شاه ولی الله دهلوی
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ ترجمه فارسى قرآن فتح الرحمن ❝ ❞ مصفی و مسوی شرح موطا ❝ ❞ علل اختلاف فقها ❝ ❱1703 م - 1762 م.
تم إيجاد له: 3 كتب.
شيخ الإسلام ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي (1114هـ - 1176هـ = 1703م - 1762م) هو إمام المحدثين بالهند، أحمد بن عبد الرحيم بن وجيه الدين بن معظم بن منصور الحنفي عملاً، الشافعي تدريساً، الأشعري معتقداً، الصوفي على الطريقة النقشبندية. عالم دين هندي مجدد، ويعرف بمسند الهند. . وكان ابنه الأكبر الشيخ عبد العزيز الدهلوي أحد تلامذته المستفيدين من علمه ومنهجه، فقام بعده بتكميل جهود أبيه وتوسيع نطاقها.
ولد الشاه ولي الله قبل وفاة أورنكزيب عالمكير بأربع سنين في مطلع القرن الثامن عشر الميلادي بدهلي في أسرة نبيلة تنتمي إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من جهة الأب وإلى الإمام موسى الكاظم من جهة الأم، وكان أبوه الشاه عبد الرحيم أحد العلماء الكبار الذين اشتركوا في تدوين الموسوعة الفقهية المسماة الفتاوى العالمكيرية المعروفة بالفتاوى الهندية.
وكان أبوه الشيخ عبد الرحيم من كبار مشايخ دهلي ومن أعيانهم، له حظ وافر من العلوم الظاهرة والباطنة مع علو كعبه في طريقة الصوفية، وهو بُشّر بولده في رؤيا صالحة بشّره بذلك الشيخ قطب الدين بختيار الأوشي، وقال له أن يسميه باسمه إذا ولد فلذلك قيل له "قطب الدين".
أخذ العلوم عن والده الشيخ عبد الرحيم، وقرأ عليه الرسائل المختصرة بالفارسية والعربية، وقرأ عليه طرفاً من مشكاة المصابيح، وصحيح البخاري، والشمائل المحمدية للترمذي، وتفسير النسفي، وتفسير البيضاوي، والهداية، وشرح الوقاية والتوضيح والتلويح، وشرحي التلخيص المختصر والمطول للعلامة سعد الدين التفتازاني، وغير ذلك من كتب التصوف والمنطق وعلم الكلام وعلم الهيئة وعلم الحساب، وكان يختلف في أثناء الدرس إلى إمام الحديث في زمانه الشيخ محمد أفضل السيالكوتي فانتفع به في الحديث، واشتغل بالدرس بعد أبيه نحواً من اثنتي عشرة سنة، وتوفى أبوه وهو في سابع عشرة من عمره، إلى أن اشتاق زيارة الحرمين الشريفين فرحل إليهما سنة 1134هـ ومعه خاله الشيخ عبيد الله البارهوي وابن خاله محمد عاشق وغيرهما من أصحابه، فأقام بالحرمين الشريفين عامين كاملين وصحب علماء الحرمين صحبة شريفة، وتتلمذ على الشيخ أبي طاهر محمد بن إبراهيم الكردي المدني في المدينة المنورة، وتلقى منه جميع صحيح البخاري ما بين قراءة وسماع، وشيئاً من صحيح مسلم وجامع الترمذي وسنن أبي داود وسنن ابن ماجه وموطأ الإمام مالك ومسند الإمام أحمد والرسالة للإمام الشافعي والجامع الكبير، وسمع منه مسند الحافظ الدارمي السمرقندي المعروف بسنن الدارمي من أوله إلى آخره في عشرة مجالس كلها بالمسجد النبوي عند المحراب العثماني تجاه القبر النبوي الشريف، وشيئاً من الأدب المفرد للبخاري، وشيئاً من أول الشفاء للقاضي عياض، وسمع عليه (الأمم) فهرس الشيخ إبراهيم بن الحسن الكردي المدني، فأجازه الشيخ أبو طاهر إجازة عامة بما تجوز له وعنه روايته من مقروء ومسموع، وأصول وفروع، وحديث وقديم، ومحفوظ ورقيم (أي: مكتوب)، وذلك في سنة 1144هـ.
ثم ورد بمكة المكرمة وأخذ موطأ مالك عن الشيخ وفد الله المالكي المكي، وحضر دروس الشيخ تاج الدين القلعي المكي أياماً حين ما كان يدرس صحيح البخاري، وسمع عليه أطراف الكتب الستة وموطأ مالك ومسند الدارمي وكتاب الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني، وأخذ الإجازة عنه لسائر الكتب، وأخذ عنه الحديث المسلسل بالأولية، وهو أول حديث سمع منه بعد عودته من زيارة القبر النبوي الشريف، وعاد إلى الهند سنة 1145هـ، هذا ما ذكره صاحب نزهة الخواطر في ترجمته. ثم ذكر ما خصه الله به من علوم وحِكَم وذكر ما قال فيه أكابر العلماء، ونقل عن المفتي عنايت أحمد الكاكوروي - وكان من تلاميذ الشيخ المحدث الشاه محمد إسحاق الدهلوي - أنه قال: إن الشيخ ولي الله مثله كمثل شجرة أصلها في بيته وفرعها في كل بيت من بيوت المسلمين، فما من بيت ولا مكان من بيوت المسلمين وأمكنتهم إلا وفيه فرع من تلك الشجرة لا يعرف غالب الناس أين أصلها.
ومن نعم الله تعالى عليه ما أكرمه الله به من الفصاحة في اللغة العربية، والربط الخاص بالفنون الأدبية من النظم والنثر. ومنها علوم الفقه على المذاهب الأربعة وأصحابهم والاطلاع على مأخذ المسائل ومنازع الحجج والدلائل. ومنها علم الحديث والأثر مع حفظ المتون وضبط الأسانيد والنظر في دواوين المجاميع والمسانيد، ولم يتفق لأحد قبله ممن كان يعتني بهذا العلم من أهل قطره ما اتفق له من رواية الأثر وإشاعته في الأكناف البعيدة. ومنها علم تفسير وتأويل القرآن. ومنها أصول هذه العلوم ومبادئها التي هذبها تهذيباً بليغاً وأكثر من التصرف فيها، فأما أصول التفسير فكتابه (الفوز الكبير) فيها شاهد صدق على براعته، وأما أصول الحديث فله فيها باع رحيب، وقد أشار ابنه عبد العزيز أنه له فيها تحقيقات لم يسبق إليها، وأما أصول الفقه فإنه شرح أصول المذاهب المختلفة وجمعها وبين الفرق بين الأمور الجدلية والأصول الفقهية ورد وجوه الاستنباط على كثرتها إلى عشرة، وأسس قواعد الجمع بين مختلف الأدلة وبين قوانين الترجيح.
ومن نعم الله تعالى عليه أن ألهمه الجمع بين الفقه والحديث وأسرار السنن ومصالح الأحكام وسائر ما جاء به النبي . وقد أثنى عليه أكابر العلماء ومنهم شيخه أبو طاهر محمد بن إبراهيم المدني، قال: إنه يسند عني اللفظ وكنت أصحح منه المعنى، أو كلمة تشبه ذلك، وكتبها فيما كتب له وهذا يقرب من قول البخاري في أبي عيسى الترمذي حين قال له: ما انتفعت بك أكثر مما انتفعت بي. قال الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي في بعض دروسه: "إني كتبت إلى جميع من يشتغل في الهند بالحديث من مختلفي الطوائف أن يكتب إليّ سنده إلى أصحاب كتب الحديث، فتحقق لي من أجوبتهم أنه لا سند لأهل الهند إلا أن الشاه ولي الله قدس الله سره واقع في أثناء سنده".
مؤلفاته
قد سرد الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي أسماء كتبه في مقدمة أوجز المسالك فعدّ له 43 كتاباً ما بين صغير وكبير، وجلها بالعربية وبعضها بالفارسية، أشهرها: حجة الله البالغة، وقد قال ولده عبد العزيز الدهلوي في كتابه إلى أمير حيدر البلكرامي: وكتاب حجة الله البالغة التي هي عمدة تصانيفه في علم أسرار الحديث ولم يتكلم في هذا العلم أحد قبله على هذا الوجه من تأصيل الأصول، وتفريع الفروع، وتمهيد المقدمات والمبادئ، واستنتاج المقاصد منها، وإنما يستنشم نفحات قليلة من هذا العلم في كتاب إحياء العلوم للغزالي، وكتاب القواعد الكبرى للشيخ عز الدين بن عبد السلام المقدسي.
وله في التفسير: الخير الكثير، وفتح الخبير، وترجمة القرآن بالفارسية سماها بفتح الرحمن، والفوز الكبير في أصول التفسير بالفارسية (ترجمه إلى العربية بعض العلماء وهو شامل في المنهاج الدراسي عند أهل الهند وباكستان)، وفي الحديث النبوي: المصفى بالفارسية والمسوّى بالعربية (شرحان على الموطأ)، وشرح تراجم صحيح البخاري، وتأويل الأحاديث، والإرشاد إلى مهمات الإسناد، والفضل المبين في المسلسل من حديث النبي الأمين ، ومن مصنفاته في السير والأدب: أطيب النغم في مدح سيد العرب والعجم، و(سرور المحزون) مختصر بالفارسي، ملخص من (نور العيون في تلخيص سير الأمين المأمون) لابن سيد الناس، صنفه بأمر الشيخ جان جانان العلوي الدهلوي، وفي الرد على الشيعة: إزالة الخفاء عن تاريخ الخلفاء بالفارسية، وقرة العينين في تفضيل الشيخين، وله غير ذلك. وذكر صاحب اليانع الجني: أن نسخة من إزالة الخفاء وقعت بيد الشيخ العلامة فضل الحق الخير آبادي فكان مولع بها ويكثر النظر فيها، وقال بمحضر من الناس: إن الذي صنف هذا الكتاب لبحر زخار لا يرى له ساحل.
وفاته
توفي الشاه ولي الله في 29 من محرم سنة 1176هـ في دهلي، ودفن في مقبرة آباءه خارج (باب دهلي)، وله اثنتان وستون سنة.
مناقشات واقتراحات حول صفحة شاه ولی الله دهلوی: