالة البنا إلى علي ماهر باشا، رئيس الحكومة المصرية:
«.... إن هذا المسعى الإنساني المشكور - قرار المعونة المصرية للشعب الفلسطيني - ليس هو كل شيء في القضية العربية، فإنّ الفلسطينيين الأمجاد ضحّوا بالأموال والأرواح في سبيل غاية سليمة معلومة وهي أن يصلوا إلى استقلالهم وحريتهم وأن ينقذوا وطنهم من خطر الطغيان اليهودي الصهيوني. وقد شاركهم المسلمون والعرب في كل أقطار الدنيا هذا الشعور وأيّدوهم فيه. وكان للحكومة المصرية، وكان لرفعتكم بالذات نصيب في الجهاد المبرور. وعلى هذا فالمسعى السياسي لحل قضية فلسطين أهمّ بكثير من هذا المسعى الإنساني على جلاله ورحمته. وليس عليكم يا رفعة الرئيس إلا أن تكاشفوا الساسة البريطانيين بوضوح وجلاء بحقيقة الموقف....»
حسن البنا وسط مؤيديه وأتباعه في إحدى الزيارات لإحدى قري مصر.
حسن البنا يخطب ويحفز أنصاره ومؤيديه.
وأعلن البنا أن الإخوان سيقدمون عشرة آلاف متطوع في سبيل فلسطين وأبرق مؤكداً ذلك إلى الزعماء العرب المجتمعين في عالية في مايو 1948 وتعاون البنا مع رجالات من مصر والعرب أمثال صالح حرب، وعبد الرحمن عزام، وفتحي رضوان. وكانت صلته وثيقة بالحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين ورجال الهيئة العربية العليا، وقد عمل الإخوان على تهريبه حين مروره بمصر أثناء ترحيله تحت الحراسة من منفى لآخر، كما عملوا على تهريب الزعيم المغربي عبد الكريم الخطابي في ظروف مماثلة. وغدا حسن البنا الركن الركين في هيئة وادي النيل العليا التي تألفت للعمل الشعبي لأجل إنقاذ فلسطين.
وثق علاقاته بالصحفيين الذين غدوا يقدرون قدراته وآراءه وأن لم يكونوا يؤيدون مبادئ الإخوان. وعلم حسن البنا أن مسؤولية الدور الشعبي العام تتطلب ضمان التلاحم بين مسلمي مصر وأقباطها. وقد كتب حسن البنا إلى الأنبا يؤانس بطريرك الأقباط سنة 1355هـ / 1936م في شأن معاونة أبناء فلسطين وجمع التبرعات لهم. لكن أعباء القيادة الشعبية العامة صارت تتطلب اتصالاً أكبر، فتوالت الدعوات على بطريركية الأقباط لحضور مؤتمرات الأقاليم التي أقيمت لأهداف قومية مصرية أو عربية، وأصبح هذا تقليداً متبعاً في كثير من أحفال الإخوان، حتى ما كان منها لمناسبة إسلامية مثل بداية العام الهجري أو المولد النبوي.
ولكسب احترام الآخرين من الساسة المشاركين المتعاونين على أعباء القيادة والجمهور. فكتب في جريدة لإخوان اليومية حوالي سنة 1947 سلسلة مقالات تحت عنوان (اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد)، تناول فيها مشكلات مصر السياسية والاقتصادية الهامة واتجاهات معالجتها وحلها في ضوء رؤيته لتوجيهات الإسلام. وقد نشرت هذه المقالات في صورة رسالة متكاملة فيما بعد.
حل الجماعة وإرثها
كانت البلاد تغلي بالأحداث وجاءت حرب فلسطين لتزيد نار الحماس التهاباً، وتدخل الإخوان في الحرب وتميزوا بتربيتهم ونظامهم، فكشفت الحرب عن حقيقة قوتهم والخطر الكامن منهم على خصومهم، فوقف الخصوم يقارنون ويرسمون الخطط لمستقبل الشرق بصفة عامة ولمستقبل مصر بصفة خاصة، وبدا على السطح ظواهر جديدة في حقل السياسة المصرية والساحة العربية لم تكن موجودة من قبل الحركة، فالحركة الطلابية يتصدرها الإخوان المسلمون وصور دور كتائب الإخوان على أرض فلسطين وضغط الإخوان على الملك والحكومة في ذلـك الوقت بضرورة مواجهة العصابات الصهيونية بقوات متطوعة وليس عن طريق الجيوش النظامية التي تأتمر بأوامر القصر الذي كان في يد الاستعمار، وشدد الإخوان ضغطهم على القصر والحكومة في ذلك حينما تبين لحسن البنا أن السلطات المصرية كان في نيتها مجرد إرسال تجريدة نظامية صغيرة لتقوم بدور العصا لتأديب العصابات الصهيونية فحسب وليست للقضاء عليها.
لم يسكت الاستعمارالبريطاني الذي كان رابضاً بجنوده على ضفاف قناة السويس والذي أعطت دولته وعد بلفور وتعهدت بتنفيذه قبل أن تنتهي مدة انتدابها على فلسطين على ذلك المد الإخواني فأخـذ يخوّف القصر وحكومات الأحزاب من الإخوان.
قال سعد الدين الوليلي عن لحظة فراق مرشده حسن البنا:
«ولا أنسى ليلة صدور قرار حل جماعة الإخوان في كانون الأول - ديسمبر عام 1948 حيث صدرت الأوامر إلى قوات الشرطة بالاستيلاء على شُعب الإخوان ومركزهم العام في الحلمية الجديدة وسوق من فيها إلى المعتقلات وشاء القدر أن أكون برفقة حسن البنا حين دهمتنا في ساعة متأخرة من الليل قوة من رجال البوليس السياسي، حيث حاصرت المبنى من كل أجزائه وقبضت على من فيه وملأت السيارات وانتظر البنا دوره في الدخول إلى السيارة إلا أن أحداً لم يسأله ذلك، فرأيته يتشبث بالسيارة التي كنت فيها ويحاول اعتلاءها ليلقى المصير الذي يلقاه الإخوان لكن القوة لم تمكنه من ذلك ومنعته من الركوب بدعوى أنه لم تصدر من المسؤولين أوامر باعتقاله فازداد تشبثاً بالسيارة واعتلى أولى درجات سلمها وهو يصيح: لا تأخذوا هؤلاء بجريرتي فأنا أولى منهم بالاعتقال .. ولم يُسمح له وتحركت السيارات وتركته في وحدته ليلقى حتفه عندما يحين الوقت المناسب لتنفيذ الاغتيال، ولو لم تكن قد بيتت النية على قتله لكان من الطبيعي أن يكون وهو رأس الجماعة في مقدمة المعتقلين!»
لو لم يكن للشيخ حسن البنا من الفضل على الشباب المسلم سوى أنه أخرجهم من دور الملاهي في السينمات ونحو ذلك والمقاهي، وكتَّلهم وجمَّعهم على دعوة واحدة، ألا وهي دعوة الإسلام؛ لو لم يكن له من الفضل إلا هذا لكفاه فضلاً وشرفًا. هذا نقوله معتقدين، لا مرائين، ولا مداهنين.
—الإمام العلامة الألباني
كان للإخوان المسلمين جهد كبير في حرب 1948 دفاعاً عن فلسطين، وعلى أكثر من جبهة؛ من مصر والأردن وسورية. كما كان للجماعة جهد كبير في التوعية تعزيز الهوية الإسلامية، والإسهام في بث روح الحرية والاستقلال؛ إذ كان الانتداب البريطاني بوقعه الهادئ يمكّن للغزو الفكري في مصر بالذات، ويهيئ الأرضية الكاملة لإقامة الكيان اليهودي وحمايته. وعلى إثر حرب 1948 وتنامي شعبية الإخوان المسلمين، كان قرار النقراشي باشا - رئيس وزراء مصر حينها - في كانون الأول (ديسمبر) 1948 بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة ممتلكاتها، واعتقال رجالها وزجهم في السجون. وتم التدبير لاغتيال المؤسس، وظن قاتلوه من أعوان الملك فاروق والإنجليز أنهم أنهوا دعوته. لكن سرعان ما تتابعت الأحداث، وكانت حركة الضباط الأحرار؛ فتم إنهاء حكم فاروق نفسه. لكن هذه الثورة ما لبثت أن أدخلت البلاد في نفق الاشتراكية، وشددت حربها على مخالفيها من الإخوان المسلمين الذين ساعدوا الضباط الأحرار على الثورة.
ظهرت حركات إصلاحية كثيرة خلال القرن العشرين في الهند ومصر والسودان وشمال أفريقيا وأحدثت هزات لا بأس بها، حتى قُيض لها أن تبعث من جديد على يد البنا. أستفاد البنا من تجارب من سبقوه ومن تاريخ القادة والمفكرين والزعماء الذين حملوا لواء الدعوات الإسلامية المشابهة.
الحالة الأسرية
إخوته
لحسن البنا أربعة أشقاء ذكور من بينهم عبد الرحمن البنا وجمال البنا. وأنجب حسن البنا ست بنات هن وفاء، سناء، رجاء، صفاء، هالة، واستشهاد، وولدين أحمد سيف الإسلام ومحمد حسام الدين.
حسن البنا رب أسرة
كانت عناية البنا بأمور بيته عناية ممتازة، كان يكتب بنفسه الطلبات التي يحتاجها المنزل شهرياً، ويدفعها في أول كل شهر إلى أحد الإخوان الحاج سيد شهاب الدين صاحب محل البقالة ليوفر هذه الطلبات في كل شهر، كما كان عطوفاً إلى أقصى درجة، راعى مشاعر الطفولة في أبنائه بشكل كبير، كان لدية القدرة على جعلهم يطيعونه دون ما حاجة إلى أمر، ذات مرة دار حوار بينه وبين ابنه أحمد سيف الإسلام مفاده أن دخول السينما أمر لا يليق بالمسلم فلم يحاول أن يدخل السينما قط، بل ظل حتى اليوم لم يدخلها وهذا من قوة تأثير البنا وجاذبيته.
كان أقصى ما يعاقب به الواحد من أبنائه هو قرص الأذن وفي ذات مرة قرص أذن ابنه أحمد وهذا أكبر عقاب وقع عليه، بل اتصل على ابنه تليفونياً في الساعة الحادية عشر صباحا ليطمئن عليه وصالحه، رغم أن القرص كان في الصباح لخطأ ارتكبه، كان البنا كريماً مع أبنائه يعطي الواحد منهم مصروفاً قدره ثلاثة قروش وهذا مبلغ كان يعتبر كبيراً في ذلك الوقت، مقارنةً بزملائهم في المدرسة لم يكن الواحد منهم يأخذ أكثر من ربع قرش أو نصف قرش، هذا بالإضافة إلى بعض المبالغ التي كان يعطيهم إياها في يوم الجمعة ويطلب منهم توزيعها على بعض الفقراء في المسجد، وقد يكون المبلغ خمسة قروش أو عشرة.
حسن البنا الزوج
كان البنا يحرص على تطبيق السنة النبي صلى الله عليه وسلم في حياته فحينما تزوج حرص على أن يعرف أقارب زوجته فرداً فرداً، أحصاهم عداً وزارهم جميعاً رغم بعد أماكنهم أو بعد بعضهم البعض بسبب الظروف العائلية المتوارثة كأن يكونوا ليسوا أشقاء مثلاً، لكن البنا كان يفاجئ زوجته بأنه اليوم قد زار أحدهم وهذا يمت لها بصلة القرابة عن طريق فرد من الأسرة.
كان البنا يعود للمنزل دائما متأخراً بعد انتهاء العمل مع الإخوان، وكان مفتاح المنزل طويلاً إلا أنه يفتح الباب بالمفتاح الذي معه بمنتهى الدقة والهدوء حتى لا يزعج أحداً من النائمين، كان يدخل البيت فيطمئن على غطاء كل الأبناء، وقد يتناول عشاءه الذي يكون معداً على المائدة ومغطى، دون أن يحرص على إيقاظ زوجته أو أحد من أهل البيت لحضوره في هذه الساعة المتأخرة من الليل.
معاملته مع الخادمة
كانت تتواجد في المنزل خادمة صغيرة تساعد زوجة البنا في شئون المنزل، وكان لكل من في العائلة سرير مستقل ودرج مستقل في دولاب واحد، وكان للخادمة أيضاً سرير مستقل ودرج في نفس الدولاب، وكان البنا يكلف ابنته الكبرى وفاء بأن تعلم هذه الخادمة في المساء القراءة والكتابة وأن تعلمها الصلاة، وذكر البنا مرةً أنه في إحدى المرات أنه قد زار فلانة إحدى الخادمات بمنزلها بعد زواجها وكانت قد خدمت بمنزله فترة من الزمن وذلك حينما كان يزور بلدتها في المنوفية.
الأب وابنه
هناك جانباً مهماً من حياة البنا الذي تحدث عنه ابنه سيف الإسلام فيقول:
«إن ما يعلمه الناس من أمر حسن البنا أقل بكثير مـن حقيقته، وباطنه أفضل آلاف المرات من ظاهره، هو شخصية واحدة داخل بيته وخارجه، قدوة حسنة لكل أفراد أسرته ولكل إخوانه في جماعة الإخوان المسلمين.»
في إحدى السنوات نقل البنا جزءاً من مكتبة البيت إلى مقر مجلة الشهاب واشترى عدة مكتبات جديدة للمنزل، وكان نصيب أحمد من هذا التغيير أن فاز بمكتبة صغيرة أهداها له والده حسن، ومنحه مصروفاً قدرة خمسون قرشاً كل شهر لشراء الكتب بمعرفت ابنه أحمد وتكوين مكتبة خاصة به، وبحكم سنه في ذلك الوقت فقد اشترى عدة كتب من درب الجماميز ومنها روايات عن المغامرات البوليسية لأرسين لوبين وشارلوك هولمز وغيرهما، وحينما جاء الوالد متأخراً بالليل وجده ساهراً يقرأ في هذه الروايات باهتمام شديد، تركه ولم ينهه عن قراءتها ولكن حينما انتهى من قراءة هذه الروايات قال: «سأعطيك شيئاً أحسن منها» وبدأ يغذيه ببعض الكتب منها سيرة الأميرة ذات الهمة، وسيرة عنترة بن شداد، وسيف بن ذي يزن وبعض روايات البطولة الإسلامية، ثم بعد ذلك دفع إليه بكتاب سيرة عمر بن عبد العزيز وغيره من الكتب المفيدة.
شعر أحمد في هذه الأثناء أن والده يتابع قراءته بدقة رغم انشغاله بأمور الدعوة، كما كان البنا من عادته أن يعتمد في تربية أبنائه على الأسلوب غير المباشر، أسلوب التعريض دون الطلب وكان في كثير من الأوقات وخصوصاً في رمضان إذا حضر المنزل واستراح قليلاً يستيقظ قبل المغرب بساعة تقريباً ويدعوا أحمد والأخت الكبرى وفاء بدعوى أن يسمعوا له القرآن الكريم، فكانا يمسكى المصحف وينظرا فيه وهو يقرأ، وقد أدرك الأبناء لما كبروا أن غرضه من هذا العمل هو تعليمهم من حيث لا يدرون كيف يتلون القرآن. وفي مجال الدراسة والتحصيل العلمي كان البنا يضع شهادات الدراسة لأبنائه أولاً بأول في ملف مسجلاً عليها بعض الملاحظات مثل سيف يحتاج إلى التقوية في كذا وضعيف في كذا، وفاء تحتاج إلى المساعدة في مادة كذا وهكذا.
حسن البنا وأبنائه، ويظهر أحمد سيف الإسلام يسار الصورة.
لقد عاصر سيف الإسلام والده حسن البنا لمدة عامين وهو طالب في المرحلة الثانوية وكان دخول المرحلة الثانوية هو الميلاد السياسي للشاب في ذلك الوقت، لأنه يستطيع أن يشترك في الجمعيات أو الأحزاب وأن يطبع كارت يكتب عليه اسمه وتحته لقب طالب ثانوي وأن يشترك في المظاهرات، وقد انضم أحمد إلى قسم الطلاب في هذه المرحلة، ويذكر أن الذي كان يرأسه في ذلك الوقت الأستاذ فريد عبد الخالق، وكان زملائه في القسم مجموعة من طلاب مدرسة بمباقادن الثانوية، وكان مقرها بشارع إلهامي بالجمالية بالقرب من المركز العام للإخوان المسلمين، وكان بطبيعة الحال يشارك مع الأخوة في هذه المدرسة في نشاط قسم الطلاب وكانوا يديرون بالمدرسة مناقشات حول قضايا معظمها في المسألة الوطنية وقضية وادي النيل وإخراج الإنكليز من مصر والسودان والوحدة بين مصر والسودان. وحينما كان يعود للمنزل ويتناول الغداء مع والده كان يسأله عما يجري ويحدث في المدرسة من مناقشات، ويذكر أنه سأله مرة سؤالاً صريحاً: «وماذا سنفعل مع الإنكليز إذا لم يخرجوا من مصر ؟» فقال والده: « سنرسلك مع كتيبة لإخراجهم بالقوة» وقد رد عليه حينئذ ببيت عنترة بعد أن غير فيه الضمير وقال له:
وسيفك كان في الهيجا طبيبا يداوي رأس من يشكو الصداع
نال بعدها قبلة على جبينه لا زال يتحسس موضعها حتى الآن.
الإرث الثقافي
شخصيته وصفاته
الأخذ من الأخرين
محمد رشيد رضا صاحب تفسير ومجلة المنار، والذي يعتبر أكثر من أثر في حسن البنا فيما أوجده من نظريات وأدبيات حول الشريعة والحياة
كان البنا نديمًا لتلاوة القرآن الكريم يتلوه بصوت رخيم كما كان يفسره بأسلوب سهل قريب، لم يحمل البنا عنوان التصوف ومع ذلك فإن أسلوبه كان يذكر بالحارث المحاسبي وأبي حامد الغزالي، وقد درس السنة على والده، كما درس الفقه المذهبي باقتضاب. وقف حسن البنا على منهج محمد عبده وتلميذه صاحب المنار الشيخ محمد رشيد رضا، ووقع بينه وبين الأخير حوار ومع إعجابه بالقدرة العلمية للشيخ رشيد وإفادته منها فقد أبى التورط فيما تورط فيه، كما درس البنا التاريخ الإسلامي، واستنبط عوامل المد والجزر في مراحله المختلفة، ودرس في حاضر العالم الإسلامي، وتفكر في مؤامرات الاحتلال الأجنبي ضده.
السعي للهدف
تنقل البنا في أغلب مدن مصر وقراها، وخلال عشرين عامًا تقريبًا أسس الجماعة، ما أدى إلى تحرك أمريكا وانجلترا وفرنسا فأرسلت سفراءها إلى حكومة الملك فاروق مطالبين بحل جماعة الإخوان المسلمين، بدأ حسن البنا يربي ويكون الجيل الجديد للإسلام على الأسس الذي وضعها للنهوض، فهو يرى تكوين دولة إسلامية وإقامة حكم شرعي، فسلك إلى هذه الغاية طريق التربية.
كان الساسة في ميدانهم قد هجروا القرآن، فما تدور على ألسنتهم آياته وما في أعمالهم توجيهاته، فإذا بحسن البنا يسمعونه في ميدانهم واعظًا يقرأ القرآن ويستشهد بالسنة، ويحدثهم عن سياسة الدنيا باسم الله ويسوق حشدًا من النصوص تؤيده. كما حرص على أن تكون دعوته غير إقليمية في حدود مصر، ولذلك فإنها امتدت إلى العديد من أقطار العالم العربي والإسلامي. ومن أشد ما كان يحرص عليه البنا المؤاخاة بين المسلمين حيث قال:
«أن لم ترد أن تكون أخاً نسعد بك، فلا أقل من أن تكن صديقاًً نرتاح إليك..»
وقد تميز في ناحيتين خاصتين:
شغفه بدعوته وإيمانه واقتناعه بها وتفانيه فيها وانقطاعه إليها بجميع مواهبه وطاقاته ووسائله.
تأثيره العميق في نفوس أصحابه وتلاميذه.
التربية السياسية عند البنا
في بعض الأحيان تبدو المصادفة العابرة كأنها قدر مقدور، وحكمة مدبرة في كتاب مسطور.. حسن البنا.. إنها مجرد مصادفة أن يكون هذا لقبه.. ولكن من يقول: إنها مصادفة، والحقيقة الكبرى لهذا الرجل هي البناء، وإحسان البناء، بل عبقرية البناء؟
لقد عرفت العقيدة الإسلامية كثيراً من الدعاة.. ولكن الدعاية غير البناء.. وما كل داعية يملك أن يكون بناءً.. وما كل بناء يوهب هذه العبقرية الضخمة في البناء.
—المفكر والمنظر سيد قطب
اتسمت خصائص التربية عند البنا بخصيصتين أساسيتين أولاهما التكامل، ومعناها أنها تربية شاملة لا تقتصر على جانب دون جانب، فهي تتناول الروح والجسم، والعقل والعاطفة، والضمير والوجدان، وتعمل على تكوين الشخصية المسلمة تكويناً متكاملاً، وثانيتهما التوازن، ومعناها أنها تعطي كل جانب من الجوانب حقَّه بلا طغيان ولا إخسار بحيث لا يطغى على غيره من الجوانب، ولا يحرمه حقه لحساب غيره. اهتم البنا اهتماماً واضحاً بالجانب السياسي.
خاض معركة تغيير المفاهيم والآراء عن العلاقة بين الدِّين والسياسة، وفكرة شمول الإسلام لكل جوانب الحياة ومنها السياسة وهو ما دافع عنه البنا معتمداً بأقواله على القرآن والحديث وسيرة الرسول وآثار الصحابة، وعمل الأمة طوال ثلاثة عشر قرناً، كما لخصت دعائم التربية السياسية لدى البنا بالآتي:
الربط بين الإسلام والسياسة
إيقاظ الوعي بوجوب تحرير الوطن الإسلامي
إيقاظ الوعي بوجوب إقامة الحُكم الإسلامي
إيقاظ الوعي بوجوب إقامة الأمة المسلمة
إيقاظ الوعي بوجوب الوحدة الوطنية والعربية والإسلامية، والترحيب بالنظام الدستوري والنيابي، والتنديد بالأحزاب والحزبية
وحماية الأقليات والأجانب.
بين الصوفية والسلفية
تأثر حسن البنا في حياته بالتصوف وهو يقرر في مذكراته أنه اتصل بالطريقة الحصافية في المحمودية خلال صباه الباكر، فكان يوصي كثيراً بتدريس كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي ويقتبس منه من الذاكرة في أحاديثه المرتجلة، وكأنه يحفظه عن ظهر قلب. وقد كان منتظراً من شخص نشأ مثل هذه النشأة الصوفية أن يكون موصد القلب إزاء النزعة السلفية، التي تبرز مثلاً في كتابات ابن تيمية وابن القيم، لاسيما أن كتابات هذين الإمامين لم تكن تلقى قبولاً من شيوخ الأزهر بمصر، غير أنه قد بدا في حسن البنا تطور فكري نحو السلفية خلال المرحلة الأخيرة من حياته، فقال في خطابه إلى المؤتمر الخامس للإخوان عام 1357هـ - 1938م:
«إن الإخوان المسلمين دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وفكرة اجتماعية .... إلخ.»
أي أنه في مسيرته أخذت تتبلور في فكره وتنعكس في أحاديثه نزعة سلفية واضحة تعلو نبراتها يوماً بعد يوم، وتغطي على بداياته الصوفية. يمكن اعتبار البنا بأنه مزيجًا من الفكر السلفي والروحانية الصوفية.
منتقدو البنا
النزعة التكفيرية
ذكر ثروت الخرباوي أن البنا أول من وضع ملامح المجتمعين، مجتمع الإيمان الصحيح - الإخوان - ومجتمع الباطل وهو باقي المسلمين، حيث تضمنت رسائل البنا – خاصة رسائل التعاليم – العديد من اللمحات للأمة بأنها كافرة وغاب عنها الإسلام منذ قرون، وأن الله سخره وجماعته ليعيد الإسلام لها، وقال طارق أبو السعد القيادي الإخوانى السابق: إن حسن البنا مارس شكلاً من أشكال الخداع الفكري، فقد صنع جماعة ظاهرها الدعوة وباطنها استخدام القوة مستشهدًا بقول حسن البنا «سنستخدم القوة عندما لا يجدى غيرها، وسننذر أهلها قبلها، وسنكون شرفاء ونتحمل النتائج» التي قالها في رسالة المؤتمر الخامس.
كما قال أحمد ربيع الغزالي محامي جماعة الاخوان المسلمين السابق، إن فكر حسن البنا الأصولي العام كان بعيدًا عن التكفير، حيث أنه لم يختلف مع أهل السنة والمذاهب الأربعة ومفهوم الأزهر المعتدل، ولم يكفر مسلم نطق الشهادتين، إلا أن فكره السياسي كان مضطربًا، وأشار الغزالي إلى أن البنا أنشأ الجماعة بغرض الوصول إلى الحكم وهو أكد ذلك بنفسه، ولا يرى أن يكون الوصول إليه عن طريق الاقتراع أو الانتخاب أو الأحزاب، ولكن عن طريق القوة المسلحة، حيث كان البنا يريد أن يصل إلى الحكم عن طريق تجهيز 12 الف من المجاهدين، وخلفية الفقه السياسي خلفية تكفيرية ولكن لم يصرح بها.
وقال سامح عيد الباحث في شئون الجماعات الإسلامية والقيادي المنشق، أن حسن البنا كان عندما يتحدث عن جماعته يستدعي آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن المؤمنين والصالحين، أما حينما يحدث عن المخالفين له فكان يستدعي آيات المنافقين والمشركين، وأنه كان يقول دائماً «اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون» لمن دون جماعته، وأوضح أن البنا قام بتسمية نفسه بالمرشد وهو ابن 22 عاماً وهو كما يظن سامح عيد أنه استعلاء إيماني، وهذا يجعل من غيره ضالين وهو مرشدهم، وأضاف أن حسن البنا كان يرى أنه هناك 3 قوى، وهي القوة الايمانية، قوة الترابط، والقوة التنفيذية، مستشهداً بقول حسن البنا «سأكون 12 ألف وأخوض بهم لجج البحار واقتحم عنان السماء وأقاتل كل عنيد جبار.»
الدعوة للعنف
كان مما فعله البنا منذ اللحظة الأولى التي أنشأ فيها جماعة الإخوان أن جعل من السيف شعاراً لها، ليس سيفا واحداً بل سيفين، وكانت دلالة اختياره للسيفين أن أحدهما يجب أن يوجه للداخل لمحاربة من يقفون ضد الدين، والثاني يجب أن يوجه للخارج حيث سيكون السيف هنا وسيلة لفرض الدين للحكم في العالم تحت مسمى إنشاء دولة الخلافة، كما اختار البنا كلمة مأخوذة من آية قرآنية لتكون هي المحور الذي يرتكز عليه السيفان، وهي كلمة وأعدوا من آية «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم».
وذات يوم سأل ثروت الخرباوي الأستاذ عمر التلمساني المرشد الثالث للجماعة عن هذا الشعار، فقال إن البنا اختاره ليواجه به الاستعمار الإنجليزي، فقال الخرباوي له: ولماذا لا نغيره الآن وليس هناك من يحتلنا؟ فقال: ولكن اليهود يحتلون فلسطين، فيعتقد خصوم الإخوان أن الدين عندهم هو القتل والقتال، هو الإجبار والإكراه، هو الولاء والبراء، فحيثما كان الرجل معك في تنظيمك وفهمك للدين فيجب أن تواليه وتحبه.
شعار الإخوان المسلمين
أما عن العنف والقتل والقتال فهناك مقولة للبنا في رسالة من رسائله قال فيها: «الإخوان المسلمون يعلمون أن أول مراتب القوة هى قوة العقيدة والإيمان، ثم تليها قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدها قوة الساعد والسلاح» وفي رسالة أخرى للبنا يوجهها إلى شباب الجماعة يتحدث فيها عن أمله في أن يكون لديه من الإخوان كتائب مقاتلة من الشباب يغزو بهم العالم فيقول: «لا في الوقت الذي يكون فيه لكم معشر الإخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسها .. في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحر، وأقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإنى فاعل إن شاء الله» كما قال مرةً «من يقعد من الإخوان عن التضحية مع هذه الكتائب فهو آثم.»
من أجل ذلك أنشأ حسن البنا الجهاز الخاص الذي ارتكب الكثير من الاغتيالات وفقا لما ورد في مذكرات قادة الجهاز الخاص - أحمد عادل كمال ومحمود الصباغ - حيث ورد في مذكراتهم:« إن قتل أعداء الله هو من شرائع الإسلام، ومن خدع الحرب فيها أن يسب المجاهد المسلمين وأن يضلل عدو الله بالكلام حتى يتمكن منه ويقتله.»
الإرهاب والرعب
واستشهد خصوم الإخوان أيضاً بمحاضرة ألقاها مصطفى مشهور المرشد الخامس للجماعة، قال فيها
«إن لفظ الإرهاب هو من ألفاظ القرآن الكريم، وهو عقيدة إسلامية خالصة، ليس هو فقط، ولكن أيضاً لفظ الرعب، فنحن لا ننتصر إلا بالإرهاب والرعب، ويجب ألا ننهزم نفسياً من اتهامنا بالإرهاب، نعم نحن إرهابيون»
وكان من الذي استدل به في هذا الموضع قول الله «ترهبون به عدو الله وعدوكم» وقوله أيضاً «سنلقى في قلوب الذين كفروا الرعب» واستطرد مشهور في محاضرته قائلًا:
«ولكن يجب أن تعلموا أن هذا العلم هو علم الخواص، ونحن من الخواص، ولا يجب أن نصدح به أمام العامة حتى لا يجفلوا من جماعتنا، فنحن في فترة تشبه فترة وجود الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة، حيث كان آنذاك سلمياً لا يقاتل، ولكن بعد أن أقام دولته قاتلهم.»
من كلمات «مشهور» هذه نعرف أن تنظير سيد قطب في كتابه معالم في الطريق هو الذي فتح لهم باب إعمال القياس التاريخي.
مناظروه السلفيون
انتقد بعض معتقدي العقيدة السلفية وخاصة السلفية الجامية المتأثره بأدبيات وأطروحات محمد أمان الجامي حسن البنا والإخوان المسلمين منذ نشوئها تقريباً، ومن أبرز الانتقادات كانت بالعقيدة ونوع المنهج وطريقة تطبيقه، منها:
التهاون في توحيد العبادة الذي هو من أهم الأشياء في الإسلام في رأيهم
سكوت الإخوان وإقرارهم للناس على الشرك الأكبر؛ كالدعاء لغير الله، والتطوف بالقبور، والنذر لأصحابها، والذبح على أسمائهم
منها أن البنا أخذ البيعة من عبد الوهّاب الحصافي على طريقته الحصافية الشاذلية.
كما ينتقد الجامية دعوة البنا وجماعته إلى الخلافة، وهذا بدعة - كما يؤكدون - فإن الرسل وأتباعهم ما كلفوا إلا بالدعوة إلى التوحيد استناداً واستشهاداً بقول الرب في القرآن (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)
كما يؤخذ عليهم عدم الولاء والبراء عندهم أو ضعفه ويتبين ذلك من دعوتهم للتقريب بين السنة والشيعة،
تتبعهم عثرات الولاة، والتنقيب عن مثالبهم، ونشرها بين الشباب
أهم انتقاد على الإخوان هو الحزبية التي تعتبر ممقوتة لدى السلفية، فيوالي الإخوان من أجل هذا الحزب ويعادون من أجله، كما ينتقدون وبشدة من السلفية الجامية والجهادية وكثير من الأحزاب السياسية على أخذ الإخوان البيعة للعمل على المنهج والهدف الإخواني بالشروط العشرة التي ذكرها البنا.
مؤيدو البنا
الفقيه والمحدث يوسف القرضاوي مِن مَن تأثر بفكر حسن البنا ودافع عنه، والذي يعتبر المرشد الروحي لـ تكتلات جماعة الإخوان المسلمون حول العالم والذي مركزها في مصر.
قال بعض مؤيدي دعوة حسن البنا وفكره بإنه من الدعاة المصلحين الذين قدموا أنفسهم في خدمة الله، كما أشاروا إلى إرثه الذي أحدث بدايات النهضة الإسلامية وحركتها الدعوية الجديدة، مع الإصرار بأن البنا ما هو إلا بشر كجميع البشر يصيب ويخطئ، وقال يوسف القرضاوي عن هذا:
«من الإنصاف وحتى يكون تقويم البنا عادلاً ينبغي أن نضع آراء البنا في إطار زمنها وبيئتها وظروفها، فقد يتشدَّد حسن البنا في أمور نحن نتساهل فيها اليوم بمقتضى التطور العالمي واقتراب الناس بعضهم من بعض وحاجة العالم بعضه إلى بعض، وتغيُّر صفة بعض الدول من دول استعمارية ظالمة للمسلمين إلى دول حليفة أو شريكة للمسلمين، كما أن البنا في بعض ما كتبه كان في عنفوان الشباب بما فيه من حماس للحق وثورة على الباطل واندفاع في المواجهة.»
وصايا البنا العشر
قم للصلاة متى سمعت النداء مهما تكن الظروف.
أُتْلُ القرآن وطالع أو استمع أو اذكر الله، ولا تصرف جزءاً من وقتك في غير فائدة.
اجتهد أن تتكلّم العربية الفصحى فإنّ ذلك من شعائر الإسلام.
لا تكثر الجدل في أيّ شأن من الشؤون أيّا كان، فإنّ الهراء لا يأتي بخير.
لا تكثر من الضحك فإنّ القلب الموصول بالله ساكن وقور.
لا تمازح فإنّ الأمة المجاهدة لا تعرف إلا الجد.
لا ترفع صوتك أكثر مما يحتاج إليه السامع فإنه رعونة وإيذاء.
تجنّب غيبة الأشخاص وتجريح الهيئات ولا تتكلّم إلا بخير.
تعرّف إلى من تلقاه من إخوانك وإن لم يطلب منك ذلك.
الواجبات أكثر من الأوقات فعاون غيرك على الانتفاع بوقته. وإن كان لك مهمة فأوجِز في قضائها.
مؤلفاته
كتاب مذكرات الدعوة والداعية بقلم حسن البنا، الذي طبع من أكثر من دار نشر منها دار آفاق ودار الكتاب العربي.
يتناول المؤلف سيرة الامام حسن البنا من الميلاد إلى الاستشهاد ومراحل تاسيس جماعة الاخوان المسلمين متناولا حرب فلسطين عام 1948 ودور الاخوان المسلمين فيها. (2007)
مذكرات الدعوة والداعية
المرأة المسلمة
تحديد النسل
المأثورات
مباحث في علوم الحديث
السلام في الإسلام
قضيتنا
الرسائل
رسالة المنهج
رسالة الانتخابات
رسالة التعاليم
مقاصد القرآن الكريم
مؤلفات عنه
أمثلة من التربية الحضارية عند الإمام البنا - سيد دسوقي
معالم المشروع الحضارى في فكر الإمام الشهيد حسن البنا - محمد عمارة
التربية السياسية عند الإمام حسن البنا - يوسف القرضاوي
التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا - يوسف القرضاوي
منهاج حسن البنا بين الثوابت والمتغيرات - جمعة أمين - نص الكتاب
"حسن البنا وثورة اليمن" - حماده حسني - نص الكتاب
"حسن البنا..الرجل القرآني" - روبير جاكسون - نص الكتاب
قالوا عنه
الشيخ محمد مصطفى المراغي: إن الأستاذ البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء في جسد الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالًا وثيقًا على اختلاف طبقاتهم، وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة.
الشيخ حسنين مخلوف - مفتي مصر الأسبق: الأئمة في مختلف العهود كانوا أعلام دين وسياسة، والشيخ حسن البنا -أنزله الله منازل الأبرار- من أعظم الشخصيات الإسلامية في هذا العصر، بل هو الزعيم الإسلامي الذي جاهد في الله حقَّا الجهاد، واتَّخذ لدعوة الحق منهاجًا صالحًا، وسبيلًا واضحًا، واستمده من القرآن والسنة النبوية، ومن روح التشريع الإسلامي، وقام بتنفيذه بحكمة وسداد، وصبر وعزم، حتى انتشرت الدعوة الإسلامية في آفاق مصر وغيرها من بلاد الإسلام، واستظلَّ برايتها خلقٌ كثير.
الشيخ أحمد حسن الباقوري - وزير الأوقاف المصري الأسبق: لقد عاش الأستاذ حسن البنا لغاية آمن بها إيمانًا شغله عن كل ما يشغل الناس سواه، شغله عن أهله وعن ولده وعن نفسه، فلو أنه سُئل عن مقدار التضحية التي بذلها في سبيل إيمانه هذا، لاستطاع أن يقول: ضحيت بمالي، وبولدي وراحتي، ولم أقْصُر حياة الشظف والخشونة على نفسى، حتى جاوزتُها إلى كل من لهم صلة بي، ثم أخيرًا ضحيت بنفسي. ولو أنه سُئل عن الغاية التيتحراها من كل هذا العناء العالي؟ لاستطاع أن يقول بارًّا صادقًا: لم أرد عرض الحياة الدنيا، وإنما أردتُ الله وابتغيتُ ثوابه العظيم، ومثل ذلك حق على الله أن يرضيهحتى يرضى، وأن يفتح له أبواب جنته يتبوأ منها حيث يشاء، إن شاء الله.
الشيخ علي الطنطاوي: عرفته هادئ الطبع رضي الخلق، صادق الإيمان طليق اللسان، آتاه الله قدرةً عجيبةً على الإقناع، وطاقةً نادرةً على توضيح الغامضات، وحل المعقَّدات، والتوفيق بين المختلفين، ولم يكن ثرثارًا؛ بل كان يحسن الإصغاء كما يحسن الكلام، وطبع الله له المحبَّة في قلوب الناس.
الشيخ حسب الله -أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم: كانت غايته أن يُؤلِّف بين القلوب بالمحبة ويوجهها إلى الله، ويُعِدَّها للتضحية فيسبيل الحق، ويرى أن هذا كفيلٌ برفع أسباب النزاع؛ فإنَّ النفوس الطاهرة والقلوب الخالصة في منعةٍ من وساوس الشيطان وعوامل الفرقة والخذلان.
محمد يوسف موسى - الأستاذ بكلية أصول الدين: لقد كان صديقنا الأستاذ حسن البنا داعية دينيًّا واجتماعيًّا من الطراز الأول، قد جمع الله تعالى له كل ما يجب لنجاح الدعوة، ولعل من أهم ذلك ما لمسته فيه منبصره النافذ بمَن يصلحون للقيام معه بدعوته، ثم عمله على ضمهم إليه بكل قلوبهم وعقولهم ومواهبهم، عرفتُ ذلك منه بخاصة، حين رغب إلي وآخرين معي في أن نكون رفقاء له في رحلةٍ من القاهرة إلى الإسكندرية ثم رشيد بعد الحرب الماضية.
عبد العظيم المطعني - الأستاذ بجامعة الأزهر: قد وهبالله الإمام الشهيد البيان الواضح والأسلوب الحكيم، إلى ما عمرت به شخصيته من أدب النفس واستقامة السلوك، وفقهه بمقاصد الإسلام، وحفظه للقرآن الكريم، والوقوف على أسراره ومعانيه، وروايته للحديث، وإلمامه بعبر التاريخ، وفهمه لسيرة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعرفته بمواطن الضعف في الأمة، وبهذا قد استكمل الإمام الشهيد كل مقومات الداعية المؤثر، والمصلح المطاع، كان يعرف إلام يدعو، وكيف يدعو، ومن يدعو، ومتى يدعو، بقلب شجاع وسلوك طيب، ولسان فصيح، وحجة ساطعة، فلا غرابةَ أن يلتف الشباب كله في عزمٍ وثباتٍ حول ذلك المصلح المخلص.
الشيخ محمد الغزالي: "الرجل الفذ".
اغتياله
بعد إعلان النقراشي باشا - رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت - في مساء الأربعاء 8 ديسمبر 1948 قراره بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها واعتقال معظم أعضائها باستثناء البنا، الذي صادرت الحكومة سيارته، واعتقلت سائقه وسحبت سلاحه المرخص، وقبض على شقيقيه اللذان كانا يرافقانه في تحركاته، وقد كتب إلى المسؤولين يطلب إعادة سلاحه إليه، ويطالب بحارس مسلح يدفع هو راتبه، وإذا لم يستجيبوا فإنه يحملهم مسؤولية أي عدوان. وبعد اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي في 28 ديسمبر 1948 تآمر القصر مع الحكومة الجديدة برئاسة إبراهيم عبد الهادي للانتقام من الإخوان بحجة انهم هم من قتلوه، ودبروا اغتيال حسن البنا المرشد العام للجماعة في 12 فبراير 1949 أمام مقر جمعية الشبان المسلمين في شارع رمسيس - الملكة نازلي سابقاً - بسبع رصاصات استقرت في جسد البنا، توفي بعدها بساعات في مستشفي قصر العيني.
تفاصيل الإغتيال
في الساعة الثامنة من مساء السبت 12 فبراير 1949 كان حسن البنا يخرج من باب جمعية الشبان المسلمين ويرافقه رئيس الجمعية لوداعه ودق جرس الهاتف داخل الجمعية فعاد رئيسها ليجيب الهاتف فسمع إطلاق الرصاص فخرج ليرى صديقه الأستاذ البنا وقد أصيب بطلقات تحت إبطه وهو يعدو خلف السيارة التي ركبها القاتل، وأخذ رقمها وهو رقم "9979" والتي عرف فيما بعد أنها السيارة الرسمية للأميرالي محمود عبد المجيد المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية كما هو ثابت في مفكرة النيابة العمومية عام 1952.
لحظة خشوع على قبر البنا، هكذا كتبت مجلة التحرير على صدر غلافها تعليقًا على صورةٍ لعبد الناصر يقف على قبر البنا في ذكرى رحيله الخامسة.
لم تكن الإصابة خطرة بل بقي البنا بعدها متماسك القوى كامل الوعي وقد أبلغ كل من شهدوا الحادث رقم السيارة ثم نقل إلى مستشفى القصر العيني فخلع ملابسه بنفسه، ليلفظ البنا أنفاسه الأخيرة في الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل أي بعد أربع ساعات ونصف من محاولة الاغتيال بسبب فقده للكثير من الدماء، لم يكن هناك رجل غير والده ومكرم عبيد باشا والذي لم تعتقله السلطة لكونه مسيحيًيا وكانت تربطه علاقة صداقة بحسن البنا.
محاكمة المنفذين
عندما قامت الثورة في 23 يوليو من عام 1952 أخذت حكومة الثورة علي عاتقها محاكمة المتورطين في اغتيال حسن البنا نظراً للتقارب الذي كان موجوداً بين قادة الثورة وقادة الإخوان في البداية، وقُدم القتلة للعدالة وصدرت أحكام ضدهم ولكنها أحكام اقتصرت علي أصحاب الأيدي الملطخة بالدماء ولم تطل أصحاب قرار الاغتيال، حيث أعادت سلطات الثورة التحقيق في ملابسات الحادثة في الأيام الأولى من قيامها وقبض على المتهمينِ باغتيالهِ وقدموا أمام محكمة جنيات القاهرة حيث صدرت ضدهم أحكام بالسجن في أغسطس 1954 ونص القاضي في حيثيات الحكم على:
«إن قرار الاغتيال قد اتخذته الحكومة السعدية بهدف الانتقام لم يثبت تواطؤ القصر في ذلك لكن القاضي أشار إلى أن العملية تمت بمباركة البلاط الملكي، المتهم الأول أحمد حسين جاد الأشغال الشاقة المؤبدة المتهم السابع محمد محفوظ الأشغال الشاقة خمسة عشر عاماً المتهم الثامن الأميرلاي محمود عبد المجيد الأشغال الشاقة خمسة عشر عاماً البكباشي محمد الجزار سنة مع الشغل قضاها في الحبس الاحتياطي فأفرج عنه إضافة لتعويض مادي كبير تمثل في دفع عشرة آلاف جنيه مصري كتعويض لأسرة البنا»
وقد أُفرج عن القتلة في مدد متفرقة لأسباب صحية ولم يقض أي منهم مدة الحكم بالسجن كاملة.
الدفن
يقول والد حسن البنا عن دفن ابنه:
« أبلغت نبأ موته في الساعة الواحدة، وقيل: إنهم لن يسلموا لي جثته إلا إذا وعدتهم بأن تدفن في الساعة التاسعة صباحًا بدون أي احتفال، وإلا فإنهم سيضطرون إلى حمل الجثة من مستشفى قصر العيني إلى القبر، واضُطررت إزاء هذه الأوامر إلى أن أعدهم بتنفيذ كل ما تطلبه الحكومة، رغبة مني أن تصل جثة ولدي إلى بيته، فألقي عليه نظرة أخيرة، وقبيل الفجر حملوا الجثة إلى البيت متسللين، فلم يشهدها أحد من الجيران ولم يعلم بوصولها سواي.
وظل حصار البوليس مضروبًا حول البيت وحده، بل حول الجثة نفسها، لا يسمحون لإنسان بالاقتراب منها مهما كانت صلته بالفقيد.
وقمت بنفسي بإعداد جثة ولدي للدفن، فإن أحدًا من الرجال المختصين بهذا لم يسمح له بالدخول، ثم أنزلت الجثة حيث وضعت في النعش، وبقيت مشكلة من يحملها إلى مقرها الأخير.
وطلبت إلى رجال البوليس أن يحضروا رجالًا يحملوا النعش فرفضوا، فقلت لهم: ليس في البيت رجال، فأجابوا: فليحمله النساء! وخرج نعش الفقيد محمولاً على أكتاف النساء.
ومشت الجنازة الفريدة في الطريق، فإذا بالشارع كله رصف برجال البوليس، وإذا بعيون الناس من النوافذ والأبواب تصرخ ببريق الحزن والألم والسخط على الظلم الذي احتل جانبي الطريق!
وعندما وصلنا إلى جامع «قيسون» للصلاة على جثمان الفقيد، كان المسجد خاليًا حتى من الخدم ، وفهمت بعد ذلك أن رجال البوليس قدموا إلى بيت الله وأمروا من فيه بالانصراف ريثما تتم الصلاة على جثمان ولدي.
ووقفت أمام النعش أصلي فانهمرت دموعي، ولم تكن دموعًا؛ بل كانت ابتهالات إلى السماء أن يدرك الله الناس برحمته.
ومضى النعش إلى مدافن الإمام، فوارينا التراب هذا الأمل الغالي، وعندما عدنا إلى البيت الباكي الحزين، ومضى النهار وجاء الليل لم يحضر أحد من المعزين؛ لأن الجنود منعوا الناس من الدخول، أما الذين استطاعوا الوصول إلينا للعزاء، فلم يستطيعوا العودة إلى بيوتهم، فقد قبض عليهم إلا شخصًا واحدًا هو مكرم عبيد باشا.»
رثاؤه
وقد رثاه المغربي عبد الكريم الخطابي وقال «يا ويح مصر والمصريين، مما سيأتيهم من قتل البنا، قتلوا وليًّا من أولياء الله، وإن لم يكن البنا وليًّا فليس لله ولي.»
مناقشات واقتراحات حول صفحة حسن البنا: